Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرشحون "يتخلون" عن حلم رئاسة الجزائر

عراقيل إدارية في تحصيل توقيع مواطنين في المحافظات

مسار الانتخابات الرئاسية في الجزائر  ليس شبيها بشعارات "التغيير" المثارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي (أ.ف.ب)

لمّح راغبان إلى الانسحاب من الترشح للرئاسيات المقبلة في الجزائر، بدءا من الأسبوع المقبل، بسبب ما سموه "عراقيل إدارية في تحصيل توقيع مواطنين في المحافظات الجزائرية". وفي الحقيقة واجه هذان المرشحان متاعب على أرض الواقع برغم شعبيتهما، فيما نجح مرشحون عن أحزاب في جمع التوقيعات سريعا، بحكم عدد منتخبيهم في المحافظات، ولجأ آخرون إلى عامل "المال" مقابل كل استمارة.
مسار الانتخابات الرئاسية في الجزائر على أرض الواقع، ليس شبيها بشعارات "التغيير" المثارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالوصول إلى المحطة الأولى، وهي جمع التوقيعات اللازمة، يمر حتما بعقبات بيروقراطية تعكس حقيقة "صناعة الرؤساء" في أبعد المحافظات، وهو مجال تحتكره أحزاب السلطة مثلا وتجيد التعامل معه، سيما جبهة التحرير الوطني التي تحوز غالبية المنتخبين وتسيطر على مفاصل الإدارة المحلية.
وإن كان رقم الراغبين في الترشح للرئاسيات قد تخطى الـ139 مساء الخميس، فإن عملية جمع الاستمارات قد تبقي على عدد قليل لا يتجاوز حدود العشرة مرشحين، ومعلوم أن نهاية آجال جمع التوقيعات والعودة بها إلى مقر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، قد حددت بتاريخ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وفتحت سلطة الانتخابات الباب أمام دورة ثانية لمراجعة القوائم الانتخابية في سابقة تاريخية بالبلاد، ويعني ذلك تسجيل عدد إضافي في قوائم الناخبين في الفترة ما بين 12 و17 من الشهر الحالي، وتسجيل كل مواطن في القائمة معناه أحقيته في التوقيع على استمارة أي مرشح يختاره، لذلك يعتقد أن سلطة الانتخابات تحاول بشكل ما مساعدة مرشحين في تحصيل الـ50 ألف استمارة المطلوبة، شرط أن تكون موزعة على 25 محافظة جزائرية في الأقل، وألا يقل عددها في المحافظة الواحدة عن 1500.

 

 سباق الانسحابات
 

قال الراغب في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، سليمان بخليلي، إن عراقيل وعوائق إدارية واجهته خلال عملية جمع التوقيعات على الاستمارات. وأعلن بخليلي، وهو إعلامي وأكاديمي يحظى بشعبية كبيرة، أنه سيعقد مؤتمرا إعلاميا غداً السبت للحديث عن تلك العراقيل. وتحدث بخليلي عن "عراقيل وعوائق إدارية"، واحتمال الانسحاب من السباق، حيث يشتكي من آلية حضور صاحب التوقيع على استمارات الترشح.
والآلية الجديدة المستحدثة مطلع الشهر الماضي، تفرض على المرشحين إرفاق كل استمارة بحضور صاحبها شخصيا إلى مقر البلدية، وينصّ القانون على خمسين ألف استمارة، وبالتالي التنقل برفقة خمسين ألف صاحب توقيع إلى مقار البلديات للمصادقة على استماراتهم.
ولم يكن بخليلي الوحيد من لوّح بإمكان الانسحاب، فقد سبقه إلى هذا السيناريو دكتور الاقتصاد فارس مسدور، الذي تنقل إلى مقر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات شاكيا "إشكال  فرض الحضور الشخصي أثناء التصديق على الاستمارات"، مشيرا إلى أن الأمر "يكاد يكون مستحيلاً".
وأشار خبير الاقتصاد إلى عوائق إدارية تسبب فيها أعضاء السلطة المستقلة للانتخابات على مستوى المحافظات، وقال "هناك رؤساء بلديات يعينون بالهاتف من يريدون أن يكونوا أعضاء في اللجنة المحلية لتنظيم المحليات، لقد تم تعيين أشخاص مرفوضين شعبيا، بل إن بعضهم ينتمي إلى أحزاب كانت تشكل كتلة قوية من قبل".
 

المال أو المنتخبون
 

من حيث لا تعلم، تكون السلطة الوطنية للانتخابات، قد صعّبت من مأمورية مرشحين مستقلين يحظون بنوع من الشعبية في أوساط أكاديمية بالخصوص، فهي ومن أجل إغلاق باب "المتاجرة" بأسماء مواطنين جزائريين بوضع أسمائهم وتوقيعات منسوبة إليهم في استمارات مرشحين دون علمهم، فقد فرضت إجبارية الحضور الشخصي لصاحب التوقيع، لكنها بالمقابل فتحت الباب أمام "بزنسة" محلية تقودها "شبكات إدارية" تستفيد ماديا مقابل تحضير 1500 استمارة في الأقل عن كل محافظة.
وليس "المال" وحده من كان بديلا لمن صعب عليه جمع الاستمارات، فالأحزاب المهيكلة في المحافظات الثماني والأربعين كان سهلا عليها جمعها في غضون أقل من عشرة أيام، بحكم ما تملكه من منتخبين محليين، وهم أعضاء المجالس الشعبية البلدية (1541 مجلسا) والمجالس الولائية (45 مجلساً).
وعلمت "اندبندنت عربية" من مرشحين مفترضين، أن هناك "صفقات" انتخابية يقودها محليا منتخبون من أحزاب الموالاة، سيما جبهة التحرير الوطني "غير المعنية بالرئاسيات لحد اللحظة"، بعرض خدمات لصالح متسابقين للرئاسيات مقابل أموال طائلة في عمليات يجرّمها القانون، لكنه من الصعب توثيقها.
في المقابل، يقول المحلل السياسي، حسان زهار، حول الظاهرة أن ثمة "صعوبة لتحصيل التوقيعات المطلوبة التي يعاني منها المغامرون والمقامرون وأصحاب النضال بالسيرة الذاتية، لأن بعضهم يريد أن يذكر في سيرته المهنية أنه مرشح سابق للرئاسيات لا أكثر، ما يظهر هشاشة جلّ المتقدمين لهذا المنصب الرفيع". ويضيف "يعتبر ذلك دليلا على ضعف القبول الشعبي لهم، علاوة على التشتت الهائل الحاصل في استقطاب المتعاطفين، لكثرة المترشحين، حيث يستلزم تجنيد ما لا يقل عن 6 ملايين مواطن، لاستيفاء توقيعات كل المترشحين، وهذا من سابع المستحيلات من الناحية العملية".
 

الرئاسيات بين ممثلي الأحزاب المهيكلة
 

و من خلال متابعة بسيطة لمجرى عمليات استكمال الملف الإداري لترسيم الترشح للرئاسيات، التي ستجرى في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يتوقع أن تنحصر المنافسة في الفصل النهائي بين مرشحي كبرى الأحزاب المهيكلة، بإضافة شخصيات مستقلة لا يتعدى عددها الثلاثة على أقصى تقدير.
فقد تمكنت جبهة المستقبل مثلا، والتي رشحت قائدها عبد العزيز بلعيد للرئاسيات المقبلة، من جمع العدد المطلوب من التوقيعات في فترة قياسية، والسبب واضح وهو حلول هذا الحزب ثانيا في الانتخابات المحلية التي جرت في خريف 2017، حين أحدث مفاجأة مدوية وحلّ غير بعيد عن حزب الغالبية، جبهة التحرير الوطني.
ويملك المنتخبون المحليون قنوات اتصال مباشر مع مواطني كل بلدية، لذلك يكون من السهل عليهم جمع التوقيعات اللازمة، كما أن بين أيديهم "آليات الإدارة المحلية"، حيث تسيطر الموالاة على المجالس المنتخبة.
كما تمكن "طلائع الحريات"، الذي يرشح رئيس الحكومة السابق، علي بن فليس، من جمع التوقيعات سريعا. وكذلك حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي رشح أمينه العام بالنيابة، عز الدين ميهوبي. وبدوره، تمكنت "حركة البناء الوطني"، التي تمثل التيار الإسلامي، من جمع التوقيعات لصالح مرشحها، عبد القادر بن قرينة.
 

 "تبون" بصعوبة
 

أما في قائمة الشخصيات التي ترشحت بشكل مستقل، فحتى الوزير الأول السابق، عبد المجيد تبون، يواجه عقبات جمة في عملية جمع التوقيعات، برغم ما يشاع عن كونه أحد المرشحين المفضلين للسلطة القائمة، وأيضا ما يملكه من إمكانات مادية وبشرية في إدارة حملته الانتخابية. لذلك بات من المتوقع أن يكون "تبون" وحيداً، أو إلى جانب بضع شخصيات ممَن ستدخل السباق النهائي بشكل حر، بعدما تخطت مرحلة "الاستمارات الرئاسية" بنجاح.

المزيد من العالم العربي