Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

4 أشهر بين ألاسكا وبودابست

بوتين يشيد بتحقيق ترمب السلام في الشرق الأوسط وينتظر منه الأمر ذاته في أوكرانيا

يعرف الرئيس الأميركي أن السلام في أوكرانيا يصطدم بشروط روسية قاسية تبدأ بضم الشرق الأوكراني ولا تنتهي بتغيير نظام زيلينسكي (أ ف ب)

ملخص

اليوم وبعد الاختراق الأساس في غزة وعودة روسيا للحديث عن تنفيذ اتفاقات عقدت في ألاسكا، يمكننا توقع تقدم جديد في تهدئة التوترات الغربية الروسية عبر تسوية في أوكرانيا، ودفئاً مطرداً في العلاقة بين موسكو وواشنطن، ما يمكن أن ينعكس إيجاباً على مصائر شعوب وبلدان، في المقدمة منها فلسطين وبلدان عربية أخرى.

سيذهب الرئيس الأميركي إلى بودابست خلال أسبوعين للقاء الرئيس الروسي وعينه على غزة ومآلات الاتفاق الذي رعاه بشأن إنهاء الحرب فيها وحولها.

ومع نظيره الروسي فلاديمير بوتين سيبحث الرئيس دونالد ترمب إمكان إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، على غرار وقف الحرب في غزة، مستنداً إلى "اتفاقات" أبرمها مع نظيره الروسي في قمة ألاسكا، لم تتضح تفاصيلها، أو أنها أحيطت بالكتمان، لكن موسكو سارعت إلى تأكيد حصولها إثر نجاح ترمب في فرض خطته بشأن وقف الحرب في القطاع الفلسطيني.

سارع ترمب، فور انتهائه من قمة شرم الشيخ، إلى الاتصال ببوتين. الاتصال الهاتفي هو الثامن منذ تولي الرئيس الأميركي منصبه في ولايته الثانية، وهو الأطول، إذ استغرق ساعتين ونصف الساعة، وفيه أبلغ ترمب بوتين، كما أبلغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل منفصل، أن "الحرب طال أمدها أكثر مما ينبغي... وأن بلاده تشعر بالإرهاق الشديد بنتيجتها". وقال ترمب بثقة لمحدثه الروسي إن "هناك فجراً جديداً للسلام في الشرق الأوسط ونأمل في أن يتحقق ذلك بين روسيا وأوكرانيا".

يربط ترمب خططه للسلام بعضها ببعض ضمن جدول أولويات يمكن إخضاعه للتعديل، لدى تسلمه مسؤولياته كان متحمساً للبدء في حل النزاع الأوكراني، لكن حسابات الصراع الروسية والأوكرانية والأوروبية وحتى الأميركية جعلته يتريث ويصب جهوده في غزة وأماكن أخرى. في غزة نجح في فرض خطة النقاط الـ20، بدعم من شركاء في مصر وتركيا وقطر ورعاية أوروبية ودولية وموافقة عربية أساسية، تربط خطوة غزة بأفق أشمل يتضمن الوصول إلى ترسيخ السلام عبر إقرار الحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني.

يعرف ترمب أن شرط السلام النهائي بين إسرائيل وجيرانها مرتبط بإقرار قيام الدولة الفلسطينية التي ترفضها إسرائيل معارضة وموالاة، مدعومة من الولايات المتحدة، وهو يعرف أيضاً أن السلام في أوكرانيا يصطدم بتمسك زيلينسكي باستعادة كل الأراضي الأوكرانية التي يحتلها الروس وتقارب مساحتها ربع مساحة البلاد، ويصطدم في المقابل بشروط روسية قاسية تبدأ بضم الشرق الأوكراني ولا تنتهي بتغيير نظام زيلينسكي، "النازي" في التعبير الروسي، وحل جيشه والتعهد بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي في المستقبل.

كانت محاولات التفاوض الروسي - الأوكراني تجمدت عند حال الاستعصاء هذه، ولم يتم إحياء البحث فيها إلا بعد عودة ترمب للانتظام في تسليح أوكرانيا وتلويحه أخيراً بتزويدها بصواريخ "توماهوك".

ضمن هذه الشروط الجديدة، وبعد استعراض ترمب المثير في الشرق الأوسط، تغيرت اللهجة والنظرة في موسكو إلى طبيعة نهج ترمب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانوا يعتقدون في موسكو أنه لن يكمل ما بدأه الرئيس جو بايدن من دعم مطلق لأوكرانيا، وراهنوا على خلافات أوروبية - أميركية في شأن التعامل مع روسيا، لكن سرعان ما أعيد ترتيب البيت الأطلسي بقيادة أميركية، ولاقت أوروبا الرئيس الأميركي في جهده الشرق أوسطي، فدعمت خطته بشأن غزة التي سارع بوتين إلى الإشادة بها أيضاً، وباتت هذه الخطة نموذجاً يحتذى حتى في أوكرانيا. وها هو كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني يقترح صياغة اتفاق بشأن الصراع الروسي - الأوكراني "على غرار خطة غزة"، ويبدأ اتصالات حولها مع الأميركيين وأعضاء حلف الأطلسي والرئيس الأوكراني وغيرهم.

قال البيت الأبيض في بيانه عن الاتصال بين ترمب وبوتين إن الأخير هنأ الرئيس الأميركي على "تحقيق السلام في الشرق الأوسط". تعبير كبير قد لا يتلاءم مع ما تحقق فعلياً حتى الآن، لكنه في الحسابات الروسية ينسجم تماماً مع الجدية التي تقيمها روسيا للسياسة الأميركية بقيادة رئيس يقود العالم ويغير صورته وهو لم يكمل بعد عامه الأول في منصبه. ففي عام واحد تغير وجه الشرق الأوسط تماماً: ضربت إيران مباشرة وبترت أذرعها، وهي التي كانت تخطط لطرد الأميركيين من غرب آسيا، ثم ضبطت إسرائيل وطموحات قادتها التوراتية... وأطيح النظام السوري حليف إيران وروسيا الأول، ليحل محله نظام جديد يتمتع برعاية أميركية وعربية شاملة، وبدعم أميركي وعربي يذهب رئيسه، الرئيس أحمد الشرع إلى موسكو، فيستقبل على أعلى المستويات ويطرح على بوتين "إعادة ضبط العلاقة المعقدة" مع روسيا، فيوافقه الرأي ويتفق الطرفان على صيغة تستند إلى تاريخية هذه العلاقات وضرورة تطويرها وتثبيتها.

صورة الشرع في موسكو هي أحد عناوين سلام الشرق الأوسط الذي أشاد به بوتين وحققه ترمب، وإليها تضاف صورة التطورات في لبنان والعراق وصولاً إلى ما يفترض أن تؤدي إليه خطط السلام النهائي، التي يطمح ترمب إلى تحقيقها وتسعى المجموعة العربية بدعم دولي واسع إلى فرضها.

بين قمة ألاسكا وقمة بودابست المرتقبة أربعة أشهر كانت كافية لتثبيت حضور الترمبية في كثير من الأزمات، وقدرته على إحداث اختراقات جدية فيها. واليوم وبعد الاختراق الأساس في غزة وعودة روسيا للحديث عن تنفيذ اتفاقات عقدت في ألاسكا، يمكننا توقع تقدم جديد في تهدئة التوترات الغربية الروسية عبر تسوية في أوكرانيا، ودفئاً مطرداً في العلاقة بين موسكو وواشنطن، ما يمكن أن ينعكس إيجاباً على مصائر شعوب وبلدان، في المقدمة منها فلسطين وبلدان عربية أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء