ملخص
تساءل عدد من سكان الخرطوم عن وعود المعونات وجسور الإغاثة الجوية والبحرية التي ظلوا يتابعونها ويسمعون عن وصول الشاحنات المحملة بها إلى العاصمة، بيد أنها ظلت حبيسة أسماعهم ولم يصلهم منها شيء حتى الآن.
منذ الصباح الباكر يصطف كل يوم آلاف السودانيين في طابور طويل في ميادين وساحات مناطق الكلاكلة وجبل أولياء وأحياء جنوب الحزام وشرق النيل بالخرطوم للحصول على المواد الإغاثية ومعونات المنظمات الإنسانية، وكذلك المواد الغذائية ووجبات التكايا التي يقدمها المتطوعون.
وتأخذ المعاناة أشكالاً مختلفة في عدد من مناطق وأحياء العاصمة، منها الانتظار لفترة طويلة أثناء ساعات النهار في ظل ارتفاع درجات الحرارة وانعدام مياه الشرب، وكذلك يضطر المئات للمبيت في الساحات والشوارع بانتظار تسلم مواد الإغاثة من أجل مكافحة الجوع وتوفير وجبات للأطفال وكبار السن، في وقت يغادر فيه العشرات بأوانيهم وهي فارغة بسبب عدم تسجيل أسماء أسرهم ضمن الكشوفات المعتمدة للتوزيع.
معاناة يومية
عمار موسى يسكن حي الأزهري جنوب الخرطوم، قال إن "سكان جنوب العاصمة يعانون بشكل يومي في انتظار توزيع المواد الإغاثية، ويضطر الغالبية للبقاء ساعات طويلة في ميادين الأحياء من دون جدوى لأن الجهات المسؤولة من توزيع حصص المساعدات الإنسانية لا تكترث لمعاناة المواطنين وظلت تتغيب عن الحضور، على رغم الإعلان المسبق".
وأضاف أن "العالقين في العاصمة ضاقت بهم الحال نتيجة للأوضاع المعيشية الصعبة، ومن ثم هناك حاجة ماسة لأي نوع من المعونات أو الإغاثة لمواجهة شبح الجوع خصوصاً بعد توقف الأعمال اليومية ونفاد المدخرات المالية".
وأوضح موسى أن "الآلاف يصطفون كل صباح في انتظار توزيع المواد الغذائية وسط ظروف إنسانية صعبة للغاية، خصوصاً بعد ارتفاع درجات الحرارة والتعرض لضربات الشمس، مما يفاقم الوضع ويزيد مخاوف ظهور مشكلات صحية".
عجز وتجاوزات
تساءل عدد من سكان الخرطوم عن وعود المعونات وجسور الإغاثة الجوية والبحرية التي ظلوا يتابعونها ويسمعون عن وصول الشاحنات المحملة بها إلى العاصمة، بيد أنها ظلت حبيسة أسماعهم ولم يصلهم منها شيء حتى الآن.
وفي هذا الصدد، يقول عادل حسين، أحد مواطني ضاحية الكلاكلة بالخرطوم إنهم "في كل صباح يبحثون عن أماكن توزيع المعونات، مما تسبب في ظهور صفوف طويلة وطوابير تشهد تدافعاً كبيراً في ميادين الأحياء، في وقت تتعامل فيه لجان التوزيع مع الأمر بنوع من عدم المسؤولية، ومن دون مراعاة للوضع الإنساني الكارثي".
ووصف حسين أداء المشرفين على لجان الأحياء بالعجز وعدم الخبرة الكافية بعمل الطوارئ الإنسانية خصوصاً بعد فشلهم في القيام بأي عمل ملموس يؤمن انسياب المعونات والإغاثة إلى المحتاجين، مما يتطلب تغييراً عاجلاً في منهج عملهم بالبعد من النمطية والتكلس البيروقراطي.
وأردف، "هناك شبهات وتجاوزات تدور حول ملف المواد الإغاثية خصوصاً بعد وصول آلاف الأطنان إلى ولاية الخرطوم وعدم تسلم الحصص الكافية لمستحقيها وإنقاذ ملايين الأرواح بعدما بات شبح المجاعة يهدد غالبية سكان العاصمة".
ظلم وحسرة
معاوية تميم يسكن منطقة شرق النيل بالخرطوم بحري قال، إن "المئات ظلوا منذ أسابيع ينتظرون حصص توزيع غير مضمونة لأنهم لا يحملون بطاقات استحقاق وفق أولوية التسجيل، بينما يعجز المشرفون عن تلبية حاجاتهم".
ونوه تميم إلى أن "الجهات الرسمية أجرت عمليات الحصر للسكان المحتاجين للدعم عبر مناديبها، لكن المواطنين طال انتظارهم بعد التيقن من تسجيل أسماء غير الموجودين في كشوفات مستحقي الإغاثة الذين يقيمون في هذه المناطق، إذ لم يتسلموا حصصهم حتى هذه اللحظة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع المتحدث، "يشعر مواطنون كثر بالظلم لعدم وجود فرص للتسجيل والحصول على بطاقة الاستحقاق خصوصاً العائدين من مناطق النزوح واللجوء، إذ إن الأولوية للمسجلين، بينما ينتظرون هم حتى نهاية الطابور، وقد لا يجدون شيئاً بعدما قطعوا مسافات طويلة، واضطر بعضهم للمبيت في الميادين وسط ظروف صعبة للغاية"
قيود وتلاعب
على الصعيد نفسه قال عضو غرفة طوارئ جنوب الخرطوم حسن بخيت، إن "عملية توزيع المواد الإغاثية منذ اندلاع الحرب كانت تجري بطريقة سهلة وميسرة، لكن عقب تحرير العاصمة من قبضة قوات ’الدعم السريع’ ودخول الجيش السوداني ظلت بعض الجهات الأمنية تفرض قيوداً على أعضاء غرف الطوارئ من الشباب الناشطين ومنعهم التدخل والمشاركة في توزيع المواد الإغاثية بحجة أنهم ينتمون لأحزاب سياسية".
وأشار بخيت إلى أن "هناك تلاعباً في الإغاثة، وإلا كيف وصلت الأسواق، نراها تباع في المحال التجارية وتنتشر على الأرصفة من دون رقابة بيد أنه لا وجود لها في منازل العالقين داخل العاصمة والآتين من مناطق النزوح واللجوء، إذ يعاني الآلاف أوضاعاً قاسية".
وأوضح عضو غرفة طوارئ جنوب الخرطوم أنه "على رغم الوضع الإنساني الحرج للغاية، لم تنسب المعونات والإغاثة على المدنيين حتى الآن خصوصاً في العاصمة التي تعيش وضعاً أكثر من حرج، بما يتطلب تدخلات عاجلة متجاوزة كل القيود الإدارية النمطية".
تدخل أممي
على صعيد متصل قال مدير عام وزارة التنمية الاجتماعية في ولاية الخرطوم صديق فريني، إن الوضع الإنساني بالولاية يواجه تحديات كبيرة ويحتاج تدخلات عاجلة".
واستعرض فريني لدى لقائه إدارة الطوارئ ببرنامج الغذاء العالمي مستجدات الوضع الراهن بولاية الخرطوم، مؤكداً الحاجة إلى كل جهد في مجال المساعدات الإنسانية وخصوصاً المناطق الجديدة.
وتوقع أن يكون التدخل بما يتناسب واسم ومكانة المنظمة، مشيراً إلى أن تجربة التكايا يمكن التدخل عبرها مباشرة لخدمة المتأثرين وخصوصاً في محليات الخرطوم وشرق النيل وجبل أولياء، كما أن هناك حاجة ملحة لتوفير المواد الغذائية في الأسواق.
وناقشت سامانثا تشان راج منسقة إدارة الطوارئ بالمنظمة مع وزارة التنمية الاجتماعية تسهيل الإجراءات في ما يخص توزيع المساعدات بالمنظمة، وإجراء مسح ميداني لتقييم الحاجات الغذائية لولاية الخرطوم، ووعدت بالنظر في دعم الوجبة المدرسية للطلاب فضلاً عن تقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي، مشيرة إلى أن عدداً من وكالات الأمم المتحدة في طريقها إلى الخرطوم.