ملخص
تراجعت حصة أسهم الأسواق الناشئة إلى نحو 5 في المئة فقط من إجمال الأصول المدارة في صناديق الأسهم العالمية، مقارنة مع 8 في المئة عام 2017.
فيما تتزايد الأخطار التي تحاصر أسواق الأسهم العالمية مع تفاقم حال عدم اليقين الاقتصادي واستمرار أزمة الإغلاق الأميركي، يتجه المستثمرون إلى شراء الأصول في مختلف أنحاء العالم النامي في ظل تراجع قيمة الدولار وتقييمات الصفقات التي تغذي أكبر موجة صعود في أسهم الأسواق الناشئة منذ أكثر من 15 عاماً.
وارتفع مؤشر "إم أس سي آي" القياسي للأسهم في الأسواق الناشئة بـ 28 في المئة حتى الآن هذا العام، وهي أكبر مكاسبه خلال الفترة نفسها منذ عام 2009، في حين ارتفع مؤشر "جي بي مورغان تشيس" للسندات الحكومية التي تبيعها البلدان النامية بعملاتها المحلية بـ 16 في المئة.
وتحول المستثمرون نحو الأسواق الناشئة رغبة في تنويع محافظهم بعيداً من الأصول المقومة بالدولار، وسط تزايد القلق من سياسات الولايات المتحدة المتقلبة، وفي مذكرة بحثية حديثة قال مدير الاستثمار في شركة "برينسيبال فينيستير" داميان بوشيه، إنه "فجأة عادت سندات الأسواق الناشئة بالعملات المحلية للواجهة من جديد"، مضيفاً "يعود المستثمرون تدريجاً إلى أسواق كانت في السابق في دائرة التجاهل، إما بسبب تقييماتها المتدنية أو لعوائدها الجذابة المعدلة بحسب التضخم، وحافظت أصول الأسواق الناشئة على مكاسبها على رغم الضربات الإسرائيلية والأميركية لإيران والتي تسببت في ارتفاع أسعار النفط من دون تأثيرات واسعة على الأسواق المالية".
وبحسب محللي "جي بي مورغان" فإن حصة أسهم الأسواق الناشئة تراجعت إلى نحو خمسة في المئة وحسب من إجمال الأصول المدارة في صناديق الأسهم العالمية، مقارنة بنحو ثمانية في المئة عام 2017.
مؤشر الأسواق المتقدمة يرتفع 17 في المئة
وتجاوز الارتفاع في أسهم الأسواق الناشئة المكاسب في الاقتصادات المتقدمة بكثير، إذ ارتفع مؤشر "إم أس سي آي" لأسهم الأسواق المتقدمة بأقل من 17 في المئة حتى الآن هذا العام، ويمثل هذا تحولاً ملاحظاً عن العقد ونصف العقد الماضيين بعدما سجلت أسهم الأسواق الناشئة أداء أضعف بكثير من أحد أعظم موجات الصعود الأميركية في التاريخ ما بين عامي 2010 و2024، بعد أن حقق مؤشر "إم أس سي آي" مكاسب أقل من تسعة في المئة خلال تلك الفترة بأكملها بعد انهيار موجة صعود ما بعد عام 2001 إلى دورات من الازدهار والكساد.
من جهته يرى كبير مديري المحافظ الاستثمارية في شركة "فييرا كابيتال" إيان سيمونز أنه بعد 15 عاماً من الأداء المتواضع للغاية، بدأت الأمور تتحسن أخيراً والمتغير الأهم هو الدولار، مضيفاً "سواء كان ذلك عن قصد أو عن غير قصد، فيبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد تسبب في ضعف الدولار"، وعادة ما يحسن ضعف الدولار الأوضاع المالية في الدول النامية بخفضه كلفة خدمة الديون المقومة به، وأسهم تحول الفيدرالي الأميركي نحو خفض أسعار الفائدة الأميركية في دعم المراهنات الممولة بالدولار على السندات بالعملة المحلية، والتي تتميز بعوائد مرتفعة نسبياً عند تعديلها وفقاً للتضخم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال كبير مسؤولي الاستثمار في "برينسيبال فينيستيري" داميان بوتشيت إن نحو نصف العائد هذا العام في مؤشر السندات المحلية لبنك "جيه بي مورغان" يعود لتحركات أسعار الصرف، مضيفاً أن "البنوك المركزية في وضع تخفيف، والدولار لا يزال في اتجاه ضعف".
وقد ظلت العائدات الحقيقية مرتفعة لأن البنوك المركزية في الأسواق الناشئة الأكبر مثل البرازيل وجنوب أفريقيا كانت حذرة في شأن خفض أسعار الفائدة هذا العام، في حين أبقت الدول الأكثر فقراً أو تلك التي تعاني اختلال موازين المدفوعات، مثل تركيا، أسعار الفائدة عند رقم مزدوج لجذب رأس المال.
وحتى في الاقتصادات الآسيوية مثل تايلاند وماليزيا، حيث أسعار الفائدة منخفضة، فإن انخفاض التضخم جعل السندات المحلية جذابة نسبياً للمستثمرين المحليين.
ومنذ عام 2016 وعلى رغم أزمة ديون أخرى تلوح في الأفق في الأرجنتين التي كانت في السابق تجارة كلاسيكية في الأسواق الناشئة، ولكنها الآن أصبحت بعيدة من رادار معظم المستثمرين العالميين.
تحذيرات من الرهان على أسهم الذكاء الاصطناعي
وفي تقرير حديث قالت رئيسة أبحاث الائتمان في الأسواق الناشئة لدى "ستاندرد أند بورز غلوبال" للتصنيفات الائتمانية ذهبية غوبتا، إن "إصدار السندات الحكومية بالعملة المحلية في 17 سوقاً ناشئة كبيرة خارج الصين بلغ مستوى قياسياً عند 286 مليار دولار هذا العام، للاستفادة من طلب المستثمرين على العائدات المرتفعة".
ويعتمد المستثمرون في الأسهم أيضاً على الهوس العالمي بالرهانات على الذكاء الاصطناعي في الأسواق الناشئة التي تهيمن على إنتاج الرقائق، متحدين التحذيرات من أن الطلب على الذكاء الاصطناعي قد يفشل في نهاية المطاف في مواكبة طفرة الاستثمار.
وسجل مؤشر "كوسبي" الكوري ومؤشر "تايكس" التايواني مستويات قياسية مرتفعة في الأيام القليلة الماضية مع زيادة المستثمرين رهاناتهم على مصنعي الرقائق ومعدات الطاقة وغيرها من السلع الأساس لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، وقال أحد مديري الصناديق إن إحياء اهتمام المستثمرين بالأسواق الناشئة يعكس "نهاية استثنائية الولايات المتحدة، حيث تتصرف الولايات المتحدة مثل السوق الناشئة نفسها من خلال صنع السياسات غير المنتظمة والمتقلبة"، موضحاً أنه "عندما تكون كثير من الخصائص التقليدية للأسواق الناشئة قادمة من أكبر الأسواق المتقدمة، فإن الناس يتطلعون إلى أماكن أخرى".
وكان كثير من المكاسب التي حققتها أسهم الأسواق الناشئة هذا العام نتيجة إعادة التصنيف، أو التعزيزات التي طرأت على تقييمها مع زيادة نسبة سعرها إلى الأرباح المتوقعة للشركة،
وعلى هذا الأساس لا تزال أسعار أسهم هذه الشركات منخفضة مقارنة بالأسهم الأميركية، إذ يسعر مؤشر "إس أس سي آي" القياسي بنحو 14 ضعفاً لأرباحها المتوقعة للعام المقبل، مقارنة بنحو 23 ضعفاً لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500".
وفي تعليقها قالت مديرة المحافظ الاستثمارية في "ويليام بلير فيفيان لين ثورستون إن "ما حفز أداء الأسواق الناشئة حتى الآن هو إعادة التصنيف، فهناك فجوة كبيرة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية دول العالم، ولا تزال هذه الفجوة كبيرة لأن الأسهم الأميركية كانت باهظة الثمن لفترة طويلة".