ملخص
في أجواء مشحونة بالعاطفة والرسائل الاجتماعية يستعد منتخب إنجلترا للسيدات لمواجهة إيطاليا في نصف نهائي "يورو 2025"، حين تمتزج التحديات الكروية بالتصدي للعنصرية وتأكيد الوحدة، وسط طموحات ببلوغ نهائي ثالث توالياً.
يحيط بمعسكر منتخب إنجلترا شعور مختلف، إذ تؤكد لاعبات الفريق أنهن يركزن بالكامل على مواجهة نصف نهائي "يورو 2025" أمام إيطاليا اليوم الثلاثاء، لكن الأمر لا يبدو وكأنهن يطوين صفحة القصة الكبرى لهذا الأسبوع، كما يحدث غالباً في مثل هذه الحالات، بخاصة في مباريات بهذا الحجم.
رسالة تتجاوز المستطيل الأخضر
وعلى العكس من ذلك ترغب كثير من اللاعبات في استغلال هذه المناسبة لتسليط الضوء على الموقف الذي يحاولن اتخاذه، فقد أردن "إرسال رسالة إلى العالم"، على حد تعبير سارينا فيغمان.
وقد هيمنت مناقشة قضية جيس كارتر على المؤتمر الصحافي الذي سبق المباراة في جنيف، وعلى قرارها بالابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي بعد تعرضها لإساءات عنصرية.
ولا تزال بعض اللاعبات غاضبات بشدة من كل ما حدث. وبينما بدت فيغمان وجورجيا ستانواي متماسكتين تماماً عند لحظة الحديث، لم يكن الأمر بمثابة وضع كل شيء جانباً الآن.
وقد شرحت ستانواي المنطق وراء التوقف عن القيام بحركة الركوع على الركبة، وتطرقت حتى إلى بعض الانتقادات التي وجهت إلى هذا الموقف من بعض الجهات.
وقالت ستانواي "شعرنا أن الركوع على الركبة بات متكرراً بعض الشيء، وبلغنا نقطة لم يعد فيها يحقق ما كنا نطمح إليه".
وقد دعمت غيغمان، بطبيعة الحال، لاعبتها في خط الوسط، قائلة "من المحزن حقاً أننا مضطرون إلى مناقشة هذا الأمر، إنه يتجاوز حدود كرة القدم".
وهذا ما ينطبق عموماً على فريقها، ففي عصر يعد بوضوح نقطة تحول في مسيرة كرة القدم النسائية، كانت إنجلترا من بين الفرق الرائدة في الجمع بين النجاح الكروي والأثر الاجتماعي.
وقد تكون هذه المباراة بمثابة حدث فارق في هذا السياق، إذ تقف إنجلترا على أعتاب التأهل لنهائي ثالث على التوالي في بطولة "يورو" أو كأس العالم، بينما تتطلع فيغمان بنفسها إلى مباراتها النهائية الخامسة.
ومع كل ذلك تبرز بطبيعة الحال تساؤلات محرجة لكنها حتمية، قد تبدو غير منسجمة بعض الشيء مع جدية الموضوع الذي تناقشه اللاعبات، لكن في نهاية المطاف لا بد من لعب كرة القدم.
فهل هناك خطر من تشتت الانتباه؟ الشعور السائد داخل المعسكر هو أن هذا غير وارد على الإطلاق، بل إن الفريق يبدو أقرب إلى تحويل هذه الطاقة إلى دافع إيجابي.
وقالت ستانواي "إن كان هناك شيء، فهو أنه وحدنا أكثر كفريق، كل ما يمكننا فعله الآن هو أن نظهر دعمنا وتكاتفنا". وكان هذا هو الموضوع الذي شددت عليه لوسي برونز في اليوم السابق.
وقالت برونز "جميعنا ندعم جيس، وجيس تدعم الفريق. ومهما كانت الظروف التي نمر بها، نظل قادرين على فعل ذلك. وأعتقد أننا أظهرنا هذا سواء تعلق الأمر بأمور تحدث في حياتنا الخاصة، من فقدان أحد الوالدين إلى العنصرية إلى رهاب المثلية، هذا الفريق يقف ويتكلم بصوت عالٍ".
"ندعم بعضنا بعضاً في كل ما نمر به، وبينما نفعل ذلك نظل ناجحين كفريق كرة قدم، وأعتقد أن هذا هو ما يمنحنا هذه المنصة لنعبر وندفع نحو المزيد". وكان لستانواي تعبير خاص عن ذلك "قوة لبؤات إنجلترا".
وهنا يتجلى ذلك الشعور المختلف، وتبرز تحولات جديدة، فقد اعترفت ستانواي بأن هذه البطولة كانت "رحلة مليئة بالتقلبات"، لكنها لم تكن مجرد صعود وهبوط، بل أيضاً ذهاباً وإياباً.
مخاوف تكتيكية تلاحق فيغمان
فمنتخب إنجلترا بدا واثقاً في لحظة، ثم متردداً في اللحظة التالية، ولم تكن العروض مقنعة من جهة الأداء. فقد لعب الفريق بصورة جيدة فقط أمام خصوم أضعف، مثل هولندا وويلز، أما أمام فرنسا والسويد فلم يقتصر الأمر على المعاناة، بل ظهرت أيضاً معالم واضحة لخطة محتملة لهزيمة إنجلترا. وهذه مشكلات كانت تتراكم منذ فترة، تعود إلى ما قبل كأس العالم 2023.
تعاني إنجلترا عندما يتم الضغط على كيرا وولش، كما تعاني دفاعياً عند مواجهة السرعة العالية والهجمات النشطة والحيوية. والأسوأ أن فيغمان لم تجد بعد حلولاً واضحة لهذه المعضلات، سوى تعديلات أثناء المباريات تغير من زخم اللقاء بدلاً من معالجة الجوانب التكتيكية فعلياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن هنا جاءت أهمية كلوي كيلي وميشيل أغييمانغ في مواجهة السويد، وقد أقرت فيغمان بأن تأثيرهما يزيد من "وجع الرأس" بالنسبة إليها، لكن هذا يشير أيضاً إلى منطق ربما يفضل إبقاءهما على دكة البدلاء، ليتم إطلاقهما في الملعب في اللحظة المناسبة.
وفي ما يتعلق بالقضية الكبرى الأخرى في اختيارات التشكيلة، فقد شاركت ليا ويليامسون في تدريبات الفريق عشية المباراة بعد تعافيها من إصابة في الكاحل، وهي ترغب في اللعب.
إيطاليا… خصم بعزيمة مفاجئة
ولا بد من الإشارة إلى أن إيطاليا لا تملك مستوى الجودة نفسه، الذي تتمتع به فرنسا أو السويد، لكنها على عكس تلك الفرق وصلت بالفعل إلى نصف النهائي.
وقد يكون جزء من ذلك بسبب قرعة سهلة، لكنه أيضاً يعود إلى عزيمتهم الخاصة، إضافة إلى الحنكة التكتيكية التي يظهرها المدرب أندريا سونتشين.
وقد ظهر ذلك بوضوح في المباراة الحاسمة أمام إسبانيا في ختام دور المجموعات، حين سببت إيطاليا مشكلات حقيقية للمنافس. وعلى رغم أن إسبانيا أجرت ستة تغييرات في تشكيلتها، فإن إيطاليا كانت الفريق الوحيد الذي تقدم عليها في النتيجة.
وتحدث سونتشين بعد تلك المباراة قائلاً إنه يعيش أجمل أيام حياته، في انعكاس للزخم العاطفي الذي بات يحيط بهذا الفريق. ويكفي النظر إلى أداء كريستيانا غيريلي، التي سجلت هدفين في ربع النهائي أمام النرويج.
ولدى المنتخب الإيطالي أيضاً زخم اجتماعي خاص به، إذ يقفن على أعتاب الوصول إلى النهائي بعد مرور ثلاثة أعوام فقط على السماح لهن بالتحول إلى لاعبات محترفات.
وإذا كان هذا يعزز الشعور بأننا أمام أحد تلك الفرق التي قدمت أداءً رائعاً للوصول إلى هذه المرحلة لكنها قد لا تذهب أبعد من ذلك، فإن فيغمان، بطبيعة الحال، لن تسمح لإنجلترا بالتفكير بهذه الطريقة.
وقالت المدربة "قد نكون المرشحين للفوز"، لكنها أتبعت ذلك بـ"لكن" كبيرة. وأضافت "أعتقد أنه سيكون من عدم الاحترام لإيطاليا أن نعتبر فريقنا مرشحاً مفضلاً".
ويفكر الفريق، بدلاً من ذلك، بأمور أكبر، وبكيفية تجاوز كل ما مروا به. وهذا ينطبق بصورة خاصة على كارتر.
وقالت فيغمان "إنها (إيطاليا) جاهزة لتقديم الأداء، ونحن جاهزون أيضاً".
إنجلترا جاهزة للمزيد… بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
© The Independent