Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لاريجاني في بغداد وبيروت... رحلة الرسائل الواضحة

إيران تريد إعادة ترسيخ نفوذها فيما سيحاول خصومها كبحه عبر ضغوط سياسية واقتصادية وربما خطوات ميدانية محسوبة

قال عون إن "الصداقة التي نريد أن تجمع بين لبنان وإيران لا يجب أن تكون من خلال طائفة" (وسائل التواصل)

ملخص

طهران مصممة على البقاء فاعلة، ولا تقبل بالانسحاب على رغم العزلة. وهذه الجولة تعبر عن مقاومة دبلوماسية للمواجهات العسكرية والاقتصادية، وبداية لتكتيك إيراني جديد يجمع بين تثبيت التحالفات التقليدية وتطوير أساليب العمل الإقليمي في ظل ضغوط غير مسبوقة.

حط أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني اليوم الأربعاء في العاصمة اللبنانية بيروت، محطته الثانية بعد العراق، في أول زيارة له إلى المنطقة بعد تسلمه منصبه، وبعد بيان الحكومة اللبنانية الذي نص على حصرية السلاح، ووضع مهلة زمنية لنزع هذا السلاح غير الشرعي، بخاصة سلاح "حزب الله" قبل نهاية العام الحالي.

وقبل أن تحط طائرة علي لاريجاني في مطار بيروت الدولي، كانت العاصمة اللبنانية تعيش على وقع توتر دبلوماسي غير مسبوق مع طهران، فقبل أيام فقط اشتعل الجدل السياسي والإعلامي بعد تصريحات حادة أطلقها مسؤولون إيرانيون رفضوا ضمنها بصورة قاطعة أية محاولة لنزع أو تسليم سلاح "حزب الله"، معتبرين أن هذا السلاح هو "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه.

والتصريحات التي توزعت بين منصات رسمية وأخرى شبه رسمية في طهران، حملت رسائل مباشرة للحكومة اللبنانية التي أعلنت أخيراً خطة شاملة لحصر السلاح بيد الجيش بدعم أميركي ودولي. وذهب مستشار المرشد الأعلى علي أكبر ولايتي إلى حد القول إن بلاده تعارض قرار بيروت بنزع سلاح "حزب الله" "لأنها ساعدت على الدوام الشعب اللبناني والمقاومة، وما زالت تفعل ذلك"، وتابع أن "ما يجري في لبنان هو فقط برغبة أميركا وإسرائيل" وأن هذين الطرفين يظنان أنهما يستطيعان في لبنان تكرار تجربة "جولاني" آخر، "لكن هذا الحلم لن يتحقق، ولبنان، كما كان دائماً، سيواصل الصمود". وأكد وزير الخارجية عباس عراقجي أن "أي قرار في هذا الشأن سيعود في نهاية المطاف لـ’حزب الله‘"، مردفاً "نحن ندعمه عن بعد، لكننا لا نتدخل في قراراته"، وأضاف أن التنظيم "أعاد بناء قدراته بعد النكسات التي تعرض لها خلال الحرب مع إسرائيل العام الماضي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي بيروت، لم تمر هذه المواقف مرور الكرام، وقرأها بعضهم على أنها تدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية ومحاولة لمصادرة قرار الدولة، في حين أصدرت وزارة الخارجية اللبنانية بياناً شديد اللهجة أشارت فيه إلى أنه "ليس التدخل الأول من نوعه، إذ دأب بعض المسؤولين الإيرانيين الرفيعين على التمادي في إطلاق مواقف مشبوهة على قرارات داخلية لبنانية لا تعني إيران بشيء"، وأضاف البيان أن "هذه الممارسات المرفوضة لن تقبل بها الدولة اللبنانية تحت أي ظرف، ولن تسمح لأي طرف خارجي صديقاً كان أو عدواً بأن يتحدث باسم شعبها أو أن يدعي حق الوصاية على قراراتها السيادية".

وذكرت الخارجية اللبنانية أنه "من الأجدر للقيادة في إيران أن تلتفت إلى قضايا شعبها وتركز على تأمين حاجاته وتطلعاته، بدلاً من التدخل في أمور لا تخصها"، مشددة على أن مستقبل لبنان وسياساته ونظامه السياسي هي قرارات يتخذها اللبنانيون وحدهم عبر مؤسساتهم الدستورية الديمقراطية، وبعيداً من أية تدخلات أو إملاءات أو ضغوط أو تطاول، في إشارة واضحة إلى أن الموقف الإيراني تجاوز الخطوط الدبلوماسية التقليدية.

النقاط على الحروف

هذه الأجواء المشحونة جعلت وصول لاريجاني إلى بيروت أكثر من مجرد محطة في جولة إقليمية، بل تحول إلى اختبار دبلوماسي يحدد ما إذا كانت إيران ستخفف من لهجتها أو ستواصل نهج التصعيد العلني لدعم حلفائها في لبنان. وكان رئيس الجمهورية جوزاف عون أشار خلال لقائه الضيف الإيراني إلى أن "لبنان​ راغب في التعاون مع إيران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمين على الاحترام المتبادل"، وتابع أن "اللغة التي سمعها لبنان خلال الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين غير مساعدة"، وأن "الصداقة التي نريد أن تجمع بين لبنان وإيران لا يجب أن تكون من خلال طائفة واحدة أو مكون لبناني واحد، بل مع جميع اللبنانيين".

وذكر عون أن "لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، مسيحيين كانوا أو مسلمين، والدولة اللبنانية مسؤولة من خلال مؤسساتها الدستورية والأمنية عن حماية كافة المكونات اللبنانية"، وشدد  على "أننا نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أية جهة أتى، ونريد أن تبقى الساحة اللبنانية آمنة ومستقرة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين من دون تمييز"، مردفاً أن "لبنان الذي لا يتدخل مطلقاً في شؤون أية دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومن بينها إيران، لا يرضى أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية". وتابع عون أن "الجميع دفع ثمناً غالياً للاستقواء بالخارج على اللبناني الآخر في الداخل، والعبرة التي يستخلصها اللبنانيون هي أنه من غير المسموح لأية جهة كانت ومن دون أي استثناء حمل السلاح والاستقواء بالخارج".

 

وتأتي زيارة لاريجاني إلى المنطقة في لحظة سياسية بالغة الحساسية والأهمية، على صعيد نفوذ إيران في الإقليم والأزمات المتعددة التي تواجهها داخلياً.

ويمثل لاريجاني نموذجاً نادراً في النخبة السياسية الإيرانية، فهو ليس من غلاة التيار المحافظ الملتزم حرفياً خطاب "الحرس الثوري"، ولا هو من الإصلاحيين الذين يغامرون بكسر الـ"تابوهات" السياسية. ووصف بأنه "إصلاحي المحافظين الأصوليين، ومحافظ الأصوليين لدى الإصلاحيين"، مما يجعله شاغلاً لموقع وسط يمكنه من التحرك بين المعسكرين، والاستفادة من لغة براغماتية تعطيه هامش مناورة أوسع من كثير من منافسيه.

ونشأ لاريجاني في بيت ديني وسياسي، ومن أبرز رموزه شقيقه صادق لاريجاني الذي شغل رئاسة السلطة القضائية. وتبوّأ علي لاريجاني مناصب حساسة من رئاسة هيئة الإذاعة والتلفزيون، إلى وزارة الثقافة والإرشاد، ثم أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي، وصولاً إلى رئاسة مجلس الشورى الإيراني لثلاث دورات متتالية. وهذا المسار منحه خبرة في التعامل مع كل أجنحة السلطة، مكتب المرشد والحرس الثوري والحكومة والبرلمان. لكن وسطيته لا تعني الحياد، بل القدرة على صياغة مواقف ترضي الضرورات التكتيكية لكل طرف، من دون التورط في خطاب متشدد قد يغلق الأبواب، أو في إصلاحية جذرية تهدد ثوابت النظام، لذلك ينظر إليه في طهران على أنه "ميسّر" و"قناة تواصل" بين الفصائل، خصوصاً في الملفات المعقدة التي تتطلب مزيجاً من الحزم والمرونة.

وهذه السمعة جعلته اليوم، بصفته أميناً لمجلس الأمن القومي الأعلى، خياراً مناسباً لقيادة جولات إقليمية حساسة مثل زيارتيه إلى بغداد وبيروت، حيث يحتاج الموقف الإيراني إلى رسائل مزدوجة، واحدة صلبة لحلفاء "المقاومة"، وأخرى أكثر توازناً تطمئن القوى الإقليمية والدولية إلى أن طهران قادرة على التفاوض بوجه هادئ.

رسائل الزيارة  

وسط هذا المناخ المحتقن، يطل لاريجاني على المشهد اللبناني محملاً بأجندة دعم "المقاومة" وملف العلاقات الثنائية، في زيارة تقرأ في بيروت على أنها محاولة إيرانية لإعادة ضبط إيقاع العلاقة مع حلفائها، والرد عملياً على الخطط الدولية الهادفة إلى تغيير معادلة القوة في لبنان والمنطقة.

وبين الترحيب الحار من فريق سياسي ورفض معلن من آخر، يبدو أن الساعات التي سيقضيها لاريجاني في بيروت قد تكون كفيلة إما بكسر الجليد أو بتكريسه. ومن وجهة نظر بعض المراقبين، فإن طهران تعول على زيارة لاريجاني إلى المنطقة بصورة كبيرة. وإن زيارة لاريجاني لبيروت هي جزء من إعادة تموضع إيراني في المنطقة عبر بوابتي بيروت والعاصمة العراقية بغداد. وهي رسالة دعم صريحة لـ"حزب الله" ضد مساعي نزع سلاحه كجزء من تثبيت "محور الممانعة". كما أنها رسالة تحذير مبطن إلى الحكومة اللبنانية من أية خطوات تهدد ربما توازن القوى الداخلي.

 

وإقليمياً، تأتي الزيارة لتؤكد أن طهران ما زالت لاعباً محورياً في لبنان والعراق والمنطقة على رغم كل الضربات التي تلقتها هي والحزب خلال "حرب الإسناد". ودولياً هي رسالة إلى المجتمع الدولي بأن "محور الممانعة" ما زال متماسكاً بعد الحرب الإسرائيلية- الإيرانية، وأن النفوذ الإيراني لم يتراجع. وذهب بعض المحللين إلى أن "إيران لن تتراجع عن دعمها للمحور، بل ستواصل ذلك عبر استغلال الأراضي اللبنانية والعراقية، مؤكدة أنها ما زالت ممسكة بالأرض، وأن أية تسوية في المنطقة يجب أن تمر عبر ’الحرس الثوري الإيراني‘"، في رسالة ابتزاز واضحة وصريحة ومعلنة.

وأشارت صحف لبنانية نقلاً عن مصادر دبلوماسية إلى أن ملف السلاح سيكون من بين مواضيع البحث بين لاريجاني والرؤساء الثلاثة وقيادة "حزب الله". وأكدت المصادر عينها أن إيران، وبعد الحروب الأخيرة في لبنان والمنطقة، خرجت من المعادلات التي تعاملت بها قبل هذه الحروب إلى معادلات جديدة ستعمل بها بعد الحرب الأميركية - الإسرائيلية التي شنت عليها. وبالفعل صرّح لاريجاني بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بأنه "من خلال الحوار الودي والشامل والجاد في لبنان يمكن لهذا البلد الخروج بقرارات صائبة"، وأكد "لا ننظر إلى أصدقائنا كأداة، ومؤمنون بأن المقاومة تتمتع بتفكير عميق وشعور استراتيجي"، وتابع أن "الشعب اللبناني شعب أبيّ ويستطيع اتخاذ القرار بنفسه"، موجهاً رسالة إلى دول المنطقة بقوله "من المهم لإيران أن تكون دول المنطقة مستقلة بقرارتها، ولا تحتاج إلى تلقي الأوامر من وراء المحيطات، فيحق لأي بلد وأية دولة تقرير مصيرها والتخطيط لمستقبلها".

وحول قضية نزع سلاح الحزب في لبنان، قال لاريجاني إن "المقاومة رأس مال للبنان وللعالم الإسلامي، وعدوكم هو إسرائيل التي اعتدت عليكم"، مضيفاً "أعتقد بأن ’حزب الله‘ والحكومة اللبنانية يتمتعان بفهم عميق ودقيق للظروف الحالية"، وتوجه إلى اللبنانيين بالقول "ننصحكم بالحفاظ على المقاومة، وأن تقدروا أصدقاءكم تقديراً قوياً".

كذلك في بغداد

التصريحات الدبلوماسية للاريجاني تتلاقى مع أهداف زيارته إلى بغداد التي أتت في محاولة لإعادة تحديد التفاوض الإيراني ضمن مشهد عراقي داخلي متوتر، وعلى وقع انقسامات عميقة في البرلمان العراقي حول مشروع قانون يعزز نفوذ قوات "الحشد الشعبي". ووقع المسؤول الإيراني مع مسؤولين عراقيين، من بينهم المستشار الأمني قاسم الأعرجي ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مذكرة تفاهم أمنية جديدة تهدف إلى تعزيز التنسيق على الحدود وحماية البلدين من الاختراقات الأمنية. ويعد هذا الجزء محاولة من طهران لإعادة بناء نفوذها بعد ضرب النزاعات الأخيرة في المنطقة. وخلف هذه الخطوة هناك رغبة إيرانية في تثبيت ميليشياتها الحليفة، ولا سيما قوات "الحشد الشعبي"، من خلال جعلها جزءاً من إطار قانوني رسمي، مما يمنحها شرعية أكبر ويصعب تفكيكها على رغم الضغوط الأميركية. ويضاف إلى ذلك السياق الأوسع لمرحلة ما بعد الحرب (الحرب الأخيرة مع إسرائيل)، وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية، إذ يبدو أن زيارة لاريجاني تعبر عن محاولة "تكتيكية" لإظهار أن طهران ما زالت فاعلة في إعادة تموضع نفوذها. وتسعى إيران إلى تقديم نفسها كفاعل لا يزال يمسك بخيوط اللعبة، على رغم الضغوط الدولية والعقوبات، في محاولة لفرض معادلة جديدة على الأرض وإظهار أن طهران لم تخسر أوراقها الاستراتيجية.

ولا بد من قراءة المشهد واحتمالات التصعيد أو التهدئة التي ستنتج من جولة علي لاريجاني، ففي العراق هناك محاولة لتأمين نفوذ طويل الأمد عبر الشرعنة القانونية للميليشيات، ذلك أن توقيع مذكرة التفاهم الأمنية التي ستسمح بتقنين وضع "الحشد الشعبي" عبر إعطاء وجوده وأدواره طابعاً رسمياً وقانونياً، سيقلق واشنطن وحلفاءها، وقد يدفع الولايات المتحدة أو بعض القوى العراقية المناهضة لإيران إلى التحرك سياسياً أو أمنياً للحد من النفوذ الإيراني. وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس أعربت عن رفضها لمذكرة التفاهم الأمنية التي وقعها العراق مع إيران أخيراً، مؤكدة معارضتها لأي تشريع يتقاطع مع أهداف الولايات المتحدة ويتناقض مع جهود تعزيز المؤسسات الأمنية القائمة في العراق.

 

كما أن إدخال الميليشيات في منظومة الدولة العراقية قد يثير غضب قوى سياسية سنية وكردية ترى في ذلك تهديداً لميزان القوة الداخلي، مما قد يولد توترات سياسية أو حتى أزمات حكومية.

في المقابل، فإن الاتفاق الأمني قد يسهم فعلياً في تحسين التنسيق على الحدود، خصوصاً مع التحديات المشتركة مثل تهديدات تنظيم "داعش"، مما يوفر أرضية مشتركة لتقليل التوتر الأمني. كما أن التعاون الاقتصادي والأمني مع إيران يمكن أن يوفر للعراق بعض الاستقرار الداخلي إذا ترافق مع مشاريع تنموية أو دعم لوجستي.

أما في لبنان، فهناك إصرار على حماية سلاح الحزب كخط دفاع استراتيجي ضد المشاريع السياسية المدعومة خارجياً، ومواجهة صريحة لخطة نزع السلاح ولفكرة تفكيكه، مما سيضع إيران في مواجهة مباشرة مع الحكومة اللبنانية المدعومة دولياً، ويزيد من احتمال حدوث أزمة سياسية عميقة وربما يؤدي إلى انسداد في الحوار الداخلي، أضف إلى ذلك زيادة التوتر مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد تفسر التصريحات الداعمة للحزب كرسالة تحدٍّ، مما يفتح الباب أمام احتمالات الرد العسكري أو الاستخباراتي من قبل إسرائيل إذا شعرت بأن نفوذ إيران يتوسع أكثر.

ولكن لقاء لاريجاني مع الرؤساء الثلاثة في لبنان يبقي قنوات الحوار المفتوحة، ويوفر نافذة لاحتواء الخلافات عبر الحوار بدلاً من المواجهة المباشرة، بخاصة إذا كانت إيران مستعدة للتسوية حول صيغة "سلاح المقاومة" في إطار وطني.

إعادة زرع النفوذ

وعلى ما يبدو فإن الهدف المشترك من زيارتي بغداد وبيروت هو التأكيد على أن إيران ما زالت لاعباً محورياً في الساحة الإقليمية، على رغم التحديات، ولا يمكن تجاوزها، وهي الرسالة الأهم، وأنها قادرة على الجمع بين أدواتها العسكرية والسياسية والدبلوماسية.

وفي العراق، أتى التركيز على تأمين الحدود وتقنين وضع الميليشيات الحليفة. بينما في لبنان ينصب الجهد على دعم "حزب الله" ومواجهة الخطط الحكومية لنزع سلاحه. وللتوقيت رمزية خاصة، فالزيارة جاءت بعد أيام قليلة من تولي لاريجاني مهماته الأمنية، مما يجعلها بمثابة إعلان مبكر لسياسة المرحلة الجديدة، ورسالة بأن إيران لا تنوي التراجع أمام الضغوط، بل تعيد تموضعها بهدوء مع الإبقاء على قدرتها على التأثير في الملفات الحساسة.

في المحصلة، تمثل الزيارتان انطلاقة جديدة لدور إيراني أكثر استمرارية ومرونة، تتحرك خلاله عبر معابر عدة كالأمن والسياسة والحلفاء.

والرسائل المبطنة واضحة، فإيران مصممة على البقاء فاعلة، ولا تقبل بالانسحاب على رغم العزلة والضغط. وهذه الجولة تعبر عن مقاومة دبلوماسية للمواجهات العسكرية والاقتصادية، وبداية لتكتيك إيراني جديد يجمع بين تثبيت التحالفات التقليدية وتطوير أساليب العمل الإقليمي في ظل ضغوط غير مسبوقة.

وتشير الوقائع إلى أن التهدئة التكتيكية مع بقاء التصعيد الاستراتيجي هو السيناريو الأرجح، بمعنى أن الأطراف ستبقي على قنوات اتصال وحوار لتفادي الانفجار الفوري، لكن من دون تقديم تنازلات جوهرية. وإيران عبر لاريجاني تريد ترسيخ نفوذها، فيما خصومها سيحاولون كبحه عبر ضغوط سياسية واقتصادية وربما خطوات ميدانية محسوبة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل