Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطة نتنياهو الوحشية في غزة: مجازفة بمستقبل إسرائيل

مع تعليق ألمانيا مبيعات الأسلحة لتل أبيب يواجه رئيس الوزراء عزلة دولية متزايدة ولا يستطيع إيقافه سوى واشنطن

جنود إسرائيليون على دباباتهم في إحدى مناطق تجمعهم على الحدود مع قطاع غزة، في جنوب إسرائيل، بتاريخ 29 يوليو (أ ب)

ملخص

نتنياهو يقود إسرائيل نحو عزلة دولية واستبداد داخلي عبر خطة لإعادة احتلال غزة، تعتمد على الدعم الأميركي وتفاقم الأزمة الإنسانية، بينما تواجه رفضاً شعبياً وعسكرياً متزايداً، وتهدد بتقويض الديمقراطية وحل الدولتين.

يعتقد بنيامين نتنياهو أنه وجد أخيراً حلاً لغزة: إعادة احتلال كامل للقطاع البالغة مساحته 365 كيلومتراً مربعاً (141 ميلاً مربعاً)، وإجلاء جماعي لسكانه في "استيلاء" يشوه الديمقراطية المحلية في إسرائيل ويعرض الدولة إلى خطر إدراجها على رأس قائمة الدول المنبوذة.

إنها لحظة مفصلية يمكن أن تعمق الانقسام بين أوروبا وأميركا، إذ تتردد تقارير عن إطلاع دونالد ترمب مسبقاً على الخطة الإسرائيلية المقررة لغزة.

في المقابل، تدرك المؤسسة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية أنها تساق إلى فخ نصبته لها "حماس"، لكن بأوامر صادرة عن نتنياهو.

تعارض "حماس" حل الدولتين الذي سيؤدي إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، لأنها تريد زوال الدولة اليهودية. أما الاحتلال الإسرائيلي الإضافي لغزة فيضمن استحالة تطبيق حل الدولتين.

ولا يهتم رئيس وزراء إسرائيل إلا ببقائه التكتيكي القريب الأجل في منصبه، ومن أجل تحقيق هذا الغرض، هو مستعد للمخاطرة ببقاء إسرائيل في الأجل البعيد.

ولا يهمه انتفاء مزاعم إسرائيل بأنها دولة ديمقراطية مع دخول الدبابات الإسرائيلية إلى مدينة غزة – المقرر أن يكتمل بحلول السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من هذا العام. والأسوأ بالنسبة إلى إسرائيل، في ظل الإدانات الدولية التي تبعت قرار نتنياهو شن "حرب أبدية"، هو أن الدولة اليهودية ستواجه حتماً عقوبات بحلول نهاية العام.

من الصعب تصور كيف ستتجنب إسرائيل موجة الغضب التي سيولدها نتنياهو، بالنظر إلى انحسار الدعم العالمي الذي تمتعت به إجراءات إسرائيل في غزة حتى الآن.

ألمانيا، التي دافعت طويلاً عن نتنياهو وسياسات إسرائيل، تحولت بالفعل إلى حظر بيع أية أسلحة قد تستخدم في غزة.

وقد يؤثر ذلك في مصير تراخيص تجيز تصدير معدات عسكرية إلى إسرائيل بقيمة 485 مليون يورو (564 مليون دولار) كانت قد منحت بين السابع من أكتوبر 2023 والـ13 من مايو (أيار) الماضي.

ستأتي العقوبات الاقتصادية الأوروبية والحظر الأوروبي على سفر الإسرائيليين، أو ينبغي أن تأتي، إذا استمر قتل الغزيين. دانت أستراليا قرار نتنياهو. وتتصدر جنوب أفريقيا الجهود الساعية إلى مقاضاة إسرائيليين بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب مزعومة.

 

وفق معهد واتسون للشؤون الدولية والعامة، قدمت الولايات المتحدة إلى إسرائيل مساعدات عسكرية بقيمة 22.8 مليار دولار (16.8 مليار جنيه استرليني) في السنة الأولى من حملة إسرائيل على غزة.

وجاء في تقرير أصدره مجلس العلاقات الخارجية الأميركي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024: "كانت إسرائيل أكبر متلق إجمالي للمساعدات الخارجية الأميركية منذ تأسيسها، إذ حصلت على مساعدات اقتصادية وعسكرية إجمالية بقيمة تساوي نحو 310 مليارات دولار (بعد احتساب أثر التضخم)".

بمعنى آخر، لا يمكن لإسرائيل المضي قدماً في خططها الجديدة الخاصة بغزة من دون المال والسلاح الأميركيين.

في الوقت الحالي، تبدو الولايات المتحدة مستعدة لمواصلة توفير المال والسلاح، لكن ذلك سيكون على حساب اضطراب سياسي داخلي. أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "غالوب" في يوليو (تموز) الماضي أن 60 في المئة من الأميركيين يعارضون الآن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة – مع العلم أن نتائج الاستطلاع صدرت قبل التصعيد العسكري الأخير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبغض النظر عن مدى ذعر أوروبا وبقية العالم مما يفعله نتنياهو، تبدو إدارة ترمب حتى الآن مؤيدة له. ترددت تقارير عن تخطيطها للمساعدة في المرحلة التالية عبر جهود "إنسانية" تستهدف رعاية سكان غزة.

غير أن الجهود الأميركية الإسرائيلية المشتركة الحالية في هذا الصدد، من خلال ما يعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، كانت كارثة كاملة، أدانتها منظمة "أطباء بلا حدود" وسط مزاعم عن "عمليات قتل مدبرة" نفذتها القوات الإسرائيلية ومرتزقة أميركيون.

قالت المديرة العامة للمنظمة راكيل أيورا، "ثمة أطفال أطلق عليهم الرصاص في الصدر أثناء محاولتهم الوصول إلى الطعام. ثمة أناس سحقوا أو اختنقوا في حالات تدافع. وحشود كاملة وقعت في مرمى النيران في نقاط مخصصة لتوزيع المساعدات". وأضافت "خلال ما يقارب 54 عاماً من العمليات التي نفذتها ’أطباء بلا حدود‘، نادراً ما شهدنا هذا المستوى من العنف المنهجي ضد مدنيين عزل. تحولت مواقع توزيع مؤسسة غزة الإنسانية التي توفر في ظاهر الأمور ’مساعدات‘ إلى تجارب تنطوي على قسوة بالغة".

المؤسسة نفت مزاعم المنظمة كلها ووصفتها بأنها "كاذبة وشائنة – وتروج لحملة تضليل دبرتها وزارة الصحة في غزة المرتبطة بـ’حماس‘".

لكن من غير الممكن إنكار حجم المآسي في غزة، أو استبعاد أن يؤدي قرار إسرائيل بزيادة جهودها العسكرية هناك إلى مزيد من إراقة الدماء وترسيخ الاحتلال الإسرائيلي.

ومع إجبار الناس على الانتقال إلى مخيمات أكثر اكتظاظاً، يتحول انجراف إسرائيل نحو الاستبداد إلى اندفاع. لقد قوض نتنياهو بالفعل استقلال السلطات القضائية في البلاد بتشريعات تضعها تحت سلطة السياسيين. وأخيراً أقال النائب العام الذي يتولى مقاضاته.

ستضطر إسرائيل إلى مواصلة حشد أعداد ضخمة من المجندين والجنود الاحتياطيين لمصلحة عملية عسكرية يراها كبار الضباط خطة غبية وخطرة.

تفيد تقارير بأن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير اضطر إلى الصراخ في اجتماع للحكومة الأمنية المصغرة، محذراً من أن خطة إعادة الاحتلال ستؤدي إلى مقتل الرهائن الذين تحتفظ بهم "حماس" جميعاً.

في المقابل، هنا أعداد متزايدة من الجنود الاحتياطيين الذين يرفضون القتال في غزة. وعلى رغم أن الإعلام الإسرائيلي يخفي كثيراً من الحقائق حول ما يجري في القطاع عن معظم السكان، بدأت الوقائع تتسرب إليهم.

إن كثراً من الجنود منهكون ببساطة مما بات الآن يبدو "حرب نتنياهو الأبدية".

وسيستغرق الأمر أعواماً من القتال قبل أن تتمكن إسرائيل من فرض أي شكل من أشكال "السيطرة" على غزة. وسيتطلب ذلك عشرات الآلاف من الجنود لتشغيل نقاط التفتيش والسيطرة على ما تبقى من السكان.

ومع ذلك وافقت حكومة نتنياهو الأمنية المصغرة على الخطة بعد جلسة استمرت طوال الليل، جادل زمير فيها أيضاً لمصلحة خطة تقضي بتطويق "حماس" وإطلاق سراح نحو 20 رهينة لا يزالون أحياء بعد أسرهم قبل 22 شهراً.

انتصر نتنياهو عبر خطة تستند إلى خمسة مبادئ.

الأهداف المعلنة للحرب هي نزع سلاح "حماس"، وإنقاذ الرهائن، ونزع السلاح في غزة في شكل كامل، وإبقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية على كامل القطاع، ثم فرض إدارة مدنية لا تتبع لـ"حماس" ولا للسلطة الفلسطينية (التي تدير بعض مناطق الضفة الغربية المحتلة من قبل إسرائيل).

في الحقيقة، تستهدف هذه الخطة إعادة احتلال غزة في شكل دائم، تماماً كما يستمر الاحتلال الموقت للضفة الغربية منذ حرب الأيام الستة عام 1967 وحتى اليوم.

الضفة الغربية، حيث شجع الفلسطينيون على الاعتقاد بأنهم سيقيمون دولة يوماً ما، قسمت إلى مناطق حضرية تحت إدارة السلطة الفلسطينية، ومنح غير اليهود حكماً ذاتياً محدوداً، بينما تُنهم بقية الأراضي بمستوطنات يهودية صافية. وهذا نظام فصل عنصري واسع النطاق ما كانت تطبقه حكومات جنوب أفريقيا البيضاء العنصرية بعد الحرب العالمية الثانية.

يريد أعضاء في حكومة نتنياهو تجديد الاستيطان الإسرائيلي في غزة في شكل دائم.

وسيجبر ما لا يقل عن مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة على الرحيل في المرحلة الأولى من حملة إعادة الاحتلال. وهؤلاء سكان تفيد الأمم المتحدة بأنهم بالفعل على حافة المجاعة.

يفترض نتنياهو أن دافعي الضرائب الأميركيين مستعدون لتمويل خطة تؤدي إلى هذه النتائج.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء