Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تغري "خطة مارشال" الحركات المسلحة السودانية لإنهاء الحرب؟

لمعالجة الدمار الذي أحدثته في البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين

اعتبرت الحكومة السودانية الحركات المسلحة جزءاً أصيلاً من الثورة (أ.ف.ب)

اعتمدت الحكومة الانتقالية في السودان منهجاً جديداً لتحقيق السلام الذي أسست له مفوضية خاصة برئاسة سليمان الدبيلو، وذلك باعتبار الحركات المسلحة شركاء في الثورة التي أطاحت النظام السابق، فضلاً عن مساعيها إلى خلق مناخ يجعل عملية السلام محوراً لمعالجة جذور الأزمة الممثلة في التهميش والتنمية غير المتوازنة والتمييز. فيما تخطط حكومة حمدوك لوضع "خطة مارشال" للمناطق المتأثرة بالحرب لمعالجة الدمار الذي أحدثته في البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، على أن يتم ذلك خلال فترة ستة أشهر من بدء مهمات الحكومة.

دروس وتجارب

وأوضح القيادي في "قوى إعلان الحرية والتغيير" بابكر فيصل لـ"اندبندنت عربية"، أن تأسيس هذه المفوضية جاء أدراكاً بأهمية إحلال السلام في أنحاء البلاد، فوضع كأولوية في الوثيقة الدستورية ليتم تحقيقه من خلال هذه المفوضية خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الحكومة الانتقالية. ويشير فيصل إلى أنه من الأهمية بمكان الاستفادة من الدروس والتجارب السابقة، فقد كان من أهم أسباب فشل الديمقراطية بعد ثورة 1964 التي أطاحت نظام إبراهيم عبود، وانتفاضة 1985 التي أسقطت حكم جعفر نميري، استمرار الحرب في الجنوب، لأن الحرب عامل أساسي في عدم الاستقرار.

من هنا، تنبع أهمية هذه المفوضية التي يعول عليها كثيراً في حسم هذا الملف في الزمن المحدد حتى تتمتع البلاد باستقرار حقيقي وتنمية مستدامة. وأكد أن ما يشجع على نجاح هذه الخطوة هو أن المنهج المتبع حالياً من قبل قوى الحرية والتغيير عكس ما كان يتبع في عهد نظام الرئيس السابق عمر البشير، الذي كان يتعامل مع تلك الحركات وفق سياسة التجزئة والجزرة والعصا.

وأشار فيصل إلى أنه في إطار هذا المسعى، هناك ثلاث حركات مسلحة ضمن قوى الحرية والتغيير هي حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان جناح مني مناوي، والحركة الشعبية شمال جناح مالك عقار، جرى معها حوار في أديس أبابا والقاهرة وجوبا غير اللقاءات التي قام بها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع بعض قيادات هذه الحركات، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق يتيح لها المشاركة في الحكومة الانتقالية لأسباب كثيرة. وكذلك تم التواصل مع الحركة الشعبية شمال جناح عبدالعزيز الحلو وحركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور، ونظراً لكون الوضع لا يحتمل فراغاً حكومياً جرى المضي في تشكيل أجهزة الحكم، على أن تبدأ ترتيبات المباحثات من جديد مع تلك الحركات. وهذا ما حدث فعلاً ويجري الآن.

تقصي المعلومات

واعتبر عضو المكتب السياسي في حزب الأمة القومي عثمان ضو البيت، في حديث مع "اندبندنت عربية"، مفوضية السلام من أهم المفوضيات التي أنشأتها الحكومة الانتقالية لكونها تتعلق بحل الصراعات والحروب القائمة في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. ويتوقع أن تكون لديها مسؤوليات كبيرة، لأن عملها ومهماتها تتطلب تحركات سريعة ومتواصلة من أجل إيقاف ويلات الحرب وتحقيق السلام العادل والمستدام في كل أنحاء السودان، لكي يتفرغ أهله إلى البناء والتنمية الشاملة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار ضو البيت إلى أن هذه المفوضية وضعت أساساً لمعالجة القضايا المرتبطة بتحقيق الاستقرار في البلاد، من خلال إنهاء الصراعات القائمة، خصوصاً في المناطق الحدودية والهامش.

ويعتبر ضو البيت أن مشكلة السودان المعقدة تكمن في الصراعات والحروب لما فيها من استنزاف للموارد، إذ لا يمكن خلق تنمية واقتصاد مستقر وثابت في ظل الحروب المستعرة، لذلك إذا استطاعت مفوضية السلام إيقاف تلك الصراعات وحققت السلام المنشود والمستدام تكون قد خلقت أرضية للاستقرار، وبالتالي فإن جميع المشكلات ستجد الطريق لعلاجها.

ظرف مؤات

وكان الرئيس حمدوك قد عدّ، في مؤتمر صحافي، تلك الحركات المسلحة جزءاً أصيلاً من الثورة السودانية، واعتبر أن هذه الشراكة خلقت ظرفاً مؤاتياً لتحقيق السلام في البلاد، لافتاً إلى أن الإعداد لعملية السلام بدأ بتشكيل لجنة مصغرة بالتشاور مع مجلس السيادة تتولى وضع إطار عام لمفوضية السلام التي تم تأسيسها، وذلك من منطلق أن السلام أولى أولويات الفترة الانتقالية.

أضاف "الاختبار الحقيقي في معالجة هذه المشكلة يكمن في النظر إلى المشترك. أعرف قيادات الجبهة الثورية معرفة شخصية، وأعتقد أن هناك مناخاً ملائماً لو أحسنا إدارته نستطيع أن نعبر بالبلاد إلى بر الأمان". 

أرضية للاستقرار

وتأتي هذه المفوضية ضمن 11 مفوضية مستقلة تعول عليها الحكومة الانتقالية لمعالجة المشكلات التي يعاني منها السودان في جوانبها المختلفة (سياسية واقتصادية واجتماعية)، منها أربع مفوضيات تابعة للمجلس السيادي، وهي مفوضيات السلام والحدود والانتخابات والدستور، فيما تشمل المفوضيات الأخرى التابعة لمجلس الوزراء مفوضية المرأة، والعدالة الاجتماعية، ومكافحة الفساد، والأراضي، وحقوق الإنسان، وإصلاح الخدمة المدنية، حيث ستتولى هذه المفوضيات مهمات ومسؤوليات كبيرة في جوانب مختلفة سعياً وراء خلق أرضية ثابتة لاستقرار البلاد والعمل على حل القضايا بمهنية وتراضٍ من دون خلق صراعات داخل المجتمع.

ووردت هذه المفوضيات في بنود الإعلان الدستوري الذي تم التوقيع عليه في 17 أغسطس (أب) الماضي بين المجلس العسكري الانتقالي قبل حلّه و"قوى الحرية والتغيير" في احتفال رسمي في العاصمة الخرطوم. وهي الوثيقة التي تنظّم مرحلة الحكم المدني الانتقالي المحددة بثلاث سنوات وثلاثة أشهر، والتي تؤسس لمرحلة جديدة يأمل السودانيون في أن تقودهم إلى مستقبل أفضل، بعد أشهر من الاحتجاجات ومواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الأمن أسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص وآلاف الجرحى، قبيل الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي.

ويواجه السودان صراعاً مسلحاً في دارفور منذ العام 2003، وآخر في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ عام 2011. وهو ما شكل مصدر استنزاف للموارد المالية للبلاد على مدار السنوات الماضية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي