ملخص
نقابة الأطباء أعلنت تقليص الدوام داخل المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية إلى يومين في الأسبوع، قبل أن يصبح يوماً واحد اعتباراً من الـ20 من الشهر الجاري.
باتت المؤسسات الحيوية للسلطة الفلسطينية في شبه شلل تام نتيجة الأزمة المالية، وشارفت على "الانهيار الشامل"، نتيجة لرفض إسرائيل تحويل الأموال الفلسطينية منذ شهرين، على رغم اقتطاعها أكثر من نصفها منذ بدء حربها على قطاع غزة.
وبعد وصول الأوضاع إلى مرحلة "لا يمكن احتمالها"، هدد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى باتخاذ "إجراءات غير اعتيادية"، مشيراً إلى أن الفلسطينيين "لن يستمروا في الانتظار" أكثر من ذلك.
وبدت تلك رسالة أخيرة من مصطفى إلى دول العالم، وبخاصة واشنطن، لكي تمارس ضغطها على تل أبيب للإفراج احتجاز أموال المقاصة الفلسطينية التي تشكل المصدر الرئيس لإيرادات الحكومة الفلسطينية.
وبلغت قيمة الأموال الفلسطينية التي تحتجزها إسرائيل منذ عام 2019 أكثر من 2.4 مليار دولار، وهو ما أدخل الحكومة الفلسطينية في أزمات مالية لا تنتهي أثرت في قيامها بمسؤولياتها، وصرف رواتب موظفيها التي تبلغ نحو 300 مليون دولار شهرياً.
وبحسب رئيس الوزراء الفلسطيني، فإن الوضع الحالي "يتطلب إجراءات سياسية بعد قيام حكومته بمعالجات مهنية وفنية ضمن إطار عملها".
وتبذل الرئاسة الفلسطينية جهوداً دولية للضغط على إسرائيل لوقف سياسة تجميد تحويل أموال المقاصة التي تجبيها لمصلحة الحكومة الفلسطينية عن البضائع والخدمات المخصصة للفلسطينيين.
ورجح مسؤولون فلسطينيون تحويل إسرائيل نحو 260 مليون وهي ما تبقى من أموال المقاصة الفلسطينية عن الشهرين الماضيين بعد اقتطاع إسرائيل منها الأموال المخصصة لقطاع غزة، ورواتب الأسرى، وبعض الخدمات الصحية، والكهرباء والمياه.
ومع أن الحكومة الحالية أصبحت تصرف منذ مجيئها قبل أكثر من عام رواتب 70 في المئة من موظفيها الذين تقل رواتبهم عن 1000 دولار، لكنها تدفع رواتب بقية الموظفين الـ30 في المئة بنسبة 70 في المئة.
ويعد الأطباء والممرضون والكوادر الصحية من فئة الموظفين الذين لا يتلقون رواتبهم كاملة منذ أربعة أعوام. وحذرت نقابة الأطباء الفلسطينية الحكومة من "انهيار تام في القطاع الصحي، بسبب حال اللامبالاة والغياب التام لأية مبادرة تنهي الأزمة المالية، سوى دعوة الموظفين إلى الصبر".
ودعت النقابة الحكومة الفلسطينية إلى الاستقالة إن "لم تكن على قدر المسؤولية"، مشيرة إلى أن "نية الحكومة "تقليص دوام موظفيها يؤثر سلباً في الخدمات الصحية".
وطالبت النقابة الحكومة بصرف كامل رواتب الموظفين للعودة إلى الدوام الكامل.
لكن نقابة الأطباء أعلنت تقليص الدوام في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية إلى يومين في الأسبوع، قبل أن يصبح يوماً واحد اعتباراً من الـ20 من الشهر الجاري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وطالب رئيس اتحاد نقابات المهن الصحية الفلسطينية أسامة النجار بـ"تصعيد الأزمة حتى انهيار السلطة الفلسطينية وهو ما سيرفضه المجتمع الدولي حينها ويضطر إلى التدخل".
لكن مسؤولاً فلسطينياً عدَّ أن التلويح بانهيار السلطة الفلسطينية "أصبح خياراً غير مجد، بسبب كثرة استعماله خلال الأعوام الماضية، كما أنه يستجيب لمطالب اليمين الحاكم في إسرائيل الداعي لحل السلطة".
وأشار المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"اندبندنت عربية" إلى أن السلطة الفلسطينية "تدرس عدة خيارات للتعامل مع الوضع غير المسبوق والذي أصبح لا يُحتمل".
ومن بين تلك الخطوات "إعلان حال الطوارئ الوطنية وما يعنيه ذلك من تقليص للدوام، وصرف الأموال على القطاعات الحيوية فقط".
وكشف المسؤول عن إمكانية تحويل إسرائيل أموال المقاصة خلال الأسبوع المقبل، مضيفاً أن الرئاسة الفلسطينية طلبت من أحد مستشاري الرئيس الأميركي إثارة الملف خلال اللقاء بين ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أول من أمس الثلاثاء.
وشدد المسؤول على أنه في حال عدم تحويل أموال المقاصة مع نهاية الأسبوع المقبل فإن السلطة الفلسطينية ستكون "مضطرة لاتخاذ إجراءات محددة".
لكن الباحث السياسي جهاد حرب يرى أن تلك الإجراءات "كان على السلطة الفلسطينية اتخاذها مع بدء إسرائيل بالاقتطاع من أموال المقاصة قبل سنوات"، مشيراً إلى أن ذلك شجع تل أبيب على "استمراء الاستمرار بالاقتطاع بل وزيادته ليصل إلى نحو ثلثي تلك الأموال".
وبحسب حرب، فإن السلطة الفلسطينية لا يوجد بين يدها كثير من الإجراءات التي يمكن أن تتخذها ضد إسرائيل بسبب قرصنة الأموال الفلسطينية.
ومن بين تلك الإجراءات المتبقية "اللجوء إلى المحاكم الدولية، ووقف العلاقة مع إسرائيل" وفق حرب الذي أشار إلى "وجود اتجاهين داخل إسرائيل في شأن التعامل مع السلطة الفلسطينية، الأول يدفع إلى إضعافها عبر تقليص تحويل أموالها، والثاني يسعى إلى انهيارها".
وأوضح أن "إسرائيل لم تحسم أمرها بين الخيارين، في ظل رفض المؤسسة الأمنية انهيار السلطة ورغبتها في إبقائها على حافة الانهيار فقط".
وخلال لقائه ترمب، شدد نتنياهو على سعيه لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومنح الفلسطينيين فقط حكماً ذاتياً، مضيفاً أنه يدعم حصول الفلسطينيين "على جميع الصلاحيات لحكم أنفسهم، لكن ليس على أية صلاحيات من شأنها تهديدنا... وهذا يعني أن السلطة السيادية، مثل الأمن الشامل، ستبقى دائماً في أيدينا".