Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعوّقون أمثالي لقمة سائغة لجرائم الكراهية وعلى حكومتنا تحمّل جزء من اللوم

عندما تعرّضتُ للاعتداء على متن أحد قطارات الأنفاق أعترفُ أنني شعرتُ بأنه لا جدوى من إبلاغ الشّرطة

نشرت جمعية "ليونارد شيشير" الخيرية للإعاقة إحصائيات تُؤكّد ارتفاع جرائم الكراهية العنيفة بحق ذووي الإعاقة (بي إكس هير)

هل أنت قلق بشأن مستويات التّوتر لدى الشّخص المتعصّب في حياتك؟ هل تخشى عليه من الإثارة العصبيّة وممّا يُمكن أن تؤول إليه حاله من دون أقراص الضّغط لو نُفّذ بريكست بلا اتفاق؟

لا داعي للخوف أو القلق، لأنّ اليوم هو يوم ضرب الكسيح!

هيا إذن، سلّمه مضرب الكريكيت وأطلقه في الشّوارع والأزقّة والأحياء، فيطوف في أرجائها ثائراً حتى يجد أقرب شخصٍ يعاني من إعاقة – ليس عليه أن يكون كسيحاً مثلي؛ جميع أنواع الإعاقات تؤدّي الغرض – وإذا وجدهُ يُوسعه ضرباً مبرحاً ويُفرغ فيه شحنة غضبه وتوتره.

ماذا قلت؟ هل تخاف عليه من التعرّض للملاحقة والاعتقال؟ لربما من أجل جريمة كراهية؟ لا داعي للخوف عليه. ففرص إدانته تُوازي فرصك بإسقاط غلاف "تويكس" على الأرض وسط حشدٍ كبيرٍ من النّاس وهم في طريقهم إلى العمل.

هل تصدمك لغتي واستخدامي للفظة "كسيح"؟ حسناً، هذا ما يجب أن يصدمك حقاً: نشرت جمعية "ليونارد شيشير" الخيرية للإعاقة اليوم إحصائيات تُؤكّد ارتفاع جرائم الكراهية العنيفة بحق ذووي الإعاقة إلى 41 في المئة العام الماضي.

كان من المفترض بنشر هذه الأرقام أن يكون مسألة اعتيادية وبديهية، لكنّه لم يكن كذلك حيث اضطّرت الجمعية إلى تقديم طلبات حرية المعلومات لدى مراكز الشرطة الـ43 في إنجلترا وويلز للحصول عليها أو بالأحرى للحصول عليها من بعض هذه المراكز مع إخفاق أقلّ من نصفها بقليل في توفير إجابات شافية ووافية.

ولمّا جمعت المؤسسة الخيرية البيانات التي حصدتها من الشرطة، اتّضح لها أنّ 2538 جريمة عنيفة ارتُكبت إبان 2018/2019، مقابل 1805 العام الفائت. وإذا ما أضفنا إلى الاعتداءات العنيفة تلك "غير العنيفة"، يرتفع مجموع الأفعال الإجرامية المخزية إلى 4 آلاف و111 جريمة.

وهذا يعني الكثير من الارتكابات الشنيعة. ماذا عن الإدانات؟ ليست كثيرة.

الحقيقة أنّ حوالى 84 في المئة من قضايا الاعتداءات بلغ حائطاً مسدوداً، ليس بقدر "احترس لخطواتك"، و7 في المئة منها فقط أفضى إلى إعلان حالة حذر أو اتخاذ "قرار مجتمعي". أما نسبة الـ6 في المئة المتبقية، فقد أُحيلت إلى "دائرة الادعاء الملكيّة" (CPS) جراء تقديم شكاوى أو تلقيّ شكاوى/ استدعاءات.

تذكّر أيضاً أنّ هذا العدد من الجرائم هو ما تبلّغت به السلّطات المسؤولة. ذات مرة، تعرّضتُ لحادثة اعتداء في قطار الأنفاق؛ قيل لي إنّه كان يتعيّن عليّ أن أُبلّغ الشرطة بها (صحيح أنها كانت حادثة غير عنيفة مبدأياً ولكنّها أشعرتني بما يكفي من الخطر والتّهديد). ولكنني لم أفعل، لأنني شعرتُ بألا جدوى من ذلك. وأعتقد أنني لستُ الوحيد الذي يُفكّر بهذه الطّريقة، والأرقام أعلاه خير دليل.

كان من الممكن لهذا النّوع من الفظائع أن يُثير جزع شعب أي بلدٍ متحضّر. لكن للأسف، أخشى أنّ هذه الصّفة لم تعد تنطبق علينا الآن؛ هل كنت تتابع عن كثب ممارسات الحكومة في الآونة الأخيرة؟ أنا أكتب عن الإعاقة وذوي الإعاقة منذ عقدٍ من الزّمن تقريباً وأخشى أن أقول إنّ هذه الأرقام لم تُفاجئني كثيراً.

فهي في نهاية المطاف النّتيجة الحتميّة لمناخٍ ابتدعته الحكومة وطرحته في المجتمع الأوسع نطاقاً حتى يؤلّه ويستلهم من حفنةٍ مختارة من الأشخاص ذوي الإعاقة والمشاركين في الألعاب الأولمبيّة للمعوّقين ومَن في حكمهم، ويصرف النّظر عن بقيّتنا على أساس أننا في أفضل الحالات عقبات وفي أسوأها أبناء عرس متطفلين يسعون خلف استحقاقاتٍ قذرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والقصد من الرّواية التي لم تنفك الحكومة ترددها مُذ أحكم إيان دنكان سميث قبضته على وزارة العمل والمعاشات التّقاعدية، هو إثارة الشّكوك حول أيّ شخص مصاب بإعاقة، سواء أكان قادراً أو غير قادر على وضع ميدالية ذهبيّة حول عنقه.

أما الروايات المتطرّفة التي تتعمّد صحف الفضائح نشرها حول "المختلسين والطفيليين" كرواية الرّجل الذي تسلّق جبل "كيليمانجرو" رغم أنّه يحظى بإعانة خاصة بالإعاقة أو ما يُعرف بـ"بدل الاستقلال الشخصي" (PIP)، فالقصد منها هو صبّ الزيت على النّار المتأججة أصلاً، إفساحاً في المجال أمام بوب المتعصّب لسوء الظنّ بكلّ أصحاب الإعاقات دون استثناء.

ولعلّك سمعت عن صديق صديقك الذي سمع بدوره عن أحد الشبان الذي تقدّم بطلب لنيل إعانةٍ خاصة بالإعاقة لشكواه من آلام في الظهر، ومذاك وهو يعيش في ترفٍ ونعيم. ومع انتشار قصته على كل شفة ولسان، تحوّل إلى محط سخرية للجميع بمن فيهم تاجر سيارات مجهّزة خصيصاً للمعوّقين جسدياً.

"أرى أنّك تعاني، ولكنّني سمعتُ عن هذا الشّخص..."

تلك كانت كلماته بالضّبط.

في الغالب، تغفل الوسائط الإعلامية عن القصص المتعلقة بالصعوبات التي يُواجهها أصحاب الاحتياجات الخاصة، ومرد ذلك بشكلٍ جزئي إلى عدم احتضان مؤسساتها على اختلاف مستوياتها سوى نسبة قليلة جداً من العاملين من ذوي الإعاقة.

وبالنّسبة إلى القناة الرّابعة تحديداً، فهي تبذل جهداً كبيراً في هذا الاتجاه. ماذا عن القنوات الأخرى؟ في الـ"بي بي سي"، ثمة عدد من المراسلين الذين يعانون من إعاقات وثمة كرسي مدولب في مسلسلٍ تلفزيوني أو اثنين ربما. وهذا ما يُعطي الحكومة كامل الثقة لتردّ على اتهامات الأمم المتحدة لها بإنتهاك حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بشكلٍ ممنهج وتدّعي بأنها رائدة عالمية في المجال الحقوقي.

والناس يُصدقون هذا الهراء. "الأمم المتحدة هي مجرد عصابة لعينة لتطبيق القانون"، تقول الصّرخة، "الأفضل لها أن تدعنا وشأننا وتبحث في شؤون روسيا أو الصّين أو إيران أو ما شابه".

كل هذه العوامل وسواها تتضافر مع بعضها البعض لتُروّج لحقيقةٍ مشوّهة مفادها أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة غير مهمّين وغير جديرين بالاهتمام.

الرّسالة وصلت وفُهمت؛ وبوب المتعصّب ماضٍ في سبيله ليُنفّس عن غضبه أينما يراه مناسباً.

"اهدأ يا عزيزي. لقد قالت أليكسا للمرأة صاحبة الكلب المرشد في آخر الطريق، إنّ الطقس ملائم للخروج في نزهة. فلمَ لا تذهب إلى هناك وتعترض سبيلها؟!"

أظنّ أنّ هذه الطريقة ستُشعره بحالٍ أفضل قليلاً. وإن لم يستطع اللحاق بها، فسوف يجد حتماً شخصاً آخر يتحامل عليه في هذا اليوم الجميل، يوم ضرب الكسيح والذي من الواضح أنّه كل يوم.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء