ملخص
يرى ميرتس (69 سنة) أنه فقط من خلال الإجابة عن المخاوف العامة في شأن الهجرة غير النظامية يمكن للأحزاب الوسطية وقف صعود المتطرفين اليمينيين الذين قلبوا السياسة في كثير من الديمقراطيات الغربية.
يتوجه الألمان الأسبوع المقبل إلى صناديق الاقتراع في انتخابات تشريعية تشهد استقطاباً ويطغى عليها صعود اليمين المتطرف، بينما تتوقع الاستطلاعات فوز المحافظ فريدريش ميرتس بمنصب المستشار.
وفي حال كانت الاستطلاعات صحيحة سيقع على عاتق حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي التعامل مع عاصفة من التحديات التي تهز ألمانيا، أولها الركود الاقتصادي ثم المجتمع المنقسم في شأن الهجرة وفريق دونالد ترمب المعادي.
والفوز في الانتخابات في الـ23 من فبراير (شباط) هو الخطوة الأولى نحو تشكيل حكومة جديدة.
وسيحتاج ميرتس بعد ذلك إلى العثور على شريك ائتلافي واحد أو أكثر في عملية تستغرق عادة أسابيع إن لم يكن أشهراً، حتى في الأوقات الأقل اضطراباً.
كثيراً ما بلغت نسبة كتلة ميرتس المعارضة من الاتحاد الديمقراطي المسيحي (الاتحاد الاجتماعي المسيحي) نحو 30 في المئة باستطلاعات الرأي، وهو ما يقارب ضعف الدعم الذي يحظى به الديمقراطيون الاجتماعيون (SPD) بزعامة المستشار أولاف شولتز أو حلفائه في الائتلاف من الخضر.
وفي حال فوز ميرتس، تعهد محامي الاستثمار السابق بتحول قوي نحو اليمين، من شأنه أن ينهي عقدين من الحكم الوسطي في عهد شولتز وسلفه أنغيلا ميركل، منافسة ميرتس في الحزب منذ فترة طويلة.
ويرى ميرتس (69 سنة) أنه فقط من خلال الإجابة عن المخاوف العامة في شأن الهجرة غير النظامية يمكن للأحزاب الوسطية وقف صعود المتطرفين اليمينيين الذين قلبوا السياسة في كثير من الديمقراطيات الغربية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد تاريخ من الحكم النازي والهولوكوست اعتقدت ألمانيا لفترة طويلة أنها محصنة ضد اليمين المتطرف، لكن حزب البديل من أجل ألمانيا يحتل الآن المركز الثاني في استطلاعات الرأي بنسبة قياسية تبلغ 20 في المئة.
تعهدت جميع الأحزاب الأخرى تجنب الحزب المناهض للهجرة وإبقاءه خلف "جدار حماية" لعدم التعاون، وهو الموقف الذي يصفه حزب البديل من أجل ألمانيا بأنه "اتفاق لكارتل مناهض للديمقراطية".
لكن الحزب الذي احتفل بإعادة انتخاب دونالد ترمب ويحظى بدعم الملياردير إيلون ماسك، أعلن أن "’البديل من أجل ألمانيا‘ فقط يمكنه إنقاذ ألمانيا".
اكتسب حزب البديل من أجل ألمانيا الدعم بعد سلسلة من الهجمات - أحدثها عملية طعن استهدفت أطفالاً ونسبت إلى رجل أفغاني - مما أدى إلى إشعال نقاش حول الهجرة، وبعد الهجوم خاض ميرتس مقامرة سياسية أعادت تعريف الحملة منذ ذلك الحين.
وبكسر "جدار الحماية" المناهض لحزب البديل من أجل ألمانيا للمرة الأولى، اعتمد ميرتس على دعم الحزب اليميني المتطرف في البرلمان لدفع اقتراح رمزي يؤشر إلى حملته ضد الهجرة.
وأثارت هذه الخطوة ردود فعل سلبية هائلة ونزل عشرات الآلاف إلى الشوارع، مشبهين حملته بما حصل عام 1933.
ودان شولتز (66 سنة) هذه الخطوة وحذر من أن ميرتس قد يرغب يوماً ما في الحكم مع حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو السيناريو الذي رفضه بشدة.
ووصف شولتز انتهاك ميرتس المحرمات بأنه "نذير شؤم" لفترة ما بعد الانتخابات عندما تلوح محادثات تشكيل الائتلاف في الأفق، وقال للبرلمان "الغالبية العظمى من الألمان لا يريدون مزيداً من الصراخ المتطرف ومزيداً من الكراهية ومزيداً من الاستقطاب".
من جهته اعتبر ميرتس، الذي ألقى باللوم على شولتز في صعود حزب البديل من أجل ألمانيا، أنه إذا فشلت القوى الوسطية في التصرف فإن اليمين المتطرف سيكون قادراً على إعاقة الحكومة أو حتى "الاقتراب من الغالبية".
وأكدت أستاذة السياسة المقارنة في الجامعة التقنية في دريسدن ماريان كنوير أنه "من الواضح لجميع الأحزاب الوسطية أنها يجب أن تعمل معاً لمنع حزب البديل من أجل ألمانيا من الوصول إلى الحكومة وإبقاء نفوذه محدوداً قدر الإمكان"، وأضافت "حتى الآن لم ينجح أي حزب في القيام بذلك".
وتهدد الأجواء المشحونة في الأسابيع الأخيرة بتعقيد المهمة الشائكة المتمثلة في تأليف الحكومة المقبلة مع برلمان قد يضم ما يصل إلى ثمانية أحزاب.
ومن بين المرشحين كشركاء أصغر لميرتس الأحزاب الثلاثة في الائتلاف السابق لشولتز، الذي انهار بسبب خلاف في شأن الموازنة في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أحد هذه الأحزاب "الديمقراطيون الأحرار" الذي قد يفشل في الفوز بنسبة خمسة في المئة اللازمة لدخول البرلمان مجدداً.
ومن شأن ذلك أن يترك الحزب الديمقراطي الاجتماعي من دون شولتز والخضر، على رغم أن حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري يعارض أي تحالف مع حزب الخضر ذي الميول اليسارية.
لم يشهد اقتصاد ألمانيا الذي تميز دائماً بصلابته نمواً منذ ما قبل الوباء وانكمش في العامين الماضيين، وتلوح مزيد من المشكلات مع تحول الصين من سوق رئيس للصادرات الألمانية إلى منافس رئيس.
وقد يأتي التحدي الأكبر من واشنطن، الحليف الوثيق لبرلين، بعدما انتقد ترمب ألمانيا بسبب إنفاقها غير الكافي على حلف شمال الأطلسي وأشار إلى حرب تجارية محتملة.
وحذر المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية من أن "هذا الغموض والتصعيد في الصراع التجاري" قد يكلفان الاقتصاد الألماني ما يصل إلى واحد في المئة من الناتج الاقتصادي ويطيلان فترة الركود إلى عام آخر.