Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شقاق في "بي بي سي" بسبب غزة وما حدث في غلاستونبري

من خلال محاولتها التزام الحذر في تغطية فرقة "نيكاب"، ووقوعها في الخطأ في التعامل مع "بوب فيلان"، فشلت هيئة الإذاعة البريطانية في تمثيل الواقع الفعلي لمزاج الرأي العام تجاه فلسطين

"نريد ’بي بي سي’ التي نستحقها، لا تلك التي يضطر معها أحد أفراد الجمهور إلى حرق أصابعه لبث ما لا تريد الهيئة أن تبثه" (رويترز)

ملخص

"بي بي سي" تجنبت بث أداء فرقة "نيكاب" في مهرجان غلاستونبري بسبب حساسية سياسية، بينما نقل بثها المباشر هتافات أكثر إثارة للجدل من فرقة "بوب فيلان"، ما أثار انتقادات واسعة وفتح تحقيقات. التردد التحريري للمؤسسة يعكس أزمة أعمق في تمثيل نبض الشارع البريطاني المتعاطف مع فلسطين، وسط تصاعد المطالب بالحرية الإعلامية والاستقلال المهني.

في عطلة نهاية الأسبوع الماضية، لو أراد أحدهم مشاهدة عرض فرقة "نيكاب" Kneecap على الهواء مباشرة من على مسرح "ويست هولتس" في مهرجان "غلاستونبري"، لما وجد له بثاً مباشراً على قنوات "بي بي سي". وبدلاً من ذلك، كان عليه أن يبحث عن حساب هيلين ويلسون على تطبيق "تيك توك"، إذ احترقت أصابع السيدة الويلزية من حرارة الشمس وهي ترفع هاتفها في طقس بلغت حرارته 30 درجة مئوية، لتبث العرض كاملاً على الهواء من موقعها وسط الجمهور، مدركة أن مؤسستنا الإعلامية العامة قررت عدم القيام بذلك. وتابع الآلاف ذلك البث.

كانت فرقة "نيكاب" من أكثر الفرق المنتظرة في المهرجان، وكان المنظمون حذروا مسبقاً من أن عرضهم سيجتذب حشوداً كبيرة. وأعلنت "بي بي سي" أنها لن تبث العرض على الهواء مباشرة عبر التلفزيون، بل ستوفر مقتطفات منه لاحقاً على خدمة "آي بلاير".

وفي بيان لها، قالت الهيئة "رغم أن ’بي بي سي‘ لا تحظر الفنانين، فإن خططنا تضمن التزام برامجنا بإرشاداتنا التحريرية". وجاء ذلك بعد توجيه تهمة ذات طابع إرهابي لأحد أعضاء الفرقة، مو شارا، بزعم رفعه علماً مؤيداً لـ"حزب الله" خلال عرض عام 2024.

في ذلك اليوم، حاولت "بي بي سي" أن تتصرف بتحفظ، فقررت تعديل أداء فرقة "نيكاب" قبل عرضه على "آي بلاير". هل كان ذلك سيحميها فعلاً؟

خلال العرض، علق مو شارا على كثافة الأعلام الفلسطينية في المهرجان، وقاد الجماهير في هتافات "الحرية لفلسطين"، فيما ارتدى عضو آخر في الفرقة قميصاً كتب عليه "كلنا حركة فلسطين أكشن" (We are all Palestine Action)، في إشارة إلى مجموعة العمل المباشر التي ستُحظر قريباً داخل المملكة المتحدة.

في النهاية، لم تنقذ تحفظات "بي بي سي" التحريرية المؤسسة من الانتقادات. فبدلاً من بثها هتافات فرقة "نيكاب" المؤيدة لفلسطين، قامت ببث مباشر لأداء ثنائي الراب "بوب فيلان"، والذي أثارت هتافاتهم ضد الجيش الإسرائيلي (الموت، الموت لجيش الدفاع الإسرائيلي) انتقادات واسعة -حتى من رئيس الوزراء- ودعوات لقطع تمويل الهيئة أو ملاحقتها قضائياً. والآن، تخضع كل من فرقتي "نيكاب" و"بوب فيلان" لتحقيقات من قبل الشرطة البريطانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما المنتقدون سيئو النية، فلن ترضيهم الرقابة، حتى لو كانت في أقصى صورها التحريرية. رفض بث عروض موسيقية في "غلاستونبري"، أو أفلام وثائقية متوافقة تماماً مع المعايير التحريرية مثل "غزة: أطباء تحت النار"، لن يكون كافياً. والتخلي عن أعز القيم التحريرية لـ"بي بي سي" لن يكون كافياً. لأن الرقابة هي مطلب أولئك الذين لا يريدون أن تعرض الحقيقة، والحقيقة أن الدعم الشعبي لفلسطين يتزايد، وكذلك الغضب من أفعال إسرائيل داخل غزة.

يتجلى ذلك في المكانة التي بات يحظى بها الفنانون الذين يجهرون بمواقفهم، وفي مئات الآلاف الذين تظاهروا داخل شوارع لندن على مدى 20 شهراً، وفي بحر الأعلام الفلسطينية المرفوعة في مهرجان "غلاستونبري". الغضب الشعبي لا يمكن كتمه، مهما كانت محاولات ذلك. فإذا هتف فنان على منصة "غلاستونبري" قائلاً "حرية، حرية"، سيهتف الجمهور تلقائياً "لفلسطين". نقل هذا الشعور الشعبي يجب أن يكون أولوية لهيئتنا الإعلامية العامة.

أريد لـ"بي بي سي" أن تتمتع بالاستقلال الكامل، جريئة بقراراتها التحريرية في وجه الضغوط. ومن الضروري أن تتخذ قراراتها التحريرية بحرية استناداً إلى الدقة والأدلة وحقوق الإنسان، والمبادئ الجوهرية التي يجب أن تظل ثابتة مثل حرية التعبير والخدمة العامة.

إن "بي بي سي" التي رفضت إزالة سلسلة وثائقية عن دور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أعمال الشغب داخل غوجرات عام 2002 على رغم ضغوط حكومته، هي "بي بي سي" التي نحتاج إليها. إنها "بي بي سي" التي نستحقها، لا تلك التي يضطر معها أحد أفراد الجمهور إلى حرق أصابعه لبث ما لا تريد الهيئة أن تبثه.

كاريشما باتيل، مذيعة أخبار وصحافية سابقة في هيئة الإذاعة البريطانية، استقالت احتجاجاً على تغطية "بي بي سي" لأحداث غزة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل