ملخص
شكلت المساهمات الأميركية التي بلغت 68.4 مليون دولار عام 2024 ما يعادل 32 في المئة من إجمال موازنة المفوضية، أما هذا العام فقد انخفضت المساهمات الأميركية إلى 35.6 مليون دولار بما يعادل نحو 10 في المئة من إجمال الموازنة التي ارتفعت مع تزايد الحاجات الإنسانية.
في مخيم عبور على الحدود التشادية - السودانية توزع نجوى عيسى آدم (32 سنة) أطباق المعكرونة واللحم على الأطفال السودانيين الأيتام الآتين من مدينة الفاشر التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع شبه العسكرية في الآونة الأخيرة بصورة عنيفة بعد حملة ضروس.
ونجوى نفسها لاجئة من المدينة ووصلت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتقول إنها تعرضت في رحلة فرارها للاحتجاز تحت تهديد السلاح من قبل أربعة من مقاتلي قوات الدعم السريع الذين اغتصبوها مراراً إلى أن سمع شخص صراخها وساعدها في الهرب.
الطينة الحدودية
وتقوم حالياً بشراء الطعام وإعداده للعائلات اللاجئة الواصلة حديثاً بأموال تبرع بها لاجئون آخرون يعيشون في بلدة الطينة الحدودية، وتقول "لا يملك الناس هنا أي طعام، والدعم الوحيد الذي نحصل عليه هو من سكان الطينة، ولا تجد العائلات اللاجئة التي تصل إلى هذه البلدة الحدودية سوى القليل من المساعدات الإنسانية الدولية، وبالنسبة إلى كثيرين يأتي المصدر الوحيد للغذاء من تبرعات اللاجئين الآخرين الذي وصل بعضهم إلى هناك خلال الآونة الأخيرة، وبعضهم الآخر منذ أعوام عدة خلال صراع سابق في السودان.
وتعمل بضع منظمات غير حكومية في البلدة ومن بينها منظمة "أطباء بلا حدود" التي تشغل عيادة متنقلة على الحدود وقسماً صغيراً للمرضى الخارجيين يفتح ثلاثة أيام في الأسبوع داخل المخيم، وقال جوش سيم الذي يعمل ممرض طوارئ في المنظمة إن واحداً تقريباً من كل أربعة أطفال فحصتهم المنظمة داخل المخيم يعاني سوء تغذية، وهو وضع يزداد سوءاً مع وصول مزيد من العائلات الفارة من الفاشر.
واستأنف "برنامج الأغذية العالمي" أول من أمس السبت توزيع الأغذية بصورة محدودة على الأمهات الحوامل والمرضعات والأطفال دون سن الثانية لمنع سوء التغذية، ووفقاً لمتحدث باسم البرنامج التابع للأمم المتحدة فقد حول البرنامج معظم الموارد إلى مخيمات أخرى بعيدة من الحدود في مسعى إلى تشجيع اللاجئين على الانتقال إلى مناطق أكثر أمناً.
وقالت نوال أبو بكر عبدالوهاب (49 سنة) والتي كانت تعمل معلمة في الفاشر وافرت الشهر الماضي أثناء الهجوم إنه "لا يوجد علاج ولا دواء، غادرنا بيوتنا بالثياب التي كنا نرتديها فقط، وليس لدينا أي شيء".
خفض المساعدات
وذكر متحدث باسم "مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين" أن المفوضية ليس لديها إلا 38 في المئة من إجمال 246 مليون دولار تشير تقديراتها إلى أنها تحتاج لها للتعامل مع أزمة اللاجئين السودانيين في تشاد.
وأوضح المتحدث نفسه أن خفض الولايات المتحدة المساعدات الخارجية هي السبب الرئيس وراء فجوة التمويل، وشكلت المساهمات الأميركية التي بلغت 68.4 مليون دولار عام 2024 إلى ما يعادل 32 في المئة من إجمال موازنة المفوضية، أما هذا العام فقد انخفضت المساهمات الأميركية إلى 35.6 مليون دولار بما يعادل نحو 10 في المئة من إجمال الموازنة التي ارتفعت مع تزايد الحاجات الإنسانية، ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية ولا بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة على طلبات التعليق.
وعادة لا تستقبل مخيمات العبور، مثل المخيم الموجود في الطينة، اللاجئين إلا لفترة وجيزة، إذ تجري عمليات نقل منتظمة إلى مخيمات أكثر أماناً في الداخل، وأوضح متحدث باسم مفوضية اللاجئين أن محدودية التمويل اللازم لتوفير ما يكفي من المياه والصرف الصحي والمأوى في تلك المخيمات الداخلية أدت إلى تباطؤ جهود النقل.
ولا توافر منظمات الإغاثة أي مأوى دائم ولا حتى الخيم للوافدين الجدد داخل المخيم، وبدلاً من ذلك يوزع الموظفون مفارش بلاستيكية، فيما وصفه ممثل "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" ماغات جيس في تشاد بأنه "مجرد شيء لحجب الشمس حتى يحظوا بالقليل من الحماية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نقطة تحول
ووصل إبراهيم محمد إسحاق (35 سنة) إلى المعبر في الـ 22 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مع زوجته وابنتيهما (ثلاثة وخمس سنوات)، وكانوا يعيشون في مخيم أبو شوك على الجانب الشمالي من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وسقطت الفاشر في أيدي قوات الدعم السريع أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي البعد أعمال عنف دامت 18 شهراً، مما شكل نقطة تحول في الحرب المستمرة منذ عامين ونصف العام بين القوات شبه العسكرية والجيش السوداني.
ووفقاً لـ "المنظمة الدولية للهجرة" فيُعتقد أن أكثر من 100 ألف شخص فروا من المدينة، ووصل ما يقدر بنحو 9500 شخص إلى تشاد، وتفيد تقديرات المنظمة بأن نحو 180 شخصاً يعبرون الحدود إلى طينة يومياً.
وفر إسحاق وأفراد آخرون من عائلته من الفاشر على ظهور الحمير في اليوم السابق لاجتياح قوات الدعم السريع المدينة، وقال إن مسلحي "الدعم السريع" طاردوهم وآخرين في الطريق، وشاهد أكثر من أربعة من أقاربه يُقتلون بالرصاص، وقال إسحاق "ربنا سلم وخرجنا في سلامة".
وبعد عبور الحدود توقفت الأسرة عند عيادة متنقلة حيث قدمت ممرضة من "أطباء بلا حدود" الدواء للطفلة ذات الثلاث سنوات، ثم توجهت الأسرة إلى نقطة تفتيش تابعة لـ "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" حيث سلّم ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر إسحاق وأسرته كيساً يحوي إبريق ماء فارغ وإبريق شاي بلاستيكي، وقطعتين من الصابون ودلوين بلاستيكيين وقماش مشمع.
ثم نُقلت الأسرة إلى نقطة عبور تبعد نحو ستة كيلومترات عن الحدود حيث انضمت إلى ما يتراوح ما بين 1400 و1600 لاجئ ينتظرون نقلهم إلى مخيمات أخرى في مناطق داخلية أبعد، وروى العشرات لـ "رويترز" قصصاً مماثلة عن مواجهات عنيفة أثناء فرارهم من السودان وكفاحهم من أجل البقاء على قيد الحياة منذ ذلك الحين.
وأظهرت عزيزة مصطفى (62 سنة) صورة بالأشعة السينية لرصاصة استقرت في جنبها، وقالت إنها تحتاج إلى 500 مليون جنيه سوداني (1500 دولار) لإجراء جراحة.
أما نورا محمد يحيى (38 سنة) الحامل في شهرها التاسع وتعيش مع أطفالها تحت شجرة خارج مجمع معسكر العبور، فقد فرت قبل ثلاثة أشهر من شمال دارفور وعبرت إلى طينة في أوائل نوفمبر الماضي بسبب هجمات بالطائرات المسيرة، وقالت إنها لم تضع خططاً للوقت الذي سيحين فيه وضع حملها، متسائلة حول ما يمكنها أن تفعل مع عدم امتلاكها أي طعام أو ملابس.