ملخص
تبقى الانتخابات البلدية الحد الأقصى الذي يمكن لممداني الوصول إليه في طموحاته السياسية، إذ لا يمكنه الترشح للرئاسة لأنه لم يولد في الولايات المتحدة.
يعطي الصعود المفاجئ لزهران ممداني، اليساري الأوفر حظاً للفوز ببلدية نيويورك في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، مؤشرات للديمقراطيين حول كيفية الفوز مجدداً بتأييد ناخبيهم التقليديين، لكن الخبراء يرون أن العوامل التي تقف خلف نجاحه يصعب تكرارها على صعيد البلاد ككل.
ويبدي 63 في المئة من الناخبين رأياً سلبياً في الديمقراطيين، وهي أدنى نسبة تأييد للحزب منذ أكثر من 30 عاماً، وفق استطلاع للرأي نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نتائجه في يوليو (تموز).
ويرى جون كاين، الأستاذ في قسم السياسة في جامعة نيويورك الذي قابلته وكالة "الصحافة الفرنسية"، أن التحدي بالنسبة لهم يكمن في معاودة التواصل مع شرائح من قاعدتهم الانتخابية التقليدية، لا سيما "الأسر المتدنية الدخل" و"الشباب".
والواقع أن ممداني الذي يصف نفسه بأنه ديمقراطي اشتراكي، وضع برنامجه تحديداً ليتوجه به إلى أفراد الطبقة العاملة والشباب الذين يعانون بشكل متزايد من غلاء المعيشة في المدينة، فأدرج بين نقاطه الرئيسة وضع ضوابط صارمة للإيجارات وصولاً إلى تجميدها، وتوفير خدمة حافلات وحضانات مجانية.
كما أن معارضته الشديدة للرئيس دونالد ترمب تمثل برأي جون كاين "نقطة جذب رمزية هائلة" للناشطين الديمقراطيين الذين "يشعرون حالياً بأنهم عاجزون بصورة شبه كاملة".
ويتقدم ممداني بأكثر من 10 نقاط على منافسه الرئيس أندرو كومو (67 سنة)، الحاكم السابق لولاية نيويورك وأحد قدامى الحزب الديمقراطي، غير أنه يخوض الانتخابات كمستقل بعدما خسر بصورة مفاجئة في الانتخابات التمهيدية أمام ممداني.
"اليسار لا يزال لديه إمكانيات"
قال دانيال شلوزمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكينز، إن "مسألة ممداني هي الدليل على أن اليسار الأميركي لا يزال لديه إمكانيات في عام 2025".
لكنه أشار في المقابل إلى أن نيويورك، أكبر مدن الولايات المتحدة، وهي مدينة ديمقراطية الانتماء تاريخياً وذات تنوع سكاني كبير، "غير نموذجية إطلاقاً" بالنسبة إلى البلد ككل، مضيفاً أن "الفوز في الانتخابات الضرورية للسيطرة على مجلس النواب العام المقبل ومجلس الشيوخ والرئاسة عام 2028، مسألة مختلفة تماماً بالنسبة للديمقراطيين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح الخبير أن ممداني "شخصية جذابة"، وهو "أدرك أن مسألة القدرة على تحمل تكاليف العيش في نيويورك أساسية"، مشيراً في المقابل إلى أن "الناخبين الوطنيين غير جاهزين على ما يبدو لسياساته".
وتابع أن "على الديمقراطيين أن يعالجوا مسألة القدرة على تحمل كلفة المعيشة من زاوية مختلفة تماماً عنه لاجتذاب الناخبين حتى في معظم الولايات الديمقراطية، ناهيك عن الولايات المتأرجحة" التي قد تصب لمصلحة أي من الحزبين في الانتخابات.
ولفت كاين إلى أنه خارج المدن الكبرى التي اعتاد سكانها الاختلاط بأشخاص من أصول وجنسيات مختلفة، فإن ممداني قد لا يفوز بتأييد الناخبين، وهو مسلم ابن عائلة من الشتات الهندي ولد في أوغندا وحصل على الجنسية الأميركية عام 2018، وله مواقف سابقة ضد الشرطة التي نعتها بأنها "عنصرية".
"رسالة جيدة، مرسال سيئ"
كما أن الجمهوريين قد يستخدمونه لأغراض سياسية لانتقاد سياسات الديمقراطيين، على غرار ما فعله ترمب حين نعته بـ"الشيوعي الصغير" واتهمه بأنه يعتزم "هدر أموال دافعي الضرائب".
ولخص الأستاذ الجامعي بالقول، إن "العديدين داخل الحزب الديمقراطي قد يرون أن ممداني يطرح مثال رسالة جيدة ينقلها مرسال سيئ".
وتأكيداً على هذه المخاوف، امتنع معظم المعتدلين في الحزب الديمقراطي، مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وهو نفسه من نيويورك، عن الدعوة لانتخاب ممداني.
وقال كاين، إن "بعض الديمقراطيين المعتدلين قد يبتعدون عن ممداني بسبب مواقفه السياسية، والبعض الآخر لأنهم لا يعدونه ببساطة مرشحاً يمكنه الفوز على المستوى الوطني".
والواقع أن الخبراء يتفقون على أن نيويورك الشديدة الاختلاف عن باقي الولايات المتحدة، ليست المنصة المناسبة لإطلاق ديمقراطي على الساحة الوطنية.
وفي مطلق الأحوال، تبقى الانتخابات البلدية الحد الأقصى الذي يمكن لممداني الوصول إليه في طموحاته السياسية، إذ لا يمكنه الترشح للرئاسة لأنه لم يولد في الولايات المتحدة.