ملخص
يجزم ممثل الإدارة الذاتية الكردية لدى بلدان الخليج العربي، سيهانوك ديبو بأن "قسد" ما زالت "محورية في محاربة، وإنهاء 'داعش'، وهذه مهمة وطنية وإنسانية للجميع ليس فقط في سوريا إنما في عموم المنطقة والعالم"، وأضاف، "ننتظر أي جهد وطني يتضافر لإنهاء هذه الآفة، لا أغراض لنا أو نوايا أخرى في هذا الخصوص".
يهدأ تبادل قصف المدافع والرشاشات الثقيلة على مشارف "سد تشرين" بين القوات الحكومية السورية، و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، مع كل محاولة لإشعال خط التماس الأكثر خطورة في ريف حلب الشرقي، حيث تتربع بلدة دير حافر كبوابة للحرب والسلام بين طرفي النزاع.
اتفاق مع وقف التنفيذ
ومن دون تنفيذ اتفاق مارس (آذار) الماضي الذي وقع بنوده الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد قوات "قسد" مظلوم عبدي، فإن لغة النار يمكن أن تهيمن على مشهد شديد التعقيد في الشمال الشرقي للبلاد، إذ ما زالت المناداة بحكم لا مركزي مطلباً لـ"قسد" التي تسيطر على مساحة واسعة من المنطقة ذاتها.
وأعلنت "قسد" أمس الأربعاء، إلقاء القبض على خلية تتبع لتنظيم "داعش" مكونة من ثلاثة أشخاص في ريف دير الزور الشرقي، وذكر بيان "قسد" حول العملية بعد مداهمة مقر الخلية في بلدة الطكيحي، أن "أفراد الخلية كانوا يستعدون لتنفيذ اعتداءات إرهابية تستهدف المنطقة واستقرارها".
وسبق ذلك تمكن "قسد" وعبر "مجلس هجين العسكري" من الإطاحة بزعيم لـ"داعش" في بلدة درنج، بريف دير الزور الشرقي، بعد اشتباك أسفر عن إصابته والقبض عليه، في حين خلف الاشتباك مصرع أحد عناصر "قسد"، وجرح اثنين، وأحبطت "قسد" هجوماً لخلايا التنظيم في بلدة أبريهة بعد مهاجمة حاجز أمني باستخدام الدراجات النارية والأسلحة الرشاشة.
كذلك قُتل خمسة من عناصر قوات "قسد" وأصيب سادس بجروح بعد هجوم لأفراد خلية من "داعش" على نقطة لـ"قسد" في بلدة البحرة الوسطى.
التحالف مع واشنطن
يأتي كل ذلك في وقت تجري فيه عمليات مشتركة بين الجيش التركي والقوات السورية ضد خلايا وفلول "داعش" في الداخل السوري، لا سيما إنشاء مركز عمليات مشتركة ضد التنظيم المتطرف في أغسطس (آب) الماضي، مما يترك مؤشراً وفق الناشط الحقوقي والسياسي في دير الزور، أحمد الشيخ إلى سباق على الأرض بين دمشق وأنقرة من جهة، وقوات "قسد" من جهة ثانية، في مكافحة خلايا "داعش" أمام الرأي العام، وأضاف الشيخ، "يمكن القول إن الأمر يتحول إلى سحب البساط من تحت أرجل 'قوات سوريا الديمقراطية' التي تمتلك خبرة في مكافحة التنظيم المتطرف، وإبراز قدرات دمشق وأنقرة للتحالف مع الولايات المتحدة، هناك ما يوحي بتجريد 'قسد' من كل أوراق القوة التي تملكها، ولعل آخر ورقة هي القوة العسكرية في وجه أعتى التنظيمات الإرهابية التي ما زالت تنشط في أرياف دير الزور".
وكانت وزارة الداخلية التركية أعلنت في وقت سابق أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي عن تمكن قوات الأمن التركي والسوري من القضاء على خلية تابعة للتنظيم المتطرف نُفذت في بلدة أطمة، بريف إدلب الشمالي، شمال غربي سوريا. وتضم الخلية 14 شخصاً قتل منهم ثمانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الوجود العسكري الأميركي في العراق
في المقابل من المقرر مع نهاية العام الحالي أن يقتصر الوجود الأميركي في العراق، على داخل إقليم كردستان فقط، ومع إعلان البنتاغون التزامه تقليص المهمات العسكرية الأميركية في مناطق الحكومة المركزية العراقية، كشف مسؤول عسكري أميركي عن أنه "بموجب الخطة ستركز بلاده مع قوات التحالف الدولي على محاربة فلول 'داعش' في سوريا".
ويجزم ممثل الإدارة الذاتية الكردية لدى بلدان الخليج العربي، سيهانوك ديبو بأن "قسد" ما زالت "محورية في محاربة، وإنهاء 'داعش'، وهذه مهمة وطنية وإنسانية للجميع ليس فقط في سوريا إنما في عموم المنطقة والعالم"، وأضاف، "ننتظر أي جهد وطني يتضافر لإنهاء هذه الآفة، لا أغراض لنا أو نوايا أخرى في هذا الخصوص".
ويعتقد مسؤول "الإدارة الذاتية" أن "الخيار الأفضل والأكثر واقعية هو أن تندمج الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إدارياً وعسكرياً مع النظام الإداري السوري العام ومؤسسات الدولة الوطنية على أساس التكامل الوطني الديمقراطي، ويمكن الاستفادة من خبرات 'قسد' لتكون جزءاً من الجيش الوطني السوري"، وينظر ديبو إلى اتفاق العاشر من مارس كـ"فرصة مهمة يجب عدم تفويتها"، وأردف، "لا نتحمل في الإدارة الذاتية عدم تفعيل الاتفاق، وعلى رغم الخطوات الأحادية التي تقدم عليها الحكومة، فإنه بالنسبة إلينا فإن اتفاق الـ10 من مارس ما زال صامداً حتى اللحظة، ونجد أنه من المهم أن تتقوى من خلال بعض الإجراءات التي نجدها محقة ومعبرة عن المرحلة التي تمر بها سوريا والمنطقة".
ويعدد المسؤول في الإدارة الذاتية ديبو أهم هذه الخطوات التي تتمثل "بتعديل الإعلان الدستوري، وتأسيس لجنة تعبر عن مكونات الشعب السوري لكتابة دستور سوريا الجديدة، التي يجب أن تكون دولة اللامركزية حيادية لكل القوميات والأديان، واتخاذ خطوات فعلية نحو مجلس شعب (برلمان) حقيقي وفعلي ينجز القوانين على أسس وطنية حقيقية".
سجون مبعثرة
في غضون ذلك يدور الحديث عن سيناريوهات عدة محتملة، أبرزها إما أن تجر تركيا المنطقة في الشمال الشرقي إلى حرب حاسمة من طريق عملية عسكرية، أو نجاح المفاوضات المتعثرة حول اتفاق مارس بين الشرع وعبدي، والتوصل إلى صيغة لإدارة حكم المنطقة والاستفادة من مواردها الغنية بالنفط والغاز والمحاصيل الغذائية.
في المقابل، يدور سيناريو ثالث عن حرب باردة، والتلويح بورقة "داعش" مع تحذير أوساط متابعة من خطر السجون والمعتقلات التي تحتجز آلاف المقاتلين من أفراد التنظيم، في حال اشتعال المنطقة علاوةً على المخيمات التي تضم عائلات "داعش"، ومنها مخيم الهول القريب من الحدود العراقية.
وتتزايد المخاوف من هرب جماعي لعناصر "داعش" المعتقلين منذ ستة أعوام (سقط آخر معاقله في 2019) حيث تسيطر "قسد" على السجون، ولعل النزاع المتواصل بينها وبين الفصائل المدعومة من تركيا، التي انضوت تحت راية الجيش السوري الجديد بعد سقوط النظام السابق في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، يضعف القدرة على الحفاظ على أمن السجون والمخيمات.
وعلى رغم نقل مئات العراقيين على دفعات وإعادتهم إلى بلدانهم، ومع إجلاء أكثر من 3 آلاف لاجئ من مخيمات الهول والروج إلى العراق في العام الماضي، أعلنت الولايات المتحدة عبر قاعدتها المركزية إنشاء آلية تنسيق مشتركة لتسريع عودة المحتجزين في مخيم الهول الذي يضم 30 ألف شخص.
تمسك "قسد بورقة تلك السجون التي تضم ما يناهز 12 ألفاً من افراد "داعش" يتوزعون على 27 مركز احتجاز، في حين لم تفلح الإدارة السورية الجديدة في وضع يدها على هذا الملف المعقد والحساس، وسط مخاوف من اندلاع توترات أمنية قد تؤثر في أمن تلك السجون، وفي حال فُتحت أبوابها دون محاكمة لأفرادها، وحصول هرب جماعي منها فإن أبواب جهنم تكون قد فُتحت وسيكون الأمن الإقليمي برمته مهدداً.