ملخص
حذر المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (أقدم مركز فكري اقتصادي مستقل في بريطانيا) من أن الأسواق توقعت استمرار خفوض أكبر وأسرع لأسعار الفائدة، مما تحقق العام الماضي
حذر اقتصاديون من أن زيادات الضرائب التي فرضتها وزيرة الخزانة البريطانية راتشيل ريفز وضعت الاقتصاد في حال "هشة ومعرضة للأخطار"، مما قد يجبرها على رفع الضرائب أو تقليص الإنفاق بنحو 60 مليار جنيه استرليني (80 مليار دولار) قبل الانتخابات العامة المقبلة.
وقال المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (NIESR) إن قرار ريفز زيادة نسبة التأمين الوطني التي يدفعها أصحاب العمل ألحق ضرراً بالغاً بالنمو الاقتصادي، وسينعكس ارتفاعاً في الأسعار وتراجعاً في الأجور.
وأضاف المعهد أن تأثير زيادات الضرائب الحالية وما يصاحبها من حال عدم اليقين الاقتصادي يفوق في حجمه الأضرار التي تسببت بها التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وحذر المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (أقدم مركز فكري اقتصادي مستقل في بريطانيا) من أن الأسواق توقعت استمرار خفوض أكبر وأسرع لأسعار الفائدة، مما تحقق العام الماضي.
ويرتبط مصير راتشيل ريفز السياسي بتوقعات النمو الرسمية، إذ تركت لنفسها هامشاً ضيقاً يقل عن 10 مليارات جنيه استرليني (13.3 مليار دولار) للتمكن من المناورة ضمن قواعدها المالية الخاصة، مما أدى إلى توقعات واسعة النطاق بأنها ستضطر إلى زيادة الضرائب في الخريف مع تدهور التوقعات الاقتصادية.
وقال المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية إن قرار ريفز بترك هذا الهامش الضيق يعرضها لأخطار العواقب العكسية، إذ يؤثر سلباً في ثقة الشركات، وإذا كانت الشركات تخشى من زيادات الضرائب فقد تتردد في الاستثمار، مما يزيد من احتمال اضطرار وزيرة الخزانة إلى فرض زيادات ضريبية أخرى للتعويض.
ثلث المديرين الماليين قلقون
وعبر نحو ثلث المديرين الماليين عن قلقهم بصورة كبيرة من زيادات الضرائب، بما يعادل ضعف النسبة المسجلة في نهاية العام الماضي، فيما أظهرت تقارير مراكز الفكر أن الشركات لا تزال حذرة في شأن الاستثمار والتوظيف".
وفي توقع أكثر تشاؤماً من التوقعات الرسمية لمراقب الموازنة، قال المعهد الوطني إن "ريفز تسير على المسار الصحيح لعدم تحقيق هدفها في الموازنة بحلول نهاية العقد، بفارق يصل إلى 62.9 مليار جنيه استرليني (83.8 مليار دولار)، مما سيتطلب منها سد الفجوة من خلال زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق".
وأضاف المعهد أن التوقعات التي يستخدمها مكتب مسؤولية الموازنة التي تعتمد عليها ريفز، كانت متفائلة بصورة منهجية عند مقارنتها بالنتائج الفعلية.
الاقتصاد البريطاني في وضع معرض للضعف
وانتقد المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية بشدة الزيادة الضريبية الرئيسة التي فرضتها ريفز، وهي زيادة قدرها 25 مليار جنيه استرليني (33.3 مليار دولار) في تأمين أصحاب العمل الوطني، رفعت النسبة من 13.8 في المئة إلى 15 في المئة، وخفضت الحد الأدنى للأجور الذي يتعين على أصحاب العمل دفع التأمين عنه من 9100 ألف جنيه استرليني (12.1 ألف دولار إلى خمسة آلاف جنيه استرليني (6.6 آلاف دولار).
واختتم المعهد بالقول "من منظور اقتصادي، هذه ليست ضريبة جيدة لزيادتها، هذه الزيادة تترك الموازنة والاقتصاد البريطاني بصورة عامة في وضع معرض للأخطار والضعف، وهذا ينطبق بصورة خاصة في ظل الأخطار السلبية التي تطرحها الحرب التجارية العالمية والتوترات الجيوسياسية المتزايدة، لذا الوقت الراهن ليس الوقت المناسب للمخاطرة".
وأشار المعهد إلى ثلاثة أسباب تجعل هذه الضريبة تحديداً ضارة جداً، مشيراً إلى أنها ستقلل من فرص العمل لأن الشركات ستواجه كلفاً أعلى في توظيف الموظفين، وستزيد التضخم، إذ سترفع الشركات الأسعار لتحمّل الكلف، بالتالي ستجمع ضرائب أقل مما كان مأمولاً.
وتوقع المعهد أن تضيع نحو 10 مليارات جنيه استرليني (13.3 مليار دولار) من الأموال التي جمعت من هذه الضريبة نتيجة لتراجع النمو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المعهد "عند جمع كل هذه العوامل معاً، يتضح أن هذه الزيادة الضريبية تشكل خطراً كبيراً على الحكومة".
من جانبه دافع رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر عن قرارات الحكومة غير الشعبية أول من أمس الأربعاء، قائلاً إنه "من خلال زيادات الضرائب وعمليات الخفض أعادت الحكومة تنظيم المالية واستقرار الاقتصاد لتمكين الاستثمار".
وأضاف "لا يوجد حزب آخر في هذا المجلس مستعد للإفصاح عن كيفية تصحيح الوضع المالي".
وتوقع المعهد الوطني أن ينمو الاقتصاد البريطاني بنسبة 1.2 في المئة هذا العام، منخفضاً عن التوقعات السابقة التي كانت 1.5 في المئة، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 1.5 في المئة العام المقبل، وهي التوقعات نفسها التي وردت في تقرير المعهد خلال الشتاء.
وجاء هذا الخفض بعد أن خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا لعام 2025 من 1.6 في المئة إلى 1.1 في المئة.
وقال المدير الموقت للمعهد ستيفن ميلارد "لقد أدت القواعد المالية التي فرضتها وزيرة الخزانة على نفسها بصورة تعسفية إلى وضع سيُضطر الوزيرة مرتين في السنة إما إلى العثور على مزيد من المدخرات في الدوائر الحكومية أو الإعلان عن زيادات ضريبية غير مرغوب فيها سياسياً". وأضاف أن "حال عدم اليقين التي تخلقها هذه القواعد تؤدي إلى انخفاض الاستثمار والنمو، مما عكس تماماً ما ترغب الحكومة في تحقيقه. يجب علينا إعادة التفكير في الإطار المالي".
وزادت مجموعة نمو حزب العمال (LGG) وهي مجموعة كبيرة من النواب الجدد الموالين للحزب الذين ضغطوا على الحكومة للقيام بمزيد من الإصلاحات في مجالي التخطيط والطاقة، الضغط على وزارة الخزانة، داعين إلى إعادة ضبط الاقتصاد بعد موجة الإصلاحات التي شهدتها الانتخابات المحلية.
وقال رئيس المجموعة كينز نورث لـ"ذا تايمز" إن "بريطانيا عالقة في حلقة من الركود الاقتصادي التام، لقد شهدنا نمواً منخفضاً، مما أدى إلى خفوض كبيرة، وأدى ذلك إلى خدمات عامة مكسورة، وإلى شعور بالإحباط والانقسام في البلاد".