Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا هربت ناقلة النفط الإيرانية "سابيتي"؟

لماذا عكست سيرها ولم تتوقف في مكان ما لتقييم الضرر وهل كانت تحمل أسلحة لـ "حزب الله"؟

فجوتان في جانب ناقلة النفط الإيرانية اليُمني (أ.ف.ب)

فجر الجمعة 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أعلنت إيران أن ناقلة النفط "سابيتي" أصيبت بصاروخين في البحر الأحمر، على مسافة 60 كلم من جدة.  ونتج من هذا الخبر ارتفاع أسعار النفط، ليس بسبب الحادثة فحسب، وإنما بسبب ضآلة المعلومات وتضاربها أيضاً: الناقلة ضربت بصاروخين، لا لم تضرب، السعودية ضربت السفينة بصاروخين، لا الصاروخان لم يأتيا من السعودية، الناقلة متجهة إلى قناة السويس، ولكنها متجهة جنوباً صوب مضيق باب المندب، الناقلة محملة بالنفط ومتجهة إلى سوريا، لا الناقلة فارغة لأنها عائدة إلى إيران. هل الناقلة التي ضربت هي "سينوبا" أم "سابيتي"؟ ما الحقيقة إذا؟

ما نعرفه حتى الآن هو التالي: الناقلة كانت متجهة إلى قناة السويس ومنها إلى سوريا لتفريغ حمولتها من النفط الخام البالغة مليون برميل. الناقلة ضُربت بنوع ما من الصواريخ أو المتفجرات قبال جدة وعلى بعد 60 كلم، وبدأ انسياب النفط من خزانين فيها. قام القبطان بإرسال رسالة إلى حرس الحدود السعودي يعلمهم بالحادثة على أنها كسر في المقدمة، ولكن نعرف الآن أن هناك فجوتين في جانب الناقلة اليُمني في الجزء الأمامي من الناقلة، أحداها يصل طولها إلى متر ونصف المتر. عندما استجاب حرس الحدود لنداء الاستغاثة، كما تتطلب الأعراف الدولية، وجدوا أن الناقلة عكست اتجاهها وابتعدت عن مكان الحادثة. وعند كتابة هذا المقال، كانت الناقلة تقترب من باب المندب وستعبره يوم الاثنين 14 أكتوبر متجهة إلى إيران، ولكن بعد أن تركت خطاً عريضاً من النفط في البحر الأحمر طوله حوالى 200 كلم. ويشير الخط، الذي يرى بالأقمار الصناعية، إلى مسار الناقلة، وكيف يبدو أن قبطانها تردد في البداية في أي اتجاه يسير. ومن المتوقع أن تصل الناقلة إلى إيران بعد حوالى أسبوع من الآن.

وما يلاحظ في الموضوع أن إيران انفردت في الأخبار منذ بداية الحادثة وحتى ظهر يوم الأحد تقريباً، عندما قامت طائرة سعودية بتصوير الناقلة، ليتبين أن الوضع أسوأ مما ذكرته إيران. 

وفي هذا السياق، لابد من توضيح سبب التعارض في الأخبار. اتهمت شركة النقل البحري الإيرانية المالكة، السعودية، بأنها أطلقت صاروخين على ناقلتها. إلا أنه لم يصدر أي اتهام رسمي من الحكومة الإيرانية. وعلى إثر ذلك قامت الشركة بإصدار تصريح صحافي نفت فيه أن تكون الرياض مصدر الصاروخين. وبسبب خطأ في الترجمة، نشرت بعض وسائل الإعلام الروسية أخباراً تقول إن "إيران نفت إصابة ناقلتها"، كونها فهمت أن النفي المتعلق بالسعودية يعني نفي الإصابة بالمطلق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن هناك العديد من الأسئلة التي تبحث عن إجابة:

لماذا عكست الناقلة سيرها وبدأت رحلة العودة إلى إيران؟ لماذا لم تتوقف في مكان ما لتقييم الضرر أو إصلاحه كما جرى العرف؟ لماذا أعلنت إيران أنه جرى التحكم بالتسرب النفطي ولكنها تركت خطاً من النفط في مياه البحر الأحمر طوله حوالى 200 كلم، والذي يتنافى مع كل القوانين الدولية المتعلقة بالملاحة؟ هل تحاول إيران أن تخفي شيئاً ما؟ وما هو؟

والأغرب من ذلك، تقوم ناقلات النفط الإيرانية بإطفاء إشارة أماكن وجودها بهدف التلاعب على العقوبات المفروضة عليها. ولا تقوم بتشغيلها إلا في الأماكن التي تتطلب ذلك مثل قناة السويس. الغريب في الأمر أن الناقلة شغلت الجهاز وأعلنت عن مكان وجودها قبل الضربة مباشرة. أما الناقلة التي سبقتها، "سينوبا"، والتي كان يظن في البداية أنها هي التي ضربت، فقد شغلت إشارة مكان وجودها في البحر الأحمر، على غير العادة!

هناك نظريات عدة، كلها تفتقر إلى إثباتات قوية، إلا أن تصرفات إيران الغريبة تعطي هذه النظريات نوعاً من الصدقية. فهناك من يقول إن إيران أرادت توصيل الناقلة إلى سوريا من دون إصلاح، إلا أن الحكومة المصرية منعتها من ذلك لأن قوانين القناة تمنع الناقلات والسفن التي تسرب النفط من العبور، حفاظاً على سلامة الملاحة في القناة، فقرّرت الشركة المالكة إعادة الناقلة إلى إيران.

وانتشرت إشاعة بوجود زورق إسرائيلي قريب من الناقلة، الأمر الذي يوحي بأن الزورق أطلق الصاروخين على الناقلة، ولاذ بالفرار. على الرغم من الرائحة الشديدة لنظرية المؤامرة في هذه الإشاعة، إلا أنها متناسقة مع فكرة فرار الناقلة: هل كانت تحمل أشياء أخرى غير النفط، أسلحة لـ "حزب الله" مثلاً؟ وبذلك أرادت إسرائيل "إعطابها" كي لاتصل الحمولة إلى "حزب الله"؟ وهل الخوف من انكشاف هذه الحمولة هو سبب عكس الناقلة مسارها بسرعة ورفض التوقف في أي مكان؟ وهل تشغيل أجهزة مكان وجودها كان لتفادي أي حادث يمكن أن يكشف حمولتها؟

ونقض البعض هذه النظرية بالقول إنه من الأسهل على إسرائيل انتظار الناقلة حتى خروجها من قناة السويس. ولكن الرد على ذلك بسيط: ضرب الناقلة بعد خروجها من قناة السويس يعني إدانة تامة لإسرائيل، وأي تسرب نفطي سيضر بالمياه والشواطئ في المنطقة. لذلك ليس من صالح إسرائيل ضرب الناقلة الإيرانية هناك.

وبالطبع كانت هناك نظريات أخرى عدة، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي، أهمها أن الحرس الثوري الإيراني ضرب الناقلة لإحداث تسرب نفطي كبير بهدف تلويث الشواطئ السعودية، والتأثير في محطات تحلية المياه. وعدم توقف الناقلة يوحي بأن هناك خوفاً من التحقيق مع القبطان وطاقم الناقلة. وذهب بعض الصحافيين الأجانب إلى القول إن "الضربة كانت رسالة من السعودية إلى إيران فحواها: نحن لدينا مسيّرات (درونز) أيضاً".

خلاصة الأمر أن ما ثبت حتى الآن هو أن ناقلة النفط الإيرانية "سابيتي" ضُربت، وفيها ثقبان كبيران، سبّبا تسرباً نفطياً كبيراً، وأن الناقلة عكست اتجاهها بسرعة، وستكون قد عبرت مضيق باب المندب عند نشر هذا المقال، وهي لا تزال محملة بكمية كبيرة من النفط. كل ما عدا ذلك هو تكهنات. ويبقى السؤال: لماذا عكست الناقلة مسارها وهربت بسرعة؟ 

اقرأ المزيد

المزيد من آراء