ملخص
في تحول لافت، أعلن ترمب أن أوكرانيا قادرة على استعادة أراضيها المحتلة من روسيا، لكن خبراء عسكريين واقتصاديين يشككون في ذلك، مؤكدين أن تحقيق هذا الهدف يتطلب دعماً غربياً واسعاً، وتفوقاً عسكرياً، وإنهاكاً للاقتصاد الروسي، وقد يستغرق أكثر من عام
في تحول كبير في موقفه من الحرب، ادعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن أوكرانيا قادرة على استعادة جميع الأراضي التي احتلتها روسيا منذ بداية الغزو في فبراير (شباط) 2022.
وقال الرئيس الأميركي في منشور على منصة "تروث سوشيال" إن الجيش الأوكراني يستطيع استعادة "جميع أراضي أوكرانيا ضمن حدودها الفعلية"، مضيفاً أن بوتين وروسيا يواجهان "متاعب اقتصادية كبيرة".
ويرى الخبراء العسكريون أن أوكرانيا قد تتمكن من دفع روسيا نحو الحدود كما كانت في 2022، وإجبار فلاديمير بوتين على السعي إلى اتفاق سلام، لكن فقط في ظل توفر مجموعة صارمة من الشروط التي يصعب تحقيقها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستطلعت صحيفة "اندبندنت" آراء ثلاثة خبراء مطلعين على القدرات العسكرية الروسية واقتصادها والوضع على خطوط الجبهة في أوكرانيا، حول إمكان تحقق ما ادعاه ترمب.
ما المطلوب لتتمكن أوكرانيا من إخراج القوات الروسية؟
يقول الخبراء إن أوكرانيا، نظرياً، كانت دائماً تملك القدرة على استعادة الـ13 في المئة من أراضيها التي احتلتها روسيا منذ بداية الغزو. لكن عملياً، يتطلب الأمر توفر مجموعة محددة من الشروط.
ويقول جون لوف، رئيس السياسة الخارجية في "مركز الاستراتيجيات الأورو-آسيوية الجديدة" New Eurasian Strategies Centre، متسائلاً "هل يمكنهم استعادة بعض الأراضي التي خسرتها أوكرانيا منذ فبراير 2022؟ أعتقد بلا شك نعم، رأينا خلال الهجوم في أواخر 2022 أنهم استعادوا كثيراً من الأراضي في تلك المرحلة".
ويضيف لوف أن القوات الأوكرانية "تقاتل بصورة ممتازة للغاية" بالنظر إلى حجم الجيش الأوكراني مقارنة بنظيره الروسي، ويشير إلى الهجمات الأوكرانية المتكررة على مصافي النفط كاستراتيجية ألحقت أضراراً بالاقتصاد الروسي.
لكن لكي تتفوق أوكرانيا على روسيا عسكرياً، يقول إنها ستحتاج إلى "قدر أكبر بكثير من المساعدة من حلفائها"، بما في ذلك "درع جوي" فعال لحمايتها من الهجمات الجوية الليلية، ومزيد من الأسلحة بعيدة المدى.
ويضيف لوف أنه "من الصعب جداً تصور حصول [كييف] على القدرة العسكرية ’لسحق قوات موسكو‘ لا يبدو الأمر واقعياً إلا إذا أمكن شل روسيا اقتصادياً، ربما هذا ما يفكر فيه ترمب".
أي تقدم عسكري أوكراني يحتاج إلى "ما يزيد على عام"
إذا تبنت الولايات المتحدة تغييراً مستداماً في السياسة للضغط على الاقتصاد الروسي، إلى جانب دعم عسكري قوي، يقول لوف إن أوكرانيا قد تستعيد أجزاء كبيرة من أراضيها وتجبر بوتين على قبول اتفاق سلام، لكنه يحذر من أن هذا لن يتحقق بسرعة، بل سيستغرق ما بين 12 إلى 18 شهراً في الأقل.
وعلى رغم التحول الظاهر في موقف ترمب، يقول لوف إنه يظل متشككاً حول "ما إذا كان هذا سيؤدي فعلاً إلى تغيير مستدام في السياسة الأميركية".
كير جايلز، الخبير في الشؤون العسكرية الروسية وزميل استشاري بارز في برنامج روسيا وأوراسيا بمعهد "تشاتام هاوس"، يقول إنه "لا يوجد ما يشير إلى أي انحراف عن السياسة الثابتة لإدارة ترمب بالتخلي عن أوكرانيا".
ويضيف أنه "كان دائماً بإمكان أوكرانيا هزيمة روسيا"، لكن فقط "إذا كانت الولايات المتحدة مهتمة بحدوث ذلك"، ويوضح أن هذا لم يكن الحال في عهد ترمب أو جو بايدن. ما هو مطلوب هو دعم غير مشروط من تحالف الدول الداعمة لأوكرانيا، وعلى رأسها الولايات المتحدة".
النصر العسكري مرهون بـ"إنهاك الاقتصاد الروسي"
إميل كاستيهيلمي، المحلل العسكري في مجموعة "بلاك بيرد" الفنلندية المتخصصة في الاستخبارات مفتوحة المصدر، يشكك بشدة أيضاً في قدرة أوكرانيا على التغلب على الجيش الروسي بالقدر المطلوب لدفعه إلى حدود 2022.
ويقول: "قد تتمكن من شن هجمات مضادة محلية، وقد فعلت ذلك بالفعل خلال الصيف وحتى الخريف. لكن روسيا أيضاً واصلت التقدم، ولا أرى أنه من الممكن، في ظل الظروف الحالية، أن تستطيع أوكرانيا استعادة كل أراضيها".
ويضيف أن الشرط المسبق لدفع القوات الروسية للانسحاب وإجبار بوتين على السلام هو "استنزاف الاقتصاد والمجتمع الروسي"، لكن انهيار الجيش الروسي بصورة تجبره على الانسحاب على نطاق واسع أمر "مستبعد للغاية".
ويوضح أن هزيمة الجيش الروسي مراراً وتحقيق اختراقات عسكرية استراتيجية مستمرة هي "مهمة هائلة"، لن تكون ممكنة إلا إذا انضمت الدول الغربية إلى المقاومة الأوكرانية.
ما حجم الهجوم الأوكراني المضاد في دونيتسك؟
يصر زيلينسكي على أن أوكرانيا تحقق مكاسب كبيرة في منطقة دونيتسك، إذ تتقدم روسيا ببطء منذ أكثر من عام سعياً إلى السيطرة على بلدة بوكروفسك الاستراتيجية المهمة.
وذكر في خطابه المسائي المصور أواخر الأسبوع الماضي: "كان هناك أحد أهم محاور الهجوم الروسي، ولم يتمكنوا من شن هجوم شامل هناك، جيشنا يدمر قواتهم. تكبد الروس خسائر فادحة، و’رصيدنا من عدد الأسرى الذين يمكن مبادلتهم‘ يتزايد بصورة كبيرة، إذ يتم يومياً أسر مزيد من الجنود الروس".
لكن كاستيهيلمي يقول إنه لا يفهم تماماً "ما الذي يقصده زيلينسكي فعلاً"، ويوضح أن القوات الأوكرانية نفذت بعض الهجمات المضادة المحلية، واستعادت بعض القرى والمناطق، لكن هذه المواقع انتقلت فيها السيطرة من طرف لآخر "مرات عدة" منذ ذلك الحين.
ويشكك كاستيهيلمي في ادعاء زيلينسكي بأن أوكرانيا حققت مكاسب مهمة في دونيتسك.
ويوضح: "حجم الأراضي التي يقول إنه جرت استعادتها يبدو مبالغاً فيه، وعادة ما يكون زيلينسكي غامضاً عند الحديث عن هذه الأمور، لذا من الصعب معرفة ما يعنيه فعلاً. أعتقد أن هذا أقرب إلى رسائل استراتيجية موجهة للغرب، وخصوصاً لترمب، لتضخيم هذه الادعاءات قليلاً عن الوضع الفعلي".
© The Independent