ملخص
على رغم تعرض السعودية لضغوط هائلة من قبل أهم حلفائها الاستراتيجيين وهي الولايات المتحدة لثنيها عن جهودها المثمرة لاستقطاب الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وعلى رغم أنها تعرض مصالحها الخاصة للمخاطرة من أجل فلسطين، فإنها ثابتة في مواقفها إيماناً منها بعدالة القضية من جهة، وبأهمية دورها في مساندة الشعب الفلسطيني خلال نضاله لنيل حقوقه المشروعة من جهة أخرى.
لا أعرف أصل هذا المثل أو العبارة الشعبية التي تقول "لن يرضى عنك لو تربط على أذانيهم عقارب"، وهي كناية عن أن من تحاول أن تكسب رضاه لن يرضى عنك ولو فعلت المستحيل من أجله. لم أجد أصلاً لهذا المثل أو قصة له، ولعل معظم جيل الألفية لم يسمع به قط. ولم أعرف العلاقة بين العقارب والرضا، ولماذا الأذنين تحديداً؟ لم لا تكون القدمين أو اليدين أو الأصابع بدلاً من الأذنين مثلاً؟
تذكرت هذا المثل بعدما شاهدت فيديو لشخص عربي غير خليجي، أتعمد إخفاء جنسيته للتدليل على أن المقصود ليست جنسية بعينها، لكن هذا الشخص يعد نموذجاً لنماذج عربية مريضة تعاني متلازمة الخليج عموماً والسعودية تحديداً. في هذا الفيديو يلقي هذا الشخص المتجهم باللوم واللائمة على السعودية لضياع فلسطين وضياع حقوق الشعب الفلسطيني، بصوت وكلمات تنم عن حقد دفين وعلة مكينة، وينسى أو يتناسى كل ما فعلته وتفعله المملكة من أجل فلسطين حتى اليوم.
فالسعودية التي شاركت في أول حرب من أجل فلسطين عام 1948، وساندت الجيوش العربية في كل حروبها التالية، واستخدمت سلاح النفط بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، وقدمت المبادرات السلمية لقيام الدولة الفلسطينية في ضوء قرارات الأمم المتحدة وموافقات القيادات الفلسطينية الشرعية، ولم تقدم على أية مبادرة لم يوافق عليها الفلسطينيون أنفسهم، ولم تعترف بإسرائيل أو تقِم أية علاقة معها على رغم أن الفلسطينيين أنفسهم اعترفوا بإسرائيل وأقاموا معها العلاقات بأنواعها شتى، وتقود جهوداً مضنية لوقف الإبادة في غزة ومحاولة تخفيف معاناة أهلها، ومع هذا فلم تسلم السعودية من نيران الحقد تجاهها من بعض العرب باسم فلسطين وبذريعة الانتصار لها بمهاجمة المملكة.
وهذه الأيام، نشطت بحرارة الدبلوماسية والجهود السعودية الدولية التي تقود حملة عالمية للاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل طمس ما بقي من الضفة وغزة، ولقطع الطريق على مشاريع التهجير الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية بالتنسيق مع مصر والإمارات اللتين قام رئيساهما عبدالفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة المملكة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان. ونجحت المملكة في إقناع دول غربية مهمة كبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتكللت الجهود الدولية السعودية بترؤس مؤتمر دولي في الـ22 من سبتمبر (أيلول) الجاري بنيويورك أثناء عقد الجمعية العامة للأمم المتحدة بالشراكة مع فرنسا، لشن حملة كبرى داخل أروقة الأمم المتحدة لجلب الاعتراف بدولة فلسطين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم أن المملكة تتعرض لضغوط هائلة من قبل أهم حلفائها الاستراتيجيين وهي الولايات المتحدة لثنيها عن جهودها المثمرة لاستقطاب الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وعلى رغم أنها تعرض مصالحها الخاصة للمخاطرة من أجل فلسطين، فإنها ثابتة في مواقفها إيماناً منها بعدالة القضية من جهة، وبأهمية دورها في مساندة الشعب الفلسطيني خلال نضاله لنيل حقوقه المشروعة من جهة أخرى.
هذا هو قدر المملكة منذ عقود، ولكنها ماضية في سياسة ثابتة، مؤمنة بعدالتها، وواثقة من نجاحها، أما العقارب التي بعضها بيننا، فلن تتوقف عن اللدغ مهما عملت المملكة ودول الخليج للقضية الفلسطينية، وهذا طبعهم الذي لن ينتهوا عنه "ولو ربطت على أذانيهم عقارب"، ويصدق فيهم قول الشاعر العباسي السعدي:
"لدغ العقارب لم يكن لعداوة ولكن لسوء تقتضيه طباعها"