ملخص
أسفر هجوم روسي ليلي على وسط وجنوب شرقي أوكرانيا عن مقتل شخص وإصابة 24 آخرين، بينهم أطفال، مع أضرار واسعة في البنية التحتية. القوات الأوكرانية استهدفت من جهتها مصافي نفط روسية. الرئيس زيلينسكي اتهم موسكو باستغلال التحضيرات لقمة محتملة لتكثيف الهجمات، فيما طالبت أوروبا روسيا بدفع تعويضات مقابل أصولها المجمدة.
أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم السبت أن قواتها سيطرت على قرية كوميشوفاخا داخل منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا. وأضافت أن القوات نفذت ضربات ناجحة بأسلحة عالية الدقة على منشآت صواريخ وطيران أوكرانية، إضافة إلى مطارات عسكرية في البلاد.
من جهته، قال رئيس هيئة الأركان العامة الروسية الجنرال فاليري جيراسيموف اليوم إن القوات الروسية تشن هجمات مستمرة على امتداد كامل خط الجبهة تقريباً في أوكرانيا، ولديها "المبادرة الاستراتيجية".
وقال جيراسيموف لنوابه في خطاب نشرته وزارة الدفاع، "تواصل القوات المشتركة شن هجمات بلا هوادة على امتداد كل خط الجبهة تقريباً. خلال الوقت الحالي، تملك القوات الروسية المبادرة الاستراتيجية بالكامل".
وقال جيراسيموف إن روسيا تسيطر الآن على 99.7 في المئة من منطقة لوغانسك الأوكرانية، و79 في المئة من منطقة دونيتسك، و74 في المئة من منطقة زابوريجيا، و76 في المئة من منطقة خيرسون.
وقال إن روسيا سيطرت منذ مارس (آذار) الماضي على أكثر من 3500 كيلومتر مربع من الأراضي في أوكرانيا وسيطرت على 149 قرية.
ميرتس لتعجيز موسكو
في المقابل، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم إنه لا يتوقع توقف الحرب الروسية على أوكرانيا إلا عندما تعجز موسكو عن مواصلتها لأسباب اقتصادية وعسكرية، وذلك في ظل فشل الجهود الدبلوماسية في إحراز أي تقدم يذكر خلال الأسابيع القليلة الماضية. وأضاف ميرتس ضمن فعالية أقامها حزبه المحافظ في ولاية نورد راين فستفاليا، "جميع الجهود المبذولة خلال الأسابيع الماضية لاقت نهجاً أكثر عدوانية من قبل النظام في موسكو ضد السكان في أوكرانيا".
وتابع قائلاً "هذا لن يتوقف حتى نضمن معاً أن روسيا، في الأقل لأسباب اقتصادية وربما أيضاً لأسباب عسكرية... لم تعد قادرة على مواصلة هذه الحرب".
هجوم روسي كبير
وكان هجوماً كبيراً شنته روسيا، ليل الجمعة – السبت، على وسط أوكرانيا وجنوب شرقها أسفر عن مقتل شخص على الأقل وإصابة ما لا يقل عن 24 آخرين بينهم ثلاثة أطفال، وفق ما أفادت السلطات الأوكرانية اليوم السبت، مع إلحاق أضرار بمنازل ومتاجر في مدن عدة.
وقالت القوات الجوية الأوكرانية إنها أسقطت 510 من أصل 537 طائرة مسيّرة و38 من أصل 45 صاروخاً أطلقتها روسيا في هجوم ليلي. وأضافت في بيان على "تيليغرام" أنها سجلت أيضاً خمس ضربات صاروخية و24 هجوماً بطائرات مسيّرة استهدفت سبعة مواقع، في حين تساقطت الشظايا في 21 موقعاً.
وقال جهاز الطوارئ الحكومي الأوكراني عبر "تيليغرام" "خلال الليل، نفذ العدو ضربات كبيرة" على زابوريجيا.
وأوضح حاكم منطقة زابوريجيا الأوكرانية إيفان فيدوروف اليوم أن الهجوم على المنطقة أسفر عن مقتل شخص وإصابة ما لا يقل عن 24 آخرين بينهم ثلاثة أطفال. وأضاف عبر تطبيق "تيليغرام" أن الهجوم ألحق أضراراً بالبنية التحتية ومبان سكنية.
من جهته، قال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية إيفان فيدوروف إن "الضربات الروسية دمرت منازل وألحقت أضراراً بالعديد من المنشآت، بينها مقاه ومؤسسات صناعية".
وكان حاكم دنيبروبيتروفسك الأوكرانية أعلن، في وقت مبكر صباحاً، أن المنطقة تتعرض "لهجوم كبير" مشيراً إلى وقوع ضربات في دنيبرو وبافلوغراد.
في المقابل، قال الجيش الأوكراني اليوم إنه استهدف مصفاتي نفط كراسنودار وسيزران الروسيتين خلال الليل.
وسجل الجيش وقوع عدة انفجارات وحريق في مصفاة كراسنودار، التي قال إنها تنتج 3 ملايين طن من المنتجات النفطية الخفيفة سنوياً في منطقة كراسنودار. وأضاف أن حريقاً اندلع أيضاً في موقع مصفاة سيزران في منطقة سامارا، التي بلغت طاقتها الإنتاجية 8.5 مليون طن سنوياً قبل أغسطس (آب) الجاري.
بدورها، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها أسقطت 20 طائرة مسيرة أوكرانية، منها 18 فوق شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو، بين الرابعة والثامنة بتوقيت غرينتش اليوم. وأُسقطت الطائرتان المسيرتان المتبقيتان فوق منطقة سمولينسك في غرب روسيا. وفي بيان سابق، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها دمرت 86 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل وحتى اليوم.
حريق يحاصر "قصر بوتين"
في الأثناء، يواصل عناصر الإطفاء الروس إخماد حريق اندلع إثر تساقط حطام مسيّرة أوكرانية أول من أمس الخميس بالقرب من قصر على ضفاف البحر الأسود يقال إنه ملك للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأعلنت سلطات كراسنودار في جنوب روسيا أول من أمس أن سقوط مسيّرة أوكرانية أحدث حريقاً في "منطقة حرجية" بالقرب من مدينة غيليندجيك. وتقع في هذه المنطقة دارة فاخرة تُعرف إعلامياً بـ"قصر بوتين"، وينفي الرئيس الروسي أية علاقة له بها.
وأعلنت وزارة الحالات الطارئة اليوم أن أكثر من 400 عنصر يعملون على إخماد الحريق بالقرب من غيليندجيك. وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها الوزارة النيران تلتهم أشجاراً والرماد يغطّي التربة، في حين تقوم مروحية بنقل المياه، ولا مؤشرات حتى الساعة إلى أن الحريق يهدد مباشرة "قصر بوتين" الذي لم تذكره السلطات الروسية في أي من بياناتها المختلفة.
وكان المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي توفي في المعتقل في ظروف غامضة، نشر عام 2021 تحقيقاً اتهم فيه بوتين بامتلاك هذه الدارة الكبيرة الواقعة في منطقة سياحية على ضفاف البحر الأسود، وكشف التحقيق أن المجمّع الفاخر المموّل من صفقات فساد يضم كروماً وملعباً للهوكي على الجليد وكازينو، وكثيراً ما نفى بوتين ملكية هذا القصر.
استغلال الوقت
سياسياً، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن موسكو تستغل فترة التحضير لاجتماع قمة محتمل بين البلدين لشن هجمات جديدة وضخمة على بلاده.
وكتب زيلينسكي على موقع "إكس" اليوم، "الطريقة الوحيدة لإعادة فتح الطريق أمام فرصة دبلوماسية هي اتخاذ إجراءات صارمة ضد كل من يمول الجيش الروسي، وفرض عقوبات فعالة على موسكو، خصوصاً على القطاع المصرفي وقطاع الطاقة".
ولم يتم تحديد موعد لعقد اجتماع بين زعيمي أوكرانيا وروسيا حتى الآن.
أوروبا تطالب روسيا بدفع تعويضات
قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس اليوم إنه لا يمكن تصور إعادة الأصول الروسية المجمدة داخل التكتل بسبب الحرب في أوكرانيا ما لم تدفع موسكو تعويضات.
وقالت للصحافيين قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في كوبنهاغن، "لا يمكننا أن نتصور أنه... إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو اتفاق سلام فإن هذه الأصول ستعود إلى روسيا إذا لم تدفع التعويضات".
ويقول الاتحاد الأوروبي إن أصولاً روسية قيمتها نحو 210 مليارات يورو (245.85 مليار دولار) جرى تجميدها في التكتل بموجب العقوبات المفروضة على موسكو بسبب هجومها على أوكرانيا.
ودعت أوكرانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، من بينها بولندا ودول البلطيق، إلى مصادرة الأصول الروسية المجمدة واستخدامها في دعم كييف. لكن القوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا وألمانيا، إلى جانب بلجيكا التي تحتفظ بمعظم هذه الأصول، رفضت تلك الدعوات. وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي خصص أرباحاً مستقبلية من تلك الأصول للإنفاق على الدعم المقدم لأوكرانيا، وتساءلت عما إذا كان هناك أساس قانوني لمصادرتها. ويقول دبلوماسيون إن الحوار يتركز الآن على كيفية استخدام هذه الأموال بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا.
هجوم نادر
وأسفر هجوم روسي نادر على سفينة حربية أوكرانية عن مقتل جنديَين اثنين فيما لا يزال آخرون في عداد المفقودين، وفق ما أفاد ناطق باسم البحرية الأوكرانية وكالة الصحافة الفرنسية أمس الجمعة.
وكانت روسيا أعلنت أول من أمس الخميس أنها أغرقت سفينة الاستطلاع الأوكرانية سيمفيروبول في دلتا نهر الدانوب في واحدة من أولى ضرباتها الناجحة بمسيرة بحرية.
وقال الناطق باسم البحرية الأوكرانية دميترو بليتنتشوك "ما زلنا نبحث عن عدد من الجنود" الذين كانوا على متن السفينة المستهدفة"، لكنه رفض تأكيد إصابة السفينة بمسيّرة أو موقع الهجوم.
وأشار إلى أن آخرين أصيبوا في الهجوم. ونشرت وزارة الدفاع الروسية الخميس مشاهد بالأبيض والأسود للهجوم المزعوم تظهر انفجاراً كبيراً في المياه.
لقاء بوتين وزيلينسكي
أعلن البيت الأبيض أمس أن الرئيس دونالد ترمب لا يزال يعمل على عقد لقاء بين الزعيمين الروسي والأوكراني، وذلك بعدما حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من خطر "تلاعب" فلاديمير بوتين بنظيره الأميركي.
وقال مسؤول في البيت الأبيض لوكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم الكشف عن هويته "يواصل الرئيس ترمب وفريقه للأمن القومي التواصل مع المسؤولين الروس والأوكرانيين من أجل عقد اجتماع ثنائي لوقف القتل وإنهاء الحرب".
وأضاف "كما صرح به عديد من قادة العالم لم تكن هذه الحرب لتحدث لو كان الرئيس ترمب في السلطة. وليس من المصلحة القومية مواصلة التفاوض على هذه القضايا علناً".
يأتي ذلك بعدما أعرب ماكرون في وقت سابق الجمعة عن أمله في عقد اجتماع ثنائي، لكنه حذر من أنه إذا لم يلتزم الروس الموعد النهائي الذي حدده ترمب، وهو يوم الإثنين للموافقة على المحادثات "فسيعني ذلك مجدداً أن الرئيس بوتين تلاعب بالرئيس ترمب".
وبعد استضافته بوتين في ألاسكا في وقت سابق من هذا الشهر، ثم استضافة فولوديمير زيلينسكي وزعماء أوروبيين في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، قال ترمب إنه يعمل على ترتيب محادثات ثنائية بين الزعيمين الروسي والأوكراني.
لكن روسيا قللت مذاك من احتمالات عقد مثل هذا الاجتماع. ورفض نائب كبيرة موظفي البيت الأبيض ستيفن ميلر الإشارة إلى إمكان تعرض ترمب للخداع من بوتين. وقال عندما سأله مراسل وكالة الصحافة الفرنسية عن تعليقات ماكرون، إن "هذا سؤال سخيف".
وأضاف ميلر "لم يبذل أي رئيس في التاريخ جهداً أكبر لدعم قضية السلام. إنه يعمل بجد لإنهاء القتل، وهذا أمر ينبغي على الجميع في العالم الاحتفاء به".
ولم تسفر الجهود الدبلوماسية لإنهاء الهجوم الروسي الشامل عن نتائج تذكر حتى الآن، حتى بعدما التقى ترمب على انفراد الزعيمين الروسي والأوكراني في وقت سابق من الشهر الجاري. وكشفت روسيا عن أنه لا يوجد جدول أعمال لقمة محتملة بين بوتين وزيلينسكي.
وذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجمعة أن وزارة الخارجية وافقت على بيع محتمل لخدمات الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية والمعدات ذات الصلة إلى أوكرانيا بكلفة تبلغ نحو 150 مليون دولار. وقالت وزارة الدفاع في بيان إن المقاول الرئيس لعملية البيع سيكون شركة "ستارلينك".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الضمانات الأمنية
من جانبه دعا الرئيس الأوكراني الحلفاء الجمعة إلى تعجيل رفع مستوى المحادثات في شأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا إلى مستوى القادة في وقت تعهد فيه وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي تدريب قوات كييف على الأراضي الأوكرانية في حال التوصل إلى هدنة.
وتشارك كييف في جهود دبلوماسية لوضع حد للحرب الروسية التي دخلت عامها الرابع ولضمان التزامات حاسمة من شركائها لصد أي هجوم مستقبلي.
وقال زيلينسكي إنه يتوقع مواصلة المناقشات مع القادة الأوروبيين خلال الأسبوع المقبل في شأن التزامات "شبيهة بتلك التي يقدمها حلف شمال الأطلسي" لحماية أوكرانيا، وأضاف أن الرئيس الأميركي يجب أن يكون جزءاً من هذه المحادثات أيضاً.
وجاء حديث زيلينسكي المقتضب قبيل لقاء رئيس أركانه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف في نيويورك لمناقشة ضرورة ممارسة مزيد من الضغوط على موسكو.
وقال مسؤول أميركي كبير إن الأوكرانيين دعوا ويتكوف إلى زيارة أوكرانيا. وأضاف المسؤول أن الاجتماع أتاح لويتكوف الفرصة للتأكيد على ضرورة اجتماع أوكرانيا وروسيا لإنهاء الحرب.
ويقول مسؤولون أوكرانيون إن روسيا التي واصلت شن هجمات على المدن بصواريخ وطائرات مسيرة لا ترغب في إحلال السلام.
وكتب مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك على منصة "إكس"، "روسيا تفشل في تحقيق أي شيء ضروري لإنهاء الحرب، ومن الواضح أنها تطيل أمد الأعمال القتالية".
ويرى مسؤولون في كييف أن التمويل الأميركي، ولا سيما في إطار صفقة المعادن الاستراتيجية التي جرى التوصل إليها في وقت سابق العام الجاري يمثل عنصراً أساسياً في تأمين تسوية سلمية دائمة.
كيم يلتقي عائلات جنود قتلوا في روسيا
التقى الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون عائلات الجنود الذين قتلوا خلال مشاركتهم في المعارك إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، وقدم تعازيه في "آلامهم التي لا تُحتمل"، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء المركزية الرسمية اليوم السبت.
ولم تؤكد بيونغ يانغ عدد الجنود الذين لقوا حتفهم أثناء القتال إلى جانب القوات الروسية، لكن سيول تقدر عددهم بنحو 600، إضافة إلى آلاف المصابين.
وأكدت أجهزة استخبارات كوريا الجنوبية ودول غربية أن بيونغ يانغ أرسلت أكثر من 10 آلاف جندي إلى منطقة كورسك في 2024، فضلاً عن قذائف مدفعية وصواريخ وقاذفات صواريخ طويلة المدى.
وألقى كيم كلمة أمام عائلات الجنود الجمعة وفق وكالة وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية بعدما التقى بعضها فقط الأسبوع الماضي في احتفال عام آخر وزاع خلاله أوسمة تكريمية للجنود.
وقال كيم في خطابه وفق الوكالة إنني فكرت كثيراً في عائلات القتلى الآخرين الذين لم يكونوا حاضرين، "لذلك، رتبت هذا اللقاء رغبة مني في لقاء عائلات جميع (القتلى) ومواساتها وتخفيف حزنها ومعاناتها ولو حتى قليلاً".
ووعد بإنشاء نصب تذكاري في العاصمة، وكذلك شارع جديد لعائلات الضحايا، في حين ستقدم الدولة الدعم الكامل لأطفال الجنود.
وأضاف كيم "قلبي ينفطر ويتألم أكثر عند رؤية هؤلاء الأطفال الصغار". وتابع "أنا وبلادنا وجيشنا سنتحمل مسؤوليتهم بصورة كاملة وندربهم ليصبحوا مقاتلين أقوياء وشجعاناً مثل آبائهم".