ملخص
يكتب بيب غوارديولا فصلاً جديداً في قصة مانشستر سيتي بعد رحيل ستة من رموز المجد الأوروبي، مستعيناً بجيل شاب يمنحه السرعة والطاقة بدل الخبرة والهيبة.
كان الصيف الماضي بمثابة قطيعة مع الماضي. فقد أنهى بيب غوارديولا شراكته التي امتدت لعقود مع أحد أقرب حلفائه، ومع جزء كبير من فريقه العظيم.
تشيكي بيغريستين الذي كان زميلاً سابقاً له في برشلونة ومديره الرياضي في "كامب نو" ثم في مانشستر سيتي، غادر منصبه نحو التقاعد. وبطريقة أو بأخرى، سواء بالإعارة أو البيع أو بانتهاء العقود من دون تجديد، رحل ستة من أبطال سيتي في دوري أبطال أوروبا. فكان وداعاً لإيدرسون وكايل ووكر ومانويل أكانجي وإلكاي غوندوغان وكيفن دي بروين وجاك غريليش، وهي مجموعة من ستة لاعبين تضم ثلاثة من قادة الفريق السابقين.
وداع الكبار وبداية جيل جديد في سيتي
سجل سيتي ثلاثة أهداف وجمع ثلاث نقاط أمام ليفربول، أول من أمس الأحد. وضم فريق غوارديولا ثلاثة لاعبين فقط ممن شاركوا أساسيين في نهائي دوري الأبطال 2023 هم روبن دياز وبرناردو سيلفا وإيرلينغ هالاند.
التحول من جيل إلى آخر كان مؤجلاً في البداية، لكنه حدث بعد ذلك بسرعة مضاعفة. ومن بين الثمانية الآخرين، دخل فيل فودين بديلاً أمام إنتر ميلان في إسطنبول. وكان نيكو أورايلي وقتها ضمن صفوف سيتي، لكنه لم يكن قد خاض أي مباراة مع الفريق الأول. أما الثلاثة الآخرون فقد تم التعاقد معهم في صيف 2023، هم يوشكو غفارديول وماتيوس نونيس وجيريمي دوكو. وانضم نيكو غونزاليس في فترة الانتقالات الشتوية 2025، فيما جاء ريان شرقي وجيانلويجي دوناروما في طرفي صيف واحد.
سيتي "3.0"... الجيل الأصغر والأسرع
هذا هو "سيتي 3.0" حيث لا يوجد في التشكيلة الأساسية لاعب تجاوز الثلاثين سوى القائد الجديد برناردو سيلفا.
وقال غوارديولا "نحن نملك الآن أصغر تشكيلة منذ أن بدأت فترتي هنا. نحن بحاجة إلى كل هذه الطاقة لمحاولة محاكاة ما فعله أسلافنا". وإذا كان المدرب نفسه، الذي بدا منهكاً خلال خريفه الكئيب في 2024 - وجهه مخدوش من شدة إحباطه وعجزه - قد استعاد شيئاً من حيويته، فربما استلهم ذلك من قوة الجري في فريقه.
يبلغ متوسط أعمار لاعبي مانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي هذا الموسم 24.9 سنة، بعد أن كان 26.6 سنة في الموسم الماضي. لكن أولئك الأبطال الستة الذين غادروا جميعهم تجاوزوا الثلاثين. وكما أشار غوارديولا الأحد الماضي، فإن اللعبة صعبة بما يكفي من دون الحاجة إلى أن يركض تسعة لاعبين أكثر لأن اثنين آخرين لا يستطيعان أو لا يفعلان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حين استعاد ذكرياته عن العام الماضي، عندما كان سيتي يعاني من الإصابات ويكابد بعناصر محدودة ويدفع ثمن تأجيل عملية التجديد، تذكر لاعباً كانت إرادته أقوى من قدرته البدنية.
وقال غوارديولا "برناردو كان يعاني الموسم الماضي، لكنه كان حاضراً في كل مباراة، كان مرهقاً تماماً. بعد 50 أو 60 دقيقة، لم يكن يستطيع الجري لدقيقة واحدة. وفي لحظات معينة قال لي: بيب، لقد استُنزفت".
ذلك الإصرار على اللعب جعل سيلفا يجر نفسه عبر 52 مباراة في أصعب مواسم غوارديولا. وأضاف المدرب "ولهذا السبب هو قائدي"، بعدما تخلى عن سياسته السابقة التي كانت تتيح للاعبين التصويت لاختيار حامل الشارة، مانحاً إياها للبرتغالي بنفسه. وعلى رغم قسوة الموسم الماضي، أدرك غوارديولا أنه لولا روح سيلفا لكان الوضع أسوأ بكثير.
الخبرة تصنع القائد والطاقة تصنع الفريق
وأضاف غوارديولا "في العادة، في مثل تلك الظروف في الدوري الإنجليزي، تنهي الموسم في المركز الـ10. لكننا في النهاية لم نستسلم أبداً. قلت مراراً لرئيس النادي والرئيس التنفيذي: إذا نجونا الموسم الماضي وتأهلنا إلى دوري الأبطال، فذلك يعد جائزة كبيرة جداً. إنه واحد من المواسم التي سأظل أتذكرها دائماً، ومن أكثرها فخراً بالنسبة لي، بلا شك. كان درساً جيداً. أحياناً عليك أن تعيش مثل تلك التجارب كفريق".
وقد استخلص غوارديولا دروسه، بعضها يتعلق ببرناردو سيلفا. بالعودة إلى يناير (كانون الثاني) 2019، في فوز آخر على ليفربول، قطع سيلفا 13.7 كيلومتر. أما الأحد الماضي، فمع وجود لاعبين أصغر سناً إلى جواره، فقد أتم 94 في المئة من تمريراته - وهي أعلى نسبة بين كل من حاول تمرير 15 كرة أو أكثر - فهو الآن يستفيد من الطاقة الجديدة من حوله. وكذلك غوارديولا، وإن كان بطريقة مختلفة.
وقال "في الموسم الماضي لم نحضر بطاقةٍ كافية. حاولت في مرات كثيرة، بيأس، أن أفعل أي شيء، لكني لم أستطع إيجاد الشرارة". لقد خذلته قدرته فجأة، في الوقت الذي بدا فيه فريقه يفتقر إلى القوة.
تحول تكتيكي وجيل بلا عقد نفسية
وهناك الآن طابع بدني واضح في أسلوب اللعب في الدوري الإنجليزي، يتمثل في سرعة دوكو وعمر مرموش، وفي قدرة نونيس وتيجاني رايندرز على تغطية مساحات واسعة، وفي طول أوريلي في مركز الظهير الأيسر وغونزاليز في خط الوسط. ومع ذلك، لا يعد أي منهم، على الأرجح، صاحب مهارة فنية مثل غوندوغان، أو مبدعاً بعبقرية دي بروين، على رغم أن دوكو يمتلك قوته الخاصة في قدرته على مراوغة المدافعين بخفة مدهشة.
إنها إشارة إلى التحول التكتيكي في الفريق. فنسخة سيتي الجديدة تبلغ نسبة استحواذها على الكرة 56.8 في المئة فقط، وهي - مثل متوسط الأعمار - تشهد تراجعاً حاداً مقارنة بـ61.6 في المئة في الموسم الماضي و65.2 في المئة في موسم الثلاثية التاريخي (2022 - 2023). ومع ذلك، فقد كان سيتي في الموسم الماضي بحاجة ماسة إلى الكرة بسبب هشاشته من دونها. أما الآن، فهناك صلابة أكبر في فريق غوارديولا.
أسئلة عن المستقبل وملامح مرحلة مختلفة
ويبقى السؤال الدائم: هل يمكنهم، كما قال غوارديولا، محاكاة سابقيهم؟ ذلك سؤال صعب، بالنظر إلى القمم التي بلغها غوندوغان ودي بروين ورفاقهما حين فازوا بستة ألقاب دوري خلال سبع سنوات، إضافة إلى دوري أبطال أوروبا.
لكن في الوقت الحالي، يستمتع غوارديولا بالأدوات الجديدة التي باتت تحت تصرفه. ومع الديناميكية المختلفة التي اكتسبها الفريق، إذ صار خصومه يواجهون صعوبة في التنبؤ بخططه: فهل سيبدأ بشرقي أم رايندرز؟ هل سيلعب سيتي بخط وسط ضيق أم بأجنحة حقيقية؟ وهل سيتمركز سيلفا في الجهة اليمنى أم في العمق؟ وقال غوارديولا "بإمكاننا الآن اللعب بطرق مختلفة. أعتقد أننا أصبحنا أكثر صعوبة في التوقع".
وإذا كان سيتي قد عرف في خريف العام الماضي نوعاً خاطئاً من "عدم القدرة على التنبؤ" بعد انهياره المفاجئ، فإن المجهول العظيم الآن هو ما الذي يمكن أن يحققه هذا الفريق الأصغر سناً والأسرع حركة.
© The Independent