Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أين يقف "الخمول الاستراتيجي" من المبادرة المصرية في لبنان؟

مصدر لـ"اندبندنت عربية": ما تدُوول حول "الخمول الاستراتيجي" للسلاح تحريف للمقترح المصري

رئيس لبنان العماد جوزاف عون ومدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد خلال لقائهما أكتوبر الماضي (الحساب الرسمي للرئاسة اللبنانية بمنصة أكس)

ملخص

تسعى مصر إلى استثمار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لدفع خطوات عملية نحو نزع سلاح "حزب الله" في لبنان، عبر مبادرة متدرجة تشمل انسحاب الحزب جنوب الليطاني مقابل ضمانات إسرائيلية وأمنية، وترسيم الحدود. المبادرة تواجه تحديات داخلية لـ"حزب الله"، المنقسم بين تيار عقائدي يتمسك بالسلاح وآخر سياسي يفضل التحول إلى حزب مدني. مبادرة القاهرة تقوم على نزع السلاح تدريجاً وتستند إلى خطوات متبادلة مع إسرائيل لضمان التنفيذ من دون "خمول استراتيجي".

ثمة شعور يسود في القاهرة وعواصم المنطقة بالحاجة إلى انتهاز الفرصة للبناء على اتفاق السلام في قطاع غزة للعمل على خطوات عملية أوسع يمكن أن تعزز الاستقرار في الشرق الأوسط، فبعد أيام من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على خطته لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، خلال القمة التي استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية بمشاركة أكثر من 20 من قادة العالم، زار رئيس الاستخبارات المصرية اللواء حسن رشاد بيروت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في مسعى جديد نحو إنهاء الصراع بين إسرائيل و"حزب الله". 

فلقد أدت هجمات السابع من أكتوبر 2023 إلى فتح جبهات صراع أخرى مع إسرائيل، من بينها المواجهة مع "حزب الله"، التي بلغت ذروتها نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 وانتهت باتفاق وقف لإطلاق النار في لبنان، وبينما يواجه الرئيس اللبناني جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، ضغطاً أميركياً متزايداً للمضي قدماً في مسار نزع سلاح "حزب الله" والجماعات المسلحة الأخرى، فإن مصر تسعى إلى دعم بيروت عبر وساطة مباشرة بين إسرائيل و"حزب الله" في هذا الصدد. 

وخلال الأيام الماضية طرحت القاهرة مبادرة لخفض التصعيد في لبنان تشمل التفاهم مع "حزب الله" في شأن مسألة نزع السلاح، وتضاربت التقارير في شأن تفاصيل المبادرة، إذ أشارت تقارير إلى أنها تنطوي على أربع مراحل تتمثل في وقف إطلاق نار أكثر من ثلاثة أشهر، تتوقف خلالها جميع "الأعمال العدائية الإسرائيلية" ويطلق سراح الأسرى اللبنانيين مقابل انسحاب "حزب الله" الكامل جنوب الليطاني، وأن تبدأ مصر اتصالاً مباشراً بقيادة "حزب الله" وتضع "صيغة سياسية أمنية برعاية دولية" للتفاهم في شأن أسلحة الحزب شمال الليطاني، وأن تبدأ إسرائيل الانسحاب من خمس "نقاط محتلة" في جنوب لبنان مع نزع سلاح "حزب الله" في الشمال، وأن ترسم الحدود البرية بين البلدين، إضافة إلى الحديث عن قوة عربية - تركية تحل بديلاً لقوات حفظ السلام الأممية "اليونيفيل" التي تنتهي صلاحيتها في أغسطس (آب) 2026.

لا خمول استراتيجياً

ونفى مصدر مطلع على المحادثات بين القاهرة وبيروت لـ"اندبندنت عربية" صحة المعلومات المتداولة بأن مصر اقترحت "الخمول الاستراتيجي" لسلاح "حزب الله" بحيث لا يُنزع السلاح أو تُفكك القدرات العسكرية بل يُجمد بعدم استخدامه أو تطويره، قائلاً "هذا تحريف للمقترح المصري أو اختلاق بالكامل"، وأوضح أن ما كان مطروحاً هو عملية نزع متدرج تبدأ بالجنوب، على أن تكون هناك خطوات مقابلة من إسرائيل وهذا ما أُبلغت واشنطن به. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونفى المصدر الذي تحدث شريطة عدم ذكر هويته ما تُدوول في شأن إنشاء آلية تفاوض عربية - تركية للإشراف على تنفيذ الخطة بإشراف ميداني عربي – إسلامي، وأوضح أن المقاربة المصرية تقوم على ضرورة أن يقدم كل من إسرائيل و"حزب الله" خطوات متبادلة على غرار ما حدث في نوفمبر العام الماضي، وأكد أنه وفقاً للمقترح فإنه يُنزع سلاح "حزب الله" كمرحلة أولى من منطقة جنوب الليطاني ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وهي نقطة اتفاق بين جميع الأطراف بما في ذلك "حزب الله"، ومع ذلك أوضح أن "حزب الله" يعتبر أن هذا لا ينبغي أن يمثل مرحلة أولى ولكن الاتفاق ككل. 

المقاربة الأساسية للمبادرة المصرية

وأضاف أن المقاربة الأساسية ترتكز على جنوب الليطاني حتى تقوم إسرائيل من جانبها بتقديم خطوات أخرى تدفع "حزب الله" نحو وضع لا يسمح له برفض ما يتعلق بالنزع الكامل للسلاح، مثل ترسيم الحدود البرية بين البلدين أو الانسحاب من النقاط الخمس التي تحتلها إسرائيل والتعهد بعدم شن أي هجوم عسكري، وإعادة الإعمار. 

وتواصل إسرائيل شن هجماتها على أهداف تابعة لـ"حزب الله" في جنوب لبنان، وتظهر بيانات صادرة عن مجموعة رصد الصراعات المسلحة "ACLED" وقوع ما لا يقل عن 2827 خرقاً لوقف إطلاق النار منذ بدء الهدنة في الـ27 من نوفمبر 2024، وفي الأسبوع الأول بعد الهدنة، قال رئيس مجلس النواب اللبناني إن 54 خرقاً إسرائيلياً سُجلت بالفعل.

عملية عسكرية جديدة

وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أمس الأول الجمعة، أن الجيش الإسرائيلي يقترب من شن هجوم محدود على "حزب الله" في لبنان عبر سلسلة غارات جوية على منشآت إنتاج الأسلحة في جميع أنحاء البلاد، وبخاصة في سهل البقاع وبيروت، وزعمت الصحيفة أن "حزب الله" أنتج آلاف الطائرات المسيرة الجديدة والمسيرات المتفجرة منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار العام الماضي، وتتزامن هذه الأنباء مع تصريحات مجهلة لوسائل الإعلام المحلية على لسان مسؤولين إسرائيليين تهدد بشن عملية عسكرية جديدة. 

وبموجب اتفاق الهدنة الذي وقع بين إسرائيل والحزب يتعين على الجيش الإسرائيلي تسليم جميع مواقعه في جنوب لبنان للجيش اللبناني خلال 60 يوماً، وفي المقابل يلزم "حزب الله" الانسحاب إلى شمال نهر الليطاني، على بعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل. 

وتتهم إسرائيل "حزب الله" بعدم التزام الاتفاق وعدم نقل قواته إلى ما وراء نهر الليطاني، وأن بعض مواقع الحزب تستخدم لإعداد صواريخ أو تخزين أسلحة، وتبرر هجماتها باستهداف البنية العسكرية للحزب، لكن يقول "حزب الله" إن اتفاق نزع السلاح يقتصر على جنوب نهر الليطاني. 

وتقول الزميلة لدى معهد تشاتام هاوس في لندن لينا خطيب، إنه في حين ينص اتفاق نوفمبر على نزع سلاح كل الجماعات المسلحة غير الحكومية، بما يشمل "حزب الله"، فإن الحزب يرفض ذلك ويواصل نقل ما تبقى من ترسانته بين مواقع مختلفة داخل لبنان وتهريب الأسلحة من سوريا. 

لكن يلقي آخرون باللوم على إسرائيل، ففي حين ترفض القاهرة أي سلاح خارج شرعية الدولة لذا تنص المبادرة المصرية على نزع سلاح "حزب الله"، يقول مراقبون إن إسرائيل في حاجة إلى تقديم التزامات تدفع في هذا الاتجاه، مثل الانسحاب من نقاط الاحتلال ووقف العمليات العسكرية. 

ويعتقد مراقبون أن الوضع الحالي ربما يكون الأنسب لإسرائيل، إذ لا يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتفاق جاد يقضي بانسحابه من الجنوب اللبناني، لكن المقابل الوحيد المغري بالنسبة إليه هو اتفاق سلام وتطبيع كامل. 

مخاوف أوسع

وتلفت خطيب في مقالها بموقع تشاتام هاوس إلى أن سياسيين من خارج معسكر "حزب الله" بدأوا يطالبون بالفعل وبصورة متزايدة بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وهو ما كان سابقاً من المحظورات على الساحة السياسية، وتشير إلى تصريحات رئيس حزب الكتائب المناهض لـ"حزب الله"، سامي الجميل، الشهر الماضي، قائلاً إن المفاوضات المباشرة "ضرورية" وإن "ما كان مستحيلاً أصبح ممكنا"، وأضاف أنه "من الأفضل" أن يتخذ القرار "بالإجماع"، ودعا نائب آخر إلى مفاوضات مباشرة ولكن "وفق شروط"، مشيراً إلى احتمال وجود معارضة لدى شرائح من الشعب اللبناني.

ووفق المصدر الذي تحدث إلى "اندبندنت عربية" فإن هناك هاجساً حقيقياً لدى الحزب ينبع من أمرين أساسيين، الأول، أن سوريا لديها منافذ مباشرة مع المناطق الشيعية في البقاع وبعلبك، مما يثير تساؤلات حول الجهة التي ستتولى حماية هذه المناطق في حال قرر الرئيس السوري أحمد الشرع، بعد نزع السلاح، القيام بخطوات يحاول من خلالها تعويض ما يفتقده من نفوذ داخل سوريا، عبر افتعال توتر مع المناطق الشيعية في لبنان للهرب من أزماته الداخلية.

أما العامل الثاني، بحسب المصدر، فهو أن الحزب والمكون الشيعي اللبناني باتا يشعران بتهديد وجودي، وأضاف أن ما يجري اليوم ينظر إليه داخل البيئة الشيعية باعتباره عملية إذلال وكسر للطائفة، في وقت يتصاعد فيه الضغط من الداخل اللبناني ومن الجانب السوري. 

وقبل أيام، صرح المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم براك، أن دمشق، بعد انضمامها إلى التحالف الدولي ضد "داعش" ستسهم في مواجهة وتفكيك الشبكات الإرهابية، من بقايا التنظيم إلى الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" و"حماس". 

انقسام داخلي

وأشار المصدر إلى أن الموقف الرسمي داخل الحزب يؤكد عدم تقديم أي تنازل يتعلق بالسلاح جنوب الليطاني، غير أن الحزب يشهد انقساما داخلياً بين تيارين، الأول هو تيار عقائدي يتمسك بالسلاح بصورة مطلقة، فيما يمثل الثاني تياراً سياسياً يدعو إلى التحول نحو حزب سياسي كامل والتخلي عن السلاح مع الحفاظ على الدور التمثيلي للطائفة الشيعية في لبنان.

ومع ذلك، فإنه حتى التيار الأكثر اعتدالاً داخل الحزب، بحسب المصدر، يرى أنه لا توجد أي حوافز تبرر تقديم تنازلات، وأوضح أنه ما لم يشهد الحزب انسحاباً إسرائيلياً ووقفاً للاعتداءات والاغتيالات، وإعادة إعمار، فلا يوجد ما يدفعه إلى تقديم تنازل في ملف السلاح.

وينطوي المقترح الأميركي الذي قدمته واشنطن إلى الحكومة اللبنانية، مطلع العام الحالي، على خطة لتحويل "حزب الله" إلى كيان سياسي حزبي مقابل نزع سلاحه، غير أن المقترح قوبل بالرفض. 

المزيد من تقارير