Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لندن تتجه نحو تشديد القيود على العمالة الأجنبية

حكومة "العمال" تخطط لإجراءات تزيد من صعوبة الحصول على الإقامة الدائمة والجنسية

رفعت الحكومة البريطانية الحد الأدنى للراتب للقادمين على تأشيرة العمالة الماهرة بنسبة 50 في المئة (أ ف ب)

ملخص

على رغم تصاعد المطالبات السياسية بتقييد استقدام العمالة الأجنبية إلى المملكة المتحدة، إلا أن الأرقام الواقعية تشير إلى حاجة الاقتصاد البريطاني للعاملين المغتربين وبخاصة في مجالات الصحة والتكنولوجيا وغيرها. 

تحولت قضية الهجرة والمهاجرين إلى بريطانيا إلى قضية سياسية أكثر منها اقتصادية في الحملة للاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" عام 2016.

وما إن جرى الـ "بريكست" عام 2020 حتى شعر البريطانيون بالأثر الاقتصادي لتغيير الإجراءات في شأن المهاجرين، خصوصاً من جانب العمال الموسميين، وعندما حدثت أزمة الوقود بعد أزمة وباء كورونا عدلت حكومة "المحافظين" وقتها إجراءات الهجرة لاستقدام سائقي شاحنات من دول أوروبا لحل الأزمة، لكنها لم تلق الا استجابة بسيطة.

ومع إن قضية الهجرة التي يرفع شعاراتها اليمين المتشدد تتعلق أساس بالهجرة غير الشرعية أو استقبال اللاجئين من مناطق الصراع، باعتبارهم يمثلون عبئاً على نظام الرعاية الاجتماعية وخدمات الصحة والتعليم، إلا أن الحكومات في استجابتها بتعديل القوانين والإجراءات تصعب الأمر أيضاً على العمالة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد البريطاني بشدة وتسهم بقدر كبير جداً في النمو الاقتصادي.

وعلى رغم الانقسام السياسي بين المؤيدين للهجرة، خصوصاً من العمالة الماهرة، باعتبارها تشجع التوسع والنمو وتزيد عائدات الخزانة من تحصيل الضرائب وأقساط مدفوعات التأمينات الاجتماعية والمعارضين للهجرة باعتبارها مجرد عبء اقتصادي، إلا أن الأرقام الواقعية تشير إلى حاجة الاقتصاد البريطاني للعاملين المغتربين وبخاصة في مجالات الصحة والتكنولوجيا وغيرها.

التأشيرات والإقامة

ومنذ العام الأخير لحكومة حزب المحافظين السابقة، وخلال عام من حكم حزب العمال الحالي تغيرت قوانين الإقامة للأجانب في بريطانيا وشروط منح الإقامة الدائمة والتقدم للحصول على الجنسية، وكذلك استقدام الأهل بالنسبة إلى المقيم، وتغيرت قوانين الضرائب، سواء ضرائب الدخل التي أصبحت تطاول الدخل من الخارج للمقيم في بريطانيا وكذلك ضريبة أرباح رأس المال على الأصول في الخارج وحتى ضريبة الإرث (التركات) على تركة المقيم حتى لو خارج البلاد.

وعدلت حكومة "المحافظين" السابقة العام الماضي قواعد التأشيرات والإقامة في بريطانيا في سياق جهود الحد من الهجرة، كذلك عدلت نظام الإقامة ضريبياً في الخارج.

ومن بين التعديلات التي أدخلتها الحكومة السابقة ربيع العام الماضي 2024 عدم السماح للعاملين الأجانب في مجال الرعاية الصحية باستقدام أفراد عائلاتهم إلى بريطانيا، كذلك الحال بالنسبة إلى الدارسين المقيمين على تأشيرة دراسة، وزادت المتطلبات المالية لاستقدام الزوجة والأهل للعاملين والدارسين المقيمين في البلاد بتأشيرة "العمالة الماهرة".

ورفعت الحكومة الحد الأدنى للراتب للقادمين على تأشيرة العمالة الماهرة بنسبة 50 في المئة تقريباً ليصبح 38700 جنيه إسترليني (52393 دولار)، ورفعت رسوم الخدمات الصحية على تأشيرات الدارسين والعمالة الماهرة بنسبة 66 في المئة لتصبح 1035 جنيه إسترليني (1400 دولار)، لكن تظل القواعد حتى الآن أن بإمكان من يقيم في بريطانيا مدة 10 أعوام أن يتقدم للحصول على تأشيرة الإقامة الدائمة التي أصبحت الآن تسمى "تسوية وضع"، وأن من يقيم ويعمل بتأشيرة عمل لدى دخوله يمكنه التقدم للحصول على التسوية بعد خمسة أعوام.

ولا تقتصر تلك التعديلات على العاملين وحسب بل تطاول الدارسين أيضاً، وإن كانت بريطانيا تظل من الدول المرغوبة للدراسة لا لجودة التعليم الجامعي والأكاديمي فيها وحسب، وإنما أيضاً لأنها تمنح الدارس تأشيرة إقامة بعد انتهاء دراسته (تأشيرة خريجين) لفترة، وإذا تمكن من إيجاد فرصة عمل فيمكنه تحويل التأشيرة إلى إقامة عمل تسمح له بالاستفادة من الخدمات المجانية مثل الصحة والتعليم وغيرها، وتعد خطوة مهمة على طريق الحصول على الإقامة الدائمة ثم الجنسية في ما بعد إذا استوفى الشروط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الورقة البيضاء

وطرحت حكومة رئيس الوزراء كيير ستارمر الحالية في منتصف مايو (أيار) الماضي تعديلات على قواعد التأشيرات والإقامة والجنسية للتشاور قبل أن تعدل القوانين واللوائح، وبحسب ما نشر على موقع مجلس اللوردات فإن التعديلات تتضمن تشديداً أكثر.

وبداية يشير موقع البرلمان الذي نشر تفاصيل طرح الحكومة في الـ 22 من مايو الماضي إلى أن "جميع التفاصيل المتعلقة بهذه المقترحات، بما في ذلك مواعيد دخولها حيز التنفيذ، ليست متوافرة بعد"، ثم يفصل ما جاء في الورقة البيضاء التي طرحتها الحكومة بعنوان "استعادة السيطرة على نظام الهجرة".

وتحدد الورقة المطروحة من الحكومة إجمالاً مقترحات عدة لدرسها قبل إقرارها، ومنها زيادة مدة فترة التأهل التي تسبق الحصول على الإقامة الدائمة أو "طلب تسوية الوضع" من خمسة إلى 10 أعوام، مع وجود استثناءات لبعض الأشخاص بناء على معايير لم تحدد بعد، وتقليص المدة القياسية لتأشيرة إقامة الخريج لطلبة الجامعات"Graduate visa" من عامين إلى 18 شهراً، كما أن هناك أيضاً اقتراح ببحث فرض رسوم على دخل الجامعات من الرسوم الدراسية للطلاب الدوليين، إضافة إلى تشديد القواعد على الجامعات للاحتفاظ برخصتها في رعاية (كفالة) تأشيرات الطلاب من خلال تطبيق معايير امتثال أكثر صرامة.

وتضمنت المقترحات إلغاء الإعفاء الحالي للعاملين في مجال الرعاية الاجتماعية، أي لن يسمح لأصحاب العمل بتوظيفهم (استقدامهم) من الخارج، وكذلك تقليص قائمة الوظائف التي يمكن لأصحاب العمل رعاية عمال أجانب فيها بموجب تأشيرة "العمالة الماهرة"، إضافة إلى تشديد اختبارات اللغة الإنجليزية للمتقدمين للحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية.

وبحسب المنشور على موقع البرلمان فإن "معظم هذه التغييرات يمكن تنفيذها عبر تعديل قواعد الهجرة ولا تحتاج إلى قانون من البرلمان، باستثناء فرض الرسوم على رسوم الطلاب، أي ما تحصله الجامعات"، ومع أنه لم ينشر أي موعد لبدء تنفيذ هذه التعديلات لكن بعضها قد يبدأ تنفيذه في أقرب وقت.

وتضمنت التعديلات أيضاً زيادة الرسوم بالنسبة إلى طلبات الحصول على الجنسية وغيرها من الإجراءات، أما المقترح الوحيد في الورقة البيضاء لحكومة حزب العمال الذي يشجع على الهجرة فهو تسهيل الحصول على تأشيرات معينة للمهاجرين ذوي المهارات العالية، مثل الموهبة العالمية والأفراد ذوي الإمكانات العالية.

 

الضرائب والخدمات

وإذا دخلت بريطانيا بتأشيرة عمل أو غيرت تأشيرات أخرى مثل تأشيرة الدراسة أو الخريج إلى تأشيرة عمل، فذلك يعني أنك تحصل على دخل من عمل في بريطانيا تخصم منه الضرائب ومدفوعات التأمينات الاجتماعية، وعندئذ يحق للمقيم الاستفادة من كل الخدمات التي تتوافر لأي بريطاني، باستثناء حق التصويت في الانتخابات العامة إلى أن يحصل على الجنسية.

وعلى سبيل المثال فإن الخدمة الصحية الوطنية (إن أتش أس) متاحة لأي شخص في بريطانيا، لكن إذا كانت إقامتك لا تتضمن دفع الضرائب والتأمينات فإن الخدمة المجانية هذه تصبح بأجر، وحتى المواطن البريطاني الذي يقضي معظم أيام العام خارج البلاد، بحيث لا تحتسب سنة ضريبية، عليه أن يدفع في مقابل الخدمة الصحية، وكذلك الحال بالنسبة إلى التعليم، فمن يقيم بتأشيرة عمل أو إقامة دائمة أو جنسية يمكنه الوصول إلى التعليم المجاني للمدارس وبرسوم مخفضة في الجامعات، أما من لا يدفع ضرائب، ما لم يكن حصل على حق اللجوء أو ما شابه، فيدفع أبناؤه رسوماً أعلى للتعليم.

ومع إلغاء نظام الإقامة الضريبية خارج بريطانيا "Non Domicile" أصبح كل مقيم فيها خلال العام الضريبي يحاسب ضريبياً بالقواعد ذاتها مثل المواطن البريطاني الذي لم يغترب، في ما يتعلق بجميع أنواع الضرائب، سواء الضريبة على الدخل أو ضريبة أرباح رأس المال (الربح من بيع أسهم أو عقار) أو ضريبة الإرث (التركات).

وهكذا يستوي الآن المقيم والمواطن والمغترب البريطاني الذي يعمل في الخارج في تحديد مدى خضوعه للضرائب، بما فيها ضريبة الإرث، استناداً إلى مدة الإقامة في بريطانيا خلال 20 عاماً الأخيرة، وفي حال قضى منها 10 أعوام مقيماً في بريطانيا فتحصل الضرائب على كل ثروته، بما فيها ممتلكاته في الخارج، وتخضع ثروته خارج البلاد لضريبة الإرث عند الوفاة.

أما البريطاني الذي يذهب إلى العمل في الخارج فمادام أنه لا يقضي أكثر من 91 يوماً من العام في بريطانيا فلا تحتسب تلك سنة ضريبية (إعفاء يوم العمل في الخارج).

وبالنسبة إلى ضريبة الإرث فتظل القواعد المعمول بها حالياً مطبقة على تركة المتوفى داخل بريطانيا حتى لو توفي مغترباً في الخارج، أما بالنسبة إلى ممتلكات المغترب البريطاني في الخارج فتظل خاضعة للضريبة ومنها ضريبة الإرث إذا كانت مدة الاغتراب أقل من 10 أعوام، وتعمل الحكومة الحالية على تقصير تلك المدة إلى سبعة أعوام.

ملاحظات مهمة

وبدءاً من السادس من أبريل (نيسان) 2025 هناك فترة سماح مدتها أربعة أعوام  للقادمين الجدد إلى بريطانيا، وفي ما يتعلق باحتساب الضرائب على الدخل من الخارج فتبدأ من العام المالي 2025 - 2026، طالما أن المقيم تنطبق عليه شروط الخضوع للضريبة في بريطانيا.

وفي أحدث تفصيل على موقع وزارة الخزانة نقرأ أنه "بالنسبة إلى القادمين الجدد الذين أمضوا 10 أعوام متصلة من قبل كغير مقيمين، فسيكون هناك إعفاء ضريبي مدته أربعة أعوام من إقامتهم لا يدفعون فيها أية ضرائب على الدخل والأرباح من الخارج خلال تلك الأعوام الأولى، ويمكنهم خلالها جلب أموالهم إلى بريطانيا من دون دفع أي ضرائب عليها".

وأما التأشيرات، وبغض النظر عن نوعها، فيتعين على كل قادم للبلاد الآن أن يحصل على ما يسمى "إقرار سفر إلكتروني" يجري التقديم عليه إلكترونياً، وهو إجراء جديد ربما يزيد العبء على المسافرين إلى بريطانيا، وكذلك لم تعد التأشيرات تطبع على جواز السفر كما في السابق، بل أصبحت إلكترونية كلها بما في ذلك تأشيرة الإقامة الدائمة أو تسوية الوضع.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن نحو مليون شخص يتأثرون بهذا الانتقال من التأشيرات والتصاريح المطبوعة إلى الرقمية، وفي ما يلي بعض الروابط للمواقع على البوابة الحكومية التي تقدم معلومات وافية عن كل النقاط السابق ذكرها، فضلاً عن أنه يمكن توجيه الأسئلة للإدارات الحكومية عبر الإنترنت والحصول على إجابات استرشادية تتعلق بأية نقطة، سواء التأشيرة والإقامة أو الضرائب.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد