ملخص
تسعى باكو عبر ممر زنغزور إلى تأمين تواصل جغرافي مع جيب نخجوان التابع لها غرباً، والواقع بين أرمينيا وإيران وتركيا. لكن إيران تخشى أن يؤدي ذلك إلى المس باتصالها الجغرافي مع أرمينيا ومنها امتداداً إلى أوروبا.
قال دبلوماسي أذري رفيع المستوى اليوم السبت إن مساعي السلام المدعومة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضع أذربيجان وأرمينيا على بعد خطوة واحدة فقط من اتفاق سلام نهائي، وتمثل نقلة نوعية في منطقة جنوب القوقاز ذات الأهمية الاستراتيجية.
استقبل ترمب الرئيس الأذري إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في البيت الأبيض أمس الجمعة، وشهد توقيع الطرفين على إعلان مشترك يهدف إلى وضع حد لصراعهما المستمر منذ عقود.
ولم تنضم روسيا إلى الاجتماع رغم تمركز حرس حدودها على الحدود بين أرمينيا وإيران. وروسيا هي الوسيط التقليدي وحليف أرمينيا في منطقة جنوب القوقاز التي تتقاطع فيها أنابيب نفط وغاز.
وكانت موسكو أعلنت دعمها للقمة، لكنها اقترحت "تطبيق حلول وضعتها دول المنطقة نفسها بدعم من جيرانها المباشرين روسيا وإيران وتركيا"، لتجنب ما تطلق عليها "التجربة المؤسفة" للجهود الغربية للتوسط في الشرق الأوسط.
ورحبت تركيا، حليفة أذربيجان الوثيقة وعضو حلف شمال الأطلسي بالاتفاق. ورحبت إيران، حليفة روسيا بالاتفاق لكنها حذرت من أي تدخل أجنبي قرب حدودها.
وبدأ الخلاف بين أرمينيا وأذربيجان منذ أواخر الثمانينيات عندما انشقت منطقة ناغورنو قره باغ عن أذربيجان، بدعم من أرمينيا.
وناغورنو قره باغ منطقة جبلية في أذربيجان غالبية سكانها من الأرمن.
واستعادت أذربيجان السيطرة الكاملة على المنطقة خلال عام 2023 إثر هجوم عسكري، مما دفع جميع الأرمن المتبقين داخل الإقليم البالغ عددهم 100 ألف تقريباً إلى الفرار إلى أرمينيا.
وقال سفير أذربيجان لدى بريطانيا إلين سليمانوف "لقد طُوي ملف العداء ونحن الآن نتجه نحو سلام دائم"، وتوقع أن يشهد ازدهار المنطقة وروابط النقل فيها تحولاً إيجاباً.
وأضاف سليمانوف الذي كان مبعوثاً سابقاً إلى واشنطن وعمل في مكتب الرئيس علييف، وهو أحد أبرز دبلوماسيي بلاده "هذه نقلة نوعية".
وأحجم سليمانوف عن التكهن بموعد توقيع اتفاق السلام النهائي، مشيراً إلى أن علييف عبر عن رغبته في حدوث ذلك قريباً.
وأضاف سليمانوف أن هناك عقبة واحدة فحسب، وهي أن تقوم أرمينيا بتعديل دستورها لحذف الإشارة إلى ناغورنو قره باغ.
وقال إن "أذربيجان مستعدة للتوقيع في أي وقت بمجرد أن تفي أرمينيا بالتزامها الأساس، المتمثل في إزالة مطالبها الإقليمية ضد أذربيجان في دستورها".
مخاوف إيرانية
من جهته، شدد مستشار للمرشد الأعلى الإيراني اليوم على أن طهران لن توافق على مشروع إنشاء ممر يدعمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يربط أذربيجان بجيب نخجوان التابع لها عبر أرمينيا.
وقال أحد أبرز مستشاري المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، علي أكبر ولايتي، لوكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء "إن تنفيذ هذه المؤامرة من شأنه أن يعرض أمن جنوب القوقاز للخطر، وأكدت إيران أنها، سواء بالتنسيق مع روسيا أو من دونها، ستعمل على ضمان استقرار المنطقة".
أضاف "نحن نعتقد أيضاً أن روسيا تعارض هذا الممر من منطلق استراتيجي"، مؤكداً أن منطقة العبور "لن تتحول إلى ممر يملكه ترمب، بل سيكون مقبرة لمرتزقته".
وكثيراً ما عارضت طهران هذا المشروع، الذي يعرف أيضاً بـ"ممر زنغزور"، ويربط أذربيجان بتركيا مروراً بمحاذاة الحدود الإيرانية مع أرمينيا.
وشهدت العلاقات بين إيران وأذربيجان توتراً متصاعداً خلال الأعوام الماضية، يرجع إلى حد كبير إلى تقارب باكو مع إسرائيل، العدو اللدود لطهران.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتسعى باكو عبر ممر زنغزور إلى تأمين تواصل جغرافي مع جيب نخجوان التابع لها غرباً، والواقع بين أرمينيا وإيران وتركيا. لكن إيران تخشى أن يؤدي ذلك إلى المس باتصالها الجغرافي مع أرمينيا ومنها امتداداً إلى أوروبا.
وأكد ولايتي أن بلاده لن تسمح "للناتو (حلف شمال الأطلسي) بالاقتراب من حدود إيران الشمالية"، مشيراً إلى مناورات إيرانية روسية مشتركة أجريت في بحر قزوين أخيراً تحمل رسالة مفادها أن طهران ستدافع "عن مصالحها بكل قوة".
ورحبت الخارجية الإيرانية اليوم باتفاق السلام بين البلدين، لكنها أعربت عن "مخاوفها في شأن التداعيات السلبية لأي تدخل أجنبي، بأية صورة كانت، خصوصاً قرب الحدود المشتركة".
ويمنح الاتفاق الولايات المتحدة حقوقاً خاصة في الممر الواقع داخل منطقة استراتيجية غنية بالهيدروكربونات.
ولدى سؤاله عما يأتي به اتفاق أمس الجمعة لأرمينيا، قال مسؤول في البيت الأبيض، طلب عدم ذكر اسمه، إن يريفان ستكسب "أكبر وأهم شريك في العالم، الولايات المتحدة"، مضيفاً "الخاسرون هنا هم الصين وروسيا وإيران".
ترحيب روسي وتركي
ورحبت روسيا اليوم بالاتفاق الذي وقعته أرمينيا وأذربيجان أمس داخل الولايات المتحدة، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن "اجتماع مسؤولي الجمهوريتين الواقعتين في جنوب القوقاز، بوساطة الجانب الأميركي، يستحق تقييماً إيجاباً. نأمل في أن تدفع هذه الخطوة قدماً بأجندة السلام".
وضمن تصريحات له في مصر، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن الممر يمكن أن "يربط أوروبا بأعماق آسيا عبر تركيا"، وسيكون "تطوراً مفيداً للغاية".
ودعمت تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، أذربيجان بقوة في صراعاتها مع أرمينيا، لكنها تعهدت بإعادة العلاقات مع يريفان بعد توقيعها اتفاق سلام نهائياً مع باكو.
وخلال وقت لاحق من اليوم، أعلنت الرئاسة التركية أن الرئيس رجب طيب أردوغان ناقش اتفاق السلام مع نظيره الأذري إلهام علييف. ورحب أردوغان بالاتفاق، وعرض دعم أنقرة لتحقيق سلام دائم في المنطقة.
ورحب كل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا أمس بالاتفاق، وقالا في بيان صدر ليل أمس إن "الاتفاق يشكل تطوراً كبيراً يمهد الطريق لسلام دائم ومستدام للبلدين وللمنطقة برمتها".
وتابع البيان "من المهم الآن ضمان تنفيذ الخطوات المتفق عليها في المهل المحددة، من أجل تقدم متواصل ومطرد نحو تطبيع كامل.