ملخص
قبل تصويت على حجب الثقة لا يُتوقع أن يطيحها، نددت أورسولا فون دير لايين بـ"أساليب المتطرفين" وسعت إلى حشد الأغلبية المؤيدة لأوروبا. المذكرة التي أطلقها نائب يميني متطرف، تتهمها بسوء إدارة قضية "فايزرغايت" وتركيز السلطة. على رغم الانتقادات، تحظى فون دير لايين بدعم واسع من الكتل الكبرى، مما يجعل سقوطها غير مرجح.
قبل ثلاثة أيام من تصويت على حجب الثقة لا يشكل خطراً كبيراً على رئاسة المفوضية الأوروبية، نددت أورسولا فون دير لايين أمس الإثنين بـ"أساليب قديمة للمتطرفين" في مسعاها إلى تعبئة الأغلبية "المؤيدة لأوروبا" على رغم التوتر في البرلمان الأوروبي.
واتهمت فون دير لايين خلال جلسة للبرلمان نواب اليمين المتطرف الذين قدموا مذكرة لحجب الثقة عنها، بأنهم "معارضون للتطعيم" و"معجبون ببوتين"، محاولة تقديم أجوبة للنواب الأوروبيين في حين تواجه إدارتها انتقادات.
وتوجهت الزعيمة الألمانية إلى "كل القوى المؤيدة لأوروبا والديمقراطية في هذا المجلس" لرفض المذكرة خلال التصويت ظهر الخميس.
ولا شك في أن مذكرة حجب الثقة التي طرحها قسم من اليمين المتطرف، لن تؤدي إلى إطاحة المسؤولة الألمانية خلال جلسة التصويت المرتقبة.
لكن بعد عام على الانتخابات الأوروبية، من شأن هذا النقاش أن يسمح لمعارضي فون دير لايين بأن يرفعوا النبرة داخل البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ.
كذلك فإنه قد يشكل مناسبة لتصفية بعض الحسابات في صفوف الغالبية "المؤيدة لأوروبا" حيث ينتقد الاشتراكيون الديمقراطيون والوسطيون بانتظام نفوذ اليمين وتركز الصلاحيات بصورة متزايدة في يد رئيسة المفوضية.
القضية الخلافية
أطلقت مذكرة حجب الثقة بمبادرة من النائب الأوروبي الروماني اليميني المتطرف غورغي بيبيريا الذي ينتقد رئيسة المفوضية الأوروبية لعدم إبدائها شفافية في القضية المعروفة بـ"فايزرغايت".
ولم تعمم بعد فون دير لايين الرسائل النصية التي تبادلتها مع المدير التنفيذي لمجموعة "فايزر" للأدوية ألبرت بورلا خلال جائحة "كوفيد-19" عندما كانت المفوضية الأوروبية تتفاوض مع هذه المختبرات الأميركية على شراء لقاحات منها.
وبسبب هذه القضية، باتت المفوضية موضع شكاوى قدمتها عدة جمعيات وشخصيات معارضة للقاحات، فضلاً عن صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية التي سعت إلى الاطلاع على المراسلات المعنية لكن من دون جدوى.
كما يتهم بيبيريا المفوضية الأوروبية بـ"التدخل" في الانتخابات الرئاسية في رومانيا التي فاز بها نيكوسور دان المؤيد للتكتل الأوروبي في مايو (أيار) الماضي.
وكان المرشح القومي كالين جورجيسكو قد حل في المرتبة الأولى خلال جولة انتخابية سابقة نظمت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، لكن المحكمة الدستورية في رومانيا ألغت نتائج الانتخابات، مشيرة إلى مخالفات وشبهات تدخل من روسيا. ورفعت المفوضية الأوروبية النبرة إزاء شبكة "تيك توك" للتواصل الاجتماعي إثر الاشتباه في إخلالها بواجباتها وإفساح المجال لتلاعبات محتملة من روسيا.
وعلى نطاق أوسع، اتهم بيبيريا المفوضية بـ"إساءة استخدام سلطاتها" و"تجاهل البرلمان"، مما أثار تساؤلات حول "تركيز غير ديمقراطي للقرارات في يدي" فون دير لايين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا أغلبية
على رغم أن بيبيريا يحظى بدعم جزء من اليمين المتطرف، فإن مسعاه لإطاحة رئاسة فون دير لايين مآله الفشل على ما يبدو.
فقد نأت كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين التي ينتمي إليها النائب بنفسها عن هذه المبادرة، وهي تضم نواباً أوروبيين من حزب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني هم أكثر تساهلاً مع فون دير لايين.
ويقف "الحزب الشعبي الأوروبي"، وهو أكبر تكتل في البرلمان الأوروبي، صفّاً واحداً وراء رئيسة المفوضية الآتية من صفوفه.
وندد زعيم المجموعة الألماني مانفريد فيبر بـ"دمى بوتين في البرلمان الأوروبي"، معتبراً أنهم يسعون إلى "تقويض الوحدة الأوروبية وإسقاط المفوضية في هذه الفترة من الاضطرابات العالمية والأزمات الاقتصادية". وقال "هذا عار على المواطنين الأوروبيين".
وقد ينتهز الحلفاء الاشتراكيون الديمقراطيون والوسطيون من جهتهم الفرصة التي يتيحها هذا التصويت لمطالبة فون دير لايين بضمانات، من دون أن يذهبوا إلى حد تأييد إقالتها.
تركيز الإدارة
في ظل تنامي نفوذ الأحزاب اليمينية في أوروبا، اهتزّت أركان الغالبية "المؤيدة لأوروبا" هذه السنة. ويلوم اليساريون والوسطيون "الحزب الشعبي الأوروبي" على الالتباس الذي يكتنف موقفه من اليمين المتطرف، لا سيما في ما يخص إعادة النظر في السياسات البيئية.
ومن المآخذ الأخرى على فون دير لايين، نهجها المركزي المتشدد في إدارة المفوضية خلال ولايتها الثانية.
وقالت رئيسة الكتلة الوسطية الفرنسية فاليري اييه، التي لن تصوّت "طبعاً" على حجب الثقة، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية قبل بضعة أسابيع، إن رئيسة المفوضية "تقود كل المسائل"، وقد أثارت حادثة وقعت أخيراً سخط النائبة الوسطية.
فبلا سابق إنذار، هددت المفوضية بسحب قانون لمكافحة التمويه الأخضر (غرينووشينغ) في أوساط الشركات كان قيد التفاوض في البرلمان الأوروبي. ورأى نواب أوروبيون كثر في هذه الخطوة مساساً بصلاحياتهم.
وحتى اليوم، لم تسقط أي مفوضية في تاريخ البرلمان الأوروبي على رغم حالة خاصة في مارس (آذار) 1999، حين استبقت المفوضية برئاسة جاك سانتر من لوكسمبورغ تصويتاً محسوم النتيجة سلباً، وبادرت إلى الاستقالة إثر تقرير مفحم حول "مسؤوليته الفادحة" في قضايا احتيال.