ملخص
بدأت السعودية بإعادة الحجاج الإيرانيين براً عبر العراق بعد إغلاق الأجواء الإيرانية جراء التصعيد العسكري مع إسرائيل. ويعكس المسار الاستثنائي للعودة حجم التوتر الإقليمي واحتمال استمرار الحرب لفترة طويلة.
بدأت قوافل الحجاج الإيرانيين بمغادرة الأراضي السعودية ضمن خطة سفر مزدوجة جواً وبراً، تمر عبر مطار عرعر ومنفذ جديدة الحدودي، بعد تعذر عودتهم مباشرة إلى بلادهم بسبب إغلاق أجواء الجمهورية في أعقاب القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران.
إذ انطلقت أولى الرحلات الداخلية من مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة إلى مطار عرعر شمال السعودية، ووصلت الدفعات الأولى من الحجاج، تمهيداً لنقلهم براً إلى العراق، ومنه إلى الأراضي الإيرانية.
وفي سياق متصل، أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً بالرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أعرب فيه عن تعازيه في ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية، وأكد إدانة السعودية لانتهاك سيادة إيران وخرق القوانين الدولية، وشدد على أن هذه الاعتداءات تعرقل جهود خفض التصعيد وتقوض فرص الحلول الدبلوماسية، مجدداً رفض السعودية استخدام القوة، ودعوتها إلى اعتماد الحوار سبيلاً لتسوية النزاعات.
من جهته، ثمن الرئيس الإيراني موقف السعودية، وعبر عن شكره للقيادة على ما قدمت للحجاج الإيرانيين من تسهيلات وخدمات حتى لحظة مغادرتهم، في ظل أوضاع إقليمية غير مستقرة.
وفي تصريحات نقلتها وكالة "تسنيم"، أعلنت منظمة الحج والزيارة الإيرانية أن عودة الحجاج ستتم عبر خطة منسقة مع السعودية، تبدأ من مطار عرعر، وتمر بالحافلات عبر الأراضي العراقية، مع محطات توقف في النجف وكربلاء لأداء مراسم زيارة المراقد الدينية، قبل الانتقال إلى الحدود الإيرانية بواسطة أسطول النقل البري التابع لطهران، ثم التوجه إلى مدنهم ومناطق سكنهم داخل إيران.
غرفة عمليات خاصة
وبحسب وكالة الأنباء السعودية (واس) فعلت وزارة الحج والعمرة السعودية غرفة عمليات خاصة لمواجهة هذا الوضع الاستثنائي، ومتابعة أوضاع الحجاج الإيرانيين البالغ عددهم نحو 76 ألف حاج، على مدى الساعة، وتلبية حاجاتهم كافة، بما يضمن استمرارية تقديم الخدمة والرعاية بجودة عالية لهم طوال فترة وجودهم في السعودية، حتى موعد مغادرتهم.
ونُفذت خطة المغادرة على مراحل، تبدأ برحلات داخلية من مطاري جدة والمدينة إلى عرعر، ثم مواصلة الرحلة براً عبر المنفذ الحدودي، وبدأت المرحلة الأولى من الخطة الجمعة الماضي، فيما تواصل الفرق الميدانية مهامها لضمان مغادرة منظمة وآمنة.
في غضون ذلك، قال السفير الإيراني في السعودية، علي رضا عنايتي، عبر حسابه في منصة "إكس"، إن قوافل الحجاج الإيرانيين وصلت إلى مطار عرعر، تمهيداً لنقلهم مباشرة إلى الحدود السعودية - العراقية، ومن هناك إلى المدن الإيرانية عبر الأراضي العراقية.
وأشار إلى أن عملية التفويج تسير بسلاسة ضمن تنسيق تام بين الجهات المعنية في السعودية والعراق وإيران، تنفيذاً لتوجيهات القيادة السعودية بتسهيل شؤون الحجاج الإيرانيين، مؤكداً تقدير بلاده الجهود التي تبذلها الرياض وبغداد في هذا الجانب.
تمديد الإغلاق الجوي
يأتي ذلك في ظل إغلاق إيران مجالها الجوي، وقرار منظمة الطيران المدني الإيرانية تمديد وقف الرحلات حتى صباح الثلاثاء، على خلفية الهجوم العسكري الإسرائيلي على طهران.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكرت وكالة "تسنيم" أن الهيئة العليا للحج والعمرة العراقية جهزت حافلات مكيفة لنقل الحجاج الإيرانيين من منفذ جديدة عرعر إلى الحدود الإيرانية، مع تأمين مرافقة أمنية ودعم لوجيستي يشمل وجبات غذائية واستراحات على طول الطريق البري داخل العراق.
وأثار توجه الحجاج الإيرانيين للعودة براً عبر العراق، بعد تعذر عودتهم جواً نتيجة إغلاق الأجواء الإيرانية، تساؤلات حول مستقبل التصعيد في المنطقة، وإمكان استمرار التوتر خلال الفترة المقبلة.
وينظر إلى اعتماد هذا المسار الاستثنائي، بعيداً من المسارات الجوية المعتادة، كمؤشر محتمل إلى أن عودة الاستقرار ليست وشيكة، في ظل استمرار الأوضاع الأمنية غير المستقرة والتطورات العسكرية الجارية.
استمرار الحرب فترة طويلة هو أحد السيناريوهات المطروحة منذ اللحظة الأولى، لأن إسرائيل تقول إن هجومها سيستمر حتى "زوال التهديدات الإيرانية النووية والباليستية"، وطهران تصر على أن ردها سيتواصل حتى "تتراجع تل أبيب عن عدوانها".