Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحريري يستجيب لانتفاضة اللبنانيين ويعلن "استقالة نهائية"

عناصر من حركة أمل وحزب الله يعيثون خراباً في الساحات

وفي اليوم الثالث عشر، وبعد انتظار طويل وضع البلاد على شفير الانهيار الاقتصادي والتشنج السياسي، أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري وضع استقالته "بتصرف رئيس الجمهورية" في إطلالة عبر التلفزيون. الحريري قال "حاولت إيجاد مخرج لحماية البلد من المخاطر ووصلت إلى طريق مسدود". وأضاف " انا ساذهب الى القصر الجمهوري لتقديم الاستقالة تجاوباً مع المطالب الشعبية". واردف "ندائي للشعب ان يقدموا مصلحة لبنان وحماية السلم الأهلي على أي شيء اخر. ولكل الشركاء مسؤوليتنا كيف نحمي لبنان ونمنع الحريق... وهناك فرصة جديدة." وعلى الفور توجه الحريري الى قصر بعبدا حيث قدم الاستقالة خطياً، ويُنتظر ان يُعرف بعد قليل إذا سيقبل الرئيس عون هذه الاستقالة أو سيتمهل. ولكن الحريري فور عودته الى منزله أكدت مصادره أن الاستقالة نهائية وبحسب الدستور لا يستطيع رئيس الجمهورية إلا قبولها. وهذا الكلام جاء لقطع الطريق على ما سربته أوساط قريبة من الرئيس عون بانه سيتمهل ليعطي موقفه من الاستقالة. هذا الموقف ترك ارتياحاً عند المتظاهرين الذين يبحثون احتمال فتح الطرقات لثلاثة ايام كبادرة حسن نية على ان يعودوا الى الساحات السبت والاحد المقبلين.

بري لحوار بين المكونات

أول ردود الفعل السياسية جاء من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط حيث غرّد قائلاً "منذ اللحظة الاولى دعوت الى الحوار، وعندما رفضت الاستقالة ساد موقف من التململ والانزعاج في صفوف الحزب الاشتراكي، وتحملت الكثير. لكن في هذه اللحظة المصيرية وبعد اعلان الشيخ سعد الحريري استقالة الحكومة بعد ان حاول جاهدا الوصول الى تسوية وحاولنا معه فانني ادعو مجددا إلى الحوار والهدوء". كذلك سارع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى "الترحيب باستقالة الحريري ودعا الى تشكيل حكومة بلا محاصصة". وفي اول تعليق لرئيس مجلس النواب نبيه بري، على ما شهدته الساحة اللبنانية مؤخرّاً من أحداث شغب في منطقة جسر الرينغ وساحة الشهداء إلى إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري. قال "ما يجري يتطلب تهدئة فورية وحواراً بين المكوّنات اللبنانية، وما يحصل ليس موضوعاً طائفياً وهو غير مذهبي بالمطلق". على جبهة مؤيدي الرئيس عون لفت تصريح لوزير الدفاع في الحكومة المستقيلة الياس بو صعب إذ قال "عدم تنسيق ​استقالة الحريري​ يجعلها خطوة في المجهول وكان بالامكان بحث ما يأتي بعدها".

 

 

قبل هذا الحدث السياسي المهم، وقعت "غارة" في وسط بيروت، إذ حطّم مناصرو حزب الله وحركة أمل خيم المتظاهرين المطالبين باستقالة الحكومة في ساحتَي الشهداء ورياض الصلح، بعد إشكال كبير حصل بين الفريقين على جسر الرينغ المحاذي للساحتين. ولم يوفر مؤيدو حزب الله وحركة امل مراسل "اندبندنت عربية" إذ حاولوا الاعتداء عليه وتكسير جهازه الخلوي الذي كان يصور ما يحصل.
وفي اليوم الـ 13 من انتفاضة الشعب اللبناني، قرر رئيس الحكومة سعد الحريري توجيه كلمة الى اللبنانيين في الرابعة من عصر اليوم بتوقيت بيروت. هذا التطور جاء بعد أنباء عن احتمال استقالة رئيس الحكومة اليوم وذلك بعدما وصل الى "الحائط المسدود" اذ بحسب مصادر قريبة منه "البقاء" على مسافة واحدة من الاطراف المتناقضة لم يعد يجدي نفعاً. اوساط الحريري لم تحدد توقيتاً معيناً ولكن يوجد احتمال ان تكون الاستقالة اليوم. وسبق هذه المعلومات إشكال بين متظاهرين يقطعون الطريق عند جسر الرينغ في بيروت وعناصر من انصار حركة امل وحزب الله الذين حاولوا بالقوة فتح الطريق، وحتى كتابة هذه السطور لا يزال التضارب مستمراً، وسجل وقوع ما لا يقل عن عشرين جريحاً، بينهم الكثير من الفتيات، والاعتداء على مراسلين وصحافيين كانوا يغطون الحادثة. ويتهم المتظاهرون العناصر التابعة لقوى سياسية شيعية بافتعال الإشكال. وبعد التضارب توجهت العناصر الى ساحة الشهداء وساحة رياض الصلح في وسط بيروت وبدأت بتكسير كل ما تصل اليه ايديهم من شعارات وخيم نصبها المعتصمون السلميون. كل هذا الشغب كان يحصل تحت أنظار القوى الامنية التي وقفت عاجزة عن السيطرة بعدما تحول وسط بيروت "ساحة حرب" ادواتها العصي والحجارة ومحاولة إشعال الحرائق. وهذا الوضع المتشنج قد يكون من الاسباب التي سرّعت موقف الحريري، إذ سبق ونقل عنه ان "سقوط اي نقطة دم" سيجعله يستقيل. كما أفيد عن وصول تعزيزات امنية كبيرة إلى محيط بيت الوسط والسراي الحكومية. 

 

 

في السياسة، دعوة رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون إلى الحوار مع المنتفضين لم تجد الصدى الملائم، كما أن أجواء رئيس الحكومة سعد الحريري، بحسب مصادره، تؤكد أن الحل سيكون سياسياً في نهاية المطاف، ما يقتضي إجراء نقلة سياسية لا تتحقق إلاّ من خلال إعادة النظر بالواقع السياسي الحكومي، ويبقى السؤال ما المقصود بالواقع السياسي الحكومي وما إذا كان ذلك يعني تغييراً أو تعديلاً حكومياً، مع التذكير أن في مقدّم مطالب المتظاهرين الإتيان بحكومة مصغرة من اختصاصيين أو حكومة تكنوقراط.

الكل في مأزق

وفي المحصلة، الكل في مازق، المحتجون باقون في الشارع حتى تحقيق أدنى مطالبهم، خصوصاً تغيير الحكومة، والسلطة قلقة، لا بل خائفة، فهي إذا حققت أحد مطالب المتظاهرين تخشى من استمرار سبحة التنازلات، ومن بقاء المحتجين في الشارع. والسؤال ماذا بعد؟ الجواب الوحيد أن البلاد كلها في مأزق، والمخاطر، لا سيما الاقتصادية تتزايد.

بري: الحكومة باقية

وفي موقف لافت، خرج رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري عن صمته حيال التحرك الاحتجاجي، وقال إنه إذا كان "يؤيد مطالب المتظاهرين وهتافات حناجرهم، ولا سيما منها تلك التي لم تخرج عن قواعد الأدب والأخلاقيات، فهو لا يؤيد قطع الطرقات والتضييق على تنقل المواطنين وتعطيل حياتهم اليومية وأشغالهم وباب أرزاقهم". ولدى سؤاله لماذا لا يفتح الجيش الطرق المقطوعة أمام المواطنين، أجاب "فليوجّه هذا السؤال إلى قيادة الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى. لا جواب عندي في هذا الخصوص". أما على خط الحكومة، فلا يزال بري على موقفه، وهو "ان الحكومة الحالية باقية، والمطلوب منها العمل ليل نهار لترجمة بنود الورقة الإصلاحية التي قدمتها".

وحول إمكان أن يخوض حواراً مع ​ممثلين​ عن ​الحراك الشعبي​ في خصوص ما يطرحونه، لفت برّي إلى أنّ "​الرئيس ميشال عون​ أبدى استعداداً لمحاورتهم وفتح أبواب ​قصر بعبدا​ أمامهم".

لحل فوري

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أعلن أن لبنان يحتاج "حلاً فورياً خلال أيام" لتجنّب حصول انهيار اقتصادي، ورداً على سؤال عما إذا كان لدى لبنان ما يكفي من الاحتياطات لضمان نجاته من انهيار اقتصادي، قال سلامة لشبكة "سي إن إن" الأميركية "إنها مسألة أيام لأن الثمن كبير على البلد" مضيفاً أن "الأهم أننا نخسر الثقة أكثر فأكثر يوماً بعد يوم"، مضيفاً "لكي ننقذ أنفسنا من هذا الوضع، نحن بحاجة إلى حلول فورية."

وفي وقت لاحق، أصدر سلامة توضيحاً لتصريحه، إذ أعلن "لا أقول إننا بصدد انهيار خلال أيام، بل ما قلته هو أننا نحتاج إلى حل فوري خلال أيام لاستعادة الثقة وتفادي الانهيار في المستقبل".

المتظاهرون... لرحيل السلطة

وواصل المتظاهرون، صباح الثلاثاء 29 أكتوبر (تشرين الأول) قطع الطرقات كالمعتاد منذ انطلاق الانتفاضة، على الرغم من تساقط الأمطار بغزارة، عبر تعزيز العوائق وركن سيارات وسط طرقات رئيسة في المناطق اللبنانية كافة، في إطار تحركهم المستمر منذ 17 أكتوبر، للمطالبة برحيل الطبقة السياسية بكاملها.

ووقع اشكال وتضارب بين المتظاهرين ومجموعة من الاشخاص الذين حاولوا ​فتح طريق​ ​الرينغ​ (أحد أهم جسور العاصمة بيروت) بالقوة. وقد تدخلت قوة من مكافحة الشغب لفض الاشكال. وتظاهر عدد من المحتجّين أمام المصرف المركزي للمطالبة باستعادة الأموال المنهوبة ومحاكمة الفاسدين. وقالت ناشطة وفق ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام "سياسات الحاكم رياض سلامة وهندسته المالية وجّهت الوضع نحو الانهيار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومساء الاثنين، زارت مجموعة من المتظاهرين من مناطق جل الديب والذوق وغزير، شمال بيروت، بكركي والتقت البطريرك الماروني بشارة الراعي بطلب منه، فذكّرهم ببيان بكركي الأحد الماضي، وجدد مطلبه بضرورة فتح الطرقات إلاّ أنّهم أكدوا أن الطرقات لن تفتح إلاّ بعد إسقاط الحكومة.

نداء بكركي: حكومة جديدة ولا أحد أكبر من لبنان

وكان الراعي وجه نداء استثنائياً شدد فيه على أنه لا يمكن الاستمرار في تجاهل صرخة الشعب اللبناني، بكباره وشبابه وأطفاله، وهو في ثورة عارمة من شمال لبنان إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، مطالباً، ونحن معه، بحكومة جديدة بكل مكوناتها، جديرة بالثقة، تكون مصغرة مؤلفة من شخصيات ذوات اختصاص وإنجازات، من خارج الأحزاب والتكتلات، لكي تتمكن من تنفيذ الورقة التي أقرها مجلس الوزراء في اجتماعه في القصر الجمهوري الاثنين 21 أكتوبر الجاري، وتلاها الرئيس سعد الحريري.

وتابع بطريرك الموارنة أن الدستور اللبناني يؤكد في مقدمته أن "لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية"، فلا يحق لأحد أو لأي فريق أن يفرض إرادته على الجميع، فلا أحد أكبر من لبنان وشعبه. كما يؤكد الدستور أن "الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية".

وقال إنه لا يمكن عدم الإصغاء لمطلبه بالصورة الشاملة التي توحده تحت راية الوطن، ولا يمكن إهمال ما يتحمل المتظاهرون الثائرون من صعوبات وتضحيات، والمواطنون من معاناة يومية بسبب استمرار إقفال الطرقات.

 

 

تظاهرة مضادة

وتزايد عدد المحتجين في نقاط التجمع الرئيسة اعتباراً من الساعات الأولى من مساء الاثنين، لا سيما في وسط بيروت وطرابلس شمالاً وصيدا جنوباً وجل الديب شمال بيروت وجونية وجبيل في كسروان. وحاول عدد من المتظاهرين في ساحة رياض الصلح في العاصمة اجتياز الشريط الشائك أمام السراي الحكومي لكن القوى الأمنية صدتهم، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام.

ونُظمت تظاهرة مضادة داعمة للرئيس ميشال عون وحزبه "التيار الوطني الحرّ" في محلّة جونية، شمال بيروت.

محاولات لفتح الطرقات

وشهدت البلاد نهاية الأسبوع الفائت محاولات من الجيش والقوى الأمنية لفتح الطرقات من دون نتيجة، إذ أكد المتظاهرون أنهم يريدون الإبقاء على شلل البلاد إلى حين الاستجابة لمطالبهم المتمثلة باستقالة الحكومة أولاً وتغيير كل الطبقة السياسية.

وللتصدي لمحاولات الجيش والقوى الأمنية، ابتكر المحتجون أساليب جديدة لقطع الطرق، فقد ركنوا سياراتهم في وسط الطرقات تلبية لدعوات أُطلقت بهذا الصدد، واستقدم المحتجون إلى جسر الرينغ أثاثاً منزلياً من سجاد وبراد وأريكة وغرفة نوم وافترشوا الأرض بها في خطوة تؤكد على تصميمهم على البقاء في الشارع.

وكان المتظاهرون استخدموا حتى الآن الإطارات المشتعلة والعوائق ومستوعبات النفايات والقطع الحديدية وأكوام التراب والحصى لقطع الطرقات، وحين كانت القوى الأمنية تنجح في إزالة كل العوائق، لم يتردد كثيرون في التمدد أرضاً لقطع الطريق بأجسادهم. واندلعت شرارة الاحتجاجات غير المسبوقة في لبنان بعد إقرار الحكومة ضريبة على الاتصالات عبر تطبيقات الإنترنت سرعان ما تحولت إلى حركة مناهضة للطبقة السياسية كلها.

ورقة إصلاحية

وأعلن رئيس الحكومة سعد الحريري ورقة إصلاحات اقتصادية قبل حوالى أسبوع في محاولة لامتصاص غضب الشارع، ودعا الرئيس اللبناني إلى إعادة النظر بالواقع الحكومي، لكن المتظاهرين يعتبرون أن كل هذه الطروحات جاءت متأخرة ولا تلبي طموحاتهم.

وشكّل عشرات آلاف اللبنانيين الأحد سلسلة بشرية امتدّت من شمال البلاد إلى جنوبها على مسافة تبلغ 170 كيلومتراً، في خطوة ترمز إلى الوحدة الوطنية التي تكرست خلال التظاهرات العابرة للطوائف والمناطق.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي