ملخص
وفقاً للناشط مجاهد القب من أبناء المنطقة، فإن الحادثة ظلت محاطة بالغرابة والتكهنات حتى كشفت عن أسرارها رسالة مسربة منسوبة للضحية تدعو أسرتها إلى العفو عنها والانتقام من المبتز
لم تعلم الضحية "فدى" البالغة من العمر 17 سنة أن وعود العون والعيش الكريم لأسرتها ستتحول إلى كابوس دامٍ بعدما دفعت حياتها ثمناً لوقف مسلسل الابتزاز والتشويه الذي ظلت تتعرض له لأعوام من قيادي حوثي.
الثلاثاء الماضي، أقدمت فتاة في منطقة الهارونية الساحلية بمحافظة الحديدة (غرب اليمن) على شنق نفسها بعد أشهر من وقوعها فريسة للابتزاز على يد شخص يقال إنه قيادي حوثي يدعى يوسف سالم دوم، وهو ضمن أعضاء الجماعة المصنفة على لوائح الإرهاب ويعيش في منطقة حيث قوات الميليشيات موجودة بصورة مكثفة لأنها منطقة تماس مع قوات الحكومة الشرعية.
وقالت الضحية التي فارقت الحياة بحبل أودعته فوق شجرة إن المبتز "وعدها بتوفير قارب صيد ودراجة نارية لشقيقها" طمعاً منها بتحسين حياتهم المعيشية الصعبة، وفق وصيتها الأخيرة.
الرسالة تكشف عم المستور
من جانبها أكدت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات خلال بيان لها اليوم الأحد أن قيادياً في جماعة الحوثي يدعى يوسف سالم دوم، "ارتكب بحق الطفلة القاصر فدى إبراهيم غالب (17 سنة) في قرية الهارونية بمديرية المنيرة، جريمة ابتزاز وتشهير دفعتها إلى الانتحار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكدت الشبكة أن هذه الجريمة المروعة هزت الضمير الإنساني وأثارت غضباً واسعاً، إذ وجدت الطفلة نفسها أمام انتهاك مزدوج لكرامتها وحقوقها الإنسانية لتختار الموت في مشهد مأسوي يكشف عن حجم الانتهاكات التي يعيشها المدنيون، خصوصاً النساء والأطفال تحت سلطة الحوثيين.
وأشارت إلى أن ما حدث للطفلة فدى ليس حادثة فردية معزولة، بل يندرج ضمن نهج تتبعه جماعة الحوثي عبر شبكات دعارة سرية وانتهاكات جنسية منظمة يديرها قادتها الأمنيون، بهدف ترهيب المجتمع وإذلال الأسر وكسر كرامة الإنسان اليمني.
وشدد البيان على أن هذه الجريمة تمثل اغتصاباً واضطهاداً ممنهجاً وانتهاكاً صارخاً لكل المواثيق الإنسانية والقوانين الدولية، وتصنف ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفقاً لاتفاقات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وحملت المنظمة جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة وما سبقها وما قد يليها من انتهاكات بحق النساء والأطفال، داعية إلى ملاحقة الجناة والمتورطين في هذه الشبكات الإجرامية، وعلى رأسهم المدعو يوسف سالم دوم، وكل من وفر له الحماية أو الغطاء.
وخلال الأعوام الـ10 الأخيرة تنامت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في اليمن على نحو لافت حتى باتت أخبار ضحاياه تنافس أخبار ضحايا الصراع الذي تسبب بتفشي الظاهرة في المجتمع المتمسك بعاداته التقليدية الصلبة، خصوصاً في المجتمعات الريفية حيث الجهل وسطوة الأعراف الجامدة هي التي تسيّر حياة الناس وتحدد طبيعة علاقاتهم وتضع للمرأة قوالب جاهزة من العادات والتقاليد.
وتوالت بيانات الإدانة، فأعرب مكتب حقوق الإنسان في محافظة الحديدة عن إدانته بأشد العبارات للحادثة المأسوية التي شهدتها مديرية المنيرة شمال محافظة الحديدة، والمتمثلة في انتحار الشابة فدى من قرية الهارونية، جراء جريمة ابتزاز لا أخلاقي ارتكبها أحد عناصر جماعة الحوثي.
وقال المكتب عبر بيان إن المدعو يوسف سالم دوم، وهو أحد مشرفي الميليشيات في المنطقة، ارتكب جريمة الابتزاز التي دفعت الضحية إلى إنهاء حياتها، في انتهاك صارخ لكل القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية والقوانين المحلية والدولية التي تكفل حماية النساء والفتيات وصون كرامتهن.
ويعزو أسباب تفشي الظاهرة إلى "تقاعس الجهات الأمنية وغياب الجهات المؤهلة للتعامل مع هذه القضايا مع غياب الوعي الأسري والمجتمعي باحتواء الضحايا وتقديم النصح والعون لهن". ويضيف أن "غياب دور السلطات المنشغلة بالصراع والتقاسم منذ أكثر من 10 أعوام ساعد كثيراً في انتشار الجرائم الإلكترونية واقتحام الخصوصيات، فيما يشدد العالم قوانينه الصارمة في هذا الجانب".