ملخص
بعد إخلاء مدينة بيت حانون من ساكنيها، تحوّلت إلى ميدان حرب بين الجانبين، حيث شهدت هجمات نوعية وموجعة للجنود الإسرائيليين، بعد خروج المسلحين من الأنفاق لتنفيذ تلك الهجمات.
إلى أنقاض وأطلال تحوّلت مدينة بيت حانون كلها، ولم يتبقّ منها حجر على حجر، وأصبح مصيرها نموذجاً يهدد به المسؤولون الإسرائيليون المدن الفلسطينية كافة. ووثّق الجيش الإسرائيلي تدمير آخر منازل المدينة، وأنهى تدمير المدينة عن بكرة أبيها. وتقع المدينة شمال شرقي قطاع غزة، وتعتبر بوابته الشمالية، وكان يعيش فيها أكثر من 60 ألف فلسطيني جميعهم نزحوا عنها إلى جنوب القطاع. ويقع فيها معبر بيت حانون الواصل بين قطاع غزة وإسرائيل، والذي يشكّل الممر البري الوحيد بين قطاع غزة والضفة الغربية.
ميدان حرب
ومع أن بيت حانون كانت من أولى المناطق التي اجتاحها الجيش الإسرائيلي في بداية عمليته البرية لقطاع غزة في 27 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، إلا أن الاشتباكات مع حركة "حماس" والهجمات ضد الجنود الإسرائيليين استمرت حتى الأسابيع الأخيرة.
وبعد إخلاء المدينة من ساكنيها، تحوّلت إلى ميدان حرب بين الجانبين، حيث شهدت هجمات نوعية وموجعة للجنود الإسرائيليين، بعد خروج المسلحين من الأنفاق لتنفيذ تلك الهجمات.
واجتاح الجيش الإسرائيلي بيت حانون أكثر من 10 مرات منذ بداية الحرب في مسعى منه لـ "إزالة خطر مثّلته بيت حانون استمر أكثر من 25 سنة، وحتى بعد تدمير المدينة وإجبار الجيش الإسرائيلي أهاليها على إخلائها، شهدت تنفيذ هجمات مسلحة عبر كمائن انطلاقاً من الأنفاق تحت الأرض.
وبسبب قربها من مستوطنات غلاف غزة وأبرزها "سديروت" فإن الجيش الإسرائيلي يعتبرها من أكثر مناطق القطاع حساسية.
وفقط في 21 يوليو (تموز) الماضي تمكن الجيش الإسرائيلي من قتل قائد "كتيبة بيت حانون" حسين فياض في هجوم على المدينة.
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أن فيّاض اختبأ خلال الأشهر الأخيرة في شبكة أنفاق متفرعة واسعة، وقاد منها عمليات ضد الجيش الإسرائيلي.
هجمات مكثفة
واتهم الجيش الإسرائيلي فيّاض بأنه "المسؤول المباشر عن عدد من العمليات ضد الجيش الإسرائيلي والتي تضمنت هجوماً قتل فيه خمسة عناصر من الجيش الإسرائيلي في يوليو (تموز) الماضي". وقتل الجنود الخمسة في تفجير عبوة ناسفة استهدف دوريتهم الراجلة، وتبعها إطلاق الرصاص على أفرادها.
وبحسب تحقيق للجيش الإسرائيلي فإن المنطقة التي نفّذ فيها الكمين تعرّضت خلال الأيام التي سبقت الهجوم إلى هجمات مكثفة بعشرات القذائف من الجو والمدفعية. وتوعد الجيش الإسرائيلي حينها بأن هجماته على بيت حانون "ستستمر بطريقة مختلفة، وبقوة أعظم"، وأنه لن يتم الانسحاب منها حتى "القضاء على كتيبة بيت حانون التابعة لحماس. مهمتنا إزالة التهديد، وتدمير المنطقة بشكل منهجي كي لا نضطر إلى العودة إليها لاحقاً"؛ وفق أحد قادة الجيش الإسرائيلي الميدانيين.
مادة الإغلاق
في 11 يناير (كانون الثاني) عام 2025 قتل أربعة جنود إسرائيليين على إثر تفجير عبوة ناسفة استهدفت موكب نائب قائد لواء "ناحال".
وفي أغسطس (آب) الماضي أعلن الجيش الإسرائيلي "هزيمة كتيبة بيت حانون التابعة لحماس، بعد استسلام ثلاثة من عناصرها". وبحسب الجيش الإسرائيلي فإن "العناصر الثلاثة خرجوا من نفق واستسلموا له في المنطقة، وأبلغوا عن مستودع لأسلحة قرب النفق"، وأعلن الجيش الإسرائيلي قبل شهرين على إثر عملية واسعة النطاق إغلاق نفق بطول نحو سبعة كيلومترات في المدينة. وشملت العملية "ضخ أكثر من 20 ألف متر مكعب من مادة الإغلاق عبر منظومة خاصة أُنشئت على طول نحو 4.5 كيلومتر من منطقة السياج الحدودي وحتى عمق النفق".
في يوليو (تموز) الماضي، تفاخر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن مدينة بيت حانون "سُويت بالأرض" عبر نشره صورة لأطلال المدينة على حسابه على موقع "إكس"، مشيراً إلى أنه "بعد رفح وبيت حانون، لا ملجأ للإرهاب". وتوعّد كاتس بتدمير مدينة غزة كما فعل بنظيرتها بيت حانون، في إطار الحرب الإسرائيلية غير المسبوقة على قطاع غزة والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها تشكّل "إبادة جماعية" للفلسطينيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"تدمير قطاع غزة"
واعتبر المتحدث باسم حركة "فتح" الموجود في قطاع غزة منذر الحايك أن إسرائيل قررت بعد السابع من أكتوبر "تدمير قطاع غزة"، مضيفاً أنها "دمّرت المنطقة الشرقية للقطاع الممتدة بطول 51 كيلومتراً من بيت حانون شمالاً وحتى رفح جنوباً، بعمق كيلومتر مربع". وأوضح أن إسرائيل تسعى "لإقامة مناطق لحزام أمني معها في قطاع غزة، وتقليص عدد سكان القطاع إلى مليون فلسطيني للقضاء على أي خطر جغرافي أو ديمغرافي".
وبحسب الخبير الاستراتيجي واصف عريقات فإن السياسة الإسرائيلية تقوم على "تدمير ما يمكن تدميره مع التركيز على مواقع معينة في قطاع غزة". وأشار إلى أن تلك المواقع "يتم اختيارها من لجنة مشتركة يتشارك فيها الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك والاستخبارات العسكرية وأكاديميون إسرائيليون لهم علاقة بالتاريخ والتوراة"، وأوضح عريقات أن قرار التدمير "يعود إلى عوامل عسكرية وأمنية ودينية توراتية".
غلاف غزة
وترتفع أراضي مدينة بيت حانون البالغة مساحتها 12 كيلومتراً 50 متراً عن مستوى سطح البحر الذي يفصلها عن مدينة بيت لاهيا إلى الغرب منها، ويحدها من الشمال والشرق الشريط الحدودي مع إسرائيل، وتتبع لمحافظة شمال غزة التي تضم إلى جانبها كلاً من بيت لاهيا وجباليا.
وتبعد عن مستوطنتي "سديروت" و"نير عام" في غلاف غزة مسافة ستة كيلومترات، ويقع على أرضها السياج الحدودي مع إسرائيل.
وكان أهالي بيت حانون يعتمدون على الزراعة، إذ إن 45 في المئة من أراضيها مخصصة للزراعة، وتشتهر بخضرواتها وحمضياتها وأشجار اللوز والتين والتفاح.