ملخص
تسببت الأرقام في تراجع الجنيه الاسترليني أمام الدولار بنحو نصف سنت ليستقر قرب 1.35 دولار، في حين ارتفعت عوائد السندات الحكومية، مما يعكس زيادة كلف الاقتراض لبريطانيا إلى أعلى مستوى لها منذ 27 عاماً.
أظهرت بيانات رسمية أن اقتراض الحكومة البريطانية ارتفع خلال أغسطس (آب) الماضي إلى أعلى مستوى له منذ خمسة أعوام، في إشارة إلى تفاقم التحديات المالية قبيل إعلان موازنة الخريف.
ووفقاً لمكتب الإحصاءات الوطنية، بلغ صافي اقتراض القطاع العام 18 مليار جنيه استرليني (24.26 مليار دولار) خلال الشهر الماضي، بزيادة 3.5 مليار جنيه استرليني (4.72 مليار دولار) عن أغسطس 2024، ومتجاوزاً توقعات الأسواق التي رجحت عجزاً عند 12.75 مليار جنيه (17.18 مليار دولار)، وكذلك تقديرات مكتب مسؤولية الموازنة (OBR) البالغة 12.5 مليار جنيه استرليني (16.84 مليار دولار).
ومع المراجعات التصاعدية للأشهر السابقة، قفز إجمال الاقتراض منذ بداية العام المالي إلى 83.8 مليار جنيه استرليني (112.92 مليار دولار)، وهو الأعلى منذ ذروة جائحة "كوفيد 19"، وأزيد بـ16 مليار جنيه (21.56 مليار دولار) على العام الماضي، ويتجاوز تقديرات مكتب مسؤولية الموازنة البالغة 72.4 مليار جنيه استرليني (97.56 مليار دولار).
ضغط على الجنيه والسندات
تسببت الأرقام في تراجع الجنيه الاسترليني أمام الدولار بنحو نصف سنت ليستقر قرب 1.35 دولار، في حين ارتفعت عوائد السندات الحكومية، مما يعكس زيادة كلف الاقتراض لبريطانيا إلى أعلى مستوى لها منذ 27 عاماً.
وأرجع مكتب مسؤولية الموازنة هذه القفزة أساساً إلى تعديل تقديرات اقتراض السلطات المحلية، فضلاً عن ضعف إيرادات ضريبة القيمة المضافة الشهر الماضي. وعلى رغم توقعه تراجع مستويات الاقتراض خلال النصف الثاني من العام المالي مع تحسن عوائد ضريبة مكاسب رأس المال وتراجع مدفوعات الفائدة، فإن اقتصاديين حذروا من أن التوقعات الاقتصادية الهشة والضغوط التمويلية ستجبر وزيرة المالية راشيل ريفز على رفع الضرائب أو خفض الإنفاق لضمان الالتزام بالقواعد المالية.
دعوات لزيادة الضرائب
قال كبير المستشارين الاقتصاديين في "EY Item Club" مات سوانيل، "من شبه المؤكد أن الضرائب سترفع لتلبية القواعد المالية"، مشيراً إلى أن ضغوط سوق السندات وتعثر إصلاحات الرعاية الاجتماعية استنزفت هامش الأمان في الخطط الحكومية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقعت شركة "كابيتال إيكونوميكس" أن تحتاج ريفز إلى نحو 28 مليار جنيه استرليني (37.73 مليار دولار) إضافية، معظمها عبر زيادة الضرائب، للحفاظ على الاحتياط البالغ 9.9 مليار جنيه استرليني (13.34 مليار دولار) الذي وفرته الحكومة ضمن بيان الربيع.
ردود الحكومة والمعارضة
قال كبير أمناء الخزانة جيمس موراي إن الحكومة ملتزمة خفض الاقتراض مع التركيز على "الاستقرار الاقتصادي والمسؤولية المالية والتخلص من البيروقراطية والهدر". وأشارت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية إلى أن الخزانة استفادت من ارتفاع إيرادات التأمين الوطني، عقب زيادة معدل المساهمة المفروضة على أصحاب العمل بنحو 25 مليار جنيه استرليني (33.69 مليار دولار) في موازنة الخريف الماضية.
في المقابل، هاجمت المعارضة حزب "العمال"، إذ قالت ميل سترايد وزيرة المالية في حكومة الظل إن "كير ستارمر وراشيل ريفز ضعيفان للغاية ومنشغلان عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لخفض العجز"، معتبرة أن "فقدان السيطرة على المالية العامة" دليل على فشل الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الضرورية.
بنك إنجلترا والتشديد الكمي
تأتي هذه التطورات بعد يوم من قرار بنك إنجلترا تثبيت سعر الفائدة عند أربعة في المئة، مع تقليص خطة "التشديد الكمي" لخفض حيازته من السندات الحكومية. فقد تخلص البنك من 100 مليار جنيه استرليني (134.75 مليار دولار) العام الماضي عبر مزيج من المبيعات واستحقاق الديون، ويستهدف هذا العام خفضاً بمقدار 70 مليار (94.33 مليار دولار) فحسب، لكنه سيرفع حجم المبيعات النشطة إلى 21 مليار جنيه استرليني (28.30 مليار دولار)، ويحذر خبراء من أن هذه السياسة قد تزيد الضغوط على كلفة الاقتراض الحكومي.