ملخص
يرى "غولدمان ساكس" أن الجنيه المصري يعد ثاني أكثر العملات المقومة بأقل من قيمتها الحقيقية بين عملات الأسواق الناشئة.
مع استمرار تحسن السيولة الدولارية ارتفع الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي ليصل إلى أعلى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، إذ تُتداول الورقة الأميركية الخضراء في التعاملات الأخيرة عند مستوى 49 جنيهاً.
جاء هذا الانتعاش مدعوماً بتدفقات كبيرة مقومة بالدولار، مع هدوء التوترات الجيوسياسية وأسعار الفائدة الجذابة التي حفزت تدفقات أجنبية غير مسبوقة إلى أدوات الدين القصيرة الأجل والمتوسطة الأجل، وتزامنت هذه التدفقات غير المسبوقة مع بداية العام المالي الجديد، وتراجع التزامات الديون وسط تدفقات الإيرادات الضريبية.
ومع تراجع الضغوط على الجنيه المصري، انخفضت تعاملات الـ"إنتربنك" بسبب فائض في السيولة الدولارية لدى معظم البنوك الحكومية والخاصة في البلاد، مما زاد من قوة الجنيه المصري مقابل الدولار، وقالت مصادر مطلعة، إن استمرار مكاسب الجنيه مرهون بجذب مزيد من المستثمرين الأجانب إلى سوق الدين المحلية، من خلال إصدار أدوات دين جديدة، علاوة على أن استمرار تراجع تأثير مؤشر الدولار العالمي على أسعار صرف العملات في الدول الناشئة سيمنح الجنيه أيضاً فرصة لاسترداد بعض خسائره.
هل الجنيه مقوم بأقل من قيمته أمام الدولار؟
ومنذ بلوغ الدولار الأميركي أعلى مستوى له في منتصف تعاملات الشهر الماضي، عندما جرى تداوله عند مستوى أعلى من 51 جنيهاً، بدأ سلسلة من التراجعات ليجري تداوله اليوم عند مستوى 49.01 جنيه للشراء، و49.15 جنيه للبيع لدى البنك المركزي المصري.
وفيما جاء أعلى سعر لصرف الدولار الأميركي لدى "مصرف أبوظبي الإسلامي" عند مستوى 49.06 جنيه للشراء، و49.15 جنيه للبيع، سجل أقل سعر لصرف الدولار في "بنك التعمير والإسكان" عند مستوى 48.95 جنيه للشراء، مقابل 49.05 جنيه للبيع، وفي بنوك "الأهلي المصري" و"مصر" و"القاهرة" و"الإسكندرية" و"كريدي أغريكول" استقر سعر صرف الدولار عند مستوى 49 جنيهاً للشراء، و49.10 جنيه للبيع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن انتعاش الجنيه يتماشى مع توقعات حديثة لبنك "غولدمان ساكس"، إذ أشار بنك الاستثمار العالمي إلى أن سعر الصرف الفوري للجنيه ستدعمه تدفقات المحافظ الاستثمارية القوية المتوقعة، وتستند هذه النظرة أيضاً إلى تعزيز الاحتياطات الدولية، مما يوفر طبقة إضافية من الدعم لاستقرار الجنيه.
ولا تزال العملة المحلية مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية بصورة كبيرة، إذ يعد الجنيه حالياً ثاني أكثر العملات المقومة بأقل من قيمتها الحقيقية بين عملات الأسواق الناشئة التي يغطيها "غولدمان ساكس" بنحو 30 في المئة. ويقدر "غولدمان ساكس" أن يظل الجنيه مقوماً بأقل من قيمته بنسبة 25 في المئة على مدى الـ12 شهراً القادمة، إذا استقر سعر الصرف الحالي قرب مستواه الحالي.
لماذا تحسن عجز التعاملات الجارية؟
وفي سياق تحسن المؤشرات الاقتصادية، قال البنك المركزي المصري، إن الاقتصاد المصري شهد تطورات إيجابية، خلال الفترة من يوليو (تموز) 2024، وحتى نهاية مارس (آذار) الماضي، إذ تحسن عجز حساب التعاملات الجارية بنسبة 22.6 في المئة ليبلغ نحو 13.2 مليار دولار مقابل نحو 17.1 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي السابق، وجاء هذا التحسن بصورة خاصة في الربع الثالث من يناير (كانون الثاني) وحتى مارس الماضي.
وعلى رغم تلك التطورات الإيجابية، شهدت الفترة من يوليو 2024 وحتى مارس الماضي عجزاً كلياً مقداره نحو 1.9 مليار دولار مقابل فائض كلي بلغ نحو 4.1 مليار دولار خلال الفترة المناظرة.
ويُعزى هذا التحول إلى تراجع صافي التدفقات للداخل في التعاملات الرأسمالية والمالية ليصل نحو 7.7 مليار دولار، مقارنة بتدفقات غير مسبوقة بلغت نحو 20 مليار دولار في الفترة المناظرة التي تضمنت صفقة "رأس الحكمة" بقيمة 15 مليار دولار.
وأوضح أن إيرادات قناة السويس بلغت 2.6 مليار دولار في الفترة من يوليو 2024 وحتى مارس الماضي، مقابل 5.8 مليار دولار في الفترة نفسها قبل عام، وذكر أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج، ارتفعت إلى 26.4 مليار دولار في الفترة المذكورة، مقابل 14.5 مليار دولار في الفترة المماثلة قبل عام.
وأشار البنك المركزي المصري إلى أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بلغ 9.8 مليار دولار خلال القترة من يوليو 2024 وحتى مارس الماضي، مقارنة بنحو 23.7 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق، وارتفعت واردات مصر من المنتجات البترولية بنحو 4.8 مليار دولار، ومن الغاز الطبيعي بنحو 3.3 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2024 إلى مارس الماضي.
وتابع "إيرادات السياحة في مصر سجلت ارتفاعاً لتصل إلى 12.5 مليار دولار في الفترة المذكورة، مقابل 10.9 مليار دولار في الفترة نفسها قبل عام".
كيف قفزت تحويلات المصريين في 9 أشهر؟
وكشفت بيانات "المركزي"، أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفعت إلى 26.4 مليار دولار بين يوليو 2024 حتى مارس الماضي، مقابل 14.5 مليار دولار في الفترة نفسها قبل عام، وأوضح، أن عجز التعاملات الجارية في مصر انخفض إلى 13.2 مليار دولار خلال هذه الفترة مقارنة مع 17.1 مليار دولار في الفترة نفسها قبل عام.
وأرجع البنك، انخفاض العجز إلى زيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 86.6 في المئة، وإلى نمو الفائض في الميزان الخدمي نتيجة زيادة إيرادات السياحة 23 في المئة، وانخفضت صادرات النفط 430.5 مليون دولار إلى 4.2 مليار دولار من 4.6 مليار دولار في العام السابق، بينما زادت واردات النفط 4.8 مليار دولار إلى 14.5 مليار دولار من 9.7 مليار دولار.
وانخفضت عائدات قناة السويس إلى 2.6 مليار دولار من 5.8 مليار دولار في العام السابق مع استمرار تأثر إيرادات هذا الطريق التجاري العالمي الحيوي بسبب هجمات الحوثيين على سفن في البحر الأحمر، وبلغت إيرادات السياحة في مصر 12.5 مليار دولار بين يوليو 2024 ومارس الماضي، مقارنة بـ10.9 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق، وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر 9.8 مليار دولار مقارنة بـ23.7 مليار دولار.