ملخص
بينما لا تزال تسيطر "حماس" على غزة بقوة نسبية، ترى الحركة أنه لا بد من الانخراط في محادثات وطنية مع السلطة الفلسطينية والاتفاق على رؤية فلسطينية قبل تطبيق القرار الدولي، لضمان الوصول إلى النتائج الأخيرة.
بعد نجاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تمرير القرار الأميركي الذي ترفضه "حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى، يستعد القائم بأعمال رئيس المكتب السياسي للحركة خليل الحية في لقاء مبعوث الولايات المتحدة ستيف ويتكوف اليوم الأربعاء في تركيا لمناقشة آليات تطبيق المرحلة الثانية من خطة ترمب للسلام والازدهار في غزة.
والغريب أن اللقاء الحمساوي الأميركي جاء بعد انقسام الفلسطينيين لمعسكرين في شأن قرار مجلس الأمن الذي يمنح الولايات المتحدة صلاحيات واسعة في غزة، إذ ترى السلطة الفلسطينية أن هذا القانون الدولي الجديد يخدم مصالح الغزيين ومستقبل الدولة، ولكن "حماس" ترى عكس ذلك وترفضه بالمطلق.
القرار 2803
مرر مجلس الأمن القرار رقم 2803 الذي ينص على إنشاء مجلس السلام الخاص بغزة والذي من المفروض أن يعمل مع لجنة تكنوقراط تدير القطاع، وإنشاء قوة استقرار دولية من بين مهماتها نزع سلاح "حماس"، وإعادة بناء غزة بطريقة الذكاء الاصطناعي.
جميع البنود التي أقرها مجلس الأمن هي نقاط المرحلة الثانية من خطة ترمب التي تحاول "حماس" وإسرائيل على حد سواء التنصل منها، ولكن بعد اعتماد المشروع الأميركي تحولت غزة من منطقة فلسطينية لبؤرة تحت الوصاية الدولية.
في إسرائيل يهددون بالحرب
في إسرائيل أيضاً هناك معسكران، الأول يرفض القرار الأميركي والفريق الثاني يؤيد بطريقة دبلوماسية، حيث رحب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقرار مجلس الأمن لكنه وجه حديثه للمجتمع الدولي فقط إذ تحدث باللغة الإنجليزية، قائلاً "نؤمن بأن خطة ترمب ستقود إلى السلام والازدهار، لأنها تؤكد على نزع السلاح الكامل في غزة، وتؤدي إلى مزيد من التكامل بين إسرائيل وجيرانها".
لكن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد يعقب رافضاً "نتعرض لضغط أميركي، بسببه تنازلنا عن فصل غزة عن الضفة، وتخلينا رسمياً عن ضم الأراضي، اليوم تل أبيب تؤيد إقامة تعاون مع السلطة الفلسطينية".
بعد هذا الحديث تراجع نتنياهو عن ترحيبه بالقرار 2803، وعاد ليهدد باستكمال الحرب، يقول "نحن عازمون على استكمال الحرب في كل الجبهات، بما في ذلك نزع سلاح ’حماس‘ وتجريد قطاع غزة من السلاح".
"فتح" ترى القرار جيداً
الانقسام في الموقف الإسرائيلي يقابله الأمر نفسه في الرأي الفلسطيني، فبينما ترحب به السلطة الفلسطينية ترفضه حركة "حماس" التي تعتبر القرار فرض وصاية دولية.
يقول القيادي في حركة "فتح" جمال نزال "بدأنا إجراءات داخلية استعداداً للمرحلة المقبلة، الرئيس محمود عباس أصدر تعليماته للحكومة والجهات المختصة بالانخراط الفعلي في تنفيذ خطة ترمب في شأن غزة، هناك خمس نقاط إيجابية في قرار مجلس الأمن، وهي تثبيت وقف إطلاق النار، ووقف أخطار التهجير والاستيطان، ودخول المواد الغذائية والإنسانية إلى القطاع، وإعادة الإعمار، وإقرار أفق للحل السياسي وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية".
"حماس" تخشى من نزع السلاح
لكن "حماس" ترى عكس ذلك تماماً، يقول متحدثها أسامة حمدان "نرفض القرار لأنه لا يقدم ضمانات للحل السياسي وإقامة الدولة الفلسطينية، ولا يشمل جدولاً واضحاً للانسحاب الإسرائيلي، ويفرض وصاية دولية من خلال مجلس السلام، ويمنح القوات الدولية مهمات تنفيذية، منها سحب سلاح الفصائل".
ويضيف حمدان "النموذج العربي الإسلامي الذي قدمته مصر هو الأمثل لإدارة قطاع غزة، نعرف أن المعادلة الجديدة هي إما أن نقتل أو نستسلم، لذلك لا بد من حوار فلسطيني لمواجهة ذلك القرار ومحاولة الخروج برؤية لإفشاله".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ليست "حماس" وحدها التي رفضت القرار الأميركي، فحركة "الجهاد" هي الأخرى عارضته، يقول متحدثها محمد الحاج موسى "إنه وصاية دولية، يهدف إلى تحقيق أهداف لم تتمكن إسرائيل من إنجازها، تكليف القوة الدولية بمهمات تشمل نزع السلاح يحولها من طرف محايد إلى شريك لإسرائيل".
ويضيف الحاج موسى "القرار يمكن الولايات المتحدة وإسرائيل من السيطرة الأمنية والعقارية والاقتصادية على القطاع، ويمهد لتهجير الفلسطينيين، لذلك كل نقطة في الاتفاق يجب أن تخضع للمفاوضات".
بنود لم تعجب "حماس"
لكن لماذا ترى "حماس" أن قرار مجلس الأمن سيئ؟ يقول الباحث السياسي عبدالكريم حمدان "لأنه يدول الصراع ويمنح القوات الأجنبية صلاحيات أمنية واسعة، ويحول نحو 25 في المئة من مساحة غزة لمنطقة أمنية، وهذا يعني أن القوات الدولية ستدخل في صدام مباشر مع الفصائل، وقد ينشب عنه توترات ميدانية وربما اشتباكات".
ويضيف "تخشى ’حماس‘ من أن تستغل القوة الدولية، عناصر الشرطة الفلسطينية الذين دربتهم مصر والأردن، لملاحقة عناصر الفصائل واعتقالهم على غرار ما كانت تفعله السلطة الفلسطينية في التسعينيات، وهذا سيدفع باتجاه اشتباك مباشر لن تحمد عقباه، وقد يؤدي إلى تطورات ميدانية خطرة لا يستطيع أي طرف السيطرة عليها".
وبينما لا تزال تسيطر "حماس" على غزة بقوة نسبية، إذن ما الحلول من وجهة نظرها؟
ترى الحركة أنه لا بد من الانخراط في محادثات وطنية مع السلطة الفلسطينية والاتفاق على رؤية فلسطينية قبل تطبيق القرار الدولي، لضمان الوصول إلى النتائج الأخيرة.
الحية مع ويتكوف لبحث موضع "حماس" في الاتفاق
باجتهاد تسعى "حماس" للوصول إلى حلول مرضية لها قد تحافظ على شكلها أمام الفلسطينيين، وتستعد لمناقشة القرار الأممي مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في إسطنبول، وبحسب متحدث الحركة أسامة حمدان فإنهم جهزوا أدوات وأفكاراً لطرحها على المسؤول الأميركي في شأن تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وخطة الرئيس دونالد ترمب المعتمدة في مجلس الأمن.
تقول "حماس" إنها ستقدم للمبعوث الأميركي أفكاراً عملية وجدية في شأن تطبيق دقيق وأمين لخطة ترمب، وتتجهز الحركة لإبداء مرونة عالية في مختلف الملفات حال توفر ضمانات فعلية لتحقيق هذه الأهداف.
يعقب الباحث السياسي محمد مرتجى "لقاء الحية مع ويتكوف يعني الاتفاق على المرحلة الثانية من الاتفاق، وبدء عمليات تجميد السلاح، والموافقة على القرار 2803، ولكن الأكثر أهمية يتلخص في محاولة الاتفاق على وضع ومكان ’حماس‘ في تفاصيل الاتفاق، على أن يكون لها دور في المرحلة المقبلة وذلك إن تجاوبت مع ما يطلبه الأميركي ووافقت عليه وحينها ستحظى بدور وظيفي، وهذا ما تريد الحركة بالأساس أن تبقى على سدة الحكم".
لكن مرتجى يقول "إذا رفضت ’حماس‘ التماهي مع الخط الأميركي فإن هذا يعني أن الحرب ستعود لكن من دون أن يكون بيد ’حماس‘ هذه المرة أي ورقة رابحة فقد سلمت الرهائن، لذلك أرى أنهم يتماشون مع مطالب ترمب دون أي شروط أو رفض".