Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تدفع تعريفة ترمب إلى تلاحم اقتصادات الجنوب العالمي؟

اقترح تحالف "بريكس" إنشاء بورصة لتجارة الحبوب كموازن للمنصات السلعية الأميركية والأوروبية

تخطط بعض أكبر الدول المصدرة في العالم لمستقبل أقل اعتماداً على التجارة مع الولايات المتحدة. (اندبندنت عربية)

ملخص

سباق مشترك بين الدول الناشئة لإعادة هندسة تجارة العالم بعيداً من الدولار وسياسة أميركا الأحادية، مما يمهد الطريق لعالم متعدد الأقطاب التجارية.

تدفع تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية جديدة على مجموعة واسعة من السلع، من ألعاب الأطفال إلى فول الصويا، الاقتصادات الناشئة الكبرى إلى تعزيز تلاحمها وتعاونها التجاري بعيداً من واشنطن.

 في اجتماع استمر يومين في مدينة ريو دي جانيرو، تعهدت دول مجموعة "بريكس"، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، إلى جانب دول أخرى، بتعميق الروابط الاقتصادية فيما بينها، والسعي إلى إزالة العقبات البيروقراطية التي تعوق التجارة البينية. وعلى رغم أن البيان الختامي لم يذكر الولايات المتحدة أو ترمب بالاسم، فإن المجموعة أعربت عن قلقها العميق إزاء تصاعد الإجراءات الأحادية، سواء كانت جمركية أو غير جمركية، ووصفتها بأنها تشوه التجارة الدولية، داعية إلى قواعد تجارة عادلة وشاملة تتماشى مع أنظمة منظمة التجارة العالمية.

السياسات الحمائية 

ويعكس هذا التوجه وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، كيف أن السياسات الحمائية الأميركية تعيد رسم خريطة التبادل التجاري العالمي، وتدفع شركاء أميركا السابقين إلى البحث عن بدائل أكثر توازناً واستقلالية. وعلى رغم أن ترمب هدد بفرض رسوم إضافية بنسبة 10 في المئة على الدول التي تتحالف مع ما وصفه بسياسات "بريكس"، "المعادية لأميركا"، فإن هذه التهديدات لم تثن قادة المجموعة عن المضي في استراتيجيتهم. الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا رد قائلاً "لا نريد إمبراطوراً، نحن دول ذات سيادة. وإذا كان يعتقد أنه يمكنه فرض ضرائب، فالدول الأخرى تملك الحق في فرض ضرائب أيضاً". وتبرز هذه التحركات في وقت لم تنجح فيه إدارة ترمب سوى في إبرام اتفاقين تجاريين فحسب، مع بريطانيا وفيتنام، على رغم خططها لعقد عشرات الصفقات.

وفي ظل التوترات المتصاعدة، تسعى "بريكس" إلى تسريع التعاملات بالعملات المحلية، وبناء شبكات لوجيستية واستثمارية عابرة للحدود، مما يعزز من مكانتها كبديل استراتيجي للنظام التجاري الغربي التقليدي. ويرى مراقبون أن ترمب، أسهم من دون قصد في تلاحم الجنوب العالمي على نحو غير مسبوق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ردت الصين وروسيا بحذر أكبر على تحذيرات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في شأن تحالف "بريكس"، إذ أكدت وزارة الخارجية الصينية أن مجموعة "بريكس" "ليست تكتلاً للمواجهة، ولا تستهدف أي دولة"، فيما صرح المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن التعاون داخل المجموعة "لا يوجه ضد دول ثالثة".

 وتأسست "بريكس" عام 2009 بهدف تعزيز النفوذ الاقتصادي والجيوسياسي للدول الناشئة، وتوسعت منذ ذلك الحين لتضم كلاً من مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والإمارات كأعضاء كاملين، كما تعمل على بناء شراكات مرنة مع دول أخرى. وعلى رغم أن "بريكس" ظلت لأعوام تكتلاً رمزياً للدول المصنفة ضمن "الجنوب العالمي"، فإنها تحاول في الآونة الأخيرة تعزيز التعاون العملي بين أعضائها بصورة أكثر واقعية.

بورصة لتجارة الحبوب

أخيراً اقترح تحالف "بريكس" إنشاء بورصة لتجارة الحبوب كموازن للمنصات السلعية الأميركية والأوروبية، في خطوة تهدف إلى تقليص الاعتماد على الدولار الأميركي وتعزيز التجارة بين دول المجموعة. وطرحت روسيا الفكرة في البداية، ومن المحتمل أن تتوسع لاحقاً لتشمل سلعاً زراعية أخرى، ومن بين المشاريع الأخرى التي تدرس، إنشاء نظام دفع دولي بديل يسمح لأعضاء "بريكس" بإجراء معاملاتهم باستخدام العملات المحلية، ويوفر في الوقت نفسه لدول مثل روسيا وسيلة للالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة بسبب حربها على أوكرانيا. ويثير الدور المهيمن لكل من الصين وروسيا داخل المجموعة، إلى جانب انضمام دول مثل إيران، مخاوف من أن يتحول تحالف "بريكس" إلى منصة مناهضة للغرب، لكن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قلل من أهمية هذه المخاوف، مؤكداً أن "بريكس" يسعى إلى إعادة التوازن للنظام العالمي الذي طالما احتكرته الولايات المتحدة والدول الغربية. وقال لولا "إنها مجموعة من الدول تسعى إلى إنشاء طريقة أخرى لتنظيم العالم، ولهذا السبب فإن بريكس تثير الانزعاج".

وتعتمد دول الجنوب، وعلى رأسها الصين وروسيا، على صناعات متقدمة (الطاقة الشمسية، والمخزونات، والمعادن النادرة) لتوطيد موقعها ضمن شبكة اقتصادية جديدة، تصبح فيها أقل عرضة لما تسميه اللابتزاز الأميركي.

ومع إغلاق نافذة التسوية الجمركية في الأول من أغسطس (آب) القادم وفقاً لترمب، والرسوم المتوقعة على "بريكس" بنسبة 10  في المئة، أصبح لدى دول الجنوب الحافز للتعجيل بتوقيع اتفاقات ثنائية وإقليمية، بعيداً من التبعية للأميركي، وهو ما شهدته إندونيسيا التي تسعى إلى توقيع اتفاق تجاري خلال الأسابيع القادمة.

واليوم نشهد سباقاً مشتركاً بين الدول الناشئة لإعادة هندسة تجارة العالم بعيداً من الدولار وسياسة أميركا الأحادية، مما يمهد الطريق لعالم متعدد الأقطاب التجارية.

اقرأ المزيد