ملخص
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الإثنين أنه ينبغي عدم استخدام الجوع بتاتاً "كسلاح حرب"، ذاكراً خصوصاً النزاع الدائر في كل من غزة والسودان.
اقترحت المفوضية الأوروبية اليوم الإثنين تعليق عمليات تمويل لشركات إسرائيلية ناشئة، بسبب الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة. وقالت المفوضية في بيان، "على رغم أن إسرائيل أعلنت هدنة إنسانية يومية في المعارك في غزة واحترمت بعض التزاماتها، فإن الوضع يبقى خطراً".
جسر مساعدات ألماني
قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم إن برلين ستبدأ على الفور جسراً جوياً لإيصال مساعدات إنسانية إلى غزة، في وقت تدرس فيه تكثيف الضغط على إسرائيل، بسبب الوضع "الكارثي" في القطاع.
ومع اقتراب عدد القتلى جراء الحرب المستمرة منذ نحو عامين في غزة من 60 ألفاً، تقول السلطات الصحية في القطاع إن أعداداً متزايدة من الناس تموت بسبب الجوع وسوء التغذية. وتترك صور الأطفال الذين يتضورون جوعاً العالم في حالة صدمة، وتؤجج الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب تدهور الأوضاع بشدة.
ولا تزال ألمانيا، إلى جانب الولايات المتحدة، من أقوى حلفاء إسرائيل وأكبر موردي الأسلحة لها. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم إن كثيراً من الناس يتضورون جوعاً في القطاع، مناقضاً بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي نفى وجود مجاعة هناك.
وقال ميرتس في مؤتمر صحافي في برلين إن الحكومة الأمنية الألمانية اجتمعت لأكثر من ساعتين اليوم لمناقشة الوضع، وفي حين رحبت بإعلان إسرائيل عن وقف العمليات العسكرية لـ10 ساعات يومياً في أجزاء من غزة باعتباره "خطوة أولى مهمة"، فقد اتفقت على ضرورة أن يتبع ذلك المزيد.
وفي رده على سؤال عما إذا كان الاجتماع تطرق إلى فرض عقوبات مثل تعليق اتفاق الاتحاد الأوروبي الذي يحكم العلاقات مع إسرائيل، وهي خطوة رفضتها ألمانيا سابقاً، قال ميرتس إن المجلس ناقش الخيارات المتاحة، وأضاف "نحن نبقي هذه الخطوات مطروحة على الطاولة".
وسيعمل ميرتس قبل اتخاذ أي قرارات على التحدث إلى نتنياهو في وقت لاحق اليوم، وسيتوجه وزير الخارجية يوهان فاديفول إلى المنطقة يوم الخميس المقبل، ربما برفقة نظيريه البريطاني والفرنسي، ثم ستعيد الحكومة الألمانية تقييم الوضع مطلع الأسبوع المقبل.
في غضون ذلك، ستبذل برلين ما في وسعها للمساعدة في تخفيف الوضع الإنساني، وستدشن جسراً جوياً بالتعاون مع الأردن لإيصال المساعدات إلى غزة.
وقال ميرتس "سينسق وزير الدفاع بوريس بيستوريوس عن كثب مع فرنسا والمملكة المتحدة، اللتين أبدتا استعدادهما أيضاً لتوفير جسر جوي لنقل المواد الغذائية والطبية"، وأضاف "نعلم أن هذا لا يمكن أن يوفر سوى مساعدة محدودة جداً لسكان غزة، ولكنه مع ذلك مساهمة نتطلع إلى تقديمها".
ورأى أن ألمانيا ستعد أيضاً لمؤتمر إعادة إعمار غزة بالتنسيق مع شريكتيها الإقليميتين، بريطانيا وفرنسا، وتابع قائلاً "يجب ألا تحدث أي عمليات طرد أخرى من قطاع غزة".
ويقول المسؤولون الألمان إن نهجهم تجاه إسرائيل تحكمه مسؤولية خاصة، تعرف باسم "المسؤولية الحكومية"، مستمدة من إرث محرقة النازي. ويعتقدون دائماً أن بإمكانهم تحقيق المزيد من خلال القنوات الدبلوماسية الخلفية، بدلاً من التصريحات العلنية.
لكن ميرتس تعرض في الأسابيع القليلة الماضية لضغوط متزايدة، بعضها من داخل ائتلافه الحكومي، لاتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إسرائيل، وتعرض لانتقادات واسعة النطاق لعدم انضمامه إلى بيان أصدرته الأسبوع الماضي عشرات الدول الغربية يستنكر "القتل غير الإنساني" للفلسطينيين.
تحذير أممي
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الإثنين أنه ينبغي عدم استخدام الجوع بتاتاً "كسلاح حرب"، ذاكراً خصوصاً النزاع الدائر في كل من غزة والسودان.
وقال غوتيريش في مداخلة عبر الفيديو خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالنظم الغذائية في إثيوبيا إن "النزاعات تستمر في نشر الجوع في غزة والسودان وغيرهما. والجوع يغذي انعدام الاستقرار ويقوض السلام. ينبغي ألا نقبل بتاتاً باستخدام الجوع كسلاح حرب".
وحذرت منظمة الصحة العالمية أمس الأحد من أن سوء التغذية في غزة بلغ "مستويات مقلقة جداً"، وسجلت "أعلى نسبة في الوفيات خلال يوليو (تموز) الجاري".
ومن بين الوفيات الـ74 المرتبطة بسوء التغذية التي أحصيت منذ بداية العام حدثت 63 هذا الشهر من بينها وفاة 24 طفلاً دون الخامسة، وطفل تعدى سن الخامسة، و38 بالغاً، بحسب المنظمة الأممية.
وفرضت إسرائيل التي تحاصر غزة منذ بداية الحرب على "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حصاراً مطبقاً على القطاع في مطلع مارس (آذار) خففته على نحو بسيط في أواخر مايو (أيار)، مما تسبب في نقص حاد بالمواد الأساسية.
توزيع المساعدات
من جهة أخرى أكد مكتب تنسيق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) اليوم الإثنين أن حمولة 120 شاحنة مساعدات وزعت في قطاع غزة أمس الأحد.
وقال المكتب التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية في منشور على منصة "إكس"، "تم تسلم أكثر من 120 شاحنة، وتوزيع ما بداخلها أمس الأحد، من قبل الأمم المتحدة ومنظمات دولية".
وكانت إسرائيل أعلنت الأحد "تعليقاً تكتيكياً" يومياً لعملياتها في بعض مناطق غزة لتسهيل توزيع المساعدات في القطاع المدمر جراء الحرب المتواصلة منذ 21 شهراً ويتضور سكانه جوعاً.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، أمس الأحد، إن إسرائيل خففت على ما يبدو بعض القيود المفروضة على الحركة في غزة، وذلك بعد أن قررت "دعم توسيع نطاق المساعدات لمدة أسبوع".
وأضاف فليتشر في بيان، أن التقارير الأولية تشير إلى تجميع أكثر من 100 شاحنة محملة بالمساعدات من المعابر تمهيداً لنقلها إلى داخل قطاع غزة. وقال "هذا تقدم، لكن هناك حاجة إلى كميات هائلة من المساعدات لدرء المجاعة والأزمة الصحية الكارثية".
مستويات جوع تنذر بالخطر
يأتي ذلك بينما حذرت منظمة الصحة العالمية ، أمس الأحد، من أن سوء التغذية في قطاع غزة بلغ "مستويات تنذر بالخطر"، مشيرة إلى أن "الحظر المتعمد" للمساعدات أودى بكثر وكان من الممكن تفاديه.
وأضافت المنظمة في بيان، "يشهد قطاع غزة حالاً من سوء التغذية الخطر الذي اتسم بارتفاع حاد في عدد الوفيات خلال يوليو (تموز)".
وأشارت المنظمة إلى أنه من بين 74 حالة وفاة مسجلة مرتبطة بسوء التغذية في عام 2025، وقعت 63 حالة في يوليو، من بينها 24 طفلاً دون سن الخامسة، وآخر يزيد عمره على خمس سنوات، و38 بالغاً.
وتابعت "أعلن عن وفاة معظم هؤلاء الأشخاص لدى وصولهم إلى المرافق الصحية، أو توفوا بُعيد ذلك، وبدت على أجسادهم علامات واضحة على الهزال الشديد".
وأكدت أنه "لا يزال من الممكن تجنب الأزمة بشكل كامل. أدى المنع والتأخير المتعمد لوصول المساعدات الغذائية والصحية والإنسانية واسعة النطاق إلى خسائر فادحة في الأرواح".
طفل من كل 5 دون سن الخامسة يعاني سوء التغذية الحاد
نقلت المنظمة عن شركائها في مجموعة التغذية العالمية أن ما يقرب من طفل من كل خمسة دون سن الخامسة في مدينة غزة يعاني الآن من سوء التغذية الحاد.
وأضافت أن نسبة الأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين ستة أشهر و59 شهراً ويعانون سوء التغذية الحاد قد تضاعفت ثلاث مرات منذ يونيو (حزيران) الماضي في المدينة، مما يجعل منها المنطقة الأكثر تضرراً في القطاع الفلسطيني.
وأشارت إلى أن هذه المعدلات تضاعفت في خان يونس ووسط غزة خلال أقل من شهر.
ورجحت المنظمة "أن تكون هذه الأرقام أقل من الواقع نظراً إلى القيود الأمنية الشديدة المفروضة على الوصول، والتي تمنع كثيراً من العائلات من الوصول إلى المرافق الصحية".
وأكدت المنظمة أنه "يجب أن يظل هذا التدفق مستمراً ومن دون عوائق لدعم التعافي ومنع مزيد من التدهور".
وبحسب منظمة الصحة العالمية، تلقى أكثر من 5 آلاف طفل دون سن الخامسة خلال الأسبوعين الأولين من يوليو العلاج من سوء التغذية، وكان 18 في المئة منهم يعانون الشكل الأكثر خطورة، وهو سوء التغذية الحاد الشديد.
وفي يونيو، تم علاج 6500 طفل من سوء التغذية، وهو أعلى عدد منذ بدء الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وفي يوليو، تم إدخال 73 طفلاً آخرين إلى المستشفى يعانون سوء التغذية الحاد الشديد ومضاعفات طبية، مقارنة بـ39 طفلاً في الشهر السابق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن "هذه الزيادة في الحالات تثقل كاهل مراكز علاج سوء التغذية الأربعة المتخصصة".
أما بالنسبة إلى النساء الحوامل والمرضعات، فإن أكثر من 40 في المئة منهن يعانين من سوء التغذية الحاد، بحسب بيانات صادرة عن "مجموعة التغذية العالمية" نقلتها منظمة الصحة العالمية.
وأضافت المنظمة، "ليس الجوع وحده ما يفتك بالناس، بل أيضاً البحث اليائس عن الطعام. تجبر العائلات على المخاطرة بحياتها من أجل حفنة من الطعام، غالباً في ظروف خطرة وتسودها الفوضى".
الإسراع بالموافقة على دخول الشاحنات
من ناحية أخرى قال مسؤول كبير ببرنامج الأغذية العالمي، أمس الأحد، إن البرنامج التابع للأمم المتحدة في حاجة إلى موافقة إسرائيل سريعاً على تحرك شاحناته إلى غزة ليستفيد من الهدن الإنسانية في القتال التي أعلنت عنها إسرائيل.
وفي مواجهة تنديد عالمي متزايد مع إعلان منظمة الصحة العالمية أن مجاعة تستشري على نطاق واسع في غزة، قالت إسرائيل أمس إنها ستوقف العمليات العسكرية لـ10 ساعات يومياً في أجزاء من القطاع وستسمح بممرات جديدة للمساعدات.
وقال مدير قسم الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي روس سميث، لـ"رويترز" أمس، "لا نحتاج إلى مجرد كلام، وإنما إلى أفعال هناك. نحن في حاجة إلى الحصول على تصاريح وموافقات سريعة حقاً. إذا كانت الهدن ستستمر 10 ساعات، فلن نتمكن من الاستفادة من فترات التوقف (في القتال) هذه".
ولم ترد وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وكالة تنسيق المساعدات العسكرية الإسرائيلية، بعد على طلب للتعليق.
ومنذ أن رفعت إسرائيل الحصار الذي استمر 11 أسبوعاً على غزة في 19 مايو (أيار) االماضي وسمحت للعملية الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة باستئناف عمليات التسليم المحدودة للمساعدات، كانت الشكوى الرئيسة للمنظمة الدولية هي تأخر إسرائيل طويلاً في السماح للقوافل بمغادرة نقاط العبور لنقل المساعدات إلى المستودعات ونقاط التوزيع داخل غزة.
نهب المساعدات... سلمياً أو بالقوة
تظهر بيانات الأمم المتحدة أن أقل من ثمانية في المئة فقط من أصل 1718 شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي وصلت إلى وجهتها داخل غزة خلال الأسابيع الـ10 تقريباً منذ أن رفعت إسرائيل حصارها. أما النسبة المتبقية فتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أنها نهبت "إما سلمياً من قبل الجائعين أو بالقوة من قبل جهات مسلحة في أثناء العبور".
وتطلب إسرائيل من الأمم المتحدة وكيانات أخرى تفريغ مساعداتها عند المعبر ثم إرسال شاحنات من داخل غزة لجمع تلك الإمدادات ونقلها في أنحاء القطاع الذي مزقته الحرب، حيث لا يزال هناك نحو 2.1 مليون شخص.
وقال سميث، "يستطيع الجميع رؤيتها (الشاحنات) وهي تدخل، فيعلم الناس أن الطعام على وشك التحميل، فيبدأون بالانتظار والتزاحم"، مضيفاً أن بعض القوافل قد تنتظر حتى 20 ساعة قبل أن تمنحها إسرائيل الضوء الأخضر لدخول غزة.
وأضاف، "إذا توقفت (الشاحنات) هناك 10 ساعات، للتحميل والانتظار، فسيكون لديك عندها 10 آلاف شخص يتزاحمون في الخارج".
وتسيطر إسرائيل على جميع مداخل غزة، وتقول إنها تسمح بدخول مساعدات غذائية كافية إلى القطاع، حيث تخوض حرباً مع حركة "حماس" منذ ما يقرب من 22 شهراً. وتتهم "حماس" بسرقة المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة. وتقول الأمم المتحدة إنها لم تر أدلة على تحويل "حماس" مسار المساعدات بشكل جماعي في غزة.
وقال مصدر أردني رسمي، إن الأردن والإمارات أسقطتا 25 طناً من المساعدات بالمظلات على قطاع غزة، أمس الأحد، في أول عملية إنزال جوي لهما منذ أشهر، مضيفاً أن عمليات إنزال من هذا القبيل ليست بديلاً عن التسليم البري.
وقال سميث، إن إسقاط المساعدات جواً أمر "رمزي تماماً في أحسن الأحوال".
واندلعت الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، عندما شن مقاتلو حماس هجوماً مباغتاً على بلدات إسرائيلية تحيط بالقطاع، تشير بيانات إسرائيلية إلى أنه أفضى إلى مقتل 1200 شخص واقتياد نحو 250 رهينة إلى القطاع.
وذكرت وزارة الصحة في غزة أن نحو 60 ألف فلسطيني لقوا حتفهم منذ ذلك الحين في العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع.
مؤتمر بشأن إسرائيل والفلسطينيين
وسط هذه الأجواء، يجتمع عشرات الوزراء في الأمم المتحدة، اليوم الإثنين، لحضور مؤتمرٍ مؤجَل يهدف إلى دفع الجهود نحو التوصل إلى حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، إلا أن الولايات المتحدة وإسرائيل أعلنتا مقاطعتهما للمؤتمر.
ويهدف المؤتمر إلى وضع معايير واضحة لخريطة طريقٍ تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية، مع ضمان أمن إسرائيل.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في حديث لصحيفة "لا تريبيون ديمانش" نُشر أمس إنه سيستغل المؤتمر لحث دول أخرى على الانضمام إلى فرنسا في الاعتراف بدولة فلسطينية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة لن تحضر المؤتمر في الأمم المتحدة، واصفاً إياه بأنه "هدية لحماس، التي تواصل رفض مقترحات وقف إطلاق النار التي قبلتها إسرائيل، والتي من شأنها أن تفضي إلى إطلاق سراح الرهائن وتحقيق الهدوء في غزة". وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن صوّتت ضد دعوة الجمعية العامة العام الماضي لعقد المؤتمر، وأنها "لن تدعم أي إجراءات تُقوّض آفاق التوصل إلى حل سلمي طويل الأمد للصراع".
من جهته قال جوناثان هارونوف المتحدث الدولي باسم بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة إن إسرائيل لن تشارك في المؤتمر "الذي لا يتناول أولاً، وبشكل عاجل، مسألة إدانة حماس وإعادة جميع الرهائن المتبقين".