ملخص
امتلأت ساحة "تايمز سكوير" في مدينة نيويورك بالمتظاهرين، حيث قالت الشرطة إنها "لم تسجل أي اعتقالات مرتبطة بالاحتجاجات" حتى مع تظاهر أكثر من 100 ألف شخص في تظاهرات سلمية امتدت إلى جميع الأحياء الخمس.
تجمعت حشود من جميع الفئات العمرية في الولايات المتحدة أمس السبت للمشاركة في مسيرة تحت شعار "لا ملوك" للاحتجاج على سياسات الرئيس دونالد ترمب التي يصفونها بأنها استبدادية وكذلك إجراءاته المناهضة للديمقراطية.
وتوقع المنظمون أن يشارك الملايين بنهاية اليوم في أكثر من 2600 مسيرة في المدن الكبرى والبلدات الصغيرة والضواحي، معترضين على سياسات ترمب التي غيرت شكل الحكومة وقلبت المعايير الديمقراطية رأساً على عقب بوتيرة غير مسبوقة منذ توليه المنصب في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وشهدت التظاهرات طابعاً احتفالياً إلى حد كبير، إذ تضمنت التظاهرات دمى قابلة للنفخ ومتظاهرين يرتدون أزياء تنكرية، وشارك في الحشود محتجون من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية من بينها آباء يدفعون أطفالهم في عربات إلى جانب متقاعدين وأشخاص يجرون حيواناتهم الأليفة، ولم ترد أي بلاغات عن حالات فوضى.
وقالت ليا رينبرج، المؤسسة الشريكة لمنظمة إنديفايزابل، وهي منظمة تقدمية تعد المنظم الرئيس لهذه المسيرات "أكثر شيء يدل على الهوية الأميركية هو قول (ليس لدينا ملوك) وممارسة حقنا في الاحتجاج السلمي".
وامتلأت ساحة "تايمز سكوير" في مدينة نيويورك بالمتظاهرين، إذ قالت الشرطة إنها "لم تسجل أي اعتقالات مرتبطة بالاحتجاجات" حتى مع تظاهر أكثر من 100 ألف شخص في تظاهرات سلمية امتدت إلى جميع الأحياء الخمس.
ووفق المنظمين، خرج نحو 7 ملايين أميركي في أكثر من 2700 تظاهرة تحت شعار "لا ملوك"، وهو التحالف الذي نظم في يونيو (حزيران) الماضي تحركاً مماثلاً قال إنه جمع 5 ملايين متظاهر.
وعلى رغم صعوبة التحقق من الأرقام بدا واضحاً أن الغضب الشعبي يتسع، وأن مشهد الشوارع الأميركية لم يعد كما كان قبل أشهر قليلة.
يجب أن يتوقف ذلك
اختارت ديبورا ميلر، وهي في الثلاثينيات، ارتداء زي سمكة قرش، تقول إن "هذه الحكومة مثيرة للسخرية، لذا قررت أن أبدو مثيرة للسخرية اليوم".
ورفضت أن تصور على أنها "يسارية" أو من "أنتيفا" (التيار المناهض للفاشية)، وهما من الأوصاف التي يطلقها أحياناً معسكر "ماغا" (في إشارة إلى شعار ترمب "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً") على المعارضة، وأضافت "أتمنى أن تستعيد أميركا عظمتها الحقيقية، أي أن تعود أرضاً ترحب بكل من يؤمن بأحلامه ويريد بناء حياة طبيعية، ذلك هو جوهر هذا البلد".
في مكان قريب تابعت امرأتان من أصول أفريقية، هما إيريكا وكارول قدمتا من الغرب الأوسط للسياحة في نيويورك، مرور المسيرة.
تقول إحداهما "جئنا صدفة لكننا نتفق مع الرسالة"، وتضيف الأخرى أن "دونالد ترمب يفاقم الانقسامات في بلدنا، خصوصاً بين المجموعات المختلفة، يجب أن يتوقف ذلك"، وكلتاهما فضلت عدم ذكر اسمها الكامل.
ركزت الشعارات والخطابات خلال التظاهرة انتقاداتها أيضاً على شرطة الهجرة الأميركية.
ويقول كريستيانو (24 سنة)، وهو من عائلة مهاجرة، "باعتباري أتحدر من أسرة من المهاجرين، يثير غضبي أن أرى أشخاصاً يعتقلون في الشوارع على أيدي شرطة مقنعة"، رافضاً بدوره الكشف عن اسمه الكامل.
وعلى رغم تنوع أعمار المشاركين في المسيرة فإن كبار السن شكلوا الغالبية، مع قلة من الشباب مثل إيمانويل (16 سنة) الذي جاء من بروكلين مع والدته وثلاثة من أصدقائه.
يقول عن ترمب "لا أستطيع دعم رجل يفتقر إلى التعاطف مع الناس، ومع كل من لا يشبهه".
ويضيف "لدي أصدقاء كثر يفكرون مثلي، لكنهم لا يشاركون في التظاهرات كثيراً، ربما تكون هذه اللامبالاة واحدة من كبرى مشكلاتنا اليوم".
وعكست الاحتجاجات تنامي القلق، إذ عبر كثير من الأميركيين، لا سيما من أصحاب التوجهات اليسارية، عن استيائهم من التطورات السياسية في البلاد، من بينها الملاحقة الجنائية لخصوم ترمب السياسيين وحملته العسكرية الصارمة على الهجرة وإرسال قوات الحرس الوطني إلى المدن، وهي خطوة قال ترمب إنها تهدف إلى مكافحة الجريمة وحماية موظفي الهجرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي وقت سعت فيه إدارته إلى تنفيذ سياساتها بسرعة، عين ترمب موالين عديمي الخبرة في صفوف إدارته، وسعى إلى الضغط على وسائل الإعلام وشركات المحاماة والجامعات.
وفي واشنطن العاصمة اكتظت الشوارع بالمتظاهرين وتوجهوا نحو مبنى الكونغرس الأميركي، مرددين الهتافات وحاملين اللافتات والأعلام الأميركية والبالونات في أجواء كرنفالية سلمية.
وشاركت في الاحتجاج أليستون إليوت وهي ترتدي غطاء رأس على شكل تمثال الحرية وتحمل لافتة مكتوباً عليها "لا للطغاة الطامحين"، وقالت "نريد إظهار دعمنا للديمقراطية وللنضال من أجل الحق، أنا ضد تجاوز السلطة".
وانضم كيفن برايس (70 سنة)، وهو محارب قديم في صفوف الجيش، إلى آلاف المتظاهرين الذين احتشدوا على ضفاف نهر بورتلاند في ولاية أوريجون، مرتدياً سترة سوداء تحمل شعار "لا ملوك منذ عام 1776" في إشارة إلى إعلان الاستقلال، وأضاف "يبدو أن كل ما دافعت عنه أثناء خدمتي العسكرية بات في خطر، وعلى رغم أنني جمهوري منذ الصغر، فلا أؤيد التوجه الذي يسير فيه الحزب".
وعبر ستيف كلوب (74 سنة) والمتقاعد من العمل في قطاع النفط في هيوستن، عن مشاعر مماثلة، مرتدياً قميصاً كتب عليه "جمهوري سابق"، وقال "كثيراً ما كنت جمهورياً وعائلتي كذلك منذ زمن بعيد، فكرة أن شخصاً واحداً استطاع أن يبعدني عن الحزب الجمهوري فكرة جنونية".
بالدموع
وقفت كيلي كينسيلا (38 سنة) بين آلاف الأشخاص خارج مبنى ولاية كولورادو في دنفر، مرتدية زي تمثال الحرية ودموعها تنهمر.
وقالت في إشارة إلى أن التضخم دفعها إلى المشاركة "الجميع يأتي إلى العمل متوتراً وهذا بسبب الظروف الحالية"، محملة سياسات ترمب الجمركية المسؤولية.
ولم يقل ترمب كثيراً عن احتجاجات أمس السبت، لكنه ذكر في مقابلة مع قناة "فوكس بيزنس" بثت أول من أمس الجمعة "يصفونني بالملك، أنا لست ملكاً".
وردد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الجمهوري، الجمعة شعاراً شائعاً بين أعضاء حزبه، واصفاً احتجاجات "لا للملوك" بأنها "مسيرة كراهية أميركا".
واتهم جمهوريون آخرون منظمي الاحتجاجات بتأجيج أجواء ربما تحفز العنف السياسي، لا سيما في أعقاب اغتيال الناشط اليميني وحليف ترمب تشارلي كيرك في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ولم يتطرق نائب الرئيس جي دي فانس، في حديثه أمس السبت أمام تجمع لمشاة البحرية في معسكر بندلتون بجنوب كاليفورنيا، إلى الاحتجاجات، لكنه انتقد الديمقراطيين بسبب الإغلاق الحكومي الذي بدأ مطلع هذا الشهر.
وتوقعت الأستاذة في إحدى جامعات واشنطن ومؤلفة كثير من الكتب عن النشاط السياسي، دانا فيشر، أن يشهد السبت واحداً من كبرى تظاهرات الاحتجاج في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، بمشاركة أكثر من 3 ملايين شخص استناداً إلى عدد المسجلين والمشاركين في فعاليات يونيو (حزيران) الماضي، وأظهر تحليل جماهيري نشره صحافي البيانات الكبير جي. إليوت موريس أن عدد المشاركين في تظاهرات الـ14 من يونيو بلغ نحو 4 إلى 6 ملايين شخص.