Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تبحث عن شخصية "لا تشبه بوتفليقة"

أكاديميون تغويهم تجربة قيس سعيد

ظلت مواقف بن فليس منذ بداية الحراك الشعبي "متناسقة" مع خيارات المؤسسة العسكرية (مواقع التواصل الاجتماعي)

توقف عدّاد الراغبين في الترشح للرئاسيات التي ستشهدها الجزائر في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، في حدود 140 شخصية، ليبدو المشهد أكثر وضوحا حول هوية الرئيس المقبل للجزائر في حال حافظ الجزائريون على تصويتهم "التقليدي" الذي قد يمنح الفوز لمن يشتم فيه رائحة "مرشح السلطة"، أو أن يقلبوا الطاولة على معظم المرشحين، اقتداء بالتجربة التونسية بوجود عدد كبير من الأكاديميين.

قبل تسعة أيام على إغلاق باب الترشح نهائيا في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لم يعد مقر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات يستقبل مزيداً من الراغبين في دخول سباق الرئاسيات، كما أن الفترة المتبقية قبل إغلاق باب الترشح، ليست كافية لجمع 50 ألف توقيع اللازمة لترسيم دخول المرحلة النهائية، لذلك باتت حدود التنافس في المرحلة الأخيرة، محصورة بين شخصيات حزبية "تقليدية" أو مستقلة شغلت مناصب حكومية في فترة الرئيس السابق، أو أكاديميين يعتقدون بوجود فرص لتكرار تجربة قيس سعيد في الجارة تونس.

شخصيات حزبية تقليدية

كان علي بن فليس، رئيس حزب "طلائع الحريات"، أول مسؤول حزبي يزور مقر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في اليوم الأول لفتح باب الترشح، ويعتقد أن الأخير أحد أبرز الشخصيات المرشحة للمرور إلى الدور الأخير، فهو يملك قاعدة نضالية واسعة ورصيداً من خصومته مع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، كما أن مواقف بن فليس منذ بداية الحراك الشعبي، ظلت "متناسقة" بشكل تام مع خيارات المؤسسة العسكرية.

ويملك عز الدين ميهوبي، وزير الثقافة السابق والأمين العام بالنيابة لحزب الموالاة "التجمع الوطني الديموقراطي"، حظوظاً بارزة في السباق، فالرجل جمع أكثر من 100 ألف توقيع إلى حد الساعة، كما أنه يستفيد من "الدولة العميقة في الإدارة" على أساس تاريخ حزبه في الهيمنة على مفاصل المؤسسات الإدارية طيلة عقدين من الزمن.

وفي قائمة الشخصيات المهيكلة حزبياً التي يراهن عليها قطاع واسع من شباب منشقين عن حزب الغالبية "جبهة التحرير الوطني"، عبد العزيز بلعيد، رئيس "جبهة المستقبل"، وهو حزب حل ثانياً في انتخابات المحليات عام 2017 ، ويراهن بلعيد على صورته كشاب يمثل جيل الاستقلال برغم تدرجه في بداية مساره السياسي ضمن "الحزب المغضوب عليه شعبيا جبهة التحرير الوطني".

التيار الإسلامي بحزب وحيد

بعدما آثر غالب زعماء التيار الإسلامي مقاطعة الرئاسيات المقبلة، تكون "حركة البناء الوطني" الوحيدة من تمثل هذا التيار في الرئاسيات المقبلة، وتشارك الحركة بأمينها العام، عبد القادر بن قرينة، وهو قيادي سابق في "حركة مجتمع السلم" ووزير عنها في منصب وزير السياحة في بدايات حكم بوتفليقة.

لكن بن قرينة الذي يشارك في الرئاسيات ممثلا لحزب حديث النشأة (البناء الوطني تأسست قبل ست سنوات فقط) سيكون صعبا عليه مجابهة منافسيه في الدور النهائي، بعدما فضّل شركاؤه في التيار الإسلامي العزوف عن دعمه، ومعلوم أن كلا من "حركة مجتمع السلم" وأيضا "جبهة العدالة والتنمية" وقفا إلى جانب خيار المقاطعة وعدم دعم أي من المتنافسين.

 شخصيات "النظام" المستقلة

يوجد الوزير الأول السابق، عبد المجيد تبون، في قائمة الشخصيات التي أعلنت ترشحها بشكل "حر" وهو مناضل منذ أربعة عقود على الأقل في "جبهة التحرير الوطني" ووزير سابق في حكومات عدة في فترة عبد العزيز بوتفليقة (بين 2000 و2002 ثم بين 2012 و2019).

 ورفض تبون أن يشارك باسم أي تنظيم أو حزب سياسي، خشية أن يحسب على "جبهة التحرير" التي طالب الحراك الشعبي بحلها نهائيا.

يقول المحامي والناشط السياسي فاتح بوسنان بخصوص القائمة المعروضة على الجزائريين إلى حد اللحظة "أعتقد أن القائمة اكتملت ولا داعي لترقب مفاجآت في القريب العاجل، فجمع خمسين ألف استمارة تزكية في عشرة أيام مستحيل مهما كانت قامته، لذلك يمكن القول أن العرض اكتمل وعلى الجزائريين الاختيار بين أحد من هؤلاء".

ويوضح بوسنان "بين هؤلاء سيتم الاختيار على أساس واحد، من هو صنيعة نظام بوتفليقة ضمن المرشحين ومن هو الذي صنع نفسه خارجها؟"، وبالتالي "سيكون الخيار محصوراً بين عشرة مترشحين على الأقل وسيكون صعبا التفريق بينهم بمقياس العلاقة بنظام بوتفليقة".

وبمعيار العلاقة بنظام بوتفليقة من عدمها، يوجد في السباق حزب سياسي من الموالاة كان آخر من سحب دعمه لبوتفليقة في عز الحراك الشعبي، حيث قدم التحالف الوطني الجمهوري، رئيسه بلقاسم ساحلي، وهو وزير سابق كان من أكبر المساندين لترشح بوتفليقة لولاية خامسة.

أكاديميون أغوتهم تجربة تونس

يتساءل محللون سياسيون إن كان توجه الجزائريين عموما في الرئاسيات المقبلة، وفيا لتصويتهم التقليدي بحثا عن "مرشح السلطة"، أم ستتكرر التجربة التونسية بالدفع بأحد "الأكاديميين" إلى الدور الأخير وهم كثر، ما بين الـ 140 مرشحا إلى حد الآن.

وتبرز اهتمامات الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، بضعة شخصيات لا يتجاوز عددها الخمسة، بينهم دكتور الاقتصاد فارس مسدور، والإعلامي سليمان بخليلي، والأستاذ الجامعي جمال عباس، وأستاذ الفلسفة والكاتب أحمد بن نعمان، والطبيب والسياسي مراد عروج.

التيارات الغائبة

سيكون التيار الإسلامي، أبرز العائدين إلى سباق الرئاسيات منذ عام 2004 التي تمثل آخر مشاركة صريحة بدخول المعارض الإسلامي عبد الله جاب الله السباق، فيما يمكن ملاحظة غياب تيارين مؤثرين في التجربة السياسية الجزائرية منذ بدء التعددية السياسية عام 1989.

ويغيب التيار التروتسكي القريب من النقابات العمالية بشكل كامل، بعدما مثلته الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون التي تقضي عقوبة سجن لـ15 سنة في قضية "التآمر على الجيش والنظام" التي اتهم فيها أساسا السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائري السابق، كما يغيب التيار "البربري" الذي يتبنى شعارات "ديموقراطية علمانية" بوجود حزبي جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديموقراطية ضمن الفاعلين في الحراك الشعبي حتى اليوم. 

المزيد من العالم العربي