Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تهدأ الخلافات بين ترمب ورئيس "الفيدرالي"؟

جيروم باول فتح الباب أمام خفض أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي الأميركي في سبتمبر المقبل

تتراوح أسعار الفائدة الأميركية ما بين 4.25 و4.50 في المئة منذ ديسمبر 2024 (أ ف ب)

ملخص

واصل ترمب هجومه على أعضاء "الفيدرالي"، إذ قال إنه سيقيل ليسا كوك عضو المجلس إذا لم تقدم استقالتها، في تصعيد لجهوده الرامية إلى زيادة نفوذه على البنك المركزي.

منذ توليه سدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية في يناير (كانون الثاني) الماضي، دأب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الهجوم على رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول، مكيلاً له الانتقادات بسبب موقف البنك ورئيسه من أسعار الفائدة.

الانتقاد خرج عن الأطر البروتوكولية في أكثر من مرة، إذ وصف ترمب رئيس "الفيدرالي" في أكثر من موقف بـ"الغبي" والعنيد بسبب إصرار الأخير على تثبيت أسعار الفائدة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024، ويبدو أن الأمر لا يتعلق برئيس البنك وحسب، إذ إن الرئيس الأميركي قد يسعى إلى السيطرة على البنك المركزي.

وأمس الجمعة، واصل ترمب هجومه لكن هذه المرة على إحدى أعضاء البنك، إذ قال إنه سيقيل ليسا كوك عضو "الفيدرالي" إذا لم تقدم استقالتها، في تصعيد لجهوده الرامية إلى زيادة نفوذه على البنك المركزي وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية أمس. أضاف ترمب في تصريحات إلى الصحافيين خلال زيارة لمتحف في واشنطن "سأقيلها إذا لم تقدم استقالتها".

وكان ترمب قد دعا الأربعاء الماضي كوك إلى الاستقالة على خلفية اتهامات تتعلق برهون عقارية لها في ولايتي ميشيغان وجورجيا، إلا أن كوك ردت بالقول "لا حاجة إلى الابتزاز من أجل تقديم الاستقالة"، وردت كوك التي تعد أول امرأة سمراء تشغل منصب عضو في مجلس الاحتياط الفيدرالي، أمس الأربعاء الماضي، قائلة إنها "تأخذ أية أسئلة في شأن سجلها المالي على محمل الجد كونها عضواً في مجلس الاحتياط"، مشيرة إلى "أنها تجمع المعلومات الدقيقة للإجابة عن أية أسئلة مشروعة"، يذكر أن كوك من بين ثلاثة أعضاء في "الفيدرالي" عيّنهم الرئيس السابق جو بايدن وتمتد ولايتهم إلى ما بعد فترة رئاسة ترمب، مما يُعقد جهود الرئيس لزيادة سيطرته من خلال تعيين غالبية أعضاء مجلس المحافظين السبعة، إذ عين هو اثنين من الأعضاء الستة المتبقين في البنك وهما كريستوفر والر وميشيل بومان.

فتح الباب أمام خفض الفائدة

إلا أن هجوم ترمب قد يتوقف قليلاً، بعدما فتح جيروم باول الباب أمام إمكان خفض الفائدة في اجتماع "الفيدرالي" المهم في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وأعلن رئيس "الفيدرالي" أمس الجمعة، عما وصفه بـ"إطار عمل محدث" للبنك يعكس عودة ارتفاع ضغوط التضخم وتراجع احتمالات وصول أسعار الفائدة القصيرة الأجل إلى مستوى قريب من الصفر.

وجاء هذا الإعلان في سياق الإشارة إلى التغييرات الكبيرة في المشهد الاقتصادي خلال الأعوام الخمسة الماضية.

وقال باول في كلمة ألقاها في ندوة "جاكسون هول" الاقتصادية في وايومنج "ما زلنا نعتقد أن السياسة النقدية يجب أن تكون استشرافية، وأن تأخذ في الاعتبار التأخر في آثارها في الاقتصاد"، وإن على البنك المركزي موازنة الأخطار التي تهدد كلاً من وظائفه والتزاماته المتعلقة بالتضخم عند وضع السياسة النقدية.

وعن إطار العمل الجديد، أوضح باول "حذفنا العبارات المتعلقة ببيئة أسعار الفائدة المنخفضة وعدنا إلى إطار عمل مرن لاستهداف التضخم وألغينا إستراتيجية التعويض التي كانت واردة في إطار عمل عام 2020"، وهو آخر تحديث أجراه "الفيدرالي" لمبادئه التشغيلية العامة. وأضاف باول "يؤكد بياننا المنقح التزامنا العمل بقوة لضمان استقرار توقعات التضخم على المدى الطويل، بما يعود بالنفع على كلا الجانبين في مهمتنا المزدوجة".

كان ذلك إشارة إلى أن أحداث جائحة "كوفيد-19" طغت سريعاً على النسخة السابقة من السياسة النقدية، إذ نص جدول الأعمال المقدم آنذاك على أن يسمح البنك المركزي للتضخم بتجاوز هدف اثنين في المئة لتعويض الفترات التي لم يحقق فيها البنك هذا الهدف.

وأوضح باول أنه "بموجب المبادئ الجديدة نأخذ في الاعتبار مدى الانحرافات عن أهدافنا والآفاق الزمنية المختلفة المحتملة التي من المتوقع أن يعود خلالها كل منهما إلى مستوى يتوافق مع مهمتنا المزدوجة".

يشار إلى أن التضخم ارتفع بشدة في 2021، مما دفع المجلس إلى رفع أسعار الفائدة بصورة حادة، لكنه انحسر وتمكن المجلس من خفض هدفه لسعر الفائدة الذي يتراوح الآن ما بين 4.25 و4.50 في المئة.

سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، الذي يحدد ما تفرضه البنوك على بعضها مقابل الإقراض لليلة واحدة، ويستخدم كمعيار لأسعار الفائدة النهائية للمستهلكين الآخرين، مستهدفاً ما بين 4.25 و4.5 في المئة منذ ديسمبر 2024.

باول في موقف صعب

باول حالياً في موقف صعب يحتم عليه الموازنة ما بين احتمال أن تتسبب رسوم ترمب الجمركية المشددة على شركاء بلاده التجاريين بتضخم متواصل وأخطار تراجع سريع في سوق العمل.

على أية حال، تجاوبت الأسواق مع تصريحات باول سريعاً ومعها المستثمرون، بعدما زاد تفاؤلهم بإمكان خفض الفائدة الشهر المقبل، إذ ارتفعت توقعات خفض الفائدة من جانب المستثمرين من 70 في المئة إلى 90 في المئة، إذ يرون أن "الفيدرالي" سيخفض الفائدة بـ25 نقطة أساس في اجتماعه المقبل.

ووفقاً لـ"بلومبيرغ" ارتفع سعر الذهب مع انخفاض الدولار، بعدما فتح رئيس "الفيدرالي" الباب أمام خفض أسعار الفائدة صاعداً 0.6 في المئة إلى 3375.00 دولار للأونصة، وارتفعت العملات المشفرة وعلى رأسها "بيتكوين" 2.2 في المئة إلى 114 ألف دولار.

في نهاية يوليو (تموز) الماضي، هاجم الرئيس الأميركي مجدداً جيروم باول، واصفاً إياه بأنه "غبي"، وذلك بعدما أبقت مؤسسته معدلات الفائدة من دون تغيير في آخر اجتماعاتها، على رغم حضه طوال أسابيع على خفضها.
وكتب ترمب عبر صفحته الشخصية على موقع "تروث سوشيال" أن "باول متأخر للغاية، وفي الواقع غاضب للغاية وغبي للغاية ومسيس للغاية للقيام بهذه الوظيفة"، مضيفاً "لقد فعلها مجدداً جيروم باول المتأخر جداً"، وذلك بعد أسابيع من إبداء انزعاجه من الرجل الذي عينه لرئاسة المؤسسة خلال ولايته الأولى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان ترمب قد صرح أخيراً "أريده أن يخفض أسعار الفائدة" في خطوة من شأنها أن تسهل الائتمان وتشجع النشاط الاقتصادي وتخفف عبء ديون الحكومة الفيدرالية.

وأظهر محضر اجتماع الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الصادر الأربعاء الماضي قلق مسؤولي "الفيدرالي" في اجتماعهم الذي عقد خلال يوليو الماضي، في شأن حال سوق العمل والتضخم، على رغم أن معظمهم اتفقوا على أن خفض أسعار الفائدة سابق لأوانه.

وأظهر ملخص الاجتماع تبايناً في الآراء بين محافظي مجلس "الفيدرالي"، الذين جاء تصويتهم على إبقاء أسعار الفائدة الرئيسة ثابتة على رغم اعتراضات اثنين من محافظي "الفيدرالي"، اللذين دافعا عن خفضها.

ولاحظ صانعو السياسات ازدياد التهديدات للاقتصاد التي تستدعي المراقبة، على رغم اتفاقهم إلى حد كبير على أن موقفهم الحالي هو الخيار الأمثل.

الاستقالات تتوالى

وصوت المحافظان كريستوفر والر وميشيل بومان ضد قرار إبقاء أسعار الفائدة ثابتة، مفضلين أن تبدأ لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بخفض سعر الفائدة الرئيس في سابقة لم تحدث منذ تسعينيات القرن الماضي.

وأعلنت المحافظة في مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أدريانا كوغلر استقالتها من منصبها لمجلس المحافظين في البنك المركزي، مما فتح الباب أمام ترمب لتعيين محافظ مكانها موال له ويتفق معه في ضرورة الإسراع بخفض أسعار الفائدة.

وتنتهي مدة عضو مجلس محافظي البنك في يناير (كانون الثاني) عام 2026، وتعني استقالتها أنها لن تستمر في منصبها ضمن مجلس المحافظين للبنك المركزي.

وفي معظم الأوقات تأتي الاعتراضات على قرارات السياسة النقدية من رؤساء بنوك الاحتياط للولايات، ونادراً ما ينشق أكثر من عضو من أعضاء اللجنة ممن لهم حق التصويت الدائم (مجلس المحافظين والرئيس)، وكان آخر انشقاق مماثل عام 1993.

اقرأ المزيد