Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد القوي هو درع ستارمر في مواجهة بوتين

رئيس الوزراء البريطاني ليس ذلك الرجل المتردد كما يصوره منتقدوه بل يقود اقتصاداً يعادل ضعف حجم اقتصاد روسيا

اضطلع كير ستارمر بدور قيادي في "تحالف الراغبين" الداعم لأوكرانيا (الذكاء الاصطناعي)

ملخص

مارك روته يحذر من حرب أوروبية واسعة، لكن جون رينتول يرى أن بوتين يفتقر إلى القدرة على مواجهة اقتصاديات الغرب، إذ يبلغ الناتج البريطاني وحده ضعف الاقتصاد الروسي، فيما يبقى تعزيز الردع والدفاع الأوروبي ضرورة، لا استسلام لمبالغات المقارنة بالحرب العالمية الثانية.

في خطاب ألقاه مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، في برلين، طلب منا أن نتخيل ما يلي "نزاع يصل إلى كل بيت وكل مكان عمل؛ دمار، تعبئة عامة، ملايين النازحين، معاناة واسعة وخسائر فادحة".

حتى لو كان هدفه صدمة الجمهور لجذب الانتباه، وحتى لو كانت مهمته إقناع الدول الأعضاء بزيادة الإنفاق الدفاعي، فقد أثار تحذيره في نفسي رعباً.

لقد احتلت جملته التالية عناوين الأخبار الرئيسة "روسيا تعيد أجواء الحرب لأوروبا، وعلينا أن نستعد لحرب واسعة كتلك التي شهدها أجدادنا أو أجداد أجدادنا". يستحيل ألا يشعر كثر ممن قرأوا هذه العناوين أو شاهدوا مقطع الفيديو ذا الصلة على التلفزيون بالذعر.

قال: "نحن هدف روسيا التالي، وبتنا بالفعل في خطر".

لكن هل كلامه صحيح؟

نعرف أن فلاديمير بوتين يريد للحرب في أوكرانيا أن تستمر حتى يخضع البلاد بأكملها. ونعلم أيضاً أن ذلك لن يشكل نهاية طموحه المتمثل في تأسيس روسيا الكبرى. ولا يغيب عن بالنا أنه متحسر على تفكك الاتحاد السوفياتي وأنه يعد دول البلطيق وبيلاروس ومولدوفا وجورجيا وسائر الجمهوريات السوفياتية السابقة أراضي ما كان ينبغي "التفريط بها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا يفوتنا أنه يعد "الناتو" جهة معادية، بل إمبراطورية توسعية تهدد روسيا – حتى لو تلخص الواقع في أن هذا "التهديد" لا يتعدى رغبة شعوب أوروبا الوسطى والشرقية في الانضمام إلى تحالف دفاعي. وحتى لو رأى قوميته الهوسية المستندة إلى سردية شبه أسطورية نفسها قومية دفاعية، لا يمكننا الجزم بأنه لن يرى شن حرب هجومية خارج حدود الاتحاد السوفياتي السابق أفضل وسيلة للدفاع.

كان خطاب روته مقلقاً أيضاً لأن الرجل استذكر أجدادنا وأجداد أجدادنا. ولا يزال النقاش حول سياسة الاسترضاء التي مورست في ثلاثينيات القرن الـ20 تقلقنا بقوة – وتقلق الفرنسيين وشعوب البلدان الأصغر التي وقعت تحت الاحتلال خلال الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك هولندا، موطن روته.

هل يشبه كير ستارمر ستانلي بالدوين أو نيفيل تشامبرلين؟ رفض بالدوين إعادة التسلح لأن الرأي العام ما كان ليتقبلها. وأعاد تشامبرلين التسلح بالفعل، لكنه سعى إلى التفاوض مع هتلر، لأسباب من  بينها أنه أراد شراء الوقت لكن من بينها أيضاً أنه اعتقد بأن هتلر سيلتزم الاتفاق.

لا أعتقد بأن ستارمر يشبه أياً منهما. فقد اضطلع بدور قيادي في "تحالف الراغبين" الداعم لأوكرانيا، وأياً كانت أوجه الشبه التي يحاول روته استخدامها لتخويفنا، فإن الوضع مختلف. ووُجهت إلى ستارمر انتقادات محددة لفشله في زيادة الإنفاق الدفاعي بما يكفي، وكان لافتاً أن رايتشل ريفز، في الموازنة التي قدمت الشهر الماضي، وبعد رفع الإنفاق المخطط له من 2.4 إلى 2.6 في المئة من الدخل القومي، لم تعلن عن أية زيادة إضافية في نهاية أفق التوقعات الممتد لخمسة أعوام. لكنني سأعود للجانب المالي بعد قليل.

هل الرأي العام البريطاني اليوم مشابه لما كان عليه عام 1933 حين صوت اتحاد أوكسفورد [وهو جمعية متخصصة في النقاشات حول الشأن العام] على قرار مفاده "لن نقاتل تحت أي ظرف من أجل الملك والوطن"؟ لا أظن ذلك، حتى إن فاجأني سماع مارك دولان، مقدم البرامج في قناة "توك تي في"، وهو يسأل جمهوره إن كانوا "مستعدين للقتال دفاعاً عن بريطانيا ستارمر". فالرأي العام مؤيد بقوة للشعب الأوكراني في مقاومته عدوان بوتين، ومستعد لتحمل نصيبه من الكلفة اللازمة لدعمه، لكن قلائل هم الذين يرغبون في إرسال قوات بريطانية لخوض حرب لا تزال تُرى حرباً تخص آخرين.

وحذر روته من أن الحرب قد تصبح حربنا بأسرع مما نتوقع. لكن ثمة أسباباً كثيرة للتشكيك في ذلك، فهو نفسه، في مقطع لاحق من الخطاب نفسه، قال إن "روسيا لن تصبح مستعدة لاستخدام القوة العسكرية ضد حلف شمال الأطلسي قبل خمسة أعوام".

من المؤكد أن بوتين يفتقر إلى القدرة على شن حرب مفاجئة سريعة، ولا نزال نذكر مشاهدتنا ذلك الطابور من الدبابات الروسية المتهالكة عالقاً في الطريق إلى كييف عام 2022، وفي حرب الاستنزاف الدائرة منذئذ.

في المحصلة، إذاً، أعتقد بأن روته يبالغ عمداً في مقارنة الوضع الحالي بالحرب العالمية الثانية. هو على حق في دعوتنا إلى الاستعداد من أجل الردع. وصحيح أن البلدان الأوروبية يجب أن تدفع مالاً أكثر للدفاع عن نفسها وأن أميركا يجب أن تدفع مالاً أقل في هذا الصدد.

لكن المملكة المتحدة هي بالفعل واحدة من أكثر الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي إنفاقاً في مجال الدفاع. ربما قصد روته ضمن رسالته الدول المتلكئة أكثر مما قصد غيرها.

في نهاية المطاف، أرى أن الحماية الفضلى من حرب أوسع في أوروبا تتمثل في القوة الاقتصادية، أو ما يمكن اعتباره "إنفاقاً دفاعياً محتملاً". ويبلغ ناتج روسيا المحلي الإجمالي السنوي، أي حجم اقتصادها، 2.5 تريليون دولار. ويساوي نظيره البريطاني وحده 4 تريليونات دولار. ويصل نظيره البريطاني زائداً نظيره الأوروبي إلى 25 تريليون دولار، أي 10 أضعاف حجم الاقتصاد الروسي.

هذه حرب لا يمكن لبوتين أن يكسبها.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء