Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردن وسوريا يبدآن عهدا جديدا من صفحة اليرموك

اتفاق ثنائي على تقاسم مياهه بعد انتهاكات نظام الأسد وقلق من التدخل الإسرائيلي في الحوض المائي المشترك

تحول بعد أعوام من الجفاف إلى محور خلاف سابق بين البلدين، وأثقلته الحسابات السياسية المعقدة (اندبندنت عربية)

ملخص

اتهمت عمان النظام السوري السابق ببناء أكثر من 42 سداً وسحب المياه الجوفية مما قلل من تدفق موارد الأردن إلى أقل من ربع حصته القانونية.

على امتداد الحدود الشمالية الغربية للأردن ظل نهر اليرموك، الذي ينحدر من سهول حوران السورية، يشكل منذ عقود شرياناً مائياً حيوياً يغذي الزراعة الأردنية ويعزز أمنها الغذائي.

 لكنه تحول بعد أعوام من الجفاف والتراجع الحاد في منسوبه إلى محور خلاف بين الأردن والنظام السوري السابق، وأثقلت كاهله الحسابات السياسية المعقدة.

وعلى رغم أن الاتفاقات الموقعة بين دمشق وعمان، التي نصت على تقاسم عادل لمياه النهر، فإن الأردن لم يتلق سوى جزء يسير من حصته المتفق عليها، وسط اتهامات متكررة لسوريا بتجاوز عدد السدود المسموح به، وتحويل مجرى النهر عبر مشاريع أحادية الجانب.

انطلاقة بعد جمود

يؤكد وزير المياه رائد أبو السعود توقيع اتفاق أردني - سوري على تعديل مذكرة التفاهم الخاصة بسد الوحدة وحوض اليرموك. موضحاً أن الجانب السوري، ممثلاً بالنظام الجديد، وافق على وقف حفر الآبار في المناطق الحدودية جنوب سوريا مما ينعكس إيجاباً على الأردن، إذ إن التعاون مع سوريا في ملف المياه يشهد انطلاقة جديدة بعد أعوام من الجمود.

ويشير أبو السعود إلى أن الأردن وسوريا بحثا اتفاق عام 1987 المتعلق بالمياه، الذي كان الأردن يحصل بموجبه على 200 مليون متر مكعب من المياه، كاشفاً عن أن سد الوحدة شمال الأردن لم يمتلئ منذ أعوام بسبب انقطاع المياه وحفر الآبار في الجنوب السوري.

يتحدث الوزير الأردني عن عدم تنفيذ اتفاق المياه الموقع بين البلدين عام 2005، وأن الجانب السوري اليوم بات على اطلاع تام بتعقيدات هذا الملف سابقاً.

ونشبت أزمة مائية بين الأردن وسوريا عام 2016، مما اضطر عمان آنذاك إلى التلويح باللجوء إلى التحكيم الدولي، وطالب الأردن وقتها ببدء توريد المياه من السدود السورية المقامة على نهر اليرموك، وهو ما رفضه الجانب السوري.

أول اتفاق مائي

تاريخياً يعود أول اتفاق مائي بين البلدين إلى عام 1953 بهدف إنشاء سد مشترك وقنوات ري بين البلدين، وتم تحديث الاتفاق في 1987 حين تعهد الأردن ببناء "سد الوحدة" على نهر اليرموك، وتوزيع الطاقة والمياه وفق نسب محددة (25 في المئة للأردن، و75 في المئة لسوريا).

وتقدر حصة الأردن السنوية من نهر اليرموك بـ200 مليون متر مكعب، و90 مليوناً لسوريا. مع حق سوريا بالتصرف في الينابيع وروافد النهر فوق السد، لكن للأردن الحق باستثمار المياه أسفله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن هذه الاتفاقات تخللها كثير من الانتهاكات والمشكلات، إذ اتهم الأردن النظام السوري السابق ببناء أكثر من 42 سداً وسحب المياه الجوفية، مما قلل من تدفق موارد الأردن فعلياً إلى ما يقارب 50–60 مليون متر مكعب سنوياً، أي أقل من ربع حصته القانونية.

وفق مراقبين أدت تلك الانتهاكات إلى الإضرار بالزراعة الأردنية، عدا عن استنزاف المياه الجوفية، لكن الاتفاق الجديد يحمل قيمة استراتيجية كبيرة للأردن، ويشكل اختباراً للعلاقة مع سوريا الجديدة.

ويعول الأمين العام لسلطة وادي الأردن هشام الحيصة، على الاتفاق الأردني – السوري، بخاصة أن الأردن من أفقر دول العالم مائياً، مع انخفاض حصة الفرد الأردني من المياه لنحو 60 متراً مكعباً، ووجود تحديات أخرى كتراجع معدلات الهطول المطرية، وانحسار مخزون السدود المائية الرئيسة، وهبوط مستوى المياه الجوفية، وارتفاع درجات الحرارة.

المناخ وإسرائيل

 يقول المتخصص في المياه والبيئة دريد محاسنة إن الاتفاق طرح أسئلة قديمة جديدة حول جدوى مثل هذه التفاهمات، ومدى التزام دمشق بنودها في ظل واقع الأخطار المناخية والضغوط الإسرائيلية.

يشرح محاسنة أن ثمة حوضاً مائياً مشتركاً، معظم مياهه تنبع من الأراضي السورية قبل أن تجري في اتجاه "سد الوحدة" داخل الأردن، لكن لعقود كانت المشكلة الرئيسة تتمثل في تجاوزات الجانب السوري من خلال حفر الآبار وإقامة سدود إضافية خلافاً لاتفاق عام 1987، الذي نص صراحة على ألا يتجاوز عدد السدود 27 سداً.

لاحقاً تقلصت الكمية الواردة إلى "سد الوحدة" بصورة حادة، وفق محاسنة، وتراجع تدفق المياه من 300 مليون متر مكعب إلى أقل من 30 مليوناً، لكن ذلك لم يمثل التحدي الوحيد لحصة الأردن المائية، مع وجود التغير المناخي، والمواسم المطرية الضعيفة، فضلاً عن تهديدات السيطرة الإسرائيلية على مصادر المياه. مبدياً قلقه من قدرة الحكومة السورية الجديدة على وقف حفر الآبار وضبط عمل السدود ومواجهة التدخل الإسرائيلي في الحوض المائي المشترك.

ويعد نهر اليرموك من أكبر روافد نهر الأردن، ويحوي نحو 332 مليون متر مكعب من المياه، ويوصف بأنه مطمع رئيس لإسرائيل لأهميته الحيوية في الأمن المائي. ويبلغ طوله 57 كيلومتراً، منها 47 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، في حين تقع البقية في مناطق الحدود الأردنية - الفلسطينية.

تفاقم الأزمة منذ 2011

يشار إلى أنه مع نهاية التسعينيات وبداية الألفية، بدأت سوريا بإنشاء مزيد من السدود يقدر عددها اليوم بنحو 48 سداً من دون تنسيق مع الجانب الأردني، مما أدى إلى تقليص كميات المياه المتدفقة إلى الأردن إلى أقل من ربع حصته المتفق عليها.

ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، ازدادت الفجوة المائية بين البلدين، ليس فقط بسبب ضعف التنسيق، بل نتيجة تدهور البنية التحتية، والاضطرابات الأمنية في جنوب سوريا، مما جعل الأردن في مواجهة أزمة مائية مزمنة اضطرته إلى الاعتماد بصورة كبرى على المياه الجوفية وتحلية مياه البحر الأحمر.

وتقول وزارة المياه الأردنية إن مصادر المياه في البلاد هي المياه الجوفية (بنسبة 55 في المئة)، والمياه السطحية والسدود (25 في المئة)، أما المياه المعاجلة والمعاد استخدامها فتشكل نحو 20 في المئة.

وتبلغ السعة التخزينية الإجمالية للسدود 336 مليون متر مكعب، لكن المخزون الحالي، وفق آخر الأرقام الرسمية، لا يتجاوز 90 مليون متر مكعب، أي نحو 26 في المئة فقط.

ووفقاً للأرقام الرسمية فإن مخزون المياه في السدود الأردنية بات يشكل أقل من خمسة في المئة، والمياه المتوافرة فيها بالكاد تكفي لمليوني شخص في بلد يضم أكثر من 11 مليون إنسان.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير