ملخص
الهجمات الروسية المدمرة على كييف تكشف فشل مساعي ترمب للسلام وتؤكد أن أوروبا في حاجة إلى قيادة قوية، استعداداً لمعركة طويلة، وزيادة في الإنفاق والدعم العسكري لأوكرانيا لمواجهة طموحات بوتين التوسعية التي تهدد أمن القارة واستقرارها.
قُتل ما لا يقل عن 23 شخصاً في هجوم جديد شنته روسيا بطائرات مسيرة وصواريخ على أوكرانيا. وتعرضت مكاتب الاتحاد الأوروبي والمجلس البريطاني للقصف، إلى جانب مبنى سكني مكون من خمسة طوابق دُمر في كييف. وأثار هذا غضباً شديداً. وماذا في ذلك؟
هددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بفرض مزيد من العقوبات على روسيا. وقال السير كير ستارمر إن "بوتين يقتل الأطفال والمدنيين ويقوض آمال السلام".
هذا تصريح بديهي، لكنه ليس تصريح رجل دولة.
طوال معظم الأعوام الـ80 الماضية، لم يضطر رؤساء الوزراء البريطانيون إلى مناجاة الشعب طلباً "للدم والعرق والكدح والدموع" [عبارة شهيرة لـونستون تشيرشل]. فقد عاش المواطن البريطاني حياة سهلة نسبياً. بضع الحروب العبثية الاختيارية، وفرص للجنود في العراق وأفغانستان للفوز بميداليات جعلت البريطانيين يشعرون بفخر مفرط. عززت جزر فوكلاند حق بريطانيا في الهيمنة - ولا أحد يكاد يتذكر مشاركة المملكة المتحدة في كوريا.
لكن سلسلة الهجمات الروسية الأخيرة ودعم دونالد ترمب المستمر لفلاديمير بوتين، هما دليل، كما لو كان ذلك ضرورياً، على أن قادة أوروبا يجب أن يعدوا دولهم لمعركة طويلة، وزيادة الضرائب، والتضخم نتيجة لارتفاع أسعار المحروقات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يجب أن يقبلوا أن الأيام الرغيدة التي استمتع بها جيل الطفرة السكانية وجيل الألفية ولت. وذلك لأن ترمب، لأسباب ستشغل بال المؤرخين لأجيال، يتصرف كأنه يعمل لمصلحة الكرملين. لقد رفع الغطاء الأمني الأميركي الذي كان يحمي أوروبا في بداية إدارة ترمب الجديدة. ولم يمض سوى ستة أشهر على ذلك.
في ألاسكا، خضع ترمب لبوتين. تملق ديكتاتوراً زائراً، مطلوباً من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. ثم دلل قادة أوروبا الرئيس الأميركي بتعاملهم معه كطفل صغير، يلاطفونه ويمدحونه خوفاً من أن يلقي بألعابه خارج السرير ويهرع إلى حضن العم فلاد [فلاديمير بوتين].
مشكلتهم أن ترمب هناك بالفعل. إن إطلاق أكثر من 600 طائرة مسيرة و31 صاروخاً على أوكرانيا لن يغير ولاءه، ناهيك بمقتل 15 شخصاً.
لقد قبل ترمب بادعاء بوتين الذي فرضه بالقوة والحرب على معظم شرق أوكرانيا، وتجاهل حقيقة أن الضحايا الرئيسين لغزو بوتين كانوا من الناطقين بالروسية الذين زعم أنه جاء لإنقاذهم. فقد قتل ما لا يقل عن 8000 مدني على يد روسيا في ماريوبول – حيث كان 90 في المئة من السكان يتحدثون الروسية بصفتها لغتهم الأساس.
لقد حول بوتين الحديث من كيفية طرده من أوكرانيا إلى كيفية ضم روسيا لمناطق أوكرانية. يقول إنه يريد، من بين مناطق أخرى، كل مقاطعة دونيتسك. ويشمل ذلك مدينتي كراماتورسك وسلافيانسك الحصينتين – وكلتاهما ذات غالبية ناطقة بالروسية.
وهما على بعد مسافة قصيرة بالسيارة من باخموت، وهي أيضاً مدينة ناطقة باللغة الروسية، دمرتها حملة روسيا لإنقاذها من الديمقراطية الأوكرانية.
لقد أوضح بوتين أنه لا يرى أوكرانيا دولة ذات سيادة. ويعتقد أن دول أوروبا الشرقية التي كانت تحت سيطرة الاتحاد السوفياتي يجب أن تخضع مرة أخرى لموسكو. كما أن لديه مخططات في شأن دول البلطيق، ونجح بالفعل في تقويض الديمقراطية في الغرب.
قد تكون الحرب الباردة انتهت، لكن الرضا عن نهايتها جعل أوروبا غير قادرة على قبول أنها قد تضطر إلى دفع ثمن للدفاع عن أسلوب حياتها واقتصادها وأراضيها، وهذا افتقار إلى القيادة.
كتب أوين ماثيوز حديثاً "لقد أضاعت أوروبا فرصة واحدة لإضعاف الاقتصاد الروسي. منذ غزوها الشامل لأوكرانيا، جنت روسيا ما يقارب تريليون يورو من النفط والغاز. بعد الصين، كان الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر مشتر للغاز من بوتين، إذ دفع 260 مليار يورو".
أوروبا تمول حرب بوتين في أوروبا. يجب أن يتوقف هذا على الفور.
إن جهود ترمب المسرحية، لجمع فولوديمير زيلينسكي وبوتين حول طاولة المفاوضات السلمية محكوم عليها بالفشل لأن أميركا لن تهدد الرئيس الروسي بما يخشاه حقاً، ألا وهو الهزيمة. يمكن للولايات المتحدة أن ترمي بثقلها وراء أوكرانيا، إلى جانب أوروبا، وتكسر شوكة الجيوش الروسية الغازية في أوكرانيا.
لكن الولايات المتحدة لن تسمح لأوكرانيا حتى باستخدام صواريخ "ستورم شادو" بعيدة المدى داخل روسيا، ولا حتى الصواريخ أرض-أرض قصيرة المدى التي يتعين عليها الآن شراؤها من واشنطن بمساعدة أوروبية. في الواقع، لم تعد الولايات المتحدة تزود أوكرانيا بأية أسلحة مجاناً. كل هذا يعني أن دافعي الضرائب في جميع أنحاء أوروبا والمملكة المتحدة سيضطرون إلى دفع المال لحماية أنفسهم من بوتين.
فون دير لاين قالت إن الاتحاد الأوروبي سيفرض مزيداً من العقوبات على روسيا "قريباً"، أما ستارمر فقال "يجب أن تنتهي هذه المذابح".
سيتطلب الأمر قيادة أقوى من ذلك لإخافة الكرملين.
© The Independent