ملخص
أصبحت هيمنة الأندية الإنجليزية على دوري أبطال أوروبا واقعاً يثير الجدل، مدفوعة بثروة البث التلفزيوني والإنفاق الضخم على الصفقات والأجور، ما يمنحها مقاعد إضافية ومكانة استثنائية. لكن على رغم ذلك، تتعرض هذه الهيمنة لتحديات تتعلق بالإرهاق والتوازن المالي وحظوظ المنافسين الأوروبيين.
في الأيام التي سبقت انطلاق دوري أبطال أوروبا في الموسم الحالي، كان هناك جدل واسع حول قضية كبيرة قد تغير مستقبل البطولة.
الجدل حول لعب المباريات خارج إسبانيا
اجتمعت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الخميس الماضي، بعد كثير من الضغوطات، للسماح لرابطة الدوري الإسباني بإقامة مباريات في الخارج. وفي النهاية تقرر أن هذه المسألة تنطوي على الكثير من التعقيدات المحتملة، وأنها تحتاج إلى مزيد من النقاش.
لكن الرئيس المتحمس لرابطة الدوري الإسباني، خافيير تيباس، جادل بدلاً من ذلك بأن الأمر في غاية البساطة، وأشار إلى هذا الأسبوع في دوري الأبطال. إذ يشارك ستة أندية من الدوري الإنجليزي الممتاز في سابقة لم تحدث من قبل، مما يبرز القوة التي لا يمكن اللحاق بها لهذه البطولة. وأن على الدوريات المنافسة مثل "لا ليغا" محاولة القيام بشيء ما.
يؤكد أبرز مسؤول في الدوري الإنجليزي الممتاز أن الرابطة نفسها لا تفعل شيئاً في هذا الصدد. فقد سئل الرئيس التنفيذي، ريتشارد ماسترز، عشية انطلاق الموسم، وشدد على أنه لا توجد حالياً أي خطط لإقامة مباريات في الخارج.
توسع الأندية الإنجليزية في المسابقات القارية
لا يحتاج الدوري الإنجليزي الممتاز لذلك، وليس فقط بسبب هيمنته العالمية. فهذه الأندية الستة ستجعل العدد الإجمالي تسعة أندية تشارك في ثلاث بطولات أوروبية هذا الموسم. بما يقارب نصف فرق الدوري، وذلك يعني إرسال عدد من سفراء كرة القدم عبر القارة أكثر مما فعلته أي دولة من قبل.
الآن لن تتمكن الأندية الأخرى من التحرك من دون أن تصادف أندية إنجليزية، بخاصة في دوري أبطال أوروبا. فهذه المقاعد الستة تشكل بالضبط سدس فرق البطولة المكونة من 36 فريقاً.
مثل هذه النسب ليست صحية لكرة القدم. فقد وصف كل من الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا أخيراً كبدائل لدوري السوبر، وها نحن نشهد اجتماع كل ذلك في صورة تبدو مفرطة. وهذا كله مقصود ومخطط له.
كذلك فإن الأمر مثير للسخرية، بخاصة في وقت تصرخ فيه الكثير من الدوريات الأخرى طلباً لمثل هذا النوع من الانتشار والموارد المالية. لا يمكن أن تجد وصفاً أدق لكرة القدم الحديثة من: أولئك الذين يحتاجون أقل يحصلون على الأكثر، والثروة القائمة تضمن أن يظل ذلك الوضع قائماً باستمرار.
تفوق مالي غير مسبوق للدوري الإنجليزي
تشكل هذه الثروة أيضاً واحداً من الأسباب الواضحة لهذه الهيمنة، تماماً كما يمكن اختزال الكثير من النقاش إلى أرقام صلبة.
يتمتع الدوري الإنجليزي الممتاز بميزة هائلة من حيث عائدات البث – إذ يتجاوز بأكثر من مليار جنيه استرليني (1.36 مليار دولار) أي دوري آخر سنوياً – وبالتالي يتمتع بميزة هائلة من حيث الإنفاق. وتدفع الأندية الإنجليزية أجوراً تزيد بـ2.5 مليار جنيه استرليني (3.41 مليار دولار) عن أي دوري آخر، ومن المؤكد تقريباً أن هذا الرقم سيزداد بعد إنفاق قياسي جديد بلغ ثلاثة مليارات جنيه استرليني (4.09 مليار دولار) على رسوم الانتقالات هذا الصيف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد ضمن ذلك وصول ناديين إنجليزيين لم يقدما أداءً جيداً إلى نهائي الدوري الأوروبي، هما توتنهام هوتسبير ومانشستر يونايتد، مع ضمان الفوز بمقعد إضافي في دوري أبطال أوروبا.
كما وفر ذلك عدداً كبيراً من الانتصارات الفردية التي حسنت المعامل الرقمي لإنجلترا بشكل كبير. وقد جلب هذا واحداً من مقعدي "المكافأة" الإضافيين في دوري أبطال أوروبا.
وبالنظر إلى دورة التكريس الذاتي هذه، يبدو من المرجح جداً أن يتحول ما يسمى سباق الدوري الإنجليزي الممتاز نحو "المراكز الأربعة الأولى" إلى خمسة مراكز تقريباً في كل موسم.
التأثير المحدود للأموال على ألقاب الأندية الإنجليزية
ومع ذلك، هناك بعض الأرقام الأخرى وسط هذا كله تبدو هزيلة مقارنة بهذا الإفراط.
أحدها هو عدد ألقاب دوري أبطال أوروبا التي فاز بها بالفعل في السنوات الأخيرة، بل وحتى عدد المتأهلين إلى النهائيات ونصف النهائيات.
ينظر إلى الموسم الثاني لتفشي جائحة "كوفيد-19" في (2020 - 2021) على أنه فتح عدة شقوق اقتصادية في كرة القدم، ليشكل اللحظة التي سمحت فيها الحصانة المالية للدوري الإنجليزي لأنديته بالانطلاق بعيداً. ومع ذلك، منذ ذلك الحين، لم تمتلك إنجلترا سوى بطلين أوروبيين. وهذا نفس رصيد ريال مدريد.
وقد شكل هذان البطلان أيضاً أربعة متأهلين فقط إلى النهائي وستة متأهلين إلى نصف النهائي في الفترة نفسها. وهذا لا يزال سجلاً قوياً جداً، وأفضل من أي دوري آخر. لكنه ليس أفضل بمليارات الجنيهات.
سجلات دوري أبطال أوروبا منذ بداية موسم (2020 - 2021)
ليس الأمر شبيهاً حتى بموسمي (2007 - 2008) و(2008 - 2009)، حين امتلك الدوري الإنجليزي الممتاز ثلاثة فرق في نصف النهائي في كلا الموسمين، وهو ما قد تتوقعه فعلاً من تفوق اقتصادي بهذا الحجم.
هذا التنوع المتماسك يجب أن يكون مطمئناً لكرة القدم الأوروبية. لكن المشكلة أن أسبابه ليست بالضرورة مستمرة.
جزء منه مجرد حظ أعمى. فقد اقترب ليفربول حتى ركلات الجزاء من إقصاء باريس سان جيرمان الذي توج بالبطولة في الموسم الماضي. وكان يمكن لأرسنال أن يندم على بضع ركلات ضائعة في هزيمته في نصف النهائي.
وجزء آخر يتمثل في التساؤل الأعمق حول مدى تأثير الأموال بعد حد معين. إذ يمكن القول إنه بمجرد بلوغ مستوى معين من فاتورة الأجور، تبدأ العوائد في التناقص.
وربما يؤكد ذلك الجدل حول ما إذا كان الدوري الإنجليزي الممتاز قد تحسن تقنياً خلال السنوات الخمس الماضية. فإذا كنت قد ضممت بالفعل معظم أفضل العناصر، فما الفرق الذي ستحدثه زيادة طفيفة أخرى؟ هذه الحقيقة لا تزيد إلا من إبراز جنون سباق الأجور المتسارع في الدوري الإنجليزي.
ثم هناك التناقض المتمثل في أن وجود مثل هذه الهيمنة قد يقوضها أيضاً. فإذا كان لديك ستة فرق جيدة بما يكفي للتواجد في دوري أبطال أوروبا، فهذا يشير إلى أن الدوري المحلي نفسه أكثر تطلباً. ثم إن مشاركة هذه الأندية نفسها في البطولة تزيد بشكل ملحوظ من أعباء الموسم.
وبشكل عام، تصل الأندية الإنجليزية إلى أدوار خروج المغلوب وهي أكثر إنهاكاً من الجميع. فهي تخوض مباريات أكثر، ومباريات أكثر كثافة أيضاً. فالفريق صاحب المركز الرابع في أي دوري آخر، في النهاية، يجد صعوبة في الاقتراب من حجم إنفاق برينتفورد، ناهيك عن نيوكاسل يونايتد أو توتنهام.
في الوقت نفسه، يبدو أن نيوكاسل وتوتنهام معرضان بشكل خاص للمعاناة من متطلبات خوض غمار بطولتين متوازيتين في الدوري والبطولة الأوروبية معاً. فقد ألغى دوري الأبطال بنسخته الموسعة فترة التوقف الشتوية القصيرة في إنجلترا، ليجعل من يناير (كانون الثاني) الشهر الأكثر ازدحاماً في الجدول. وقد اعتبر بعض المنافسين القاريين ذلك بالفعل عاملاً كبيراً لتحقيق المساواة في هذا السباق.
ومع ذلك، فإن هذا يعكس أيضاً سبب كون أجزاء من هذا النقاش قد أسيء طرحها منذ زمن. فخارج إنجلترا، لم يعد من الصحيح الحديث عن قوة الدوريات الفردية، بل الأمر يقتصر على قوة الأندية العملاقة الفردية.
فبينما امتلكت إنجلترا أربعة متأهلين مختلفين إلى نصف النهائي منذ موسم (2020 - 2021)، كان باريس سان جيرمان مسؤولاً عن تمثيل فرنسا، وريال مدريد عن غالبية التمثيل الإسباني.
وقد أدى هذا إلى أنه، على رغم كل إنفاق الدوري الإنجليزي الممتاز، ما زالت الأندية العملاقة الأخرى تملك من الثقل ما يكفي لضمان الاستحواذ على معظم قوائم المرشحين للكرة الذهبية. حتى بعض أكبر نجوم إنجلترا، مثل جود بيلينغهام وهاري كين، يلعبان لتلك الأندية.
الابتكار سلاح منافسي أندية إنجلترا
وهنا يظهر الابتكار الكلاسيكي من رحم الحاجة. فالأندية الأقل موارد تضطر للتفكير أكثر، كي تفاجئ فرق الدوري الإنجليزي الممتاز.
إلا أن هذا لا يذهب بعيداً. فأنبغ المدربين يتم التعاقد معهم بسرعة من قبل أندية الدوري الإنجليزي، مما يعني أن معظم الابتكار يحدث هناك. وانظر إلى كيف أن فريق بورنموث بقيادة أندوني إراولا يمزق الهيمنة التكتيكية لبيب غوارديولا.
قبل 15 عاماً فقط، ربما كان مدرب مثل إراولا في فالنسيا أو ليون.
لهذا السبب يبدو أن هذا النقاش سيظل على حافة السكين في كل موسم. فشخصيات مثل تيباس تدرك أنها لا تستطيع الاستمرار في الاعتماد على هذا المزيج من العوامل التي قد تؤدي بشكل سيئ لأندية الدوري الإنجليزي.
وعندما يكون لديك ستة أندية، فمن الأرجح أن واحداً أو اثنين منها سيتجاوز هذه العقبات ليصل أبعد.
فكر في رد الفعل على توسع الموسم الماضي. فأرسنال بنى تشكيلة ضخمة لمجاراة تشيلسي. وليفربول يملك الآن أقوى خط هجومي في أوروبا بعد التعاقد مع ألكسندر إيساك.
حتى أندية مثل برشلونة لم تستطع إيجاد المال لمجاراة ذلك. وبدلاً من ذلك، على الجميع أن يحاول شيئاً آخر، حتى فوق ملاعب دوري الأبطال.
© The Independent