ملخص
أعاد مهرجان القاهرة الدولي للقصص المصوّرة اكتشاف تراث هذا الفن في الصحافة المصرية على مدى قرن كامل، خلال دورته العاشرة التي عقدت في حديقة متحف محمود مختار
أقيم المعرض تحت عنوان "100 سنة كوميكس" وشهد المهرجان إقبالاً جماهيرياً لافتاً، إذ تجاوز عدد الزوار يوم الجمعة الماضي مثلاً عشرة آلاف زائر. وتنوّعت أعمار الجمهور الذي تتبّع مسار القصة المصوّرة المصرية، لا سيما في المطبوعات الموجّهة للأطفال واليافعين.
يقول الفنان محمد شناوي، أحد منظّمي المهرجان: "احتفت دورة هذا العام بمئوية القصص المصوّرة في مصر، بحيث يعود تاريخها إلى عام 1925"، موضحاً أن المعرض يمثّل مناسبة مهمة للتذكير بالمسيرة الطويلة لفن القصص المصوّرة، بغرض تأكيد تنوّع أدواره.
وأضاف: "المعرض كشف عن كنوز أرشيفية أُتيحَت للمرة الأولى، لتأكيد الطبيعة التراكمية لهذا الفن وتصحيح الاعتقاد الشائع بأنه فن جديد، فقد أردنا إثبات رسوخه وقدمه".
وشاهد جمهور المهرجان أغلفة نادرة لمطبوعات خاطبت عشّاق الفن، منها مجلة "سندباد" التي رأس تحريرها محمد سعيد العريان وأشرف عليها فنياً حسين بيكار. وعرضت بعض الأعداد النادرة لمجلات "كروان" و"سمير" التي أصدرتها دار الهلال وأغلفة دور نشر عربية ذات مساهمة مهمة في تكريس هذا الفن ومنها دار "الفتى العربي".
وأشار شناوي إلى أن القائمين على المهرجان أتاحوا للمستقلين فرص المشاركة إلى جانب العارضين المحترفين، بهدف إثراء حالة التفاعل والحوار.
ازدهار سوق النشر
كشفت الدورة العاشرة للمهرجان اتّساع سوق نشر كتب القصص المصوّرة (الكوميكس) خلال عقد كامل، إذ ازدادت أعداد دور النشر المشاركة من مصر والعالم العربي. وجذبت هذه الدورة دور نشر جديدة إلى جانب دور فاعلة مثل "الفن التاسع"، بوتيك، دار العالية للنشر، دار العين،Art Rush Studio، دار مرح لكتب الأطفال، ديجيتيزرز (DGtizers)، ديوان للنشر، طش فش، ضاد جيم، فانتازيون للنشر، كتب، كُتبنا، كوفنتري كايرو كوليكتيف، كوميكسار، مجلة سمير، مركز الصورة المعاصرة، مركز المحروسة، مكتبة البلد، مكتبة البلسم، مَوْزون، ورشة إسكندرية، منشورات قيّم.
أشار شناوي إلى أن ما يميّز المهرجان دائماً هو الإقبال الجماهيري، فضلاً عن تنوّع جمهوره واختلافه عن أي مهرجان أو فعالية ثقافية أخرى، مؤكداً أن وجود الرسّامين يمنح المهرجان طابعاً كرنفالياً يؤدي دوره اجتماعياً وفنياً أيضاً. وتحرص أسر كثيرة على التجوّل في ساحة المعرض للتفاعل مع حالة الحيوية والبهجة التي تميّزه.
وصف المهرجان بأنه يقوم على الخيال والألوان، ويؤدي دوره بشكل متكامل سواء من ناحية البيع أو نسج علاقات للتشبيك وتنمية فرص الحوار والتواصل ونقل الخبرات.
وأكّد رسّام الكاريكاتير وفنّان القصص المصوّرة عبدالله مخلوف لـ"اندبندنت عربية" دور المهرجان في اكتشاف رسامين جدد من الهواة، لافتاً إلى أن هؤلاء يقومون بتجارب مهمّة في النشر الذاتي، كذلك تحرص دور النشر المهتمّة على جذبهم للعمل معها.
ورأى أن المهرجان يساعد هؤلاء الفنانين في بناء شبكات تواصل للعمل المشترك داخل استوديوهات فنية أو لإنتاج مطبوعات ذاتية ذات طابع مستقل.
وذكر مخلوف أن الساحة الرئيسة للمهرجان ضمّت مئات الفنانين المستقلين الذين عرضوا وباعوا كتبهم ورسوماتهم ذاتية النشر.
ونوّه الناشر خالد عبد الحميد، مدير دار "مرح للأطفال"، بنجاح المهرجان في تنمية ثقافة تلقّي كتب القصص المصوّرة بعد سنوات من الركود، وقال: "يجذب المهرجان سنوياً شرائح جديدة من القرّاء، تتنوّع أعمالهم واختياراتهم، وهذا هو الدليل الأهم على نجاحه، الذي تأكّد أيضاً من خلال حرص دور نشر جماهيرية على المشاركة في فعالياته المختلفة، وهي علامة أخرى على النجاح".
يُعدّ المهرجان أكبر تجمع سنوي لناشري القصص المصوّرة في مصر، ويحظى باهتمام واسع من مبدعي هذا الفن ودارسي الفنون عموماً.
كسر الذائقة السائدة
تؤكد لينا غيبة من "المؤسسة العربية للقصص المصوّرة" في لبنان حرصها على المشاركة السنوية منذ انطلاق المهرجان عام 2015، إذ كانت من بين أعضاء لجنة التحكيم التي قدّمت أول جائزة يمنحها المهرجان.
آنذاك كانت غيبة تعمل على تأسيس أول مركز دراسات متخصص في فن الشريط المصوّر العربي، كذلك عملت مع فريق على أرشيف للكتب والمجلات التي اعتنت بفن "الكوميكس".
تلفت غيبة إلى أن مهرجان "كايرو كوميكس" هو الأهم عربياً، لأنه منذ انطلاقه نجح في جذب جمهور كبير على رغم معاناته آنذاك من نقص الإنتاج. أما اليوم، فقد تزايد إنتاج القصص المصوّرة على الصعيدين العربي والعالمي، وأصبح ما يميّزه هو الاهتمام بالتجارب المستقلة وحرصه على إيجاد دور نشر تملك الجرأة والمبادرة لتغيير شروط السوق وذائقة الجمهور.
وتشدّد على دور "كايرو كوميكس" في تنظيم لقاءات بين الفنانين العرب وتهيئة فرص التواصل على الأرض، وهي ميزة مهمّة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
شهدت دورة هذا العام انعقاد مجموعة من ورش العمل تحت عنوان "بوترفوليو" مع الفنانين: سميرة بيلورف (سويسرا)، وفريد ناجي (مصر)، وسهير غزاوي (لبنان)، بهدف إطلاع الجمهور على خطوات عمل لوحة أو صفحة كاملة، بدءاً من الفكرة حتى التنفيذ، بأسلوب كل فنان؛ تارة بالرسم التقليدي بالأقلام والأحبار، وتارة باستخدام برامج الرسم الرقمية.
ونُظمت لقاءات فنية مع عدد من الفنانين والنقّاد والناشرين، الذين أداروا نقاشات موسّعة حول واقع فن القصص المصوّرة، إلى جانب إطلاق بعض الأعمال الجديدة، منها رواية مصوّرة للروائي المصري الراحل صنع الله إبراهيم، بعنوان "الحرية بالحبر" كان قد نشرها دعماً للانتفاضة الفلسطينية قبل ثلاثين عاماً.
وشارك فنانون وكتّاب في ندوات المهرجان التي استمرّت على مدى ثلاثة أيام، من بينهم محمد خالد، كامليا القاضي، محمد إسماعيل أمين، ميجو، سلمى زكريا، محمد سرساوي، خالد عبد الحميد، نبيل تاج، مي التلمساني، محمد إدريس، سلمى الطرزي، مو محسن، هدى حلمي، مصطفى هويدي، مي كريم، محمد وهبة، ومحمد جمال.