تلوح في الأفق أزمة خطيرة داخل بيت المحاماة في الجزائر، قد تكشف عن خفايا "صادمة" حول علاقات مع "العصابة" (محيط الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة)، بعدما رفعت مسيرتهم شعارات وهتافات تستهدف المؤسسة العسكرية في مشهد غير متوقع.
انحراف مسيرة واتهامات
وتجمّع محامون داخل محكمة بالعاصمة، ثم مشوا في مسيرة باتجاه البرلمان، للتنديد بالتضييق على القضاء والعدالة ومطالبين بإطلاق سراح موقوفي الحراك الشعبي، مرددين هتافات مثل "حرروا القضاء" و"نعم لدولة القانون" و"محامون غاضبون من عدالة التلفون" و"الدفاع صوت الشعب"، قبل أن تتغير الشعارات إلى استهداف المؤسسة العسكرية. وأوضح المحامي عبدالله هبول، أن دعوة اتحاد منظمات المحامين للتظاهر "تأتي في إطار مرافقة الحراك الشعبي من أجل تغيير جذري للنظام للانتقال نحو دولة الإرادة الشعبية التي تكرّس الفصل بين السلطات"، ودعا القضاء إلى تطبيق القانون وعدم الخضوع لأي إملاءات خارجية مهما كانت، حتى يسترجع القضاء ثقة الشعب، لأن مستوى الثقة حالياً منخفض جداً. كما قال رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان نور الدين بن يسعد، إن "الهدف الأساسي من التظاهر اليوم هو التأكيد على حقوق الدفاع، المرتبطة بحقوق المواطنين مثل حرية التعبير والتنقل والتظاهر"، مبرزاً أن الاعتقالات والمتابعات القضائية تتزايد ضد مواطنين لا ذنب لهم سوى أنهم عبروا عن آرائهم.
وتساءل برلماني جزائري سابق عن "الثقافة القانونية وأخلاقيات المهنة"، موجهاً كلامه إلى كل من الحقوقيين مقران آيت العربي، وزوبيدة عسول ومصطفى بوشاشي، المعروفين بمعارضتهم للمؤسسة العسكرية وهم من دعاة المرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي". وقال "هل يدين الثلاثي صاحب الجبة السوداء ممَن لهم مشاكل مع السلطة ومن باب أخلاقيات المهنة إدانة هتافات زملائهم المحامين؟ أم أن "هذه الهتافات ترضيهم وتشفي غليلهم في القيادة العسكرية التي لا يجب أن نتعاطى معها بلغة الشتم والسب والقذف وسوء الأدب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
انفجار بيت المحاماة
ويُتوقع أن يشهد بيت المحامين انفجاراً عنيفاً يكشف عن حقيقة علاقات بعضهم بالنظام السابق وبأحداث كانت إلى وقت قريب "مبهمة" لدى الرأي العام، حيث أثار قرار مجلس اتحاد منظمات المحامين الخروج في مسيرة، جدلاً بين المنظمات الجهوية، بعدما عبّرت بعضها عن رفض المسيرة وعدم الامتثال إلى مجلس الاتحاد، وهو حال منظمة محافظة باتنة (شرق)، التي رفضت الاستجابة بعد الاطلاع على بيان مجلس الاتحاد "المتضمن بنوداً جلها تعكس عن قصد أو غير قصد توجهات سياسية هي محل اختلاف ولا تشكل إجماعاً، فضلاً عن كون هذه البنود تصادر الرأي وحق التعبير وتشكل خطراً على الوحدة الوطنية وثوابت الأمة، وتخالف مقتضيات المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي وقعت عليه الجزائر والمتعلق باحترام حرية الرأي والتعبير، في حدود عدم المساس بالنظام العام والآداب العامة وحماية الأمن القومي".
كما كشف عضو مجلس اتحاد المحامين وممثل منظمة محافظة قسنطينة (شرق) مصطفى الأنور، عن أن الأمور معقدة في بيت المحامين، وأن هناك بوادر انشقاق بين الآراء ومواقف المنظمات الجهوية.
ووصف فلاحي رد فعل منظمة محافظة باتنة، بـ "قلة الحكمة والبصيرة"، بعد ترديد المحامين هتافات مخلة بشرف المهنة وبالثقافة القانونية. وخلص إلى أن "المواطن البسيط قد يقولها لسبب أو لآخر فيلتمس له العذر، أما أن يقولها رجل القانون فهذا ما لا يمكن القبول به بأي حال من الأحوال".
في خضم هتافات مسيرة المحامين، أقدم وزير العدل بلقاسم زغماتي على تصحيح عميق لمظاهر مشينة في قطاع القضاء بعضها يثير الاشمئزاز وحتى التذمر، مبرزاً أن "عملية التدقيق لوضعية توزيع القضاة عبر تراب الجمهورية، سمحت بالكشف عن وجود حالات منافية للمنطق السليم ومناقضة لما ينتظره المواطن من قاض لا تعتريه شبهة". ووضع محاربة الفساد في خندق واحد مع إصلاح جهاز العدالة، ما يُعتبَر "حرباً جديدة ضد قضاة النظام السابق والدولة العميقة".