Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انفجارات تهز الفاشر ومسيرات انتحارية تستهدف احتفالا لـ "درع السودان"

مجلس الأمن يرفض حكومة "تأسيس"... ووزير الخارجية البريطاني يندد بـ"نمط من العنف الوحشي المتعمد ضد مدنيين"

عاملة صحية تطعم طقلة سودانية ضد الكوليرا في الخرطوم، الأربعاء 13 أغسطس الحالي (أ ب)

ملخص

في وقت تواصلت فيه المعارك والقصف المتبادل بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" على مختلف الجبهات، أعلن مجلس الأمن الدولي الدولي رفضه تشكيل حكومة موازية في السودان، وطالب بإنهاء الحصار المفروض على الفاشر منذ أكثر من عام.

أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" اليوم الخميس أن 40 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم في منطقة دارفور في السودان، في ظل أسوأ تفشٍّ للمرض في البلاد التي تشهد حرباً مستمرة منذ أكثر من عامين.
وقالت المنظمة في بيان "بالإضافة إلى حرب شاملة، يعاني سكان السودان الآن أسوأ تفشٍّ للكوليرا تشهده البلاد منذ سنوات". وأضافت "في منطقة دارفور وحدها، عالجت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 2300 مريض، وسجلت 40 وفاة خلال الأسبوع الماضي".

الوضع داخل الفاشر


وتواصلت لليوم الثالث على التوالي المواجهات العنيفة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، إذ أفشل الجيش والقوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة ظهر أمس الأربعاء محاولة هجوم واسعة النطاق نفذتها قوات "الدعم السريع"، وذلك من دون أن تحقق أي اختراق لخطوط دفاع الجيش وحلفائه.
وبحسب شهود، فإن المعارك بين الطرفين دارت في أجزاء عدة من المدينة خصوصاً المحور الجنوبي الغربي، وسمع دوي انفجارات قوية في محيط المطار والفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش، فضلاً عن أصوات أسلحة ثقيلة ومتوسطة.
وأشارت مصادر عسكرية إلى أن هجوم "الدعم السريع" جرى عبر محاور عدة، إذ استهدف الدفاعات الشرقية والشمالية للمدينة، باستخدام عربات قتالية وأسلحة ثقيلة، مدعومة بمحاولات تسلل راجلة، لكن جاهزية الجيش وحلفائه حالت دون تقدم القوات المهاجمة، مما أجبرها على التراجع.

من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم "القوات المشتركة" للحركات المسلحة العقيد أحمد حسين مصطفى أن الجيش يمسك بزمام الأمور داخل مدينة الفاشر ويحتفظ بمواقعه، مبدياً استغرابه الشديد لأي مزاعم تطلقها ميليشيات "الدعم السريع" بإحرازها تقدماً كبيراً في هذه المدينة.
وأوضح مصطفى في تصريحات صحافية أن "الدعم السريع" فقدت السيطرة على قواتها، لافتاً إلى أنهم يجمعون منذ يومين "الغنائم التي تركتها ’الدعم السريع‘ بعد هزيمتها وفرارها من القتال".

وكانت قوات "الدعم السريع" أكدت أنها تمكنت من إحراز تقدم ميداني كبير في الفاشر، موضحة أن المعارك تتركز حالياً على تخوم قيادة الجيش في المدينة.
في المقابل، قالت قيادة الفرقة السادسة مشاة في بيان إنها صدت هجوماً شنته قوات "الدعم السريع" على المحورين الجنوبي والجنوب الغربي، مضيفة أنها كبدت القوة المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، إضافة إلى الاستيلاء على مركبات قتالية وتدمير عدد آخر منها.
ويواجه سكان الفاشر أوضاعاً مأسوية نتيجة النقص الحاد في الغذاء والخدمات الطبية، إذ أطلق ناشطون ومنظمات محلية نداءات استغاثة للتدخل من أجل إنقاذ السكان الذين يعانون شدة الجوع.
وظلت الفاشر منذ اندلاع الحرب في السودان، في منتصف أبريل (نيسان) 2023، محوراً لقتال عنيف راح ضحيته آلاف المدنيين.
ويعد إقليم دارفور بمثابة العمق الاستراتيجي الداخلي والخارجي للسودان، إذ يرتبط بحدود مباشرة مع أربع دول، هي ليبيا من الشمال الغربي، وتشاد من الغرب، وأفريقيا الوسطى من الجهة الجنوبية الغربية، إضافة إلى دولة جنوب السودان.

الأمم المتحدة تندد بـ"فظائع لا تطاق"

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك "نشهد بأسف شديد مرة أخرى فظائع لا تطاق ترتكب في حق المدنيين في الفاشر، حيث يعيشون منذ أكثر من عام تحت الحصار والهجمات المتواصلة والظروف الإنسانية الكارثية". وأضاف "مرة أخرى، أحذر من خطر الاضطهاد بدوافع عرقية في ظل محاولات قوات ’الدعم السريع‘ السيطرة على الفاشر ومخيم أبو شوك".
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن مئات آلاف الأشخاص محاصرون في المدينة ويواجهون المجاعة والأمراض، وندد لامي بـ"نمط من العنف الوحشي المتعمد ضد مدنيين"، وشدد على أنه "يتعين على المتحاربين التحلي بحس المسؤولية لوضع حد لهذه المعاناة".

قصف الضعين

في المحور ذاته، أصيب عشرات الموظفين في مدينة الضعين، عاصمة ولاية شرق دارفور، بجروح جراء قصف الطيران الحربي التابع للجيش لمبنى حكومي.
وبحسب شهود، فإن طائرة حلقت على ارتفاع عال، قبل أن تبدأ بإطلاق صواريخ أحدثت انفجارات قوية وتصاعد لأعمدة الدخان، في حين رجحت مصادر عسكرية أن تكون الغارة بصاروخ أطلق من طائرة حربية من مسافة بعيدة خارج سماء مدينة الضعين.
وأفادت الإدارة المدنية التابعة لـ"الدعم السريع" بولاية شرق دارفور في بيان بأن "طيران الجيش استهدف مبنى وزارة التخطيط العمراني بمدينة الضعين، مما أدى إلى دمار وتخريب المبنى بكامله وإصابة عشرات الموظفين والمواطنين العزل"، واصفة ما حدث بـ"العدوان الغاشم"، إذ أدى إلى تدمير البنى التحتية ومرافق الخدمة المدنية للمواطنين.

وسبق أن تعرضت الضعين، التي تعد مركزاً لعرقية الرزيقات التي تتحدر منها قيادات وغالب عناصر "الدعم السريع"، للقصف الجوي، كان آخره في مارس (آذار) الماضي، عندما قصفت مقاتلة مقر الحكومة المحلية الرئيس، الذي تتخذه قوات "الدعم السريع" موقعاً لإدارة المهمات المدنية.
وتخضع ولاية شرق دارفور بأكملها منذ الأشهر الأولى لبدء الحرب لسيطرة قوات "الدعم السريع"، التي شكلت بدورها إدارة مدنية تتولى مهمة تقديم الخدمات للمواطنين.

استهداف كادوقلي

أما في محور كردفان، فتعرضت مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، أمس الأربعاء، لقصف مدفعي عنيف استمر لأكثر من ساعة، اعتبر الأطول منذ اندلاع الحرب.
ووفقاً لمصادر محلية، فإن القصف انطلق من الجهة الشرقية للمدينة، واستهدف أحياء المصانع وحجر بليلة، إلى جانب إحدى مقار الجيش، إذ سقطت 11 قذيفة تسببت في خسائر بشرية وأضرار مادية جسيمة، وسط حالة من الذعر بين السكان.
يأتي هذا التصعيد في وقت تتزايد فيه التحذيرات من كارثة إنسانية بكادوقلي تلوح في الأفق، إذ تعاني تدهوراً حاداً في الخدمات الأساسية، وانقطاعاً متكرراً في الإمدادات الحيوية، بما في ذلك المياه والكهرباء، إلى جانب نقص حاد في المواد الغذائية والدواء نتيجة لتطاول أمد الحصار المفروض عليها.
إلى ذلك، حذر أطباء من تفشي سوء التغذية وسط الأطفال والنساء في ولاية جنوب كردفان في ظل أزمة الجوع، وقالت المتحدثة باسم "شبكة أطباء السودان" رزان المهدي إن "الشبكة تدق ناقوس الخطر من استمرار الحصار ونقص الغذاء والعلاج، الذي تسبب في تفشي سوء التغذية بصورة كبيرة وسط الأطفال والنساء وكبار السن جراء الجوع في جنوب كردفان". وأشارت إلى أن الشبكة تطلق تحذيرات إلى سلطات جنوب كردفان لتدارك الموقف في ظل انتشار أمراض الملاريا والكوليرا والدسنتاريا، وطالبت المتحدثة السلطات بفتح مسار إنساني لإدخال المساعدات وفك الحصار عن الولاية، لتوفير الغذاء والدواء وإنهاء معاناة آلاف المدنيين بولاية جنوب كردفان.
وتمنع قوات "الدعم السريع"، من مواقع سيطرتها في الدبيبات، وصول السلع والإغاثة والأدوية من مدينة الأبيض، التي تملك طرقاً سالكة إلى وسط السودان، إلى مناطق جنوب كردفان، بما في ذلك كادوقلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عودة المسيرات

في غضون ذلك، لقي ثلاثة أشخاص مصرعهم وأصيب 10 آخرون أمس الأربعاء، إثر قصف طائرات مسيرة انتحارية يرجح تبعيتها لقوات "الدعم السريع" مدينة تمبول شرق ولاية الجزيرة، أثناء احتفالات أقامتها قوات "درع السودان" بمناسب العيد الـ71 للجيش.
وقال قائد قوات "درع السودان" أبو عاقلة كيكل، في مقطع فيديو، إن ما تعرضت له تمبول من هجوم بالمسيرات ليس سوى "فرفرة مذبوح"، مؤكداً أن المسيرات لن تزيدهم إلا حماسة وقوة.
وأوضح أن القوات الاحتياطية التي أقامت العرض العسكري سيجري الدفع بها فوراً نحو جبهات القتال في كردفان، للمضي في طريق الفاشر وإنهاء حصارها.
وتقاتل قوات "درع السودان"، التي تتخذ من مناطق سهل البطانة في الجزيرة والقضارف قاعدة لها، إلى جانب الجيش، بعد انشقاق قائدها أبو عاقلة كيكل عن "الدعم السريع" في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، مما أتاح للجيش وحلفائه استعادة كامل ولاية الجزيرة وولاية الخرطوم.

رفض "الموازية"

دولياً، أعلن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة أمس الأربعاء رفضه تشكيل حكومة موازية في السودان، وطالب بإنهاء الحصار المفروض على الفاشر منذ أكثر من عام، وأشار أعضاء مجلس الأمن في بيان إلى أنهم يرفضون إعلان إنشاء سلطة حكم موازية في المناطق الخاضعة لسيطرة "الدعم السريع"، لافتين إلى أن "تشكيل هذه الحكومة يمثل تهديداً مباشراً لسلامة أراضي السودان ووحدته، وينذر بتفاقم الصراع الدائر وتفتيت البلاد، وتفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلاً". وأبدى الأعضاء التزامهم الراسخ بسيادة السودان واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه، مشددين على أن "أية خطوات أحادية الجانب تقوض هذه المبادئ، تهدد مستقبل السودان والسلام والاستقرار في المنطقة".
واستنكر البيان تجدد هجوم "الدعم السريع" في الفاشر، مطالباً برفع الحصار عن المدينة ووقف القتال وتهدئة الأوضاع في المدينة وما حولها، خشية أن يؤدي ذلك إلى انتشار المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الشديد.
كما دان أعضاء مجلس الأمن الهجمات على كردفان خلال الأسابيع الأخيرة، التي أسفرت عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين، داعين إلى استئناف التفاوض للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتهيئة الظروف اللازمة لحل سياسي للصراع، بمشاركة جميع الأطراف السياسية والاجتماعية الفاعلة، لإعادة إرساء انتقال سياسي نحو حكومة وطنية منتخبة ديمقراطياً.
وشكل تحالف "تأسيس"، الذي تهيمن عليه قوات "الدعم السريع"، مجلساً رئاسياً، وسمى رئيس وزراء وحكام أقاليم، في أول خطواته الفعلية لتشكيل حكومة موازية للسلطات الرسمية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات