Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سباق الذكاء الاصطناعي مع البشري... ماراثون لن يحسم قريبا

التنافس ليس قاصراً على استبدال الوظائف والمهام بل هناك مخاوف أن تطاول البرمجة جسم الإنسان

يعد فهم العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والعقل البشري أمراً بالغ الأهمية (أ ف ب)

ملخص

توقع الملياردير الأميركي إيلون ماسك أن تتفوق الآلات علينا ذكاء بحلول العام الحالي أو العام المقبل، وأشار داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة "أنثروبيك"، إلى أننا سنصل إلى ذلك في 2026 أو 2027، فيما توقع شين ليج، المؤسس المشارك لشركة "ديب مايند" التابعة لـ"غوغل"، أن يحدث ذلك في 2028، بينما حدد جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة "نيفيديا" بأن يحدث ذلك في 2029.

مع التطور السريع للتكنولوجيا، من الطبيعي أن نتساءل عن كيف سيكون المستقبل؟ وتتمحور الأسئلة البارزة التي تطرح عالمياً اليوم حول قدرة الذكاء الاصطناعي على التفوق في نهاية المطاف على الذكاء البشري، وإن كنا نتجه بسرعة فعلاً نحو عالم تسيطر فيه الآلات على كل شيء.

يعد فهم العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والعقل البشري أمراً بالغ الأهمية في عالمنا التكنولوجي سريع الخطى اليوم. ومع اندماج قدرات الذكاء الاصطناعي مع قدراتنا، فإنها تعيد تشكيل المجتمع في جوانب مختلفة، مثل العمل والحياة الشخصية والأخلاق، وبالتالي فإن فهم هذا المشهد المتشابك هو مفتاح تشكيل مستقبلنا بحكمة.

ما الفرق بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري؟

الذكاء الاصطناعي هو محاكاة عمليات الذكاء البشري بواسطة الآلات، وخصوصاً أنظمة الحاسوب، يتضمن هذا الأمر تطوير خوارزميات تمكّن الآلات من أداء مهام تتطلب عادةً ذكاءً بشرياً، مثل حل المشكلات والتعلم والإدراك واتخاذ القرارات.

من بين فروع الذكاء الاصطناعي التعلم الآلي الذي يمكّن أجهزة الحاسوب من التعلم من البيانات واتخاذ التنبؤات أو اتخاذ القرارات من دون الحاجة إلى برمجة صريحة، والتعلم العميق الذي يستخدم الشبكات العصبية متعددة الطبقات لتعلم مهام مثل التعرف إلى الصور والكلام، ومعالجة اللغة الطبيعية التي تركز على تمكين أجهزة الحاسوب من فهم اللغة البشرية وتوليدها، مما يسهل مهاماً مثل ترجمة اللغات وتحليل المشاعر.

وعلى الضفة المقابلة يمتلك الذكاء البشري مجموعة واسعة من القدرات المعرفية التي تمكّن الأفراد من الإدراك والفهم والاستدلال وحل المشكلات، وتشمل التعقل أي القدرة على التفكير المنطقي، والاستنتاج، واستخلاص النتائج بناءً على المعلومات المتاحة، والإدراك وهو عملية تفسير المعلومات الحسية من البيئة، بما في ذلك البصر والسمع واللمس والتذوق والشم.

ويشمل الذكاء البشري الإبداع وهو عبارة عن القدرة على توليد أفكار وحلول وتعبيرات فنية جديدة من خلال الخيال، والقدرة على إدراك مشاعر الفرد وفهمها وإدارتها، إضافة إلى إدراك مشاعر الآخرين والتعاطف معها، والذكاء الاجتماعي أي مهارة إدارة التفاعلات الاجتماعية، وفهم الإشارات الاجتماعية، وتكييف السلوك وفقاً لذلك.

ما الذي يميز الذكاء البشري عن الذكاء الاصطناعي؟

إن ما يميزنا كبشر هو بلا شك قدرتنا على الإبداع والتعاطف والذكاء العاطفي، فعلى عكس الذكاء الاصطناعي الذي يتبع قواعد وخوارزميات محددة، يمتلك البشر القدرة الفطرية على التفكير النقدي والتكيف مع المواقف الجديدة والتعبير عن المشاعر المعقدة.

ولا يقتصر الذكاء البشري على تحليل الأرقام أو حل الألغاز، بل يتعلق بالتجربة الإنسانية، فالتواصل مع الآخرين وفهم وجهات نظرهم والتعاون لتحقيق أهداف مشتركة هي كلها مهارات، وسواءً من خلال الفن أو الموسيقى أو الأدب أو الاكتشافات العلمية، يواصل العقل البشري تشكيل العالم بطرق عميقة وذات معنى.

الأدوار التكاملية للذكاء الاصطناعي والذكاء البشري

يؤكد عدد كبير من العلماء باستمرار على أنه يجب عدم النظر إلى الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري كقوتين متنافستين، إنما من الأفضل النظر إليهما كقوتين متكاملتين، فبينما يتفوق الذكاء الاصطناعي في المهام التي تتطلب السرعة والدقة وتحليل البيانات، يضفي الذكاء البشري الإبداع والحدس والحكم الأخلاقي، وبنظرهم من خلال تسخير نقاط قوة الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري، يمكننا فتح آفاق جديدة للابتكار والتقدم.

على سبيل المثال، في مجال الطب تحديداً، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الأطباء في تشخيص الأمراض ووضع خطط علاجية مخصصة بناءً على التركيب الجيني والتاريخ الطبي للمريض، ومع ذلك، يبقى الأطباء البشريون لا غنى عنهم عندما يتعلق الأمر بتقديم رعاية متعاطفة وفهم الحاجات العاطفية للمرضى وعائلاتهم.

هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على ذكائنا كبشر؟

في عام 1950، كتب العالم البريطاني آلان تورينغ الذي يعتبره كثر مؤسس مجال الذكاء الاصطناعي ما يعتبر عموماً أول ورقة بحثية علمية عن الذكاء الاصطناعي، وذكر ما حرفيته "بمجرد أن تتمكن الآلات من التعلم من التجربة مثل البشر، فلن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتتفوق على قدراتنا الضعيفة، لذا، في مرحلة ما، يجب أن نتوقع من الآلات أن تتولى زمام الأمور".

وتنبأ إيرفينغ جود، عالم الرياضيات الذي عمل جنباً إلى جنب مع تورينغ خلال الحرب العالمية الثانية، بذلك أيضاً، وأطلق عليه اسم "الانفجار الذكي"، وهي النقطة التي تصبح فيها الآلات ذكية بما يكفي للبدء في تحسين نفسها.

وخرج جيف هينتون الذي يطلق عليه غالباً "عراب الذكاء الاصطناعي" والحائز على جائزة نوبل في الفيزياء، العام الماضي بتصريح صادم توقع فيه أن يتجاوز الذكاء الاصطناعي قدراتنا العقلية بأشواط، مضيفاً أن هناك احتمالاً يراوح بين 10 و20 في المئة بأن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى انقراض البشرية خلال الـ 30 عاماً المقبلة.

متى سيحدث ذلك؟

لا يزال من غير المؤكد متى قد يتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري، ولكن بالنظر إلى التقدم الأخير في نماذج اللغات الكبيرة مثل "تشات جي بي تي"، فيخشى كثر أن يكون ذلك قريباً جداً.

أكثر ما يدهش في تطور الذكاء الاصطناعي اليوم هو سرعة التغيير ونطاقه، إذ تستثمر ما يقارب من مليار دولار في الذكاء الاصطناعي يومياً من قبل شركات مثل "غوغل" و"مايكروسوفت" و"ميتا" و"أمازون"، وهذا يمثل نحو ربع إجمالي موازنة البحث والتطوير في العالم، ونتيجةً لذلك، فإن التوقعات التي وضعها كثر لموعد تطابق الآلات مع الذكاء البشري، من ثم تجاوزه بعد فترة وجيزة، تتقلص بسرعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من هنا توقع الملياردير الأميركي إيلون ماسك أن تتفوق الآلات علينا ذكاء بحلول العام الحالي أو العام المقبل، وأشار داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة "أنثروبيك"، إلى أننا سنصل إلى ذلك في 2026 أو 2027، فيما توقع شين ليج، المؤسس المشارك لشركة "ديب مايند" التابعة لـ"غوغل"، أن يحدث ذلك في 2028، بينما حدد جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة "نيفيديا" بأن يحدث ذلك في 2029.

السيناريوهات المتوقعة

بمجرد أن تضاهي الحواسيب ذكاءنا، سيكون من الغرور الاعتقاد بأنها لن تتفوق عليه، ففي النهاية لطالما صمم البشر أنظمة لتكون أفضل من الطبيعة، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الطائرات التي تطير لمسافات أبعد وأعلى وأسرع من الطيور، والحواسيب التي تتمتع بذاكرة هائلة تفوق ذاكرة الإنسان، وفي مجالات محدودة، مثل لعب الشطرنج، أو قراءة الأشعة السينية، أو طي البروتينات، تتفوق بالفعل على البشر.

وغالباً ما يجادل أولئك الذين يخشون الذكاء الاصطناعي الفائق بأننا لا نستطيع أن نعرف بدقة كيف يهدد وجودنا، ويتوقع بعضهم أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحديد نقاط الضعف في البنية التحتية الحيوية، مثل شبكات الكهرباء أو الأنظمة المالية، بصورة مستقلة، ومهاجمة نقاط الضعف هذه، مدمراً النسيج الذي يبقي المجتمع متماسكاً.

ويتوقع البعض الآخر تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي مسببات أمراض جديدة شديدة الفتك تنتقل لدرجة الجائحة التي تقضي على البشر، وهناك سيناريوهات أخرى أكثر غرابة، إذ اقترح خبير الذكاء الاصطناعي الأميركي إليعازر يودكوفسكي، أحد هذه السيناريوهات، ويتضمن إنشاء آلات نانوية ذاتية التكاثر بواسطة الذكاء الاصطناعي، تتسلل إلى مجرى الدم البشري، تتكون هذه البكتيريا المجهرية من هياكل شبيهة بالماس، ويمكنها التكاثر باستخدام الطاقة الشمسية والانتشار عبر التيارات الجوية.

ويتخيل يودكوفسكي أنها ستدخل أجسام البشر من دون أن تُكتشف، وعند استقبالها إشارة متزامنة، تطلق سموماً قاتلة، مما يتسبب في موت كل مضيف.

انطلاقاً من ذلك سنحتاج إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي، كما نظمنا السيارات والهواتف المحمولة والشركات فائقة الذكاء، وينظم قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي، الذي دخل حيز التنفيذ مطلع هذا العام، الاستخدامات عالية الأخطار للذكاء الاصطناعي في مجالات مثل التعرف إلى الوجه، وتقييم الائتمان الاجتماعي، والإعلانات الخفية.

ومن المرجح أن ينتشر قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي انتشاراً واسعاً، تماماً كما حذت دول عدة حذو الاتحاد الأوروبي في مجال الخصوصية من خلال إصدار اللائحة العامة لحماية البيانات.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات