Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصريات يحلمن بإعادة الرقص الشرقي إلى عصره الذهبي

هذا الفن الذي يشهد شعبية عالمية يعاني التهميش والوصم الاجتماعي في موطنه الأصلي

الراقصات المصريات إيمي سلطان (في الوسط) وصفاء سعيد (إلى اليسار) ومنة إمام (أ ف ب)

ملخص

على رغم شعبيته العالمية، يواجه الرقص الشرقي وصماً اجتماعياً في مصر، موطنه الأصلي. وتسعى نساء مصريات، مثل إيمي سلطان وصافي عاكف، إلى إعادة الاعتراف به كفن تراثي راق، من خلال التعليم والعروض الفنية. ويأملن في إدراجه ضمن التراث غير المادي لـ"اليونيسكو"، على رغم التحديات الثقافية والمؤسسية.

بينما يلاقي الرقص الشرقي رواجاً عالمياً متزايداً، لا يزال يعاني وصماً اجتماعياً في مصر التي شهدت نشأة هذا الفن منذ العصور القديمة. ولكن على المسارح وفي مدارس تعليم الرقص، تخوض نساء مصريات معركة إعادة الرقص الشرقي لمرتبته كفن عريق وجزء أساس من التراث الثقافي.

في العصر الذهبي للسينما المصرية منتصف القرن الماضي، كان الرقص الشرقي موجوداً بقوة ومرتبطاً بأسماء نجمات كبيرات مثل نعيمة عاكف وتحية كاريوكا. على أهم المسارح في وسط مدينة القاهرة، قدمت استعراضات مبهرة جذبت باستمرار جمهوراً ضخماً.

ولكن مع نهاية القرن الـ20 تغيرت الأجواء، إذ لم يعد الرقص الشرقي يقدم إلا في الملاهي الليلية وصالات الأفراح، في وقت اتجه المجتمع ليصبح محافظاً أكثر، متأثراً بعوامل سياسية ودينية واقتصادية تركت أثرها في أكثر من قطاع في المجتمع المصري.

وبعد نحو 60 عاماً على رحيل نجمة الرقص الشرقي نعيمة عاكف، ما زالت حفيدتها صافي عاكف تعلم الرقص داخل مصر وخارجها، لكنها لا تقدمه إطلاقاً للجمهور.

وتوضح عاكف لوكالة الصحافة الفرنسية، أنها فضلت عدم ممارسة الرقص، لأن "الدنيا تغيرت. أصبحت الراقصة تواجه صعوبات كبيرة، والمجتمع الشرقي لا ينظر للرقص على أنه فن".

"روحنا وحقيقتنا"

على رغم العزوف الواضح لدى المصريات، لا يزال الرقص الشرقي يلاقي رواجاً عالمياً دفع عدداً من الراقصات الأجنبيات للانتقال إلى مصر حيث بتن يسيطرن على المشهد، مما يسهم أيضاً في توسيع الرفض المجتمعي للرقص.

وتقول صفاء سعيد، وهي مدربة رقص تبلغ 32 سنة، إنها لا تملك جواباً حين تسأل عن أي مسارح يمكن ارتيادها لمشاهدة عروض فنية للرقص الشرقي.

وتضيف "أحلم بمكان نقدم فيه عروضنا بصورة مستمرة، لنعرض فننا أمام محبي الرقص الشرقي الذين يريدون له الاستمرار".

وتعلم سعيد الرقص في "معهد تقسيم للرقص الشرقي"، الذي أسسته مصممة الرقص إيمي سلطان، في محاولة لإعادة تقديم الرقص الشرقي كجزء من التراث المصري الذي يصلح للعرض في المسارح والمهرجانات الفنية وللإدراج على قوائم "اليونيسكو".

كانت سلطان راقصة باليه قبل أن تتجه للرقص الشرقي الذي تفضل تسميته بـ"الرقص البلدي"، وتوضح أن "الرقص البلدي يعكس روحنا وحقيقتنا"، ولكن الآن يجري تقديمه "كمادة للترفيه السطحي المنفصلة عن جذورنا".

 

لا عروض استعراضية

في كتابها "الإمبريالية والهشك بشك"، تقول الكاتبة شذى يحيى إن جذور الرقص الشرقي تعود لمصر القديمة، إلا أن مصطلحات مثل "رقص البطن" (Belly dance) ظهرت مع الاستعمار وقامت باختزال معناه.

وتتحدث يحيى في الكتاب أيضاً عن مصطلح "الهشك بشك" الذي يصنف المرأة التي ترقص بـ"المرأة اللعوب الخليعة الماجنة"، ويضيف الكتاب "هو ليس مجرد نعت بالابتذال وسوء الخلق، بل هو مرادف للشر والفجور".

وتعتبر يحيى هذه النظرة للراقصات نتيجة تقاطع الاستعمار مع النظرة المجتمعية المحافظة، وقد جرى توارثها عبر الأجيال.

ولهذا اختارت عاكف العمل كمدربة رقص داخل مصر وخارجها، وقضت ثلاث سنوات في اليابان في تعليم الرقص الشعبي المصري، وتقول إنها لا تتخيل أن ترقص في مصر في الوضع الراهن، مضيفة "لن تدخل أية راقصة هذا المجال، وهي تشعر أنها تحترم نفسها".

وتتابع "لم تعد ثمة عروض استعراضية جميلة، توجد فقط راقصات بلباس خليع لا يشغلهن سوى كيف يرقصن بصورة أكثر استفزازاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حلم دخول قائمة "اليونيسكو"

أسست سلطان "معهد تقسيم للرقص الشرقي" لمواجهة النظرة السائدة عن الرقص الشرقي، ومنذ عام 2022 استضاف المعهد عشرات النساء لتعلم الرقص، تعمل سبع منهن اليوم كمدربات رقص بدوام كامل في المعهد.

في "تقسيم"، تتدرب النساء على الرقص الشرقي بصورة عملية ونظرية، ويتعلمن الموسيقى وتاريخ الرقص الشرقي منذ ما قبل عصر السينما، حيث راقصات مثل بمبة كشر وبديعة مصابني، وصولاً إلى نجمات العصر الذهبي مثل كاريوكا وسامية جمال.

ولا يتوقف عمل سلطان عند "تقسيم"، بل تقدم ندوات في الجامعات لتغيير الصورة النمطية عن الرقص الشرقي.

في عام 2023، قدمت راقصات "تقسيم" عرض "النداهة" الذي يجمع بين الصوفية والرقص المصري التراثي والمعاصر، وتقول سعيد "نحن بحاجة إلى مزيد من الأماكن لتقديم فننا".

وتسعى سلطان إلى ضم الرقص الشرقي إلى قوائم "اليونيسكو" للتراث غير المادي، لكنها عملية طويلة، إذ لا تقبل المنظمة الأممية سوى ترشيح واحد في العام من كل دولة، ومصر لديها بالفعل قائمة طويلة من الملفات التراثية التي تنوي تقديمها.

وتوضح سلطان أن التحدي الحقيقي يكمن في الحصول على مكان وسط الملفات الكثيرة التي تحضرها مصر، ولم ترد وزارة الثقافة المصرية على طلب وكالة الصحافة الفرنسية للتعليق.

في هذا الوقت، الرقص متواصل في "تقسيم". بأقدام حافية، ترقص سلطان مع فرقتها على أنغام أغنية قديمة لأم كلثوم. وتقول "عندما نرقص، نحن لا نؤدي فقط، بل نتذكر من نكون".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون