Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أصبح قطاع الطاقة ساحة حرب في الشرق الأوسط؟

أسواق النفط والغاز ما زالت تتحسب لاحتمالات حدوث أزمة على رغم أن أساسات السوق جيدة

حتى الآن لم تتضرر قدرات إيران على تصدير النفط (أ ف ب)

ملخص

في ظل الوضع الحالي للاقتصاد العالمي المتباطئ وهشاشته الواضحة فإن ارتفاع أسعار النفط يمكن أن يعيد الضغوط التضخمية، لتقترب مما كان عليه الوضع في أزمة وباء كورونا التي لم يتعاف منها الاقتصاد العالمي تماماً بعد.

 

تشهد أسواق الطاقة استقراراً مع نهاية تعاملات أول أيام الأسبوع أمس الإثنين، بعد ارتفاعها نهاية الأسبوع الماضي الجمعة مع ضرب إسرائيل لإيران.

يعود الاستقرار لأن أساسات سوق النفط من حيث العرض والطلب لم تتغير، مع استمرار تدفق النفط من أماكن إنتاجه إلى الأسواق، لكن المتعاملين والمستثمرين بدأوا التخلص من بعض مراكز عقود النفط المرتبطة بأسعار مستقبلية خشية أي تطور يمكن أن يهز السوق.

فحتى صباح الأحد الماضي كان الدخان ما زال يتصاعد من حاويات الوقود، بأكثر من موقع في إيران ومرافئ الغاز على الساحل الجنوبي للبلاد.

وأعلنت الشركة، المشغلة لأحد أكبر مصافي النفط الإسرائيلية في حيفا، أن خطوط الأنابيب وخطوط النقل لمجمع منشآتها تضررت جراء قصف الصواريخ الإيرانية.

وعلقت شركة "بازان" التي تشغل مجمع المصافي في حيفا التداول على أسهمها صباح أمس الإثنين، "بسبب عدم اليقين"، كما جاء في بيان لها.

ومع أن الهدف الأولي المعلن للهجوم الإسرائيلي على إيران كان تدمير منشآت تخصيب لوقف تطور برنامجها النووي، إلا أنه منذ اليوم الثاني للهجمات والقصف المتبادل استهدفت منشآت الطاقة في البلدين.

ونشرت صحيفة الـ"فانانشيال تايمز" تقريراً مطولاً عن تحول قطاع الطاقة في الشرق الأوسط إلى "ساحة حرب"، ضمن الصراع المسلح بين إسرائيل وإيران.

أهداف القصف

يصف التقرير استهداف الهجمات الإسرائيلية لمحطات تشغيل الغاز ومستودعات النفط بأنها "مغامرة" عالية الأخطار، لكنها لا تبدو "غريبة تماماً"، فبحسب قوانين الحروب يمكن استهداف البنى التحتية لكل ما يزود الجهد العسكري مباشرة.

وتقول إسرائيل إنها تستهدف المستودعات التي توفر الوقود للأغراض العسكرية، إلى جانب الأغراض المدنية.

وحتى الآن لم تتضرر قدرات إيران على تصدير النفط، كما أن شحنات النفط تسير بصورة اعتيادية من المنتجين الآخرين عبر الخليج ومضيق هرمز، إلا أن ذلك لا يقلل من مخاوف الأسواق والمستثمرين من احتمال أن يؤدي استمرار القصف المتبادل وطول مدة الحرب واحتمال توسعها إلى الضغط على جانب العرض في السوق بالتالي ارتفاع الأسعار.

في ظل الوضع الحالي للاقتصاد العالمي المتباطئ وهشاشته الواضحة فإن ارتفاع أسعار النفط يمكن أن يعيد الضغوط التضخمية، لتقترب مما كان عليه الوضع في أزمة وباء كورونا التي لم يتعاف منها الاقتصاد العالمي تماماً بعد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقدر بعض التحليلات المتشائمة عودة الضخ بنسب تزيد على سبعة في المئة إذا ارتفعت أسعار النفط بقوة، ونقلت الصحيفة عن رئيس قسم التحليلي الجيوسياسي في شركة الأبحاث والاستشارات "انرجي اسبكتس" ريتشارد برونز قوله إنه "حتى الآن، توجه إيران تركيزها على إسرائيل"، مستدركاً "لكن الأسواق تظل قلقة في شأن البنية التحتية لقطاع الطاقة في الشرق الأوسط، وفي شأن مضيق هرمز".

ويمر عبر مضيق هرمز يومياً خمس تجارة النفط في العالم تقريباً، ونحو ثلث تجارة الغاز الطبيعي المسال.

وتدرك إسرائيل أن استهداف منشآت التصدير بالتالي ارتفاع الأسعار يسبب قلقاً لكل الدول المستهلكة للطاقة وفي مقدمها الولايات المتحدة والصين، لكنه أيضاً يثير القلق الشديد في دول أخرى من الهند إلى مصر.

ويقول خورخيه مونتبيك من شركة "أونيكس كابيتال" إنه بالنظر إلى الصورة الكلية فإن "الإمدادات من الخليج تنساب كما هي"، لكن تقارير إعلامية تتحدث عن طوابير طويلة في محطات البنزين بطهران مع محاولة المواطنين الخروج من العاصمة بسياراتهم.

عودة التضخم

أكثر من يقلقه عودة ضغوط التضخم وارتفاع أسعار الوقود في محطات البنزين هو الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي كثيراً لما أعلن رغبته في انخفاض أسعار النفط إلى 50 دولاراً للبرميل، إلا أن دولاً كثيرة يمكن أن تعاني عودة التضخم في حال ارتفاع أسعار الطاقة.

أول من أمس الأحد، قالت وزيرة الخزانة البريطانية راتشيل ريفز إن ارتفاع أسعار النفط نتيجة الحرب بين إسرائيل وإيران يزيد مخاوف عودة الضغوط التضخمية"، مضيفة أن "الحكومة البريطانية تراقب الوضع من كثب".

وأوضحت "من الواضح أن التأثير في منطقة الشرق الأوسط هائل، لكن التأثير علينا جميعاً سيكون هائلاً أيضاً، لقد شهدنا في السنوات الأخيرة كيف أن التطورات التي تحدث بعيداً من حدودنا تكون لها تبعات كبيرة على بريطانيا".

لكن الواضح، بحسب تقرير "فايننشال تايمز" أن هدف إسرائيل هو "زعزعة الاستقرار في إيران" باستهدافها كل ما يرتبط بقدراتها العسكرية والنووية وليس وقف قدراتها التصديرية، وعن ذلك يقول كبير المستشارين في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن جون راين عن الاستهدافات إنها تحذير بأن كل شيء مباح"، مستدركاً "لكنني أشك أن الإسرائيليين يستهدفون كل شبكة الطاقة".

أكثر ما تخشاه الأسواق أنه في ظل استمرار القصف المتبادل يمكن أن تتطور الحرب ليصبح قطاع الطاقة ساحتها الأبرز، وحتى مع استبعاد لجوء إيران لغلق مضيق هرمز فهناك مخاوف من استهداف منشآت بنية تحتية أو ناقلات نفط في الخليج.

ويذكر بعضهم بما حدث خلال الحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي وما عرف بوصف "حرب الناقلات"، حين تم استهداف أكثر من 230 ناقلة في الخليج، لكن حتى في ذلك الوقت ظل الممر المائي مفتوحاً وتنساب التجارة والشحن البحري عبر مضيق هرمز.

وتظل أساسات السوق جيدة، بحسب تقرير الصحيفة، مع زيادة "أوبك" إنتاجها قبل فترة بما يوفر معروضاً يلبي الطلب وأكثر، مع ذلك يقول برونز "بالتأكيد سنشهد تصرفات من باب الاحتياط، فلا أعتقد أن المستثمرين يريدون التقليل من الأخطار هنا"، ويضيف أنه من الصعب توقع ما يمكن أن يحدث لاحقاً في شأن منشآت الطاقة أو مضيق هرمز.

ويقول برونز "لم نشهد إطلاقاً من قبل إقدام إيران على محاولة تعطيل الشحن البحري تماماً عبر المضيق، ونعلم أن لدى إيران قدرات مختلفة، لكننا لم نرها تستخدم منذ الحرب العراقية - الإيرانية قبل 40 عاماً".

هناك شبه إجماع بين المحللين والمتعاملين في سوق الطاقة، والنفط خصوصاً، بأن الأوضاع تظل هشة ومتذبذبة في ظل استمرار الصراع بين طهران وتل أبيب.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز