Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يسير الوضع الميداني في ليبيا لمصلحة "الجيش الوطني"؟

"مؤتمر برلين" قد يتجه إلى قرارات لا تصب في مصلحة حكومة الوفاق

غسان سلامة البعوث الخاص للأمين العام للأمم الكمتحدة إلى ليبيا (رويترز)

تسير المستجدات الميدانية والسياسية في ليبيا في اتجاه نتائج جديدة قد تنتهي لمصلحة "الجيش الوطني" الذي يقوده المشير خليفة حفتر ويخوض معركةً في محيط العاصمة طرابلس، فيما تشهد صفوف قوات حكومة الوفاق انهياراً متزايداً بالتزامن مع غياب مواقف قادة تلك الحكومة، التي لا تزال تسيطر على الحكم في العاصمة، حيال لقاء دولي مرتقب من شأنه حسم شكل الحل لأزمة البلاد.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الوطني، اللواء أحمد المسماري، عن تنفيذ سلاح الجو 6 غارات على مواقع الميليشيات في مدينة مصراتة، مؤكداً أن هذه الغارات كانت محددة واستهدفت "مواقع عسكرية لتخزين الذخائر وغرف العمليات وأماكن انطلاق الطائرات المسيرة".
وأوضح المسماري خلال مؤتمر صحافي ليل الجمعة، أن الغارة الثالثة (من الغارات الـ6) كانت الأقوى، إذ استهدفت "مواقع ومخزن صواريخ غراد، ما أدى إلى إحداث انفجارات قوية جداً"، مشيراً إلى أن غارة أخرى استهدفت مخزناً للذخيرة في مدينة غريان، غرب طرابلس.
وتبدو إستراتيجية قيادة "الجيش الوطني" تحولت منذ أشهر في اتجاه ضرب المواقع الخلفية لقوات حكومة الوفاق، وتحديداً كبرى قواعدها في مصراته وطرابلس وسرت، ما أضعف من قوتها بشكل كبير وسهّل على وحدات الجيش الوطني إحراز تقدم مهم على محاور القتال جنوب العاصمة.

 

"إستراتيجية ناجحة"

وتحدث الخبير العسكري الليبي ناجي حريشه لـ"اندبندنت عربية" عن نجاح الإستراتيجية الجديدة للجيش، وقال إنها قللت كمّ الخسائر البشرية في صفوف مقاتليها. ولفت إلى أن تلك الإستراتيجية "تنظر إلى مقاتلي الميليشيات كمدنيين زُجَّ بهم في آتون حرب ومن الواجب تحييدهم". وأضاف حريشه أنه "بغضّ النظر عن التصريحات المتلاحقة لمسؤولين في الجيش الوطني ومن بينهم المتحدث الرسمي، عن قرب حسم المعركة إلا أن القيادة كانت تقاتل بصمت وتمكنت من ضرب غرف ومعسكرات مهمة، لاسيما في مصراته التي تعد العمود الفقري للقوات المعارِضة لتقدم الجيش".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأبرز حريشه أن "من بين تجليات الضعف والانهيار في صفوف قوات الحكومة، هو السخط الواضح في تصريحات قادة الميليشيات إزاء الحكومة وسياستها وتوقف إمدادها إياهم بالسلاح، ولفت إلى تغيّر أوضاع دولية وحدوث مستجدات على الساحة العالمية حدّا بشكل كبير من حماسة دول مثل قطر وتركيا في إمداد الحكومة بالسلاح، ما وضعها في موقف محرج مع قادتها الميدانيين".


"حكومة جديدة"

وفي آخر تطورات موقف قادة الميليشيات في طرابلس، طالب مفتي ليبيا المعزول المقرب من جماعات إسلامية متشددة، الصادق الغرياني، مَن سماهم "الثوار" بــ "تشكيل حكومة جديدة" أطلق عليها تسمية "حكومة الحرب"، مهاجماً "حكومة الوفاق" التي اتهمها بــ "عدم دعم الثوار"، بل وصف مواقفها الأخيرة بــ "المشبوهة".
وعكست تصريحات قادة ميليشيات عدة في طرابلس، ضعف التسليح الذي تعانيه بعد تمكن سلاح الجو التابع للجيش الوطني من قصف مواقعها الخلفية التي تضم مخازن ذخيرة وأسلحة، ومنصات وقواعد لإطلاق الطائرات التركية المسيّرة من بعد.
كما طالب المجلس الأعلى للدولة، وهو هيئة استشارية منبثقة من "اتفاق الصخيرات" (الذي تم التوصل إليه في المغرب بين فرقاء ليبيين ونتج منه تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج) مؤلف في أغلبه من مؤيدي التيارات الإسلامية السياسية، طالب حكومة الوفاق بــ "اتخاذ موقف رادع للقوات المهاجِمة لطرابلس"، مهدداً بأن المجلس "يملك صلاحيات سحب الثقة من الحكومة".
وعلى الصعيد السياسي تبدو التسريبات الأولى لمؤتمر برلين، الذي سيجمع أطرافاً دولية معنية بالشأن الليبي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تتجه إلى قرارات لا تصب في مصلحة حكومة الوفاق، منها تعزيز الرقابة على الشواطئ الليبية لمنع تدفق السلاح تطبيقاً لقرار حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا.
وحدد الجيش موقفه من مؤتمر برلين، الذي عبّر عن الترحيب به خلال خطابه الموجه إلى المشاركين فيه الجمعة، بأنه "لا عملية سياسية قبل القضاء على الإرهاب وحل التنظيمات المسلحة".
وشدد الخطاب المنشور على الصفحة الرسمية للمتحدث الرسمي باسم الجيش أحمد المسماري، على أن قيادة الجيش الوطني سعت "من دون جدوى في السنوات الماضية للبحث عن "توافق يحقق السلام، ويقضي على الإرهاب، وينهي حكم الميليشيات"، مؤكداً أن "المجموعات الإرهابية والإجرامية تفشل كل الجهود بهذا الاتجاه".


القضاء على الإرهاب

وطالبت القيادة المجتمعين في برلين بضرورة "إزالة هذه العوائق لتسير العملية السياسية للأمام، فالعملية العسكرية ليست غاية في حد ذاتها، بقدر أن الغاية هي القضاء على الإرهاب الذي يحاربه العالم أجمع، وليبيا ليست استثناءً عن ذلك".
ويربط الباحث بالجمعية الليبية لدراسة السياسات، منصور سلامة، شكل المستجدات السياسية المقبلة بــ "تغيرات وشيكة سيحدثها الجيش في الميدان"، وقال "أعتقد أن انتظار موقف خارجي للجم ووقف استغلال المليشيات للحكومة أمر غير مجدي فما زالت الأذهان تتذكر لقاءات روما وباريس ولذا فنتائج الميدان هي ما سيحدد نتيجة برلين".
وعن الأوضاع الراهنة قال سلامة متحدثاً  لـ"اندبندنت عربية"، إن "صوت الحكومة غائب وتعيش ارتباكاً كبيراً فهي تعول على أطراف إقليمية كانت تقدم لها الدعم ويظهر ذلك جلياً من مطالب السراج بضرورة إشراك كل المعنيين بالملف الليبي في مؤتمر برلين بعد أن تم استبعاد قطر وتركيا من المشاركة فيه بحسب الأنباء"، مبيناً أن "الوضع الدولي بات يتشكل على حقيقة الوضع الميداني الذي كشف عن دلائل عدة تؤكد وجود خلايا إرهابية تدعم الحكومة، إضافة إلى ظهورها كعامل ضعف وغير فاعلة في تحقيق أي استقرار سياسي". لكن كل ذلك ليس كافياً، بحسب سلامة ، فــ "يتوجب على القيادة ومن وراءها مجلس النواب تقديم رؤية سياسية شاملة لبرنامج واضح للحل يتناول ملفات مهمة بالنسبة للفاعلين الدوليين مثل ملف الإرهاب والهجرة غير الشرعية والطاقة"، معتبراً أنه قصور يعانيه الجناح السياسي للجيش المتمثل في مجلس النواب الذي لا يزال يعيش أزمة انقسام حادة حتى الآن".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي