ملخص
وصف رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان دانيال أومالي ما يجري في الفاشر بأنه كارثة إنسانية، مشيراً إلى أن أكثر من 260 ألف رجل وامرأة وطفل محاصرين في المدينة، يتناولون وجبة واحدة يومياً ويخاطرون بحياتهم لمجرد العثور على مياه حتى لو كانت غير صالحة للشرب.
أعلن الجيش السوداني تصديه أمس الإثنين لهجوم واسع شنته قوات "الدعم السريع" على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، من ثلاثة محاور، شمال، وجنوب، وشمال غربي، بعد معركة شرسة استمرت نحو ثماني ساعات دفعت فيها "الدعم السريع" بأرتال كبيرة من القوات الراجلة والمركبات القتالية المصفحة، بحسب الفرقة السادسة - مشاة للجيش بالمدينة. وأوضح بيان للفرقة أن "الدعم السريع" استبقت الهجوم بقصف عنيف بالمدفعية الثقيلة وأطلقت سرباً من الطائرات المسيرة الانتحارية والقتالية لاستهداف الأحياء السكنية ونقاط الارتكاز العسكرية في محاولة للتوغل إلى داخل المدينة، تحت غطاء المدفعي، غير أنه تم التصدي للهجوم وتدمير عدد كبير من المعدات. وأكد البيان أن قوات الجيش وحلفاءه كبدوا الجماعة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، شملت تدمير عدد من المركبات القتالية وهلاك وإصابة العشرات من عناصرها، كما تمت مطاردة الفارين حتى خارج أطراف المدينة. ونفى بيان لقيادة الفرقة ما وصفته بالادعاءات التي تروج لها "الدعم السريع" عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسيطرتها على مواقع عسكرية أو قتل بعض القادة من الفرقة، ووصفتها بأنها "مجرد مزاعم يائسة للتغطية على هزيمتها الثقيلة في المعركة".
وكانت "الدعم السريع" أعلنت عن تقدم كبير لمقاتليها داخل الفاشر، مشيرة إلى أن قواتها سيطرت على مقار الدفاع الجوي والسلاح الطبي التابعة للجيش وباتت على وشك اختراق أسوار مقر قيادة الفرقة بالفاشر. غير أن بياناً باسم المقاومة الشعبية بدارفور، أفاد بأن مجموعة القوات التي دخلت مقر قيادة سلاح الإشارة والمهندسين والسلاح الطبي، واحتفلت بتصوير ونشر بعض الفيديوهات تمت مداهمتها وإبادتها وتدمير آلياتها العسكرية، واستعادة السيطرة الكاملة على هذه المقار. وأشاد قائد الفرقة السادسة اللواء محمد أحمد الخضر بالأداء البطولي لقوات الجيش والمشتركة والقوات المساندة الأخرى، مؤكداً استقرار الأوضاع في المدينة وتقدم الجيش بثبات ومعنويات عالية نحو النصر الكامل.
قتلى وجرحى
أعلنت "شبكة أطباء السودان" مقتل 13 شخصاً وإصابة 19 آخرين، بينهم سبعة أطفال، وامرأة حامل، جراء القصف المدفعي المتعمد لـ"الدعم السريع" على الأحياء السكنية بالمدينة. وأوضح بيان للشبكة أن القصف استهدف مناطق مأهولة بالسكان، وظل عديد من المصابين والجثامين عالقين في المناطق المستهدفة بسبب صعوبة الوصول إليهم تحت وابل القصف المتواصل. ووصفت الشبكة ما يجري في الفاشر بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان واستهداف ممنهج للحياة المدنية، مستنكرة استمرار الصمت الدولي.
عبوات سامة
على نحو متصل اتهمت مصادر عسكرية بالفرقة السادسة "الدعم السريع" باستخدام نوع من الغاز السام يتم إطلاقه عبر قوارير ملحقة بالمسيرات الانتحارية في هجماتها الأخيرة على الفاشر. وذكرت مصادر محلية، بما فيها لجان المقاومة وكوادر طبية بالمدينة، بأن الجماعة استخدمت خلال هجماتها المسيرة في اليومين الماضيين، عبوات في قوارير بلاستيكية صغيرة مثبتة على جسم المسيرات الانتحارية ينتج من انفجارها دخان كثيف وروائح كريهة تسبب ضيقاً في التنفس وغثياناً وتشنجات لكل من يتعرض لها. كما أفادت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر بأن مأساة الفاشر تبلغ الآن ذروتها بنثر "الدعم السريع غازات تسمم حتى الهواء الذي يتنفسه المواطنون"، مما اعتبرته جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للمعاهدات والمواثيق الدولية. ولفت بيان للتنسيقية عن ارتفاع سعر علف الحيوانات "الأمباز" نتيجة الندرة الكبيرة في المعروض منه وتفاقم شح السلع الغذائية، وإلى توقف معظم التكايا والمطابخ الخيرية التي كانت تقدم الوجبات للمحتاجين بعدما عجزت حتى عن شراء "الأمباز". وشبه بيان للتنسيقية، الحياة في الفاشر بأنها أضحت "صراعاً يومياً من أجل البقاء"، وكارثة تجاوزت كل حدود الاحتمال في ظل حصار يخنق المدينة بكل أنواع ترسانة الموت من مصفحات ومدرعات ومسيرات ومدافع ثقيلة تقصف أحيائها يومياً بلا هوادة.
ضربات جوية
في محور كردفان تابع سلاح الطيران الحربي ضرباته الجوية في محيط منطقة جبرة الشيخ بولاية شمال كردفان، حيث تتمركز مجموعات كبيرة من "الدعم السريع"، أسفرت عن هلاك ثلاثة من أبرز قادتها الميدانيين هناك، وفق مصادر ولائية. وأوضحت المصادر أن الدفاعات الجوية للجيش أسقطت مسيرة انتحارية قرب قرية الأندرابة بمحلية الرهد أبودكنة بشمال كردفان، كما قامت قوة من القوات المشتركة بالاستيلاء على مخزن للمسيرات والذخائر في النطاق الجغرافي ذاته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وجبة واحدة
دولياً وصف رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان دانيال أومالي ما يجري في الفاشر بأنه كارثة إنسانية، مشيراً إلى أن أكثر من 260 ألف رجل وامرأة وطفل محاصرين في المدينة، يتناولون وجبة واحدة يومياً ويخاطرون بحياتهم لمجرد العثور على مياه حتى لو كانت غير صالحة للشرب. وأوضح أومالي أن المدنيين في كردفان ظلوا في حال من النزوح المستمر والتعرض للضغط والتوتر بسبب جبهات القتال المتقلبة والمتغيرة، "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ولا يمكن التخلي عن أهالي الفاشر وكردفان أو تجاهل أهالي السودان".
إدانة كوشيب
في سابقة هي الأولى من نوعها في شأن الجرائم المرتكبة في دارفور، دانت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أمس بالإجماع علي محمد علي عبدالرحمن المعروف بـ"علي كوشيب"، أحد أبرز قادة "الجنجويد" في إقليم دارفور، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال فترة النزاع الأول ما بين عامي 2003 – 2004. وبعد محاكمة استمرت جلساتها أكثر من ثلاث سنوات، ثبتت المحكمة مسؤولية "كوشيب" عن 27 تهمة، من بينها القتل العمد، الاغتصاب، التهجير القسري، الهجمات على المدنيين، والتعذيب، بعد استماعها لشهادات مئات الشهود والضحايا. وأكدت المحكمة أن الجرائم المعنية ارتكبت ضمن هجمات ممنهجة وواسعة النطاق استهدفت قرى مدنية في دارفور، في وقت كان يشغل فيه المتهم منصباً قيادياً في "الجنجويد" التي شاركت في تلك الانتهاكات.
ورحبت "حركة جيش تحرير السودان" بقيادة عبدالواحد محمد نور بصدور الحكم على "كوشيب" مطالبة بأن يكون الحكم بداية لمحاكمة القادة الرئيسين وكل من ساعدهم في الهرب والتخفي عن العدالة الدولية ويمتنع عن تسليمهم للمحكمة الجنائية. وعدت المنسقية العامة للنازحين بدارفور حكم الجنائية الدولية انتصاراً حقيقياً للضحايا وتأكيداً أن المجرم، أياً كان، سيحاسب يوماً ما مهماً طال الزمن. ووصف بيانها الإدانة بأنها خطوة أولى نحو تحقيق العدالة الكاملة ومحاكمة كل من شارك في الجرائم ضد أهل دارفور من إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية، وأضاف بيان المنسقية "لقد طال انتظار العدالة، لكنها تحققت أخيراً، بعد أكثر من عقدين من الصبر والمعاناة".
كما رحب تحالف السودان التأسيسي "تأسيس" بقيادة "الدعم السريع"، بإدانة "كوشيب" بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب دارفور عام 2003، مطالباً المجتمع الإقليمي والدولي بالعمل على ضمان تسليم بقية المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
بعثة تقصي الحقائق
حقوقياً رحب التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود" بقرار مجلس حقوق الإنسان بتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق في السودان عاماً إضافياً جديداً. ووصف بيان للتحالف القرار بأنه يشكل "دفعة قوية لكل الجهود المدنية السودانية المبذولة لوقف الحرب واستكمال مسار ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة"، مؤكداً دعمه الكامل لعمل بعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة للسودان.
ومدد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف أمس ولاية بعثة تقصي الحقائق في السودان برئاسة القاضي محمد عثمان شاندي، عاماً آخر، بتأييد 24 دولة، ورفض 11 دولة منها السودان وامتناع 12 عن التصويت.
كما رحبت هيئة "محامو الطوارئ" بالسودان بقرار تمديد ولاية البعثة مشيرة إلى أن القرار يأتي في ظل تصاعد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان واستمرار النزاع المسلح الذي تسبب في أزمة إنسانية غير مسبوقة. وعبر بيان للهيئة عن أسفها لوقوف وفد حكومة السودان ضمن الدول التي صوتت ضد القرار، في خطوة وصفتها بأنها تمثل نكسة جديدة أمام جهود العدالة الدولية، وتؤكد استمرار نهج التنصل من الالتزامات الدولية.
تفعيل بعد فتور
دبلوماسياً اتفق السودان وجنوب السودان على أهمية استمرار التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الأمنية، وتعزيز أمن الحدود. وأكد بيان مشترك في ختام زيارة وزير خارجية دولة جنوب السودان ماندي سيمايا إلى بورتسودان، التي استغرقت ثلاثة أيام، تفعيل آليات التشاور السياسي، وتنسيق المواقف في المحافل الإقليمية والدولية، وتعزيز الجهود المشتركة لتحقيق التكامل الإقليمي والتنمية المستدامة في منطقة القرن الأفريقي. واتفق الجانبان على إنشاء اللجنة الاقتصادية المشتركة لتعزيز التعاون المشترك في المجالات كافة، وتسهيل حركة التجارة والاستثمار بين البلدين.
وشهدت العلاقات بين السودان وجنوب السودان فتوراً وتراجعاً خلال فترة الحرب بين الجيش و"الدعم السريع"، في ظل شكوك حكومة السودان بتورط حكومة الجنوب بتقديم الدعم لـ"الدعم السريع"، كما فاقمت سيطرة الأخيرة على جزء من الشريط الحدودي بين البلدين من توتر العلاقات بينهما.
الضنك والملاريا
صحياً، استمع مجلس الوزراء الاتحادي في اجتماعه الدوري ببورتسودان أمس برئاسة كامل إدريس إلى تقرير حول الوضع الصحي في البلاد بصورة عامة وتفشي حميات الضنك والملاريا على وجه الخصوص. واستعرض وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم الجهود التي بذلت للسيطرة على الأمراض ومنع حدوث موجات جديدة وتعزيز العمل الصحي.
وأكد إدريس، من جهة ثانية، العزم على المضي قدماً في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز الانضباط المالي والنقدي، مشدداً خلال اجتماع للجنة الاقتصادية برئاسته على ضرورة التنسيق بين مؤسسات الدولة لتحقيق الاستقرار والنمو.