ملخص
واصل ليفربول كتابة فصول مثيرة في الدقائق الأخيرة، إذ خطف فوزاً قاتلاً أمام أتلتيكو مدريد في دوري الأبطال برأسية فان دايك في الوقت بدل الضائع، ليؤكد سمعته كفريق لا يستسلم حتى اللحظة الأخيرة، وسط تألق صلاح وتراجع إيساك في أول ظهور له.
الوقت بدل الضائع هو وقت آرني، وقد احتفل ليفربول بعيد الميلاد الـ47 لمدربه آرني سلوت بطريقته المعتادة: بهدف حاسم متأخر آخر. لقد صنع المتخصصون في دراما اللحظات الأخيرة انتصاراً بدا وكأنهم قد فرطوا فيه، إذ ارتقى فيرجيل فان دايك برأسية في الدقيقة الـ92 وأسكن الكرة شباك أتلتيكو مدريد. تماماً كما فعل فيديريكو كييزا وريو نغوموها، وكما سبقه دومينيك سوبوسلاي ومحمد صلاح، خطف ليفربول بفضله انتصاراً من بين أنياب التعادل. وقال فان دايك "وجدنا طريقة للفوز"، لقد فعلوها أربع مرات في الدوري الإنجليزي الممتاز، ومرة الآن في دوري الأبطال.
هل تستمر انتصارات ليفربول الدرامية؟
منطقياً لا يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو، لكن بطريقة ما، استمر الأمر بالفعل. عندما بدا أن ماركوس يورينتي قد ختم عودة أتلتيكو بتسجيله هدفين أعادا الفريق من تأخر بهدفين إلى مشارف خطف نقطة، ظهر فان دايك فجأة، وليفربول يفوز بمباراة أخرى على حافة الخطر. يبدو مليئاً بالثغرات، لكنه يجد دائماً وسيلة للانتصار.
ربما كان ذلك شكلاً من أشكال الثأر من فوز أتلتيكو مدريد بنتيجة (3 - 2) في ملعب "أنفيلد" في 2020، الذي أطاح حامل اللقب آنذاك. وبالنسبة إلى مدرب أتلتيكو دييغو سيميوني، كان هذا نوعاً مختلفاً من النهايات المتفجرة، فقد طرد المدرب بسبب رده الغاضب على أحد المشجعين الذي قال إنه كان يسيء إليه. وقال "إنهم يشتمونك طوال المباراة ولا يمكنك أن تقول شيئاً لأنك المدرب، كان رد فعلي غير مبرر، لكن هل تعرف كيف يكون الشعور عندما تشتم طوال 90 دقيقة؟".
ومع ذلك كان كريماً في حديثه عن الهدف نفسه، وقال "هدف عظيم، عظيم جداً من فيرجيل فان دايك". بين سيميوني وفان دايك ويورينتي، حقق الثلاثة ما بدا مستحيلاً، ودفعوا أغلى لاعب في تاريخ كرة القدم الإنجليزية إلى دور ثانوي، فألكسندر إيساك شارك للمرة الأولى، وسدد كرتين، إحداهما خارج المرمى والأخرى في يد حارس المرمى يان أوبلاك، وقدم لمسة ذكية لفلوريان فيرتز، لكنه أرهق وجرى استبداله بعد 58 دقيقة. وقال سلوت، "لقد فوجئت بمدى لياقته"، موضحاً أنه كان قد خطط دائماً لإشراك إيساك في هذه المناسبة ولم يكن ينوي إشراكه طوال 90 دقيقة.
محمد صلاح يخطف الأضواء من إيساك
لكن الدراما حدثت من حوله، وبعده، لا بفضله. فهناك أنواع مختلفة من محطمي الأرقام القياسية، وبينما تجعل صفقة إيساك البالغة 125 مليون جنيه استرليني (170.40 مليون دولار) أكبر عملية شراء في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، فإن صلاح أعاد كتابة كتب التاريخ بأهدافه. كان إيساك قد سجل في أول ظهور له مع نيوكاسل في "أنفيلد"، لكنه لم يفعل ذلك في بدايته مع ليفربول، والآن يجد نفسه متأخراً بـ248 هدفاً عن صلاح مع ليفربول.
وإذا كان جزءاً من السيناريو بقي على حاله بالنسبة إلى ليفربول، مع نهاية مذهلة أخرى، فقد أحرزوا هدفي البداية والنهاية في المباراة. لم يسبق لهم أن تقدموا (2 - 0) بعد ست دقائق فقط في مباراة أوروبية، لكنهم فعلوها هنا، وكان صلاح في الواجهة. فبعد تلك الدقائق الست، كان قد صنع هدفاً، وإن كان محظوظاً، وسجل هدفاً بنفسه.
لقد كانت بداية باهتة بالنسبة إلبه هذا الموسم، على رغم تسجيله ركلة الجزاء الحاسمة أمام بيرنلي الأحد الماضي، لكنه بدا وكأنه يعود لمستواه المعهود. ربما كان الأمر مجرد مصادفة أنه حدث في مباراة إيساك الأولى، وربما على العكس كان رجلاً نادراً ما يطغى عليه أحد ويوجه رسالة واضحة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الواقع، كان ليفربول متقدماً (2 - 0) قبل أن يلمس إيساك الكرة حتى. الهدف الأول كان، بطريقة ما، هدفاً سيئاً بصورة مثيرة للإعجاب، ركلة حرة ضعيفة ارتطمت بلاعب كان يحاول الابتعاد منها، لكن الكرة اصطدمت بكعب أندي روبرتسون لتخدع أوبلاك. ومع ذلك، أحياناً تنجح قرارات المدربين بلا تفسير. لم يكن هذا هو السبب الذي دفع سلوت إلى إشراك روبرتسون في التشكيلة بعدما أبعد ميلوش كيركيز المتعثر، بحثاً عن صلابة دفاعية تبين لاحقاً أن فريقه ما زال يفتقدها. لكن، وللمرة الثانية فقط، سجل الظهير الأسكتلندي هدفاً في دوري الأبطال.
أما الهدف الثاني لليفربول فكان متعمداً تماماً ومألوفاً، من النوع الذي يلعبه صلاح غالباً عبر تبادل تمريرات ثنائية وهو يتوغل إلى الداخل. راين غرافنبيرخ، الذي حصل على الخطأ المؤدي للهدف الأول، أعاد له الكرة، فسدد صلاح كرة مقوسة تجاوزت أوبلاك.
كان صلاح مشعاً، واقترب من هدف ثان رائع بتسديدة مقوسة ارتدت من القائم، في فرصة كان يجب أن توسع تقدم ليفربول. هناك أيام يبدو فيها من المستحيل إيقافه، وهذه كانت المرة الأولى في هذا الموسم.
معاناة ليفربول وتألق معتاد من يورينتي
ومع ذلك، فإن إضاعة صلاح وزملائه للفرص كادت أن تكلف الفريق كثيراً. وأضاف سلوت "مباراة كهذه لم يكن ينبغي أن تحسم بهدف متأخر"، فقد كان على ليفربول أن يسجل الهدف الثالث في وقت أبكر. أما الضيوف فلم يمكن كبحهم، وقال سيميوني "لقد أظهرنا روح أتلتيكو مدريد". كان فريقه يفتقد للمصاب جوليان ألفاريز، لكنه وجد قائده في يورينتي. وأضاف "أعتقد أن ماركوس يحب هذا الملعب"، فلاعب الوسط لم يسجل سوى سبعة أهداف في دوري الأبطال، أربعة منها جاءت في "أنفيلد". وبعد إنفاق 450 مليون جنيه استرليني (613.44 مليون دولار) في صيف واحد، ربما يمنح هذا السجل لليفربول أسباباً للتفكير في التعاقد مع يورينتي لاحقاً.
لقد قلص يورينتي الفارق عندما تابع تمريرة من جياكومو راسبادوري وأسكن الكرة في الشباك، وأبدى أليسون استياءه لأن أنطوان غريزمان المتسلل كان في مجال رؤيته، وفي يوم من القرارات التحكيمية المربكة، كان الحكم ماوريزيو مارياني قد حاول حتى احتساب ركلة جزاء عندما اصطدمت الكرة ببطن كليمان لونغليه، لذا لم يكن ذلك القرار الأكثر جدلاً. ومع ذلك، كان جزءاً من مباراة محمومة ورائعة. وأردف سلوت "هذا ما كان يريده يويفا على الأرجح، مباراة افتتاحية كان من الممكن أن تكون ربع نهائي أو نصف نهائي".
قدم أتلتيكو دوره في المباراة، إذ عدل يورينتي النتيجة بتسديدة طائرة رائعة اصطدمت بصورة كبيرة بأليكسيس ماك أليستر وغيرت اتجاهها. وبالنظر إلى الدور غير المقصود الذي لعبه روبرتسون في الهدف الافتتاحي، فلم يكن لليفربول أن يشتكي كثيراً من سوء الحظ. وقال سلوت "ليست هذه المرة الأولى التي نفرط فيها في تقدم 2-0، وهذا ليس ما كنا معروفين به في الموسم الماضي".
ليفربول يكرر سيناريو الانتصارات المتأخرة
لكن ليفربول تماسك، كما فعل من قبل. والمثير للسخرية أن هدف فان دايك لم يكن سوى رابع أهدافهم المتأخرة هذا الموسم، إذ كان صلاح أمام بورنموث وبيرنلي ونغوموها قد سجلوا في أوقات أبعد حتى. وقال روبرتسون، بنبرة عقلانية، "نحن بحاجة إلى العودة للفوز بطريقة أبسط قليلاً". لكن بدلاً من ذلك، باتوا يتخصصون في العروض المبهرة في اللحظات الأخيرة. أما إيساك، وهو يشاهد من الخارج، فلا بد أنه كان يتساءل: ما الذي انضممت إليه بالضبط؟
© The Independent